منذ عصور مضت تنافس المفسرون واختلفوا حول الجنة التي عاش فيها ءادم وحواء أفي الأرض أم في السماء ؟
وعن الشجرة التي أكلا منها أهي شجرة تفاح أم عنب ؟ ولم يتوصل أحد منهم إلى إقناع الطرف الآخر ولا أن يقتنع هو بما توصل إليه.
اليوم فقط أطرح عيكم اجتهادا لعل المفسربن لم يتوصلوا إليه من قبل حيث اعتمدوا على تفاسير من قبلهم وأقول اجتهادا قابلا للتدبر والتفكر...
على ضوء ءايات الله البينات:
..........
1- ولنبدأ بجنة ءادم ولكي نعرف هذه الجنة هل كانت في الأرض أم في السماء ! يجب أن نعود أولا إلى زمن ما قبل خلق ءادم هناك حيث يتم خلق هذا الكون العظيم حيث كان الله وحده وكان عرشه على الماء..وبما أن الله جعل من الماء كل شيء حي فقد جعل عرشه وهو سلطانه العظيم فوق هذا الماء عظمة وبرهانا وسلطانا..
ثم أراد الله أن يخلق الكون الذي يتمثل في النجوم والكواكب والمجرات والأرض والسماوات المحيطة بها وكل هذه الأشياء كانت مجتمعة في مادة واحدة يقول علماء الفيزياء أن هذه المادة بعد الانفجار العظيم (Big Bong) تشكل الكون
وتمدد بنجومه ومجراته ولا يزال يتمدد.
طبعا لابد لهذه المادة كي تتمدد أو تنفجر تحتاج أن يحيط بها مكان يحتوي ذلك الانفجار العظيم .
ذلك المكان كان هو تلك السماء العظيمة والواسعة ( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون)..
بعد الانفجار العظيم للمادة تشكلت النجوم والكواكب بأحجامها واتخذت مسارها تسبح في الفضاء( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) وتشكلت الأرض بطبقات أجوائها (فقضاهن سبع سموات في يومين) ثم خلق الله الجبال والأشجار والأنهار حيث سيخلق خلقا ءاخر بعد خلق الملائكة والجان ذلك الخلق هو ءادم وزوجه وذريته . بشر يتم خلقه من ءديم الأرض ويعيش على الأرض حيث الجنان والثمار والظلال الوارفة لا علاقة لهذا المخلوق بالسماء العظيمة المحيطة بالكون العظيم (وجعلنا السماء سقفا محفوظا). فلا يمكن لأي بشر الصعود إلى سماء الكون لا في حياته ولا بعد مماته ولا حتى في اليوم الآخر ..
حتى الجنة الموعودة (جنة الخلد ) ستكون على الأرض التي ستبدل( يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات) وسيدخلها المتقون وهم يسيرون إليها حتى يقفوا على أبوابها، لا أن يصعدوا في الفضاء الكوني ليصلوا إلى السماء العالية ..بدليل قوله تعالى ( وسيق الذي اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) وكلمة : "سيق" لا تفيد الصعود أو الطيران في الكون.
وبهذا يزال ذلك اللبس الذي قام عدة قرون فنقول : إن جنة ءادم كانت على الأرض وجنة الخلد ستكون على الأرض ولن يعيش أحد من البشر في السماء لأن السماء سقف محفوظ فتدبروا يا أولي الألباب.
.......
2- (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الارض خليفة)، هناك على الأرض حيث سيعيش ءادم وزوجه ويحذره الله من عدو له هو الشيطان يعيش معه على الأرض، ويمتحن داخل الجنة التي يعيش فيها بمرتبة عالية لا يجوع فيها ولا يعرى ولا يظمأ فيها ولا يضحى، بشرط ألا يقرب من شجرة معينة خاصة مهما رغب فيها أو اشتهاها فهل يصبر عنها بعزم أم أنه سينسى ويعصى أمر ربه فيغوى !
(وقلنا يا ءادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)
طبعا بعد طرد إبليس من رحمة الله بسب عصاينه
أصبح يكن الحقد لآدم وكي يجعله ينزل من تلك المرتبة العالية سيبدأ بأسلوب يليق به في الغواية وهو الوسوسة لآدم وتزيين الأكل له من الشجرة
( قال يا ءادم هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) هذه الشجرة لم تكن حنطة ولا تفاحا ولا عنبا وليست بشجرة تنبث و تؤكل لتصل إلى المعدة إذ لو كانت كذاك لأصاب ءادم مغص معوي
حينها بعد هضمها ولكن الذي حصل لاءدم وزوجه لا علاقة له بالأكل بل تعلق مباشرة باللباس ! أي شجرة هاته التي إذا اشتهاها الإنسان ليأكلها حتى إذا ما ذاق منها نزع عنه لباسه ؟
أليست هي شجرة النسل ؟
شجرة الخلد التي تبقى خالدة بذرية ءادم جيلا بعد جيل يتناسلون و يتوارثون الأرض إلى قيام الساعة .
.........
ولنتدبر الاءايات التي التي جاءت تحكي عن القصة في سورة الأعراف :
قال الله تعالى "ويا ءادم اسكن انت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين(*) فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين(*)وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين(*) فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم انهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين(*) قالا ربناظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين(*) قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين (*)
قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون(*)
يا بني ءادم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من ءايات الله لعلهم يذكرون(*) يا بني ءادم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يومنون" صدق الله العظيم .