في بلد من بلدان العالم الثالث، إنتشر التطرف الديني، وقامت الحكومة بالقبض على عدد كبير من المتطرفين، ولم تكتفي الشرطة بإعتقال المتطرفين دينياً، بل نال الإعتقال أصحاب الرأي أيضاً !.
وفي أحد السجون التي كان قابعاً فيها المتطرفون الدينيون، تم الزج بأحد علماء الإجتماع وكان إسمه "سعد"، كما تم الزج بأحد المرتدين عن دينهم، والذي وجد أنه تم الزج به بهذا السجن تحديداً لأنه مليئ بالمتطرفين الدينيين، فخشي على نفسه من القتل أو الأذى، وبالفعل توعده بعض المتطرفين بالأذى، فلم يجد خيراً من اللجوء إلى عالم الإجتماع "سعد".
المرتد : هل لي أن أطلب مساعدتك.
سعد : بكل سرور إن إستطعت.
المرتد : قد تركتُ ديني وإعتنقت ديناً آخر، فتم إلقاء القبض علي بدون تهمة، إلا أن أجهزة الأمن وجدت أن في إعتقالي درءُ للفتنة، وحرصاً على حياتي من القتل.
سعد : إنه منطق غريب أن يتم سجنك لدرء الفتنة، فإن سجنت أنت، فالأفكار لا تسجن، ومنطق غريب أن يكون سجنك حماية لك، فمحبسك مليئ بالمتطرفين الدينيين.
المرتد : لهذا جئتك، فقد هددني بعضهم بإيذائي، وما أردتُ منك إلا النصيحة فكيف أتصرف.
- سأل سعد المرتد عن بلدته، فأجابه، فقال سعد .. إن زعيم أحد الجماعات المتطرفة من نفس بلدتك، وإسمه صبره، وإن عرضنا عليه مشكلتك، سيفيدك أكثر مني، فهلم بنا نذهب إليه، فتعجب المرتد من رأي سعد، فسيأخذه في عقر دار زعيم جماعة متطرفة !، إلا أنه سايره.
دخل سعد على صبره وبصحبته المرتد، فرحب بهما الرجل، فقال له سعد : هذا الرجل من نفس بلدتك، وهو يريد أن يكون في حمايتك لأن بعض السجناء توعدوه بالأذى.
ثارت ثائرة صبرة، فكيف يؤذى شخص من بلدته، ثم نظر إلى المرتد مرحباً، وبدأ الإثنان يتبادلان ذكريات بلدتهما، ومنحه صبرة حمايته، دون أن يعلم جريمته !.
وفي اليوم التالي جاء بعض المتطرفين للمرتد لتنفيذ وعدهم بإيذائه، فإذا بهم بجدون صبرة في مواجهتم، فتعجبوا، وسألوه :
- أتحميه وهو المرتد عن دينه، وأنت مسجون بسبب ذودك عن دينك الذي تركه المرتد ؟.
- رد صبره : وليكن، لكنه من بلدتي، وقد منحته حمايتي، وما كنت أسمح لأحد أن يمسه بسوء، فإن كان مرتداً، فحسابه عند الله، أما الآن فهو في حمايتي، ومن يتعرض له سيجدني أمامه.
ذهب المرتد إلى "سعد" يشكره على حسن صنيعه وتدبيره معه، وسأله :
- قد توجست خيفة عندما أخذتني إلى أحد زعماء المتطرفين، فقد فكرت .. كيف سيحميني وأنا من تركتُ دينه ؟.
- رد سعد : قد سألتك عن بلدتك أولاً، ولحسن حظك أن أحد زعماء المتطرفين من بلدتك، وقد نلت حمايته لأنني قد أثرتُ في نفسه هوية المكان لا الدين !.
تعجب المرتد من نظرية عالم الإجتماع التي كانت كفيلة بالحفاظ عليه من المخاطر، وتساءل :
- كيف لمثل هذا العالِم أن يعتقل.
شادي طلعت