70 عاماً من الكذب
مضى 70 عاماً و العرب يمارسون الكذب على أنفسهم !
ليس فقط هي الشعوب التي تصدق الكذب , بل الحكام أيضا بممارستهم الكذب على شعوبهم باتوا يصدقون كذبهم و مقتنعون به أكثر من الشعوب !
لو نظرنا لعالمنا العربي من أقصاه إلى أقصاه , و استمعنا بما ينطق به زعماؤه و قادته , لوجدناهم يرددون على مسامع شعوبهم بأنهم سيحاربون إسرائيل و يتخوفون منها في الليل و النهار ,
و لكنهم سرعان ما يشرعون بالصلح مع إسرائيل في نهاية المطاف و من تحت الطاولة أو من فوقها , هذا لأنهم لا يمتلكون الشجاعة في قول ذلك على مسامع شعوبهم منذ اليوم الأول لنشأة إسرائيل , فكانوا ضعفاء يخشون هذا القول علناً , لذا كانوا يكتفون بالهمس في الغرف المغلقة و خلف الجدران , و يلهثون من أجل السلام مع إسرائيل و بأي ثمنٍ كان .
هؤلاء القادة العظام أصبح لديهم انفصام بسبب التباين بين القول و الفعل , و كثيرٌ منهم قد أصيب بجنون العظمة من كثرة الكذب على الذات ,
فظن هؤلاء بأنهم سيحاربون إسرائيل حقاً من كثرة ما قالوه لشعوبهم , فأصبحوا هم أيضاً ضحيةً لتلك الأكاذيب , فقاموا بشراء الصواريخ و المضادات الجوية و الطائرات الحربية و الدبابات و القاذفات و الراجمات , و جندوا الجيوش و نهبوا الميزانيات و أنفقوها على العسكر و السلاح حتى ينقضوا على إسرائيل و يمحونها عن الوجود , و هذا ما عزز لديهم تصديقهم لكذبتهم و هو ما يعرف بخداع النفس , لأنهم قد تناسوا عن عمد بأن إرادتهم مسلوبة فلا يوجد بالأصل قتال , لأن أمريكا لن تسمح لهم بذلك , و إن سمحت لهم باستخدام هذا السلاح و تجريبه سيكون فقط على أنفسهم و ضد بعضهم البعض , أو ضد شعوبهم فقط .
تلك المهزلة تثير الضحك و البكاء معاً !
و مع ذلك نجدهم يصرون على التسلح و شراء العتاد الحربي من الشركات الأجنبية حتى يومنا هذا , في حين لا يجرأ أي مواطن على التساؤل حول ذلك , و لا يجرأ أحد على مسائلتهم , أو الاستفهام حول تلك الصفقات العسكرية , فلماذا تشترون تلك الأسلحة أو تلك الدبابات أو الصواريخ ؟
لماذا تستثمرون بالموت و لا تستثمرون بالحياة ؟
لماذا لا تستثمرون تلك الأموال الهائلة بالصناعات الغذائية أو بالعلوم و المختبرات , أو بالزراعة أو حتى بمشاريع الترفيه الاجتماعي ؟
لماذا تتسلحون و ضد من ؟ أجيبوا أيها الحكام !
هل يجوز للأمة و لشعوبها أن تصمت أكثر من 70 عاماً و هي لا تعرف إن كانت ستقاتل أم لا ؟
هل يجوز للأمة و لشعوبها أن تبقي ميزانياتها مسلوبة و منهوبة للعسكر و التسليح ؟
هل يجوز للأمة و لشعوبها أن تبقى على ضياعها بتعطيل نمو حياتها الطبيعية ؟
تلك هي حال الدول العربية , و تلك حال شعوبها , و نحن الفلسطينيون لسنا بأحسن حالٍ هنا , فقادتنا لا يجيدون الحرب كما لا يجيدون السلام .
المطلوب من القادة و الزعماء العرب اليوم هو الوقوف أمام أنفسهم , و لينظر كل واحدٍ منهم لنفسه في المرآة , كي يستيقظ و لو بعد 70 عاماً من داء الانفصام و جنون العظمة , و القول بكل شجاعة ماذا يستطيع أن يقدم لشعبه !
فإن كان بمقدوره مقاتلة إسرائيل فلتكن حرباً حقيقية , و إن لم يكن بمقدوره فليكن سلاماً مشرفاً .
أصبحنا نعرف كل شيء , فالكذب لن يجدي نفعاً اليوم .
الكذب يولد الضعف ! فلا تهابوا من الصدق فبه تكمن القوة .