هل مصر بلد فقير حقا ؟؟؟ == 4

عثمان محمد علي في الأحد ٢٨ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

من كتاب الدكتور عبدالخالق فاروق  (هل مصر بلد فقير حقا ) الذى أُعتقل بسببه .

(10) من يمول بناء العاصمة الإدارية الجديدة ؟

منذ أن برز على سطح الحياة السياسية والاقتصادية فى مصر عام 2014 ، ما يسمى إنشاء عاصمة إدارية جديدة ، وظهور رئيس الجمهورية الجديد ، أمام كاميرات التليفزيون بصحبة المستثمر الإماراتى " محمد العبار " ولفيف من الوزراء والمسئولين وبصحبة الشيخ محمد آل مكتوم رئيس وزراء دولة الإمارات وحاكم إمارة دبى ، والحديث لم ينقطع يوما حول هذا المشروع ومدى أولوياته فى العمل التنموى المصرى ، خصوصا بعد أن أعلن على الملأ أن هذه العاصمة الجديدة سوف تتكلف مبدئيا 45 مليار دولار ( أى ما يعادل 810 مليار جنيه مصرى وفقا لأسعار الصرف الجديدة ) . ويوما بعد يوم ، أخذت الأصوات ترتفع ، ودائرة الرفض تتسع بين المواطنين والخبراء الاقتصاديين ، حول جدوى وأولوية هذا المشروع ، خاصة بعد أن أنسحبت منه الشركات العالمية واحدة بعد الأخرى ، بدأت بالشركة الإماراتية ومن بعدها الشركة الصينية ، فبدا بوضوح أن المخطط المسبق بأن تتولى هذه الشركات العقارية الكبرى تمويل هذا المشروع ، ومن خلال مبيعاتها تتحصل على تكاليفها ومصروفاتها وأرباحها ، لم يتحقق ، وأن المشروع فى النهاية قد وقع على عاتق شركات مقاولات مصرية ، سوف تحصل على مستحقاتها أولا بأول من الخزينة العامة بأى صورة من الصور . وهنا وقع المحظور ، فأضطر كبار المسئولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية إلى التصريح عدة مرات فى الأسابيع الأخيرة بأن هذهالعاصمة لا تمول من الموازنة العامة للدولة ، وانما من مصادر أخرى ، فى محاولة لطمأنة الرأى العام المصرى ، الذى أرتفعت أصواته مطالبة بإستثمار هذه الأموال فى بناء المصانع وتشغيل المصانع المتوقفة وهكذا . وقد فاجأ الرئيس السيسى الرأى العام بأن أصدر القرار رقم 57 لسنة 2016 بتخصيص الأراضى الواقعة جنوب طريق القاهرة السويس واللازمة لإنشاء العاصمة الإدارية للقوات المسلحة .ونص القرار على إنشاء شركة مساهمة مصرية تتولى تنمية وإنشاء وتخطيط العاصمة الإدارية الجديدة ، وتكون قيمة الأراضى التى تبلغ مساحتها 166 ألف فدان و645 فدان من حصة القوات المسلحة فى رأسمالها ( أى ما يعادل 700مليون متر مربع )، هذا القرار يعنى أن عائد بيع أو إستثمارات العاصمة الإدارية الجديدة يعود إلى خزانة الشركة المساهمة ومن ورائها القوات المسلحة وليس إلى خزانة العامة للدولة .

ثم ظهر المهندس علاء عبد العزيز نائب وزير الإسكان فى لقاء تليفزيونى مع الإعلامى محمد على خير فى برنامجه المصرى أفندى على شاشة فضائية " القاهرة والناس " يوم الأحد الماضى الموافق 22/10/2017 ، ليقول بوضوح أن تمويل العاصمة الإدارية الجديدة ليست من الموازنة العامة للدولة ، وأنما من أموال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وهنا أصبح النقاش أكثر أنضباطا ، ويكشف ما سبق أن أكدنا عليه أكثر من مرة .. فما هى الحقيقة أذن ؟ وهل تعد أموال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة من الأموال العامة ومن المصادر الحكومية أو لا ؟ أولا : حقيقة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إنشئت هيئة المجتمعات ىالعمرانية الجديدة وفقا للقانون رقم (59) لسنة 1979 ، كهيئة اقتصادية عامة ، ونصت المادة (33) من قانونها على أن مصادر أيراداتها ثلاثة هى : - ما يخصص لها من الموازنة العامة للدولة ( وهى عدة مليارات سنوية عادة ) . - مصادرها الذاتية وأهمها على الإطلاق مبيعات الأراضى بعد أن اصبحت مهيمنة على معظم الأراضى الصحراوية فى البلاد عدا تلك الموضوعة تحت سيطرة القوات المسلحة والشرطة . ( وهى أيضا مبالغ تقدر بالمليارات سنويا ) ، وهذه المبالغ الضخمة لا تدخل إلى الخزانة العامة ، وأنما توضع فى صناديق وحسابات خاصة يديرها الوزير المختص – وزير الإسكان – ومجلس إدارة يعينه هو وفقا لما يترأى له . - التبرعات والمنح التى تحصل عليها الهيئة . وقد حرصت الهيئة منذ ذلك التاريخ ، وخصوصا بعد أن تولى منصب وزير الإسكان الدكتور محمد إبراهيم سليمان عام 1993 وأستمر فيه حتى أواخر عام 2005 ، على التصرف فى أموال هذه الهيئة بعيدا عن أية رقابة ، وبطريقة غير تنموية يشوبها الكثير من الشك والريبة ، ويقدر حجم الفائض المتاح لدى هذه الهيئة بثمانية مليارات من الجنيهات سنويا ، ولم تقدم أية جهة رقابية بيانات تفصيليا حول موجودات هذه الهيئة ، وقد أعلن المهندس علاء عبد العزيز نائب وزير افسكان فى اللقاء المشار إليه أن المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية تضم 485 فيلا فاخرة ، ( ( تتكلف فى المتوسط 1500 مليون جنيه ) ، علاوة على مد المدينة بكافة المرافق من المياه والكهرباء والطرق وغيرها ، فمن أين يأتوا بالأموال المطلوبة ؟ ثانيا : موارد من الموازنة العامة للدولة إذا توقفنا عن الإعتمادات المالية الواردة فى الباب السادس بالموازنة العامة للدولة ( الاستثمارات ) ، نجدها قد تزايدات خلال السنتين الأخيرتين بصورة ملحوظة على النحو التالى :

      السنة                               أعتمادات الباب السادس ( الاستثمارات ) بالمليار جنيه 
2012/2013                                         39.5

2013/2014 52.9

2014/2015                                          61.8

2015/2016 69.3 2016/ 2017 146.7 2017/2018 135.4

وتتوزع هذه الاستثمارات بين ، الأصول الثابتة التى تشكل فى المتوسط ما بين 72% إلى 94% من إجمالى الاستثمارات ، وأهمها المبانى السكنية ، والمبانى غير السكنية ، والتشييدات ، والعدد والأدوات . وكذلك الأصول غير المنتجة ومنها شراء الأراضى وإستصلاح أراضى ، وتشكل فى المتوسط بين 1.2% إلى 4.7% من إجمالى الاستثمارات فى الموازنة ، وهى أيضا تستخدم فى شراء الأراضى كما اشرنا . أما النوع الثالث من الاستثمارات فهى الأصول غير المالية وتتمثل فى الدفعات المقدمة والبعثات ، والأبحاث والدراسات للمشروعات الاستثمارية ، وقد أنخفض نصيبها فى الاستثمارات من 25% عام 2013/2014 ، إلى أقل من 5% عام 2017/2018 . وأحطر ما فيها بند ( الأبحاث والدراسات للمشروعات الاستثمارية ) التى تذهب عادة إلى المكاتب الاستشارية التى يملكها وزراء وأبناء مسئولين كبار كما سوف نعرض بعد قليل . أى أن معظم الاستثمارات الواردة فى الموازنة العامة سوف تذهب مباشرة إلى مشروعات العاصمة الإدارية وغيرها ، هذا بالإضافة إلى ما سيعزز به موازنة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، ومن ثم فأن الحديث حول أن هذا المشروع لا يمول من أموال الموازنة العامة للدولة يفتقر إلى الصدق والدقة . ومن جانب أخر ، فأن قرار رئيس الجمهورية رقم (57) لسنة 2016 ، يعنى نقل أصول من الأراضى إلى القوات المسلحة ، وإذا قدرنا حجم المساحة التى سوف تقام عليها المبانى من شقق وفيلات وقصور لا تزيد على 25% فقط من تلك المساحة الكلية ، فيكون لدينا حوالى 173 مليون متر مربع من الأراضى ، فلو قدرنا سعر المتر المربع الواح بألف جنيه فقط ، يكون لدينا أصول من الأراضى قدرها 173.0 مليار جنيه ، كحصة فى رأس المال الشركة المساهمة التى أنشئت ، وتظل مبيعات العقارات فى هذه العاصمة الإدارية هى مكسب صافى للقوات المسلحة ، وللشركات العقارية العاملة فى المشروعات ، والتى لا تقل عن تريليون جنيه ، لن تدخل منها للخزانة العامة جنيه واحد . وأخيرا فأن هناك قضية أخرى لا تقل أهمية وخطورة وهى المبالغ الضحمة التى تخصص كل عام فى الموازنة العامة تحت بند " الدراسات للمشروعات الاستثمارية " ، والتى تطورت على النحو التالى :

 السنة                               بند الأبحاث والدراسات للمشروعات ( بالمليون جنيه ) 
2012/2013                                         1713

2013/2014 2050

2014/2015                                          2288

2015/2016 1237 2016/ 2017 2655 2017/2018 3087 - لمن تذهب أموال بحوث ودراسات واستشارات تلك ؟ - وهل تساوى هذه المشروعات ومعظمها في مجال التشييد والمقاولات كل هذه الدراسات والبحوث بهذه المبالغ الضخمة ؟

وهل بعد ذلك نتحدث عن أن مصر بلد فقير ؟

 


______________

  • نشر بموقع مصراوى بتاريخ الخميس 26/10/2017 .

(11) هكذا كانت تدار ثرواتنا من البترول والغاز

صدم الرأى العام المصرى فى الأسبوع الماضى ( أكتوبر 2017) بما تكشف فى تحقيقات النائب العام ، من تلاعب وأختلاس ما يعادل مليار دولار من أحدى شركات البترول المصرية ، من جانب شخصين ظاهرين على سطح الجريمة ، بينما تؤكد الشواهد وجود شبكات إجرامية تسيطر على قطاع البترول والغاز المصرى منذ أربعة عقود ماضية على الأقل .

والحقيقة أنه قد أدى غياب سياسات جادة للتنمية الاقتصادية قائمة على التخطيط ، ودور للدولة فى توجيه الموارد ، إلى إستسهال تصدير  البترول والغاز الطبيعى المصرى الذى بدا واعدا من أكتشافاته الأولى عام 1987 ، رغبة فى زيادة موارد النقد الأجنبى ، بدلا من إستخدامه فى توسيع قاعدة الانتاج الصناعى ، وتخفيف العبء عن المواطنين والفقراء من خلال توسيع شبكات توصيل الغاز الطبيعى إلى المنازل فى المناطق الفقيرة والمحرومة بدلا من الإختناقات المستمرة والدورية التى تحدثها أنبوبة البوتاجاز ، كما ترك لمصانع القطاع الخاص فى كافة المحافظات إنتاج  النسبة الأكبر من أنبوبة البوتاجاز، مما أدى إلى إختناقات متكررة بسبب التلاعب فى الكميات المطروحة فى الأسواق وتسريب جزء كبير منه إلى السوق السوداء ، وتحقيق أرباح طائلة لمافيا إدارة هذه  الشبكة الكبيرة من المتلاعبين بهذه السلعة الحيوية .   

وأندفعت الدولة ووزارة البترول فى توقيع أكثر من 21 عقدا وبروتوكولا للتصدير إلى ثمانى دول ، كانت كلها – دون إستثناء واحد – تؤدى إلى إهدار هذا المورد الحيوى ، وبيعه بأبخس الأسعار ، وخصوصا حالتى إسرائيل والأردن وأسبانيا وإيطاليا وفرنسا . فإسرائيل التى تراقب كل واردة وشاردة فى مصر ، ليلا ونهارا ، كانت قد أدركت أن تفاهمات ( السادات – بيجين ) فى موضوع إمدادها بالزيت الخام ، يكاد يقترب من نهايته بسبب تدنى الانتاج المصرى ، وسيطرة رجال المال والأعمال والشركات الأجنبية على الحصة الرئيسية فيه ، ومن هنا ، وبمجرد أن بدا فى الأفق ثروة غازية مصرية واعدة من خلال الكشف الغازى الكبير الذى تم بمعرفة شركة ( خالدة ) المصرية فى حقل ( طارق ) عام 1987 ، وتصاعد نبرة التصريحات والصيحات الرسمية المصرية حول هذا القطاع الواعد والمبشر . وعلى الفور دخلت إسرائيل على الخط ، وبدأت منذ عام 1995 نصب شباك عمليتها الكبرى داخل مصر ، وساعدها فى ذلك كنزها الاستراتيجيى من ناحية ، وملفاتها الهائلة التى أحتوت كافة الأسرار لكبار القادة المصريين السياسيين منهم ، أو التنفيذيين بما فيهم قيادات قطاع البترول ،وتاريخهم فى التساهل مع الشركات الأجنبية ، هذا بخلاف ملفات علاقاتهم الشخصية ، كما سهل لها المهمة ، متابعتها للسياسة الحكومية المصرية فى قطاع البترول الذى بدأ منذ عام 1992 ببيع بعض الحقول المصرية العامة إلى مستثمرين مصريين وعرب وأجانب ، بما يشبه عملية خصخصة منظمة وتدريجية فى هذا القطاع ، الذى لا يمكن لعاقل أن يدعى أن الحقول تخسر مثلما هو الحال فى شركات القطاع العام الأخرى . فكيف تشكلت جماعة المصالح الجديدة فى إهدار ونهب الغاز المصرى لصالح إسرائيل وغير إسرائيل ؟ نستطيع أن نشير إلى أربعة مكونات أو عناصر شكلت لوبى المصالح الجديد فى هذا القطاع : الأول : قيادات سياسية مثل الرئيس الأسبق حسنى مبارك ونجليه وصديقه المقرب حسين سالم وأخرين من السلك الدبلوماسى المصرى والتنفيذى ، وقيادات أمنية وفرت الغطاء وبثت الرعب لأية عناصر تنفيذية قد تعارض أو تتردد فى تنفيذ الاتفاق مع إسرائيل . الثانى : رجال مال وأعمال ذو صلات عميقة بالقيادات السياسية والأمنية وفى طليعتهم " حسين سالم " رجل المهام السرية المالية والاستخبارية والصديق الصدوق لرئيس الجمهورية حسنى مبارك وأنجاله . الثالث : قيادات فى قطاع البترول والغاز وبعض الشركات الأجنبية والمشتركة وفى مقدمتهم الوزير سامح فهمى الذى جىء به وزيرا فى أكتوبر عام 1999 لسابق تعاونه الحميم مع الإسرائليين فى مجال البترول . الرابع  : قيادات أمنية ورجال أعمال فى إسرائيل ، ومن أبرزهم الجنرال (شبيتاى شافيط) رئيس جهاز الموساد السابق ، ورجل الأعمال (يوسى مايمان) ، و( د. نمرود نوفيك ) نائب رئيس مجموعة شركات ( مرهاف ) المملوكة لرجل الأعمال ( يوسى مايمان ) . فكيف جرت هذه العملية المعقدة والتى ترتب عليها أسوأ إتفاقيات فى تاريخ قطاع البترول فى مصر ، خسرت البلاد بموجبه ما يقارب 5.4 مليار دولار منذ عام 2008 حتى عام 2012 ؟ حتى يتبين الموقف علينا أن نتتبع المسار الزمنى والتنفيذى الذى أحيكت فيه خيوط العنكبوت على مصر  : 1- بدأت عملية التفاوض بين الحكومة المصرية والحكومة الإسرائيلية عام 1995 ، عبر مسارين ، أحدهما سياسى والأخر تنفيذى ، ففى المسار السياسى ، وبعد توقيع أتفاقية ( واى ريفر ) فى الولايات المتحدة بين السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس ياسر وعرفات وإسرائيل بقيادة رئيس الوزراء الجديد ( بنيامين نتنياهو ) عام 1996، تقدم رئيس الوزراء الإسرائيلى بطلب مباشر وشفوى للرئيس حسنى مبارك ، الذى لم يعد بشىء محدد وإن كان قد أبدى عدم معارضته ، ومن هنا سارعت شركة كهرباء إسرائيل بفتح خط إتصال مع المعنيين فى وزارة البترول المصرية ( د. حمدى البمبى ) ، الذى كلف بدوره رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول ، بمتابعة هذا الموضوع وإدارة هذا التفاوض بشرط السرية ، نظرا لحساسية الرأى العام المصرى لأية تعاون جديد مع إسرائيل فى هذا المجال . 2- جرت عملية تفاوض سرية فى باريس بين رئيس هيئة البترول المصرية ( المهندس عبد الخالق عياد ) مع الجانب الإسرائيل منذ عام 1996 ، وفى 21 ديسمبر من عام 1998 رفع المهندس عبد الخالق عياد مذكرة إلى وزير البترول ( د. حمدى البمبى ) يعرض فيها تفاصيل لقاءات باريس مع المسئولين الإسرائيليين الذين كان بعضهم قيادات فى جهاز الموساد الإسرائيلى ، وكانت بعض هذه اللقاءات بحضور رؤساء شركات ( أموكو مصر – وأموكو الدولية – وهيئة كهرباء إسرائيل – وهيئة البترول المصرية) ، وعرض فى المذكرة أن تصدير الغاز المصرى لشركة كهرباء إسرائيل سوف يتم من خلال حصتى شركتى " أموكو مصر " و" أموكو الدولية " اللذين ربطا بين توسع إستثمارتهما فى مصر بمدى موافقة الحكومة المصرية على تصدير حصتهما إلى إسرائيل لوجود فائض لديهما ، وهكذا لعبت الشركتان دورهما فى تسهيل العملية ، وقد جرى التوقيع المبدئى على الاتفاق فى 14 سبتمبر عام 2000 ، خصوصا بعد الحصول على موافقة رئيس المخابرات العامة ( اللواء عمر سليمان ) . 3- فى يناير من عام 2000 دخل على الخط بصورة مباشرة وواضحة رئيس المخابرات العامة المصرية ( اللواء عمر سليمان ) ، وأرسل خطابا إلى وزير البترول المصرى ( سامح فهمى ) يخطره فيه بموافقة المخابرات المصرية على إتمام صفقة الغاز الطبيعى إلى إسرائيل ، وهكذا توافرت ورقة التوت الأمنية ، وأنفتح الباب واسعا لإستكمال العملية ، وقد تبين بعد ذلك وفى إطار صراع وخلاف حدث بين ( د. نمرود نوفيك ) ، ورجل الأعمال الإسرائيلى وشريك حسين سالم ( يوسى مايمان ) ، أن الأخير قد دفع عمولة أو رشوة قدرها 11 مليون دولار لرئيس الموساد الإسرائيلى وقتئذ (شبتاى شابيت ) من أجل تسهيل المهمة لدى زميله رئيس المخابرات العامة المصرية ( اللواء عمر سليمان ) ، وسجل د. نمرود نوفيك هذه الواقعة فى عريضة الأتهام الرسمية التى قدمت إلى المحاكم الإسرائيلية مطالبا بحقوقه لدى ( يوسى مايمان ) ، ولا نستطيع أن نقطع على وجه اليقين هل حصل عمر سليمان على نصيبه من هذه الرشوة ؟ أم أنه قام بهذا التسهيل مجاملة للجانب الإسرائيلى ، أو تنفيذا لأوامر رئيسه فى مصر ( حسنى مبارك ) ، ولكن القصة تكشف عن مدى المستنقع الذى أحاط بهذه العملية وكل من شاركوا فيها . 4- بعد ذلك بعدة أيام قليلة تقدم رجل الأعمال المتعدد المهام ( حسين سالم ) إلى رئيس هيئة الاستثمار ( د. محمد الغمراوى ) بطلب تأسيس شركة " شرق المتوسط " كشركة مساهمة مصرية E.M.G ، وفقا لقانون حوافز الاستثمار رقم (8) لسنة 1997 ، وبشراكة مع رجل الأعمال الإسرائيلى " يوسى مايمان " بنسبة 65% لصالح حسين سالم و 25% لصالح يوسى مايمان و10% الباقية لهيئة البترول المصرية ، التى اعتادت لعب دور المحلل فى مثل تلك الصفقات المريبة ، وبالفعل صدر قرار رئيس هيئة الاستثمار بالموافقة على الشركة تحت رقم (230) لسنة 2000 بتاريخ 29/1/2000 . 5- بعد مرور أقل من خمسة شهور وبتاريخ 24/5/2000 أرسل رئيس هيئة البترول خطابا إلى السفير المصرى فى إسرائيل يخطره فيها بتفويض شركة " شرق المتوسط E.M.G " كجهة مفوضة بشراء ونقل وبيع الغاز المصرى إلى إسرائيل . 6- وفى 19 مارس 2001 وجه رئيس الوزراء المصرى وطباخ السم كله ( د. عاطف عبيد ) خطابا إلى رجل الأعمال والصديق الشخصى لرئيس الجمهورية ( حسين سالم ) ، يخطره فيه بموافقة مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة بتاريخ 18/9/2000 على تحديد سعر للغاز بحد أدنى 0.75 سنتا للمليون وحدة حرارية بريطانية BTU وحد أقصى 1.25 دولار ، على أن تقوم الشركة بمد أنابيب الغاز (لاحظوا أن متوسط سعر المليون وحدة حرارية فى السوق الدولية كانت تتراوح بين 6 دولارات إلى 9 دولارات ، وكانت روسيا تتعاقد مع أوكرانيا على 6 دولارات للمليون وحدة حرارية بعد منحها خصومات discount حرصا على علاقات قوية بأوكرانيا التى يتواجد فيها الأسطول البحرى الروسى ) .

7- كما أرسل أمين عام مجلس الوزراء ( د. صفوت النحاس ) خطابا مماثلا لحسين سالم بتاريخ 8/11/2003 يخطره فيها بموافقة مجلس الوزراء على إستكمال إجراءات التعاقد مع شركة شرق المتوسط لتصدير الغاز إلى إسرائيل . 8- وفى نفس الوقت تقريبا ، كانت هيئة البترول التى كانت قد حصلت على تخصيص 960 ألف متر مربع من محافظ شمال سيناء بالقرار رقم (323) لسنة 1998 ، لتنفيذ مشروع الغاز الطبيعى بالشيخ زويد بالقرب من العريش ، والمقام عليها محطة نهاية خط غاز شمال سيناء ، تقدم تنازلا جديدا لشركة حسين سالم وشريكه الإسرائيلى بالتنازل عن 400 ألف متر مربع منها مقابل 527.6 ألف دولار ( أى بواقع 1.3 دولار للمتر المربع ) . وبالمقابل فإذا تأملنا ما جرى على الجانب الإسرائيلى نكتشف إلى أى مدى تدار مواردنا وثرواتنا بمنطق العزبة لمن يديرها بصرف النظر عن المصلحة الوطنية ، فحينما أرادت شركة شرق المتوسط أستئجار مساحة من الأراضى قدرها 12 ألف متر مربع لمدة 15 عاما ، من شركة " بريما جاز ليمتد " الإسرائيلية ، لخط أنابيب ( إيلات – عسقلان ) ، فرض عليها الجانب الإسرائيلى مبلغا قدره 5.7 مليون دولار ( أى بمتوسط 475 دولار للمتر المربع الواحد ) بالاضافة إلى ضريبة القيمة المضافة . 9- وهنا دخلت رئاسة الجمهورية على الخط وبعد أن أكتمل مسار الاتفاق ، فأرسل مكتب الرئيس حسنى مبارك بتاريخ 13/8/2003 خطابا إلى وزير البترول ( سامح فهمى ) يستعجله فيه لإتمام صفقة بيع الغاز المصرى إلى إسرائيل . 10-وبتاريخ 26/1/2004 أصدر وزير البترول ( سامح فهمى ) القرار رقم (100) لسنة 2004 الذى يفوض فيه المهندس إبراهيم صالح محمود رئيس هيئة البترول الجديد ، والمهندس محمد إبراهيم طويلة رئيس الشركة القابضة للغازات فى توقيع العقد مع شركة شرق المتوسط ، وإنهاء إجراءات التعاقد معها . 11-وبتاريخ 27/5/2005 أصدر وزير البترول ( سامح فهمى ) قرارا جديدا برقم (456) لسنة 2005 تضمن تعاقد شركة شرق المتوسط كطرف أول ( بائع ) على كميات الغاز الطبيعى إلى شركة كهرباء إسرائيل كطرف ثان ( مشترى ) ، وتفويض الأثنان التوقيع على التعاقد كطرف ثالث ضامن لتسليم كميات الغاز طبقا للمواصفات ، بمعنى أخر أن هذا القرار قد ضمن لشركة شرق المتوسط منحها كميات أضافية لتلبية أحتياجات زبائنها الجدد فى إسرائيل بخلاف شركة كهرباء إسرائيل . 12-وقعت شركة شرق المتوسط بتاريخ 13/6/2005 ممثلة بنائب رئيس الشركة ( المهندس ماهر أباظة وزير الكهرباء المصرى السابق وغير الحائز على حصة من أسهم الشركة ) ، وهيئة البترول المصرية ممثلة برئيسها المهندس ابراهيم صالح محمود ورئيس الشركة القابضة للغازات ويمثلها المهندس محمد ابراهيم طويلة ، وبحضور وشهادة وكيل وزارة البترول لشئون الغاز المهندس شريف إسماعيل – الذى أصبح وزيرا للبترول فى حكومة محلب والسيسى ثم رئيسا للوزراء – على مذكرة تفاهم تتضمن بنود الاتفاق والكميات والأسعار على النحو التالى : - كمية الغاز المورد للشركة ومنها لإسرائيل هو 7 مليارات متر مكعب سنويا . - الأسعار تتراوح بين 0.75 سنتا للمليون وحدة حرارية Btu عند سعر 18 دولار لبرميل نفط برنت ، ترتفع إلى 1.25 دولار عند 35 دولار لبرميل نفط برنت أو أكثر (لاحظ أستخدام تعبير ( أو أكثر ) التى تركها مفتوحة بحيث لا يتغير السعر حتى لو تغير سعر برميل البترول لأكثر من 100 دولار ) . - مدة التعاقد 15 عاما ، تجدد بموافقة الطرفين لمدة 5 سنوات أضافية ، ويتم وقتئذ التفاوض من جديد على السعر . - قيمة هذه الصفقة 150 مليون دولار سنويا . -وكذلك إلتزمت الحكومة المصرية ممثلة فى وزير بترولها بتوفير 7 مليارات متر مكعب سنويا من الغاز كحد أقصى لمدة 15 عاما . 13-وهنا تجرأ حسين سالم وشركته وتقدم إلى الحكومة الإسرائيلية بطلب إعفائها من قانون الغاز ، أو تعديل القانون بما يمكنه من الحصول على رخصة تشغيل خط أنابيب الغاز الإسرائيلى على الجانب الأخر من الحدود ، فرفضت الحكومة الإسرائيلية الطلب وأخطرته بأن هذه الميزة ممنوحة فقط للشركات الإسرائيلية ..!! 14-وهنا مارس الرئيس المصرى ( حسنى مبارك ) نفوذه لتمرير مزايا أضافية لصديقه وشريكه الخفى على حساب المصلحة الوطنية المصرية والخزانة العامة المصرية ، فأوعز إلى وزير البترول المصرى توقيع مذكرة تفاهم مع وزير البنية التحتية الإسرائيلى - قاتل الأسرى المصريين عام 1967 ( بنيامين بن اليعازر ) بتاريخ 30/6/2005 ، يقضى بإعفاء ضريبى متبادل فى موضوع الغاز ، فخسرت بذلك الخزانة العامة المصرية قيمة الضرائب التى كانت ستفرض على شركة شرق المتوسط ، وأستفادت الشركة بهذا الإعفاء كما قامت الحكومة الإسرائيلية بمنح ترخيص لشركة " بريما جاز ليمتد " الإسرائيلية لتشغيل خط الغاز على الجانب الإسرائيلى نيابة عن شركة شرق المتوسط ، بزعم أن الشركتين سوف تدخلان فى إتفاقية " تساند " ووقع الاتفاق فى ديسمبر عام 2006 . وهكذا ضحكت علينا إسرائيل مرتين ، مرة بدفع شركة شرق المتوسط وصاحب النسبة العظمى من اسهمها حسين سالم فى استخدام نفوذه لدى الرئيس المصرى فى القبول بهذا البروتوكول الضريبى ، ومرة ثانية بمنح رخصة العمل إلى شركة إسرائيلية وليس إلى شركة شرق المتوسط ، وفى كل الأحوال كانت الخزانة العامة المصرية هى الخاسرة كما ربط هذا البروتوكول بشكل تعسفى هذا الاتفاق بما أسماه أتفاقية السلام المصرية – الإسرائيلية ليمنحها غطاء سياسيا وضمانة دولية ..!! وقد علق أحد السفراء المصريين السابقين ، ورئيس ما يسمى اتحاد المستثمرين العرب ويدعى جمال بيومى على تدنى سعر تصدير الغاز إلى اسرائيل بالقول ( ربما كان ذلك بمثابة طعم من الجانب المصرى لتشجيع الإسرائيليين على توقيع عقد الغاز المصرى ..!! ( المصرى اليوم بتاريخ 26/3/2009 ) . 15- أصبح كل شىء جاهزا للعمل وهنا تقدم حسين سالم وشركته فى مارس عام 2006 ، إلى البنك الأهلى المصرى للحصول على قرض لتمويل خط أنابيب الغاز بقيمة 340 مليون دولار، كما حصل على قروض أوربية بحوالى 160 مليون دولار ، والملفت أنه قد أستخدم 40 مليون دولار من قرض البنك الأهلى المصرى فى زيادة رأسمال شركته بالمخالفة للقوانين المصرية ، هكذا لم يدفع الرجل مليما واحدا من جيبه الخاص بل من أموال البنوك الحكومية المصرية .

16-وعلى الفور قام حسين سالم بتوقيع عقود مع أكثر من 13 جهة فى إسرائيل لتوريد الغاز المصرى بأسعار تتراوح بين 2.25 دولار و 4.75 دولار للمليون وحدة حرارية BTU منها شركة داورد إينرجى Derwood Energy وشركة ماشاف وشركة كهرباء إسرائيل و غيرهم. 17-وقبل أن يبدأ ضخ الغاز إلى إسرائيل فعليا فى مارس عام 2008 ، كان حسين سالم قد بدأ فى ممارسة أسلوبه المعتاد ، والذى كرره أكثر من مرة فى مشروعاته المشتركة مع الإسرائيلين فى مصر - مثل معمل بتروكيماويات ( ميدور ) عام 1995 - فقد بدأ الرجل فى التخارج وبيع أسهمه محققا أرباحا شخصية تزيد على 1.3 مليار دولار صافى ، وفى الوقت نفسه كان الرجل يضع مصر فى مأزق كبير ، فقد بدأ ببيع حصة 10% من أسهمه لشركة أمريكية يملكها إمريكى يهودى صهيونى يدعى ( سام زيل ) بقيمة لم تعلن ، ثم باع حصة أخرى بنسبة 25% بمبلغ 486.9 مليون دولار إلى شركة (B.T.T ) التايلاندية . وبعدها حصة أخرى قدرها 12.5% لشريكه الإسرائيلى يوسى مايمان ، وإلى شركة ( مرهاف ) وشركة (أمبال) الإسرائيلية ، ثم حصة قدرها 4.4% من أسهمه إلى شركة تركية ، وحقق من وراء بيع أسهمه المقدره بنسبة 65% حوالى 1.1 مليار دولار . وساهم القائمون على البورصة المصرية فى زيادة أرباحه من خلال رفع قيمة السهم من دولار واحد إلى 9 دولارات 18-وبرغم عوار العقد الإسرائيلى المصرى ، وقرار محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار الدكتور محمود أحمد عطية فى 18/11/2008 بوقف قرار بيع الغاز المصرى إلى إسرائيل بأسعار بخسة كما سيظهر ، وهو ما كان يشكل فرصة للتراجع عنه ، أو الضغط على الجانب الإسرائيلى وشركة حسين سالم لتعديل الشروط المجحفة الواردة فى هذه العقود السرية ، على العكس فقد قامت الحكومة المصرية مدفوعة بإصرار عناصر نافذة داخل أروقة الحكم والإدارة بالطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار إبراهيم يعقوب الصغير نائب رئيس مجلس الدولة ، الذ1ى سبق وتولى لسنوات طويلة منصب رئيس إدارة فتوى رئاسة الجمهورية وكان منتدبا لسنوات كمستشار قانونى لوزير البترول ) ، كما أصدر فى ذات الجلسة أحكاما بإستمرار الحرس الجامعى بالجامعات ، ومنع إرسال المساعدات لغزة إلا عبر القنوات الشرعية المخصصة لذلك . ولم تكن تلك هى أولى عمليات حسين سالم المشبوهه فى مصر ، فقد سبق له القيام بنفس التصرف عام 1994 فى تأسيس شركة مشتركة مع الإسرائيليين وخصوصا شركة ( ميرهاف ) ، كترجمة لاستراتيجية شيمون بيريز بشأن الشرق الأوسط الجديد ، حيث بدأ فى تأسيس شركة " الشرق الأوسط لتكرير البترول " ميدور " ، برأس مال معلن قيمته مليار و 300 ألف دولار ، منها 40% لصالح " "حسين سالم " ، و 40% أخرى لشركة " ميرهاف " الإسرائيلية ، ويبقى حصة 20% لصالح هيئة البترول المصرية . وقد تضمن المشروع إنشاء مصفاة لتكرير البترول الخام وتصدير منتجاته ، وإنشاء خطوط الأنابيب اللازمة للمشروع ، وعلى ضفاف هذا المشروع قام حسين سالم بإنشاء شركة أخرى " ميدور للكهرباء " المعروفة أختصارا ( ميداليك ) ، لتكون بمثابة المزود الوحيد بالكهرباء لمعمل التكرير ، ولم يكد المشروع يبدأ فى الظهور حتى قام حسين سالم عام 1999 ببيع 20% من أسهمه فى شركة الشرق الأوسط لتكرير البترول " ميدور " إلى هيئة البترول المصرية بسعر السهم 1200 دولار ، وبعدها بشهور قليلة (عام 2000 ) ، قام حسين سالم ببيع 18% أخرى من حصته فى الشركة إلى البنك الأهلى المصرى بسعر السهم هذه المرة 4300 دولار ، فى حين أن قيمته الحقيقية قبل عام واحد لم تكن تزيد على 1200 دولار ، رغم أن الشركة لم تكن قد بدأت بعد فى الانتاج حيث بدأت فعلا فى أكتوبر من عام 2002 ، وهكذا لم يبقى لحسين سالم من شركة " ميدور " سوى 2% من الأسهم ، ولم يقف الأمر عن هذا الحد وأنما وتحت أوامر من جهات عليا قامت هيئة البترول والبنك الأهلى بشراء حصة الشريك الإسرائيلى بنفس السعر الذى حصل عليه حسين سالم من قبل أى 4300 دولار للسهم ، فى إستنزاف سافر لأموال البنك الأهلى المصرى وهيئة البترول المصرية ، وقد تمت هذه الصفقات فى البورصة المصرية ، ووفقا للمستندات فأن هذه العمليات التى كانت تحمل أرقام (1189789040) و (1191512040) و (594939040) قد تم تنفيذها فى البورصة المصرية من خلال ثلاثة شركات للأوراق المالية هى شركة الأهلى للسمسرة وشركة H.C للأوراق المالية بتاريخ 13/7/2001 وتحت إشراف رئيس البورصة فى ذلك الوقت ( سامح الترجمان ) ، والمدهش أن هذا اليوم هو يوم عطلة رسمية ( الجمعة ) .. فكيف تم هذا ولمصلحة من ؟ والأن كيف يمكن تقدير قيمة الخسائر الاقتصادية والمالية من ثلاثة عقود فقط مع إسرائيل و مع المملكة الأردنية ؟

(12) دورة فساد تعاقدات الغاز مع إسرائيل

كم خسرنا فى تعاقدات الغاز مع إسرائيل والأردن ؟

أولا : حساب الخسائر بسبب العقد الإسرائيلى

1- الاتفاق على توريد 7 مليارات متر مكعب من الغاز المصرى سنويا إلى إسرائيل ( وهذا يعادل 247.35 مليون وحدة حرارية بريطانية BTU ) .

2- السعر المتفق عليه لمصر هو 0.75 سنتا إلى 1.25 دولارا للمليون وحدة حرارية بريطانية وفقا لأسعار برميل زيت برنت عند 17 دولارا أو 35 دولارا على الأكثر .

3- وبالتالى فأن حصة الجانب المصرى ( شركة الغازات وهيئة البترول ) سوف يتراوح سنويا بين 185.5 مليون دولار إلى 309.2 مليون دولار سنويا ( أى بمتوسط 247.3 مليون دولار ) . وبالنظر إلى أن برميل البترول برنت قد بلغ فى بداية التصدير إلى إسرائيل فى مارس عام 2008 حوالى 120 دولار فى المتوسط فأن السعر السائد فى الأسواق الدولية للمليون وحدة حرارية بريطانية كان يتراوح بين 6 إلى 9 دولار على أقل تقدير (حيث توجد معادلة سعرية متبعة فى الأسواق الدولية بما أن برميل النفط ينتج ما بين 5.4 إلى 5.8 مليون وحدة حرارية بريطانية فى المتوسط وفقا لمدى جودة الزيت وكثافته ، وبالتالى فأن سعر 120 دولار للبرميل يعنى أن متوسط سعر المليون وحدة حرارية بريطانية Btu يعادل 22.2 دولار إلى 20.6 دولار على رأس البئر ، وبأخذ تكاليف النقل والتسييل وغيرها فأن السعر السائد فى السوق فى ذلك الوقت كان يتراوح بين 9 دولارات كحد أدنى و12 دولارا ).

4- فإذا أفترضنا أن سعر الغاز المصرى يدور حول هذه القيم أى بمتوسط 7.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية BTU ، فأن الخسارة يمكن تقديرها وفقا للمعادلة التالية : الخسارة المالية المصرية = (الكتلة الحرارية المباعة سنويا إلى إسرائيل مضروبة فى ( متوسط السعر السائد فى السوق الدولية للوحدة الحرارية – متوسط السعر المتفق عليه بين مصر وإسرائيل ) الخسارة = ( 247.350 مليون مليون وحدة حرارية × ( 7.5 دولارات – 1 دولار )

               = 1607.8 مليون دولار سنويا . ...................................(1) 

وإذا أخذنا السنوات التى أستمر فيها تدفق الغاز المصرى إلى اسرائيل ( من مارس 2008 حتى مارس 2012 ) فأن الخسارة الصافية للخزانة المصرية تصل إلى 5451.2 مليون دولار . .......(1) أى أن مصر كانت تخسر صباح كل يوم جديد حوالى4.2 مليون دولار بسبب هذه الصفقة خلال هذه الفترة ، وبالمقابل حققت شركة شرق المتوسط بشركائها الثلاثة أكثر من ثلاثة مليارات دولار، منها حوالى 1.1 مليار دولار لحسين سالم وحده ، ومن ورائه من الشركاء المخفيين .

ثانيا : حساب الخسائر بسبب العقد الأردنى

1- الاتفاقية الأولى التى وقعتها الحكومة الأردنية مع الحكومة المصرية عام 2003 وتقضى بتوريد مصر 77 مليار قدم مكعب سنويا من الغاز بسعر 1.27 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية Btu .

2- الاتفاقية الثانية عام 2007 وتنص على توريد 32 مليار قدم مكعب من الغاز بسعر 3.06 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية Btu.

3- وبمراجعة أسعار برميل النفط خام برنت منذ عام 2004 حتى عام 2012 حينما تعطل التوريد بسبب العمليات التخريبية التى تمت فى شمال سيناء ، فأن السعر كان يتراوح بين 80 دولار إلى 120 دولارا ، أى بمتوسط عام 100 دولار لبرميل نفط برنت ، وبالتالى فأن متوسط سعر الوحدة الحرارية البريطانية من الغاز فى السوق الدولية كانت تتراوح بين 6 دولارات إلى 9 دولارات ، أى بمتوسط 7.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية .

4- وبالتالى فأن خسائر مصر يمكن إحتسابها وفقا للمعادلتين التاليتين : ( أ ) بالنسبة للإتفاقية الأولى فهى : الخسارة المالية المصرية = (الكتلة الحرارية المباعة سنويا المصدرة إلى الأردن منذ عام 2004 ) مضروبة فى ناتج (السعر السائد للمليون وحدة حرارية بريطانية فى السوق الدولية - متوسط السعر المتفق عليه بين حكومتى مصر والأردن ) . الخسارة = ( 77 مليون مليون وحدة حرارية × ( 7.5 دولارات – 1.27 دولار )

               = 479.7 مليون دولار سنويا ...............................(2) 

وبالتالى فأن مجموع الخسائر منذ عام 2004 حتى عام 2012 = (479.7 × 7) = 3358.0 مليون دولار . أى أنه مع شمس صباح كل يوم جديد كانت مصر تخسر 0.9 مليون دولار . ( ب ) بالنسبة للإتفاقية الثانية فهى : بالتطبيق فى نفس المعادلة مع تغيير السعر المتفق عليه إلى 3.06 دولار للمليون وحدة حرارية تكون الخسارة المصرية = ( 32 مليون مليون وحدة حرارية × ( 7.5 دولارات – 3.06 دولار )

               = 142.1 مليون دولار سنويا ...............................(3) 

وبالتالى فأن مجموع الخسائر منذ عام 2007 حتى عام 2012 = (222.2 × 5) = 710.4 مليون دولار .

أى أنه مع شمس صباح كل يوم جديد كانت مصر تخسر 0.6 مليون دولار .

وبالإجمال فأن الإتفاقيتين مع الأردن تسببت فى خسارة الخزانة العامة المصرية حوالى 4068.4 مليون دولار


وبالتالى فأن حجم خسائر الخزانة العامة المصرية فى الاتفاقيات الثلاثة مع إسرائيل والأردن تقدر بحوالى 12.9 مليار دولار منذ يوليو عام 2003 حتى عام 2012 .

وبرغم هذه الخسائر البادية للعيان ، وتفاقم مشكلة نقص الغاز للمصانع ومحطات الكهرباء طوال عامى 2009 و 2010 ، فلم يحرك النظام الحاكم ساكنا ، وطالبت الجهات المسئولة الشركات والمصانع بتدبير أحتياجاتها ، وبدأت الحكومة فى تداول فكرة إستيراد الغاز الطبيعى من العالم الخارجى ، وفى هذا الوقت بالذات سربت صحيفة ( هارتس ) الإسرائيلية واسعة الإطلاع تقريرا عن إتفاق جرى توقيعه بين شركة شرق المتوسط ومن خلفها الحكومة المصرية والشركة القابضة للغاز الطبيعى لتصدير 10 مليارات متر مكعب من الغاز المصرى إلى شركة (أدلتيك ) المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلى " أودى وايلد " وهى شريكة فى مجموعة Derwood السابق التعاقد معها ، ويهدف هذا الاتفاق الجديد إلى ضخ الغاز إلى 3 شركات جديدة لتوليد الكهرباء فى جنوب فلسطين المحتلة(30) . فهل هذا تعبير عن بلد فقير .. وفقير قوى كما يقال ؟ أو أننا بصدد بلد تدار فيه موارده بمنطق العزبة الخاصة للرؤوساء والمسئولين ؟

(13) كم خسرنا فى تعاقدات الغاز مع شركتى جاز دى فرانس ويونيون فيونيسيا ؟

من أهم عملاء الغاز الطبيعى المصرى الشركات الأجنبية الأربعة التالية : 1- شركة جاز دى فرانس Gas De France الفرنسية البريطانية المشتركة . 2- شركة يونيون فينوسيا ) الأسبانية – الإيطالية المصرية المشتركة ( . 3- شركة بريتش بتروليم البريطانية BP . 4- شركة بوابة القابضة الكويتية . والشركتان ( جاز دى فرانس ، ويونيون فيونيسيا ) يمتلكان معملى إسالة للغاز أحدهما فى أدكو بالاسكندرية والتى تضم وحدة إسالة الغاز على مساحة 390 فدانا ، ويتكون من مصنعين على ساحل البحر المتوسط بطاقة إجمالية 2.7 مليون طن / سنويا ، ومستودعين يسع كل منهما 140 ألف متر مكعب ، وأكبر ميناء متخصص لتصدير الغاز على رصيف تحميل بطول 4.2 كيلو متر لتصدير الغاز المسال إلى فرنسا ودول أوربا والولايات المتحدة ، ويمثل انتاج الحقول من منطقة أدكو ما يقارب 40% من إجمالى إنتاج الغاز فى مصر ، بينما تمثل صادرات هذا المجمع 60% من إجمالى صادرات الغاز المسال من مصر. والثانية فى ميناء دمياط مملوكة لشركة يونيون فيونيسا ( أسبانيا – إيطاليا ) ، والثانية فى رشيد . أما شركة بوابة القابضة التى يملك مستثمرون كويتيون أكثر من 51% من أسهمها ( ناصر الخرافى وأخرون ) ، ولهم القول الفصل فيها ، فقد كانت شركة " الأسكندرية للأسمدة " التابعة لشركة البوابة القابضة تحصل لسنوات طويلة على الغاز الطبيعى المصرى بقيمة 75 سنتا للمليون وحدة حرارية ، وعندما قامت وزارة البترول المصرية عام 2008 بزيادة سعر توريد الغاز إلى 3.25 دولار أسوة بتعديل الاتفاقية الثانية مع الأردن ، ردت الشركة الكويتية برفع قضية تحكيم على الحكومة المصرية أمام مركز التحكيم الدولى لمنازعات الاستثمار ( أكسيد ) ..!! فإذا تأملنا تفاصيل إلتزامات مصر بتصدير الغاز الذى قيدت به حكومات الرئيس المخلوع ( مبارك ) البلاد نكتشف إلى أى مدى كانت هذه الإدارة لا تملك إرادة وطنية للتنمية وتلبية أحتياجات المصريين وخصوصا الفقراء منهم لهذه المادة الحيوية . حيث بلغت تلك الإلتزامات كالتالى : 1- يونيون فينوس جاز ( إيطالية – أسبانية مشتركة ) = 15.3مليار متر مكعب سنويا بسعر 2.65 دولاريبدأ التنفيذ من مايو 2006 وفترة التعاقد 23 سنة .

2- جاز دى فرانس وبريتش جاز ( فرنسية بريطانية مشتركة ) = 28.9 مليار متر مكعب سنويا بسعر 2.65 دولار تبدأ من نوفمبر 2005 لمدة 20 عاما .

3- الخط العربى (الأردن / سوريا / لبنان / تركيا ) = 9.93 مليار متر مكعب سنويا بسعر 1.25 دولار تبدأ من يوليو 2003 لمدة 25 عاما .

4- إسرائيل = 7.1 مليار متر مكعب سنويا ، بسعر 1.5 دولار يبدا من إبريل 2008 لمدة 15 إلى 20 عاما . وهنا نجد أن إجمالى الالتزامات المصرية تجاه المستوردين عام 2008 وحدها ، قد بلغت 25.5 مليار متر مكعب سنويا ، تزيد سنة بعد أخرى حتى تصل إلى 61.3 مليار متر مكعب سنة 2011 وتظل هكذا لعشرين سنة قادمة ، خصوصا وأن الانتاج السنوى المصرى لم يكن يكفى لكل تلك الطلبات الخارجية ، ناهيك عن الإحتياجات الداخلية ، فجرى منح إسرائيل حوالى 11.6% من كميات التصدير المصرية إلى الخارج ، كما أن أحتياجات مصر من الغاز فى الداخل أدت إلى إنخفاض الصادرات بنسبة 30% من عام 2010 حتى العام 2013 (31) . فإذا حسبنا الخسائر المترتبة على التعاقد مع هؤلاء المستوردين الأوربيين ( فرنسا – إيطاليا – أسبانيا ) للغاز المصرى بتلك الأسعار البخسة ، مقارنة بأسعارها السائدة فى السوق الدولية ( التى تتراوح بين 9 دولارات إلى 12 دولارات ) طوال هذه الفترة الممتدة من مايو عام 2006 حتى مايو عام 2013 ، حينما بدأت الحكومة المصرية بعد ثورة يناير تراجع تلك الأسعار فأن هذه الخسائر تقدر على النحو التالى :

1- بالنسبة لشركة يونيون فيونيسيا : تتكون هذه الشركة المشتركة من ثلاثة أطراف هى الشركة الأسبانية بنسبة 40% والشركة الإيطالية بنسبة 40% ، ثم أخيرا الجانب المصرى ممثلا فى هيئة البترول بنسبة 10% والشركة القابضة للغازات بنسبة 10% ، وبالتالى فأن الشركاء الأجانب هم المسيطرون والرابحون الأكبر من هذا النشاط . وفقا للإتفاق المبرم بين الحكومة المصرية – فى ذلك الوقت – فأن القيمة المالية لهذا الاتفاق منذ لحظة التوريد فى مايو 2006 حتى مايو عام 2013 ، حينما بدأت الحكومة المصرية تعديل أسعار التوريد يقدر كالتالى : القيمة المالية = سعر الاتفاق × الكمية الحرارية مقدرة بالمليون وحدة بريطانية × عدد السنوات

القيمة المالية = 2.65 دولار × 538.7 مليون وحدة حرارية × 7 سنوات ) = 9993.4 مليون دولار ( أى بمتوسط سنوى 1427.6 مليون دولار ) .

فإذا أحتسبنا فارق السعر بين السائد فى السوق الدولية ( الذى يتراوح بين 6 دولارات إلى 9 دولارات فى تلك السنوات ) ، وما جرى به الاتفاق مع الحكومة المصرية نجده يتراوح بين 3.35 دولار للمليون وحدة حرارية إلى 6.35 دولار للمليون وحدة حرارية ، فأن الخسائر على الجانب المصرى تحسب وفقا للمعادلة التالية : الخسائر المصرية = ( فارق السعر × الكمية الحرارية الموردة سنويا × عدد سنوات التنفيذ قبل تعديل السعر )

                 = (3.35 دولار إلى 6.35 دولار × 540.6 مليون وحدة حرارية btu   سنويا × 7 ) 

الخسائر = 12632.5 مليون دولار خلال السنوات السبعة المشار إليها ( بمتوسط سنوى يعادل 1804.6 مليون دولار . ............................................(1) أو الخسائر تقدر بحوالى 23945.2 مليون دولار خلال السنوات السبعة ( بمتوسط سنوى يعادل 3420.7 مليون دولار ) . .......................................(2) أى بمتوسط خسائر خلال الفترة = 18288.9 مليون دولار .

2- الاتفاق مع شركة جاز دى فرانس يشابه هذا الاتفاق ، ما جرى مع شركة يونيون فيونيسيا ، وتتكون هذه الشركة أيضا من حصة 40% للشركة الفرنسية ، وحصة 40% للشركة البريطانية ، ثم أخيرا وكما هى العادة حصة 20% مناصفة بين هيئة البترول والشركة القابضة للغازات . وتطبيقا للمعادلة السابقة وعلى أساس السعر السائد فى السوق الدولية هو 6 دولارات للمليون وحدة حرارية ، فأن حجم الخسائر المقدرة من سريان ذلك الاتفاق تقدر على النحو التالى : الخسائر = ( 3.35 دولار × 1017.6 مليون وحدة حرارية بريطانية سنويا × 7 سنوات ) .

         = 23862.8 مليون دولار خلال السنوات السبعة . .......................(3) 
         = أى بمتوسط سنوى يعادل 3408.9 مليون دولار . 

أو بحساب السعر السائد فى السوق الدولية 9 دولارات للمليون وحدة حرارية تصبح الخسائر على النحو التالى : الخسائر = 6.35 دولار × 1017.6 مليون وحدة حرارية × 7 سنوات .

        = 45232.3 مليون دولار ( أى بمتوسط سنوى 6461.7 مليون دولار) .................(4) 

والخلاصة :

فإذا أستجمعنا الصورة الكاملة لحجم خسائر مصر من جراء هذا التفريط فى الإتفاقيات الموقعة مع الأطراف الأربعة السابق الإشارة إليها ( الأردن – إسرائيل – شركة يونيون فيونيسيا ، وشركة جاز دى فرانس ) فأن النتيجة ستكون حوالى 80.6 مليار دولار موزعة كالتالى : حجم الخسائر المصرية الناتجة عن تعاقدات الغاز الطبيعى مع الأطراف الدولية الأربعة منذ عام 2003 حتى العام 2012 هى :

  • الإتفاق الأردنى الأول = 3358.0 مليون دولار .
  • الإتفاق الإردنى الثانى = 710.4 مليون دولار .
  • الإتفاق مع إسرائيل ( من مارس 2008 حتى مارس 2012 ) = 5451.2 مليون دولار .
  • الاتفاق مع شركة يونيون فيونيسيا = 18288.9 مليون دولار .
  • الإتفاق مع شركة جاز دى فرانس = 52836.4 مليون دولار

 

وإذا قارنا تلك الخسائر بما جرى وفره من أموال نتيجة تعديل معادلة تسعير الغاز المصرى وفقا لمصادر وزارة البترول خلال الفترة الممتدة من عام 2000/2001 حتى عام 2009/2010، والتى بلغ مجموعها حوالى 30.5 مليار دولار ، نكون بصدد خسائر على الاقتصاد المصرى تتجاوز 50.1 مليار دولار منذ عام 2003 حتى عام 2012 . فهل نحن بلد فقير .. وفقير قوى كما يقال ؟ أو أننا ندير مواردنا بطريقة فاسدة وغير كفء اقتصاديا .

اجمالي القراءات 4336