خامسا – مصر الفاطمية
ßÊÇÈ شخصية مصر بعد الفتح الإسلامي
الفتح الإسلامي والاستراتيجية السياسية

في الأحد ٢٤ - نوفمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

الفصل الأول

الفتح الإسلامي والاستراتيجية السياسية لمصر بعد الفتح     

 

                              خامسا – مصر الفاطمية

 

 

 

في أعقاب سقوط الدولة الطولونية في مصر بدأت الدعوة الشيعية الإسماعيلية في المغرب وأثمرت قيام الدولة الفاطمية بها , تلك الدولة التي زحفت إلى مصر واتخذتها قاعدة لنشر سلطانها ودعوتها في الشام والعراق . 

 

قيام الدولة الفاطمية في المغرب وتطلعها نحو مصر :

 

بدأت الدولة الفاطمية بالدعوة الشيعية التي بثها في شمال أفريقيا ( أبو عبد الله الحسين الشيعي ) , وقد التقى في موسم الحج بزعماء قبيلة (كتامة) واستمالهم إليه فصحبوه إلى موطنهم حيث كان يحكم ( زيادة الله الاغلبي ) ونشر عبد الله الشيعي دعوته فتم له الأمر وهزم ( زيادة الله الاغلبي ) وملك القيروان , وبعث يطلب ( المهدي ) صاحب الدعوة وكان يقيم في سلمية بالشام , وعرفت الدولة العباسية بأمره فحاولت القبض عليه قبل أن يرتحل إلى المغرب ولكنه أفلت , ومر بمصر حيث كان واليها ( عيسى النوشري ) من قبل الدولة العباسية بعد سقوط الدولة الطولونية وأفلت (المهدي) من يد (النوشري)  ووصل إلى سلجماسة فاعتقله واليها من قبل الأغالبة ولكن تمكن  ( أبو عبد الله الشيعي ) من اقتحام سلجماسة وأخرج ( المهدي ) من سجنه , وبويع بالخلافة سنة 297 هـ [1] .

 

منذ أن استقر الملك المهدي في شمال أفريقيا تطلع إلى غزو مصر ليتمكن بها من إرهاق الخلافة العباسية والقضاء عليها : ففي سنة 301 أرسل ابنه( أباالقاسم ) بجيش أخذ برقة والإسكندرية والفيوم وتحارب مع مؤنس الخادم قائد الجيش العباسي , وفي العام الثاني  سنة302 بعث بجيش آخر قاده جباسة زعيم كتامة واستولى على الإسكندرية إلى حين وفي عام 306 قام ابنه أبو القاسم باحتلال الإسكندرية وأجزاء من الصعيد وبعد حروب مع العباسيين انسحب , وكانت حملة أخرى سنة 315 .

                                                                  

 ومات المهدي سنة 322 هـ وتولى ابنه أبو القاسم بلقب القائم بأمر الله وبعد أن مكن لنفوذه بعث جيشا لمصر في ولاية الإخشيد فصده عنها ,وانشغل القائم بثورة أبي يزيد الخارجي عليه إلا إن الحملات الفاطمية استمرت إلى أن تم فتح مصر بسهولة على يد جوهر الصقلي بعد موت كافور الإخشيدي وذلك في عهد المعز لدين الله الفاطمي بن المنصور بن القائم بن المهدي سنة 358 .                                                                                                                         

 

وبعد أن وطد جوهر الصقلي نفوذه في مصر بعث للمعز فأتى وقد حمل معه جثث آبائه [2] لتدفن في مصر دليلا على أن مصر هي الهدف الأصلي التي كان يطمح له الخلفاء الفاطميون منذ أن قامت دولتهم في شمال إفريقيا , ولهذا أقاموا لهم عاصمة جديدة هي القاهرة وأسسوا معهدا لنشر عقائدهم هو الأزهر .

 

الخلفاء الفاطميون في القاهرة : -

 

الخلفاء الفاطميون أربعة عشر خليفة , ثلاثة منهم بالمغرب وهم المهدي تولى( سنة 297 هـ ) والقائم تولى ( سنة 322 هـ ) والمنصور تولى (سنة 334 هـ ) وكان رابعهم ( المعز ) تولى سنة 341 ، وهو أول من دخل مصر ومات بها عام 365.  

 

وقد زينت الفسطاط لمقدم ( المعز ) فلم يدخلها ودخل القاهرة وقد  أتم ( جوهر الصقلي ) بناءها وبناء الجامع  الأزهر فيها وأحاطها بسور كبير وفى عهده انتقلت الدعوة الفاطمية للشام والحجاز .          

وتولى بعده ابنه ( العزيز بالله نزار ) سنة 365 وقد امتدت الدولة  من أقصى المغرب إلى شرق الحجاز ومن اليمن إلى أعالي الفرات , وظل في الخلافة إحدى وعشرين سنة .

 

وتولى بعده ابنه ( الحاكم بأمر الله ) سنة 386 , وكان صبيا فسيطر عليه معلمه ( برجوان ) ولما شب ( الحاكم ) قتله , واشتهر ( الحاكم ) بأطواره الغربية و أوامره المتناقضة وادعائه الألوهية . وقتل ( الحاكم ) سنة 411 وتولى ابنه ( الظاهر ) وتدهورت الأحوال في عهده بالمجاعات والفتن في الشام , وانغماسه في اللهو والخمر مع كثرة تولى الوزراء وعزلهم وفسادهم , ومع هذا وصلت الدعوة الشيعية في عهده للعراق , ومات بعد حكم استمر خمس عشر سنة .

 

تولى المستنصر سنة 427 وظل خليفة ستين سنة , واشتهر عهده بمجاعة سنة 464 التي أصبح الخليفة نفسه فيها فقيرا معدما , وفى عهده خرجت عن الدولة الفاطمية سوريا وصقلية وولايات من شمال أفريقيا , واستقدم ( المستنصر ) ( بدر الجمالي ) حاكم عكا لإصلاح الأحوال فقضى على الفتن وقام ببعض الإصلاحات .

 

وتولى ( المستعلي بن المستنصر ) سنة 487 بنفوذ ( الأفضل ), وكان ( نزار ) بن ( المستنصر ) هو صاحب الحق والنص ففر ( نزار) للإسكندرية وحاربه ( الأفضل ) وقتله , وترتب على ذلك انقسام الدعوة الشيعية إلى ( نزارية ) و ( مستعلية ) وقد هاجرت النزارية إلى فارس حيث كون ( الحسن الصباح ) منظمة ( الباطنية ) الفدائية التي  أشاعت الرعب في فارس والعراق والشام إلى أن قضى ( هولاكو ) عليهم .

 

واستمرت سيطرة الأفضل أثناء تولية الآمر(  بن المستعلي ) سنة 495 وقد شهد عصر الآمر إقامة الإمارات الصليبية في الشام . وتولى بعد ( الآمر ) خلفاء ضعاف وقعوا تحت سيطرة وزراء أكثر ضعفا , وانتهى الآمر بأن تصارع على فتح مصر خصمان يتحكمان في الشام هما الدولة الزنكية ومملكة بيت المقدس الصليبية . وأسفر الصراع بينهما على سيطرة قائد الجيش الزنكي وهو ( شيركوه ) على مقاليد الأمور في  القاهرة , ولكنه لم يلبث أن توفى وتولى بعده ابن أخيه ( صلاح الدين الايوبى ) الذي أنهى الدولة الفاطمية وأقام مكانها الدولة الأيوبية سنة 567 هـ .

 

ولا ريب أن أحوال الشام تأثرت بأحوال الفاطميين قوة وضعفا , كما أن مصير الخلافة الفاطمية في القاهرة تأثر بالقوتين المتنازعتين في الشام فلنتجه للشام لنتعرف فيه على قوة الدولة الفاطمية وضعفها ونهايتها .

 

الفاطميون والشام : -

 

بعد أن استقرت أمور ( جوهر الصقلي ) في مصر بعث بحملة لضم الشام بقيادة ( جعفر بن فلاح الكتامى ) فهزم ( الحسن بن عبد الله بن طغج ) واستولى على الرملة , وسار إلى طبرية فوجدها قد انضمت للفاطميين , ثم استولى على دمشق بعد عدة مصادمات مع أهلها قادهم فيها الشريف ( ابن يعلى الهاشمي ) [3].

إلا أن النفوذ الفاطمي في الشام واجه – إبان قوة الدولة – كثيرا من الصراعات من المتغلبين على الشام والطامعين فيه . وأهمهم :-

 

1-    القرامطة : -

 

كانوا شيعة مغالية انشأوا دولة في الإحساء وعاثوا في الأرض فسادا بين العراق والحجاز والشام , وكانت الصلة وثيقة في البداية بين الفاطميين في المغرب والقرامطة في الإحساء , حتى لقد كانت تحركات القرامطة العسكرية في جنوب العراق متناغمة مع بداية الدولة الفاطمية في المغرب [4] .

 

ولكن استيلاء الفاطميين على الشام بعد هزيمة ( ابن طغج ) اغضب القرامطة حيث كان الشام مجالا خصبا لغاراتهم وكان ( ابن طغج ) في الرملة يدفع لهم جزية سنوية قدرها ثلاثمائة ألف دينار , من هنا تحالف القرامطة مع ( بختيار ) المسيطر على الخلافة العباسية وتحركوا نحو دمشق بعد أن استولى عليها القائد  الفاطمي ( جعفر بن فلاح ) . واستهان بهم ابن فلاح وربما لم يصدق إنهم يقصدون حربه فعلا وهم رفاقه في الدعوة الشيعية , ولأنه لم يحترز منهم فقد سهل عليهم أسره , وتحركوا بعد دمشق للرملة وبعد أن ملكوها ساروا إلى مصر وقد اجتمع معهم الكثيرون من العرب وأتباع الاخشديين فوصلوا إلى عين شمس وردهم ( الفاطميون ) بصعوبة وكان ذلك سنة 360 .

 

وبلغ ذلك ( المعز ) فسارع بالرحيل إلى مصر وبعد استقراره بها أرسل للقرامطة – وقد تأهبوا لغزو مصر – كتابا يذكر فيه ( أن الدعوة واحدة وأن القرامطة إنما كانت دعوتهم إليه والى آبائه ) إلا إن القرامطة واصلوا زحفهم إلى عين شمس وتكاثرت جموعهم بالأعراب المنضمين إليهم , ولما رأى ( المعز ) كثرتهم لجأ للحلية فأرسل إلى ( حسان بن الجراح ) زعيم قبيلة طىء  المتحالف مع القرامطة – مائة ألف دينار فانسحب ( ابن الجراح ) حين القتال , وسهل على ( المعز ) أن يهزم القرامطة .

 

واستعاد الفاطميون دمشق إلا إن الفتن ثارت بينهم وبين الدمشقيين فعزل (المعز) الوالي الفاطمي عن دمشق بيد أن الثورات المتتابعة في دمشق سهلت وقوعها تحت يد (آفتكين ) التركي .

 

وحاول الفاطميون استمالة (آفتكين) ففشلوا فأرسل (العزيز) الفاطمي حملة يقودها (جوهر الصقلي) لاسترداد دمشق والشام ، واحتل(جوهر) فلسطين وطرد عنها جماعات (القرامطة ) ،إلا أن (القرامطة ) اتحدوا مع (آفتكين) وهزموا(جوهر الصقلي) هزيمة منكرة في عسقلان ، واضطر (العزيز) للخروج بنفسه للشام فهزم (أفتكين) و(القرامطة)[5]

 

2- ابن الجراح أمير  طئ :

 

كانت قبيلة طئ العربية تتوزع في نواح مختلفة في الشام وقد صاحبت القرامطة في هجومهم على مصر في بداية الحكم الفاطمي ، وبعد زوال القرامطة عن الشام استولى (المخرج بن الجراح ) على الرملة وما حولها وأظهر الطاعة(للعزيز) الفاطمي إلا أنه سرعان ما خلع الطاعة سنة 371 وتمكنت حملة فاطمية من هزيمته فالتجأ للروم ثم عاد ملتمسا الأمان من (العزيز) فعفا عنه .

 

وفي عصر الحاكم عاد (ابن الجراح) فاستولى على الرملة سنة 388 إلا أن (برجوان) وزير الحاكم بعث بحملة استعادت الشام وهرب (ابن الجراح) وعاد يطلب الأمان فأمنه (برجوان) .

 

 

وفي سنة 400 خرج (ابن الجراح) على الطاعة وبايع أمير مكة بالإمامة واستقدمه للرملة وجعله خليفة تحت لقب (الراشد بالله) ولم يستطع (الحاكم ) مواجهة هذه الحركة بالقوة فاستمال (آل الجراح ) حتى تخلوا عن (الراشد) ففر (الراشد ) إلى مكة واعتذر للحاكم فقبل عذره وارجع الخطبة في مكة (للحاكم) وأرسل (الحاكم (لابن الجراح) من قتله بالسم وبعث حملة وطدت نفوذ الدولة على عرب (طئ) طيلة خلافة( الحاكم) . 

 

إلا إن( طيء ) عادت للشغب تحت قيادة ( حسان بن مفرج بن الجراح ) الذي سيطر على فلسطين واقتسم الشام مع قبيلة ( كلب ) وحاولوا الاستعانة بالروم . وبعث الوزير ( الجراجرائي ) المسيطر على الخليفة الظاهر بحملة هزمت أعراب كلب وطيء ودخلت دمشق وحلب وكان قائد الحملة ( الدزبري ) .

 

وحدث خلاف بين الدزبري قائد الجيش الفاطمي وحاكم الشام وبين ( الجراجرائي ) الوزير الفاطمي القوي في القاهرة , وانتهى الخلاف بإبعاد ( الدزبري ) عن الشام فعادت سطوة ( حسان بن المفرج الطائي ) في فلسطين واستولى عرب ( كلب ) على ( حلب ) .

 

ثم اضطربت الأحوال في مصر وكثر تولية الولاة وعزلهم وكثرت ثورات أهل دمشق فوجد السلاجقة الفرصة في ضم الشام للدولة العباسية .

 

3ــ الحمدانيون: -

 

ينتمون إلى قبيلة (تغلب ) وقد أقطعتهم الدولة العباسية شمال الشام والجزيرة لترمي بهم الروم ولكن استطاع إمبراطور الروم ( تقفور فوكاس ) الاستيلاء على حلب وفر أمامه ( سيف الدولة الحمداني ) وطلب الهدنة , وبعد موت ( سيف الدولة ) كان ابنه سعد الدولة  يدفع الجزية للروم مع خضوعه الأسمى للعباسيين .

 

وانغمس سعد الدولة في اللهو فثار عليه ( قرعويه ) قائده واستولى على حلب . فانضم (سعد الدولة)  للفاطميين ليتمكن من مساعدتهم له في استرداد حلب , ولكنه استردها بمساعدة قائده ( بكجور ) فانقلب على الفاطميين , ثم حدث خلاف بين ( سعد الدولة وبكجور ) فانضم بكجور للفاطميين فولاه ( العزيز ) دمشق . إلا إن بكجور عصي بدمشق فانتزعتها منه الدولة الفاطمية وهرب للرقة وبعث يستميل ( العزيز ) للاستيلاء على حلب من (سعد الدولة الحمداني ) ووافقه ( العزيز ) وبعث بحملة إلا إن ( بكجور ) قتل [6] . وفشلت الحملة بسبب الكراهية بين ( بكجور) ووزير ( العزيز) .

 

 

                                                                                                                الروم البيزنطيون :

 

في عهد الإمبراطور (تقفور فوكاس ) انتهز فرصة الضعف العباسي في بغداد والتنازع بين الحمدانيين والاخشديين فغزا الشام سنة 351 واستولى على أهم الثغور وفتح حلب وهرب أمامه سيف الدولة الحمداني ثم عادوا عنها , في عام 353 حاصروا المصيصة وقتلوا خمسة عشر ألفا ولم يتعرض لهم أحد , ثم حاصروا طرسوس واستولوا في العام التالي عليها وعلى المصيصة, في العام التالي سنة 355 حصروا ( آمد ) وتوغلوا في الجزيرة والشام  .

 

وفي عام 358 استولى الفاطميون على مصر وغزا (جوهر الصقلي )  دمشق ,  وفي نفس العام وصل غزو الروم في الشام إلى طرابلس وقتلوا الكثيرين وأرغموا جماعة منهم على التنصر , واستولوا على أنطاكية وضموها إليهم. لكن قتل تقفور في نفس العام بيد زوجته ومساعده زمسكيس أو ( ابن الشمشيق ) في المراجع العربية , وقد أعاد غزو الشام سنة 363 بمساعدة سعد الدولة بن سيف الدولة واستولى( زمسكيس ) على دمشق وكان ( آفتكين ) قد تغلب عليها ولم يستطع الصمود أمام الروم .

 

وصمم ( العزيز الفاطمي ) على الاستيلاء على الشام ليأمن على نفسه في مصر من الروم أنهم استولوا فعلا على الشام , فبعث بجوهر الصقلي ولكنه هزم أمام ( آفتكين ) والقرامطة في عسقلان , فذهب( العزيز)  بنفسه وهزمهم [7] سنة368 ووطد نفوذه في جنوب الشام حتى دمشق .

 

واهتم ( العزيز الفاطمي ) بالقضاء على ( الحمدانيين ) في حلب لتحالفهم مع البيزنطيين فأرسل إليهم قائده منجوتكين فحاصر حلب واشتد في حصارها فاستغاث ( الحمدانيون ) بالروم طبقا للمعاهدة بينهم , وانتهز ( باسيل ) الثاني الفرصة , وكان قد تولى بعد   (زمسكيس) وعزم ( باسيل) على ضم الشام فغزاه بجيش بلغ مائة ألف يساعده أسطول كبير فاستولى على حلب وحمص , إلا أن ظروفا داخلية أرغمته على الرحيل .

 

وجهز ( العزيز الفاطمي ) أسطولا يواجه الروم في البحر ولكن عملاء للروم في القاهرة احرقوه فبنى غيره وتأهب للمسير للشام على رأس جيش قوي ولكنة مات في الطريق وتولى الأمر بعده ( برجوان ) وصيا على (الحاكم بأمر الله ) فاستأنفت الحملة البرية المسير وأحرزت انتصارات هائلة على الروم في البر والبحر , وتم الصلح بين الفريقين وعقدت هدنة عشر سنوات وقبض ( الحاكم ) على أمور الدولة بعد أن قتل برجوان وأدت سياسته المتناقضة إلى هدم كنيسة القيامة التي يحج إليها الروم مخالفا بنود المعاهدة بينه وبين باسيل الثاني  ومع ذلك فان (باسيل ) تمسك بالهدنة وبعد مقتل (الحاكم ) فكر (باسيل الثاني) في الانتقام ولكن (ست الملك) أخت الحاكم والوصية على (الظاهر) بن (الحاكم) أسرعت باسترضاء (باسيل الثاني ) وجددت الكنائس في الدولة وأعادت بناء كنيسة القيامة مما جعل (باسيل الثاني) يتراجع عن نقض الهدنة .

 

وجدد (الجرجرائى) وزير (الظاهر) الفاطمي الهدنة مع الروم على أن يخطب (للظاهر) بالمساجد التي في بلاد الروم وفتح جامع في القسطنطينية تابع للفاطميين وفى المقابل سمح (الظاهر) الفاطمي بارتداد من يريد ممن أسلم كرها أيام  ( الحاكم) إلا أن (حلب) كانت بؤرة المشاكل بين ا لفاطميين و الروم, إذ حرص الروم على سيطرتهم عليها بعد أن أخضعوا الحمدانيين  فيها لسيطرتهم , ولكن استطاع (ابن لؤلؤ) غلام الحمدانيين الاستئثار بحلب من دونهم , وخطب للفاطميين بها في عهد (الحاكم الفاطمي الذي سماه مرتضى الدولة ) ثم خرج عن طاعة الحاكم . فطمع في حلب (ابن مرداس) زعيم قبيلة كلب في الشام. وكانت بينهما حروب, وكان (الحاكم) هو الذي شجع (ابن مرداس) الكلبي على مناوأة (ابن لؤلؤ), وهرب (ابن لؤلؤ) عن حلب ولجأ للروم في أنطاكية , وتملك (ابن مرداس) حلب, إلا إنه لم يلبث أن خلع الطاعة للفاطميين فأرسل الفاطميون حملة للشام يقودها (الدزبرى) وبعث الروم بجيش سنة 420 للاستيلاء على حلب ولكن حدث تمرد في الجيش الرومي أرغم الإمبراطور على العودة , وعاد الروم ومعهم (حسان من مفرج الطائي) فاستولوا على فامية ولكن ظلت حلب مع الفاطميين.

 

وجدد (الجرجرائى) – الوزير القوى في عهد (الظاهر) الفاطمي – الهدنة مع الروم سنة 427 لمدة عشر سنوات, وحين حاول حاكم حلب الخروج عن طاعة الفاطميين والاستعانة بالروم في أول خلافة المستنصر نصح إمبراطور الروم حاكم حلب باستمراره في طاعة الفاطميين.

 

وفى سنة 432 اتفق الروم مع عرب (بنى مرداس) الكلبيين على نقض الهدنة وجهزوا جيشا للاستيلاء على حلب ولكن (الدزبرى) حاكم الشام الفاطمي هزمهم و(أتكف الروم عن الأذى بعدها) حسبما يقول ابن الأثير[8] .

 

 

                          الدولة الفاطمية بين القوة والضعف

 

 

ربما تختلف الدولة الفاطمية عن غيرها من الدول في ارتباط ضعفها وقوتها بالعقيدة الشيعية التي قامت على أساسها الدولة , فالعقيدة الشيعية الإسماعيلية تبتعد بالإمام أو الخليفة الفاطمي عن صفات البشر بقدر ما تقترب من صفات الإله- وهذا ما سنعرض له في الفصل الثاني- ويهمنا هنا في الناحية السياسية أن الخليفة الفاطمي يطالب رعاياه بأكثر مما يطالبهم به الحاكم العادي, فالحاكم العادي لا يطلب من رعاياه أكثر من الولاء والسمع والطاعة أما الخليفة الفاطمي- حسب العقيدة الشيعية – فيطالب مع الولاء أن يعتبره الناس إماما معصوما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, وذلك مجرد مظهر من مظاهر الإمام الشيعي في العقيدة الإسماعيلية ومطلوب من الرعية أن تؤمن بهذا, ولتحقيق هذا الهدف كانت للدولة الفاطمية ومؤسساتها العلنية في نشر الدعوة الشيعية كالأزهر وجهاز للدعاية الشيعية يقوم على رأسه (داعي الدعاة) يعاونه جيش من الدعاة العلنيين والسريين موزعين توزيعا دقيقا في داخل الدولة الفاطمية وخارجها وسبل الاتصال بينهم مستمرة ومستقرة .

 

يقول باحث متخصص في تاريخ الشيعة وعقائدهم (إنى لا أغالى أن قلت أن حضارتهم في العصر الفاطمي في مصر كان أساسها الدعاية قبل كل شي..) وقد لمست من بعض مقابلاتي مع بعض المستشرقين الامريكين أنهم يريدون معرفة أسرار نظم الدعوة الإسماعيلية, ونحن نعرف أن الأمريكيين يجيدون فن الدعاية ويتخذون لها وسائل مختلفة غير أنهم لم يبلغوا بعد ما بلغته دعاية الطائفة الإسماعيلية بالرغم من أدوات الدعاية الأمريكية والمخترعات الحديثة والدولارات الأمريكية [9] .

 

 

وقد تحدث (المقريزى) عن وظيفة (داعي الدعاة ) في الدولة الفاطمية في كتابه الخطط فذكر أسلوب الداعية في التأثير على الناس من خلال تدرج يصل بهم إلى اعتناق الدعوة, وفى كل مرحلة يصعد إلى التعرف بداعية ارقى إلى أن يصل إلى لقاء (داعي دعاة الجزيرة) ذلك أن الشيعة قسموا العالم الإسلامي إلى ( جزر) يتولى كلا منها (داعي للدعاة) يعاونه طاقم متدرج من الدعاة لكل منهم منزلته ولقبه من ( المأذون) إلى (المكاسر). وهم بين ظاهرين ومحجوبين أي مستترين  [10]  .

 

وقد تغلغل الدعاة الشيعة بعد فتح مصر سنة 358 في الشام والعراق وفارس وكثفوا دعوا تهم للتشيع في نفس الوقت الذي كان فيه الجيش الفاطمي يتوغل ناشرا النفوذ الفاطمي في الشام وعلى حدود العراق وقد نجح الدعاة الفاطميون في الدولة العباسية أكثر من نجاح الجيش الفاطمي فاعتنق الدعوة الفاطمية بعض الحكام مثل الأمير نصر بن أحمد الساماني علي يد الداعي النسفي والملك أبي كليجار البويهي ملك فارس على يد الداعي ( هبة الله بن موسي) بل استطاع الفاطميون اجتذاب (البساسيري) قائد القوات العباسية بالعراق فأقام الدعوة (للمستنصر الفاطمي) بالبصرة وواسط وتملك البساسيري بغداد وخطب للمسنتصر بها أربعين خطبة إلى أن قدم بغداد طغريل التركي فأعاد الخليفة العباسي (القائم بأمر الله) وقتل البساسيري[11] .

 

ويلاحظ أن الوقت الذي وصلت فيه الدعوة الفاطمية إلي بغداد كانت أحوال الفاطميين في القاهرة في اضطراب أثناء عهد المستنصر الفاطمي , ومعني هذا أن الدعوة الفاطمية كانت أنجح وأشد فعالية من النظم العلنية للدولة الفاطمية في القاهرة وخارجها .

 

على أن هناك أسباب ساعدت على نجاح الدعوة الفاطمية واجتذبت لها الأنصار فقد أستغل الدعاة ما كانت تقاسيه الشعوب من فساد الحكام المتغلبين والمتصارعين الذين يحكمون باسم الخلافة العباسية ويتحكمون في الخلفاء فكان الدعاة يبشرون بأن الإمام الفاطمي سليل النبوة هو الذي سيملأ  الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا , وفي هذه المناطق انتشرت قبل الإسلام أساطير عودة المسيح الذي سيعيد العدل و الحق, ثم بعد  الفتوح الإسلامية وعودة العسف مع الدولتين الأموية والعباسية عادت نفس العقيدة في صورة (مسيح آخر الزمان) ونسج الشيعة على منواله ( المهدي) وتواترت الروايات عن (نزول المسيح) و(المهدي المنتظر) بفعل الدعاة الشيعة المتنكرين حتى أدخلت في الحديث وصارت كالمعلوم من الدين بالضرورة .

 

وهكذا دارت الدعاية الفاطمية حول المهدي المنتظر وأنه الخليفة أمل الشعوب المقهورة في حكم عادل يعيد عهد الخلفاء الراشدين فدخل في الدعوة الكثيرون تحت هذا الوهم . ثم إن بعض المتغلبين أعتنق الدعوة الفاطمية سلاحا في وجه الدولة العباسية ( كالبساسيري) الذي يعتبره بعض المؤرخين قائدا مغامرا طموحا غضب عليه خليفته فأراد أن يكيد له فانضم للفاطميين [12] . ومثل البساسيري كان بعض الأمراء من بني حمدان وكلب وطيء وأولئك كانوا يتبادلون الولاء للفاطميين أو العباسيين حسب مصالحهم الذاتية, بل انضموا للروم ضد الفاطميين إذا هددتهم الدولة الفاطمية .

 

وثمة سبب هام ساعد الدعوة الفاطمية وأيد دعوتها منذ أن ثبتت أقدامها في مصر والشام , وهم بنو بويه الذين سيطروا على بغداد والخلافة العباسية وكانوا شيعة وقد أمر معز الدولة البويهي بأن يكتب على مساجد بغداد  بلعن معاوية وأبي بكر وعمر وعثمان وأمر بالبكاء يوم عاشورا في ذكرى مقتل الحسين وأحتفل كالشيعة الفاطميين بعيد غدير خم [13] يقول ابن الأثير عن حال الخلفاء العباسيين إبان تحكم البويهيين فيهم (وازداد أمر الخلافة أدبار ولم يبق لهم من الأمر شيء البتة , وقد كانوا يراجعون ويؤخذ أمرهم فيما يفعل والحرمة قائمة بعض الشيء فلما كان أيام معز الدولة- البويهي – زال ذلك جميعه بحيث أن الخليفة لم يبق له وزير إنما كان له كاتب يدبر أقطاعه وإخراجاته لاغير وصارت الوزارة لعز الدولة يستوزر لنفسه كما يريد, وكان من أعظم الأسباب في ذلك أن الديلم – قبيلة البويهين –كانوا يتشيعون ويغالون في التشيع ويعتقدون أن العباسيين قد غصبوا الخلافة وأخذوها من مستحقيها فلم يكن عندهم باعث ديني يحثهم على الطاعة حتى لقد بلغني أن معز الدولة أستشار جماعة خواص أصحابه في إخراج الخلافة من العباسيين والبيعة للمعز لدين الله العلوي أو لغيره من العلويين) . وأقلع معز الدولة عن الفكرة حرصا على سلطانه في بغداد[14] , وكانت العلاقة بين البويهيين والفاطميين علاقة مودة وتشاور بحكم الاتفاق بينهما في العقيدة وخلال تحكم البويهيين في الدولة العباسية أتيح للدعاة الفاطميين والنفوذ الفاطمي الاستمرار والاستقرار .

 

وبعد انقراض البويهيين وتحكم السلاجقة وهم سنيون بدأ أمر الفاطميين في التخاذل بالشام بحيث إن الخلافة العباسية تجرأت على كتابة محضر بالطعن في نسب الفاطميين للرسول عليه السلام وذلك سنة 402 , وحين أعلن العقيلي في الموصل انضمامه للحاكم بأمر الله الفاطمي أهاب الخليفة العباسي (القادر بالله) ببهاء الدولة السلجوقى أن يحاربه [15] .

 

ثم حل بالدولة الفاطمية ما يحل بالدول من ضعف بعد قوة , وكما ارتبطت قوة الدولة الفاطمية بقوة الدعوة الشيعية , فإن ضعفها أرتبط بضعف الدعوة . وكما أن الإمام الفاطمي يطالب رعاياه بأكثر ما يطالب به الحاكم العادي فإن الرعية من جانبهم يأملون في الإمام الفاطمي أكثر مما يأملون في الحاكم العادي وينظرون إليه نظرة تختلف عن باقي الحكام وما يجوز على الحاكم العادي ينبغي في عرف الناس واعتقادهم أن يسمو عنه الأمام الفاطمي المعصوم عالم الغيب صاحب التصريفات والعلم بالتأويل .. إلى آخر ما يشيعه الدعاة عن الأمام الشيعي .

 

إلا إن الأحداث أثبتت أن الخليفة الفاطمي شأنه لا يختلف عن الخليفة العباسي في تصاغره أمام الوزراء المتحكمين فيه, أو في تخبطه في سياسته إلى درجة الخبل والجنون, ثم ظهر عجز الخلفاء والدولة الفاطمية أمام قوتين ظهرتا في الشام وهما السلاجقة السنيون والصليبيون وعلى أيديهما كانت نهاية الدولة الفاطمية في الشام ومصر .

 

لقد أسهمت عوامل كثيرة في دحض مقولة الإمام الفاطمي المعصوم التي أشاعها الدعاة حول الخلفاء الفاطميين منها:- ما أتى به الحاكم بأمر الله من أفعال متناقضة مثل هدم الكنائس ثم إعادة بنائها و بناء المدارس ثم تخريبها , وإغلاق الأسواق نهارا وفتحها ليلا ونفي الكلاب ومنع أكل الملوخية ( وكان يعمل الحسبة بنفسه يدور في الأسواق على حمار له وكان لا يركب إلا حمارا فمن وجده قد غش في معيشته أمر عبدا أسود معه يقال له مسعود أن يفعل به الفاحشة العظمي .. وله رعونات كثيرة لا تنضبط) .[16] ثم كانت الطامة الكبرى حين ادعي الحاكم الألوهية (فأمر الرعية إذا ذكره الخطيب على المنبر أن يقوموا على أقدامهم صفوفا إعظاما لذكره .. فكان يفعل ذلك في سائر ممالكه حتى في الحرمين الشريفين .. ثم زاد ظلم الحاكم وعن له أن يدعي الربوبية فصار قوم من الجمال إذا رأوه يقولون: يا واحد يا أحد يا محي يا مميت)[17] وكان على رأس الدعاة لتأليه الحاكم بأمر الله حمزة والدرزي وخوتكين. وقد ثار الكثيرون على دعوة تأليه الحاكم فقتلوا خوتكين وبعض أتباعه, فهرب الدرزي وحمزة إلى بلاد الشام حيث نشرا هذه العقائد بين قبائل كلب وأوجدا فرقة الدروز في سورية ولبنان وشمال فلسطين [18] .

 

والمهم أن جهر الحاكم بمقوله التأليه صدمت مشاعر الناس , وأفزعتهم ,مع أن ما قام به الحاكم بهذا الخصوص لا يختلف عن عقائد الشيعة الإسماعيلية في تأليه الإمام وسنعرض لذلك في الفصل الثاني , وقد كان المعز الفاطمي حسبما يذكر ابن الأثير (جاريا على منهاج أبيه من حسن السيرة وإنصاف الرعية وستر ما يدعون إليه إلا عن الخاصة , ثم أظهره وأمر الدعاة بإظهاره إلا أنه لم يخرج فيه إلى حد يذم به [19] .

 

والمعز الفاطمي هو الذي مدحه الشاعر ابن هانيء الاندلسي بقصيدة أولها

 

ما شئت لا ما شاءت الأقدار                فاحكم فأنت الواحد القــهار

ويقول فيه :

وإذا تمثل راكبا في موكب                  عاينت تحت ركابه جبريلا [20]

 

والشاعر لا يمدح إلا بما يرضي الممدوح ويسعده, وقد ادعي المعز الفاطمي العلم بالغيب – وهو أحد خصائص الإمام عند الشيعة – فقابله المصريون بالسخرية واستمرت سخريتهم بأبنه العزيز حتى أنه صعد المنبر ليخطب فوجد فيه رقعة كتب فيها :

 

بالظلم و  الجور قد  رضينا          وليس بالكفر والحماقة

إن كنت قد أعطيت علم غيب         فقل لنا من كاتب البطاقة [21]

 

وتصاعدت السخرية المصرية بالحاكم الذي ادعي الألوهية وتخبط في أعماله إلى درجة الخبل, ومن كان هذا شأنه فهو مدعاة للسخرية والضحك خصوصا من المصريين , وقد أتعبوه  بسخريتهم وتندرهم به في أوراق كانت تكتب له في صورة قصص وظلامات حتى عملوا صورة امرأة من ورق بخفها وإزارها في يدها قصة- أي عريضة شكوى – فيها من الشتم شيء كثير , فلما رآها ظنها امرأة فذهب من ناحيتها وأخذ القصة من يدها فلما رأي ما فيها غضب وأمر بقتلها, فلما تحققها من ورق أزداد غضبا إلى غضبه وأمر العبيد من السودان أن يحرقوا مصر وينهبوا ما فيها من الأموال والحريم ففعلوا وقاتلهم أهل مصر قتالا عظيما ثلاثة أيام [22] .

 

ومع ذلك فقد كان للخلفاء الأوائل شخصياتهم القوية كالمعز والعزيز بالله والحاكم بأمر الله فكان الوزراء منفذين لرغبات الخليفة وأوامره [23], والحاكم تولى الخلافة صغيرا فتحكم فيه برجوان وابن عمار إلا أن الحاكم بعد أن شب قتل برجوان وأتباعه . ثم قتل ابن عمار وأفنى أتباعه . وحكم مستبدا .

 

إلا إننا نفتقد الشخصية القوية في الخلفاء الفاطميين اللاحقين فبعد قتل الحاكم تولى ابنه الظاهر (وشرب الخمر ورخص فيه للناس وفي سماع الغناء فاقبل الناس على اللهو) وسيطر على الظاهر الفاطمي وزيره الجرجرائي ومعه الشريف العجمي وابن بدوس والقائد معضاد وتعاهدوا ( ألا يدخل على الظاهر أحد غيرهم , وكانوا يدخلون كل يوم خلوة ويخرجون فيتصرفون في سائر أمور الدولة , والظاهر مشغول بلذاته )[24] .

                                                                                                                           

 وتولى بعد الظاهر ابنه المستنصر وكان في السابعة , وظل في الخلافة ستين عاما , حكم فيها الوزراء المتغلبون عليه , وفي بداية عهده حكم وزراء أقوياء فبقوا في الوزارة مدة طويلة مثل الجرجرائي الذي حكم سنتين في خلافة الظاهر ثم استمر وزيرا مع المستنصر سبع عشرة سنة , وحكم اليازوري ثماني سنوات . 

 

ثم تعاقب على الوزراة وزراء متنافسون فيما بينهم , فكانت مدة احدهم لا تزيد عن خمسة اشهر وربما لا تصل إلى أكثر من يوم واحد مثل ابن خلف الذي تولى يوم واحد هو( 16 : 17 محرم 457 ) وتنازع أولئك الوزراء فيما بينهم جعل البعض منهم يتولى الوزارة عدة مرات ولا يبقى في كل مرة إلا بضع أيام أو بضع اشهر , ومنهم ابن كدينة الذي ولي الوزارة ثلاث عشرة مرة فيما بين عامي 455 إلى عام 466 , وكان يحدث أن يتولى في السنة الواحدة ثلاث مرات كما حدث في سنة 457 وفي سنة 460 وبلغ مجموع المدة التي قضاها في وزاراته الثلاث عشرة حوالي السنتين , ومثله كثيرون من وزارء الشهور والأيام الذين تولوا الوزارة أكثر من مرة خلال هذه الفترة من الضعف , منهم الفارتي ( تولى الوزارة ست مرات ) والمليجى ( أربع مرات ) وابن خلف ( ثلاث مرات ) وابن العجمي ( ثلاث مرات ) .

 

وهكذا إلى أن أتى بدر الجمالي فقبض على السلطة بيد من حديد واستمر وزيرا أكثر من واحد وعشرين عاما في حياة المستنصر وتولى بعده ابنه الأفضل بن بدر فقضى جزءا يسيرا في خلافة المستنصر ثم استمر بعده مع المستعلي ثم الآمر لمدة زادت على ثمانية وعشرين عاما . ( 487 – 515 هـ ) وكان الحاكم الفعلي طيلة هذه المدة , وعادت فيما بعد سيرة الوزراء الضعاف المتنازعين منذ خلافة الحافظ حتى العاضد آخر الخلفاء إلى أن تولى صلاح الدين الأيوبي .. وتصاغر الإمام الفاطمي المعصوم أمام وزرائه العظام أو الضعاف بدد الصورة السامية التي ترسمها الدعوة الإسماعيلية للإمام في عقل الجمهور , فبدأ الكثيرون ينفضون عن الدعوة الفاطمية وصاحبها الذي لاحول له ولا قوة أمام وزرائه .

 

بل كان بعض الوزراء يقرن تحكمه بالخليفة بإعلان استهانته به وتندره بالإمام المعصوم الذي يتحكم الوزير في توليته وعزله في واقع الأمر بينما ينشر الدعاة الفاطميون حوله هالة من التقديس , وكان بعض أولئك الوزراء سني المذهب فوجد في تلاعبه بالإمام الفاطمي متنفسا لإظهار عقيدته المخالفة للتشيع , ومن أولئك كان ابن الولخشي وزير الحافظ الذي كان يقدح علنا في مذهب الخليفة بل هم فعلا بخلعه بحجة أنه ليس بخليفة ولا إمام , وأنشأ الوزير ابن السلار- وهو سني ـ مدرسة للشافعية سنة 546 في الإسكندرية مع مخالفة ذلك المذهب للدولة وسياستها , ولم يتخلف الوزراء الشيعة عن أزد راء الخلفاء الفاطميين فالوزير عباس بن باديس الصهناجي الذي قتل الخليفة الظافر بالله وولى بعده الفائز بنصر الله يقول لندمائه (تبا لمن يعتقد أمامه هيلاء , ويقول أنه لا يكون إمام إلا بوصية, والله لقد قتلت الظافر ولا علم عنده بذلك حتى يوصي , ولقد استعرضت أقاربه كالغنم إهانة وذبحا وقدمت هذا الملقب بالفائز وعمره خمس سنين وعلى أيدينا ذهبت دولتهم بالمغرب, وكذلك تذهب بالمشرق ) .

 

والوزير الفاطمي طلائع بن رزيك هو الذي ولى العاضد الخلافة (فلما بويع العاضد بالخلافة وركب طلائع من القصر سمع ضجة عظيمة , فقال: ما الخبر ؟ فقيل بأنهم يفرحون بالخليفة , فقال  كأني بهؤلاء الجهلة يقولون ما مات الأول حتى استخلف هذا, وما علموا أني كنت من ساعة أستعرضهم استعراض الغنم) .

 

وقد أدى تدخل الوزراء في تعيين الخلفاء الفاطميين الضعاف إلي إهمال ناحية أساسية في العقيدة الشيعية الإسماعيلية وهى النص أي ضرورة أن يكون تولية الخليفة بالنص من الأب للابن دون الأخ , وفي غمرة اهتمام الوزير بنفوذه أهمل تلك القاعدة الأساسية في العقيدة الشيعية . فالأفضل تجاهل ما نص عليه المستنصر من توليه ابنه نزار وتمكن الأفضل من إزاحة نزار صاحب الوصية والحق الرسمي وبايع المستعلي بن المستنصر لان المستعلي صغير السن يمكن السيطرة عليه , ثم إنه زوج أخت الأفضل . وهرب نزار وتمكن الأفضل من اعتقاله وقتله .

 

وترتب على ما فعله الأفضل بنزار أن غضب لنزار جماعة من الشيعة اعتبروه صاحب الحق في الخلافة غصبه منه الأفضل والمستعلي , وعرف أولئك بالنزارية وقد فارقوا الدعوة الفاطمية في مصر وأنشأوا لهم مركزا في الموت بزعامة الحسن بن الصباح وكانت بين الفريقين خصومات عقيدية ومؤامرات دموية , منها أن أتباع ابن الصباح قتلوا الخليفة الفاطمي الآمر سنة 524 هـ . وأشتهر الوزير الفاطمي ابن البطائجي بتتبع جواسيس الحسن بن الصباح الذين كان يرسلهم من قلعته في الموت ليخربوا ويدمروا فكان ابن البطائجي يبث عيونه عليهم في كل مكان منذ نزولهم من حصن الموت إلى أن يقبض عليهم في بلبيس فيحملون إليه ويقتلون [25] .

 

وتبع الآخرون الأفضل في عزل صاحب النص الوصي وتولية غيره خصوصا في خلافة الآمر ثم الحفاظ ثم الظافر إلى الفائز العاضد .

 

وزاد في اهتزاز صورة الخليفة المعصوم ما حدث في العصر الفاطمي من مجاعات وكوارث اقتصادية خصوصا ما عرف بالشدة العظمي التي استمرت في البلاد سبع سنين في عصر المستنصر الفاطمي ووزرائه الضعاف .

 

وجدير بالذكر أن (المعز) الفاطمي في بداية دولته بمصر حمل إليها الغلال لينقذها من مجاعة كان يقاسى منها المصريون قبيل مجيء الجيش الفاطمي . إلا أن المجاعة بدأت في عهد (الظاهر) الفاطمي سنة 414 فاضطرب الناس ثم  أشتد الغلاء وفشت الأمراض وتفاقم الأمر فاستغاث الناس بالإمام الفاطمي المعصوم وصاحوا بالظاهر الفاطمي (الجوع .. الجوع يا أمير المؤمنين , لم يصنع بنا هذا أبوك ولا جدك فالله الله في أمرنا ) .

 

لقد فشل الظاهر الفاطمي في دور المهدي المنتظر والمنقذ من المحن وهو الدور الذي أشاعته الدعاية الفاطمية حول الخلفاء الفاطميين وصدقها العوام فانتظروا غوثه ونجدته كما رآها من سبقهم في بداية عهد المعز بملك مصر . ولكن تبين لهم أن الدعوة الشيعية أطمعتهم في سراب . من هنا تحول الناس للنهب ليردوا عنهم غائلة الجوع , فنهبت الأرياف وتتبع الجند العبيد الذين اجتمعوا من جوعهم لنهب القاهرة ( وجرت أمور من العامة قبيحة) على حد  قول المقريزي [26] .

 

ثم كانت الشدة العظمى منذ سنة 446 بالغلاء ثم الجوع والوباء وحدثت الفتنة بين الأتراك والسودان وضعف الوزراء وكان الخليفة المستنصر أضعف من الجميع ولم يستطع أن يوقف المذابح المستمرة بين الأتراك والسودان بين القاهرة والصعيد , وكثر قطاع الطرق وفشا الموت في الناس من المجاعة وانتشر الوباء من كثرة الجثث ورحل عن مصر أهل القوة إلى الشام والعراق برغم أمن الطريق وتفرق عن المستنصر جميع أولاده وأقاربه من الجوع , حتى إن أعداءه من الأتراك المتغلبين على الدولة بعد انتصارهم على السودان – حين ملكوا القاهرة بقيادة زعيمهم ابن حمدان وجدوا المستنصر في بيت على حصير وقد ذهب كل ما عنده, فبكى بعضهم رأفة به . وبسبب هذا الغلاء خربت الفسطاط ووهن أمر الدولة الفاطمية إلى أن استوزر المستنصر بدر الجمالي وكانت المجاعة  قد أنهت دورتها فأصلح الأحوال الاقتصادية وقضى على أسباب الفساد فتراجعت الأسعار وتحسنت ميزانية الدولة . وتابع ابنه الأفضل سياسته الاقتصادية  فبلغ الخراج في عهده خمسة ملايين دينار  [27] .

 

لقد كادت الدولة الفاطمية في عهد بدر الجمالي وابنه الأفضل أن تسترجع قوتها القديمة لو لا أن الأفضل خلع نزار وجعل الدعوة الفاطمية تنقسم إلى نزارية ومستعلية ولو لا أن الشام في عصر الضعف الفاطمي ظهرت فيه قوتان متنافسان هما السلاجقة والصليبيون وقد توسعتا على حساب الفاطميين في عهد الأفضل وبعده ازدادت الدولة ضعفا فكان لابد أن يصل التوسع إلى مصر نفسها وأن تنفرد بمصر أحدى القوتين المتصارعتين السلاجقة أو الصليبيون .

 

 

                                    نهاية الدولة الفاطمية في الشام ومصر

 

انتهاء النفوذ الفاطمي في الشام :

 

عندما تولى بدر الجمالي الوزارة سنة 466 انشغل بالقضاء على الفتنة وتوطد نفوذه فانتهز السلاجقة الفرصة فاستولوا على عكا سنة 467 وكانت تابعة للفاطميين , ثم رجعت للطاعة بتدبير أهلها دون تدخل من مصر , ثم استولى اتسز على دمشق سنة 486 , بل حاول   اتسز غزو مصر فاستولى علي الدلتا وقت أن كان بدر الجمالي يوطد نفوذه في الصعيد , ولكن تمكن بدر الجمالي من هزيمته هزيمة  ساحقة سنة 469.

 

وبعد أن وطد بدر الجمالي نفوذه في مصر تطلع لاستعادة الشام فحاول فتح دمشق مرتين سنة 470 هـ وسنة 472 ولم يفلح , واستولى على دمشق تتش بن ألب أرسلان كما استولى على بعلبك ووطد نفوذه , فحاول بدر الجمالي استمالته بالمصاهرة فلم تتم , ثم أرسل حملة لاستعادة دمشق سنة 478 ففشلت , ثم نجح فى الاستيلاء على موانئ ساحلية مثل صور وصيدا وعكا وجبيل .

 

وتجمع السلاجقة للاستيلاء على أملاك الفاطميين في الشام ثم مصر فتجمعت جيوشهم من دمشق وحلب والرها وامتلكوا حمص وبعض القلاع الفاطمية إلا إنهم فشلوا أمام طرابلس وعاد كل إلى بلده ونشب الخلاف بين السلاجقة فقامت الحرب بين تتش وأخيه بركياروق وأنتهت بقتل تتش وأقتسم أبناء  تتش أملاكه فاستقل رضوان بحلب وملك دقاق بدمشق , وقام النزاع بينهما, ولم يحاول الأفضل بن بدر الجمالي الاستفادة من الخلاف السلجوقي بسبب ثورة نزار صاحب الحق الشرعي في الخلافة الفاطمية وما أدى إليه ذلك من انقسام الشيعة الفاطمية إلى نزارية ومستعلية .

 

ولكن قوة أخري استفادت بالصراع القائم بين رضوان ودقاق في حلب ودمشق . إنهم الصليبيون الذين قهروا قلج أرسلان في آسيا الصغرى وانحدروا للشام في طريقهم إلى بيت المقدس وبدءوا بحصار انطاكية وكانت تابعة لرضوان صاحب حلب , إلا إن رضوان كان ناقما على حاكم إنطاكية ياغي سيان لأنه ناصر دقاق في نزاعه معه . ولأجل ذلك تثاقل عن نصرة ياغي سيان حين حاصره الصليبيون في انطاكية .

 

أما في مصر فقد عول الأفضل على الاستفادة بالوجود الصليبي على أنه حاجر بينه وبين السلاجقة الطامعين في مصر ولذلك أرسل إليهم وفدا للتفاوض وهم يقيمون على حصار أنطاكية وعرض عليهم تقسيم الشام – وهم لم يستولوا على مدينة فيه بعد- وأن يكون شمال سوريا من نصيب الصليبين وتستولى مصر على فلسطين ولكى يجعل لاقتراحه قوة استولي على بيت المقدس في رمضان 491 . ورفض الصليبيون عرض الأفضل لأن هدفهم الأساسي هو بيت المقدس وأملوا في نجاح غزوهم للشام بعد سفارة الأفضل وتقاعس السلاجقة عن نصرة المسلمين في أنطاكية .

 

واستولى الصليبيون على أنطاكية وواصلوا سيرهم على الطريق الساحلي فاستولوا على أهم المدن الساحلية , ثم حاصروا بيت المقدس واقتحموه وقتلوا سبعين ألفا من المسلمين في المسجد الأقصى . ودخلوا بذلك في عداء سافر مع الفاطميين ورجلهم القوي الأفضل بن بدر الجمالي .

ودار الصراع بين الصليبين والأفضل في موقعة الرملة الأولي  492 وفيها هزم الأفضل وفر ونجا بنفسه بأعجوبة من سيوف الصليبين وقائدهم بلدوين الأول الذي حاصر عسقلان وكانت تابعة للفاطميين ولم ينقذها منهم إلا الخلاف والتنافس بين بلدوين وريموند الصنجيلي [28] أحد القادة الكبار من الصليبين .

 

ودخلت مصر في دور الضعف بعد الأفضل ففشلت حملاتها التي وجهت لحرب الصليبين سنة 517 وسنة 545 . ثم حلت بالبلاد حالة من الفوضى منذ بدأ الصراع على الوزارة بين شاور وضرغام  وتدخل في النزاع بينهما الصليبيون والدولة الزنكية في شخص القائد نور الدين زنكي .

 

انتهاء الفاطميين في مصر :

 

ظهر صنف جديد من الحكام السلاجقة اهتم أساسا بالجهاد ضد الصليبين دون النزاع مع جيرانه من الحكام المسلمين , وتمثل هذا الصنف في عماد الدين زنكي ثم ابنه نور الدين زنكي . وقد تملك عماد الدين زنكي حماه ووسع نفوذه في الشام من حلب حتى جنوب حمص ثم حاول الاستيلاء على دمشق مرتين , وفي أثناء ذلك كله أرهق الوجود الصليبي بهجمات متتابعة أمتدت من الرها وإنطاكية شمالا إلى بيت المقدس جنوبا . ويعزى له الفضل في إسقاط إمارة الرها الصليبية [29] مما سبب مجيء الحملة الصليبية الثانية .

 

وتولى ابنه نور الدين محمود زنكي وكان من نصيبه أملاك أبيه الغربية التي تجاور الصليبين فتابع الجهاد ضدهم في أنطاكية وتل باشر فقتل ريموند صاحب أنطاكية وجوسلين أمير الرها السابق , ثم اهتم كأبيه بالاستيلاء على دمشق .  وكانت متحالفة مع الصليبين نظرا لموقعها الهام بالنسبة لمملكة بيت المقدس الصليبية , واستطاع نور الدين الاستيلاء على دمشق[30]  وبهذا تساوت كفة نور الدين مع أعدائه الصليبين في إماراتهم الساحلية ومملكة بيت المقدس  .

 

ولابد لكي ينتصر أحدهما على الآخر – وهما معا في جنوب الشام – أن يستولي على مصر لترجح كفته وينتصر . وبدأ الصليبيون التفكير في مصر الفاطمية .

 

وبسبب وجود الصليبين في الجنوب الشامي قبل السلاجقة – أدركوا أهمية السيطرة على مصر وقد بدأوا باحتلال عسقلان الذي كان ميناء فاطميا على الساحل الشامي , وكان مركز السلاجقة (آل زنكي ) في الموصل وحلب في شمال الشام , ثم اقترب نور الدين من الجنوب حين استولى على دمشق , وبذلك اقترب من مصر كالصليبين ودار بينهما الصراع حولها , وطبيعي أن الذي يضمن مصر إلى جانبه سيضمن لنفسه البقاء في مصر والشام معا .  

 

وإذ تولى الحاكم عموري الأول فقد رأى أن الرد المناسب على توحيد سوريا تحت حكم نور الدين زنكي لا يكون إلا باحتلال مصر قبل نور الدين , فتوجه عموري إلى الفرما وحاصرها إلا أن ضرغام حطم بعض سدود النيل فاضطره للانسحاب خوف الغرق . وتنازع شاور وضرغام فعرض شاور أن يؤيده نور الدين بجيش يعود به للحكم في مصر مقابل تنازله على مناطق الحدود والجزيرة فأرسل إليه جيشا يقوده شيركوه وصلاح الدين , وتمكن الجيش من تثبيت شاور في الوزارة إلا أنه نكث عهده بشيركوه واستغاث بعموري الصليبي فجاء بجيشه ودارت بينهما وقائع ثم اتفق شيركوه وعموري على الجلاء عن مصر , ثم توجه شيركوه بجيش آخر سنة 1167 للانتقام من شاور فانحاز إليه الصليبيون وقدم عموري بجيش لنجدته وتعهد له شاور بفدية كبيرة , ورحل الجيشان إلا أن عموري أرغم شاور على دفع جزية سنوية باهظة .

 

ثم طمع عموري في مال أكثر فقدم مصر في العام الثاني ونقض عهده مع شاور واقتحم بلبيس وذبح سكانها فاستنجد الخليفة الفاطمي بنور الدين فأرسل شيركوه للمرة الثالثة فاضطر عموري للانسحاب وقتل صلاح الدين شاور وتولى شيركوه الوزارة للخليفة الفاطمي, وما لبث شيركوه أن مات فتولى ابن أخيه صلاح الدين الوزارة [31] بعده فبدأ عهد جديد وقامت دولة جديدة هي الأيوبية , ولا شك أن تاريخها سيتأثر بتاريخ الصليبين في الشام إن سلما أو حربا. سينعكس ذلك على الحاكم الأيوبي إن كان ضعيفا أو قويا . 

 

 

 



[1]
 تاريخ ابن الأثير 8/ 12 : 19  . خطط المقريزي 2/21 : 23  .

[2] تاريخ أبن الأثير 8/32 ,34 ,42 , 66 , 107 , 179 , 196  . خطط المقريزي 2/ 24 : 26  . 

[3] تاريخ ابن الأثير / 233 .

[4] أحمد صبحي منصور : السيد البدوي  بين الحقيقة والخرافة  24 : 26 .

[5] تاريخ ابن الأثير 8/242 ، 252 إلى 254 ،260 ،262 .

[6] المناوي : الوزارة والوزراء في العصر الفاطمي 194 : 200  .

[7] تاريخ ابن الأثير 8/ 212 , 217 , 218 , 220, 226 , 235 , 237 , 239 , 243 , 247 , 260 .

[8] تاريخ ابن الأثير 9/ 36 , 37 , 48 : 51 , 205  .

[9] د . محمد كامل حسين : طائفة الإسماعيلية 131 , 132  . د. أحمد صبحي منصور . السيد البدوي 28 , 30 . 

[10] خطط المقريزى 2/ 197 إلى 106 . محمد كامل حسين طائفة الإسماعيلية 132 : 139 .

[11] تاريخ ابن الأثير 9/267 : 272 , خطط المقريزي 2/33 .

[12] المناوي : الوزارة , والوزارة في العصر الفاطمي 209  .

[13] تاريخ ابن الأثير 8/ 214 , 216 .

[14] تاريخ ابن الأثير 8/177 , النجوم الزاهرة لأبي المحاسن 4/124 : 125 .

[15] تاريخ ابن الأثير 9/92, 98 .

[16] السيوطي: حسن المحاضرة 1/ 602 .

[17] السيوطي : حسن المحاضرة : 1/ 601 : 602 , 603 . 

[18] محمد كامل حسين : طائفة الإسماعيلية 42 : 43 .

[19] تاريخ ابن الأثير 8/ 263.

[20] حسن المحاضرة : 1/599: 600 , محمد كامل حسين : طائفة الإسماعيلية 159 .

[21] محمد كامل حسين : طائفة الإسماعيلية 151 .

[22] حسن المحاضرة  1/602 : 603 .

40 خطط المقريزي 2/29 , 30 .

[25] عن: المناوي: الوزراء والوزراء في العصر الفاطمي : 138: 141 .

[26] خطط المقريزي 2/30 ,31 .

[27] خطط المقريزي : 1/ 629 : 634 , المناوي : الوزراء 146 , 150 .

[28] تاريخ ابن الأثير 10/41 , 42 , 45 , 51 , 72 , 83 , 92 , 111 , 118 ،127 ,135  , 152 , 165 ,202 ,203 ,206 .

[29] تاريخ ابن الأثير 10 /280 , 282 , 283, 284 . 11/5 , 9 ,23 , 25 ,33 , 44 ,49 .

[30]تاريخ ابن الأثير 11/55 , 65 , 69 , 73 , 88 , 90 , 93 , 98 , 152 , 127 .  ،

 

48 تاريخ ابن الأثير  ، 133 ، 145 : 146 ، 150 ، 153 ، خطط المقريزى 2 / 36 : 39  

[31] تاريخ ابن الأثير 11/129 , 133 , 145 , 146 , 150 , 153 , .  خطط المقريزي 2 /36 :39 .