البرزخ بين الموتى ومن يُقتل فى سبيل الله جل وعلا
مقدمة :
1 ـ فى شهر مايو 1985 كانت محاكمتى داخل جامعة الأزهر بسبب كتبى الخمسة ، وأهمها كتاب ( الأنبياء فى القرآن الكريم : دراسة تحليلية ) . وكان الذى يتولى محاكمتى عميد كلية أصول الدين بأسيوط وقتها وهو : د محمد سيد طنطاوى. كنت قد كتبت فى ( كتاب الأنبياء فى القرآن الكريم ) أن " جسد النبى فنى وانتهى ولا عبرة بالزيف القائل بأن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء ، فكيف للارض أن تعلم بالصالح أم الطالح ". وجدها المحقق فرصة لكى يتهمنى بأننى أفضّل ( الشهداء ) فى رأيه على النبى محمد لأنهم أحياء عتد ربهم يرزقون . قلت إن الله جل وعلا هو الذى نهانا عن أن نقول على من يُقتل فى سبيل الله أنهم أموات ، وهو الذى قال إن النبى (ميت ) ، ولا بد أن أطيع ما جاء فى القرآن .
2 ـ وقلنا فيما بعد فى ( كتاب الموت ) : ( في بداية الدعوة في مكة والنبي في صراع مع كفار قريش قال تعالى للنبي:( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) الزمر). ولنتأمل في الآيتين : حين نزل قوله تعالى للنبي " إنك ميت " كان في بداية الأربعينات .. ولا يزال أمامه عمر طويل قضاه بين مكة والمدينة ، ومع ذلك جاءت الصيغة بالجملة الاسمية "إنك ميت " ولم تقل له مثلاً " إنك ستموت " والجملة الاسمية تفيد الثبوت أي أن الموت ثابت في حقك مهما عشت من عمر . ثم تقول " وإنهم ميتون " وتقصد أن أعداءك المشركين ميتون أيضاً . وهذا ما نفهمه من الآية التالية : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) الزمر). ولن يختصم مع النبي يوم القيامة إلا أعداؤه ، أبو جهل ، عقبة بن معيط ، أمية بن خلف ، أبو لهب .. الخ . والنظرة السريعة لقوله تعالى :( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) الزمر) تفيد المساواة بين النبي وأعدائه في استحقاق الموت ، والتأكيد هنا بأن واسمية الجملة حسب المفهوم من فصاحة اللغة العربية ، أي لاشك في أنك ستموت وفى أنهم سيموتون . والنظرة المتعمقة في قوله تعالى :( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) تجعل التأكيد لموت النبي يزيد عن نظائرها في تأكيد موت المشركين من أعدائه ، فالآية بدأت بالنبي وخاطبت النبي مباشرة فقالت " إنك ميت " ثم ثنت بالمشركين وتحدثت عنهم بضمير الغيبة وليس بضمير المخاطب ، وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب . والتركيب القرآني غاية في الدقة والفصاحة ولم يأت عبثاً ـ سبحان الله عن العبث ـ وإنما جاء ذلك التركيب اللغوي ليرد على دعاوى علم الله أنها ستظهر بعد القرآن تشيع أن النبي حي في قبره فأراد الله تعالى أن يكون كتابه حجة عليهم إلى يوم القيامة . لن يدعى أحد أن أبا جهل حيُّ في قبره .. وإنما يدعى الكثيرون أن النبي حيُّ في قبره .. لذا كان لابد من زيادة جرعة التأكيدات في استحقاقه الموت له عليه السلام أكثر من التأكيد على موت أعدائه الذين لا خلاف على استحقاقهم الموت ، وقد ذكرت الآية موتهم لتزيد من يقين المؤمن بأن محمداً (ص) ميت لا محالة وأن موته سيكون طبيعياً شأن كل إنسان . وعطاء هذه الآية " إنك ميت وإنهم ميتون " لم ينفذ بعد .. إن الآية ببساطة أخبرت النبي والمؤمنين معه في مكة أنه لن يقتل في سبيل الله ولكن سيموت على فراشه موته طبيعية لأن القرآن ينهى أن نقول على من قتل في سبيل الله بأنه ميت:( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154)البقرة)، بل ينهانا ربنا جلا وعلا أن نحسبهم ضمن الأموات فيقول بلهجة التأكيد الشديد:( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) آل عمران ). المقتول في سبيل الله ـ فقط ـ هو الذي يستحق الحياة عند الله وإذا وصفناه بأنه ميت فقد عصينا أمر الله في القرآن .. ولكن في نفس الوقت فالقرآن يخبر النبي بأنه ميت . وعلينا أن نؤمن بذلك وإلا فقد كذبنا آيات الله ..).
3 ـ ماذا عن البرزخ بين الموتى ومن يُقتل فى سبيل الله جل وعلا ؟.
أولا : البعث للموتى وليس للمقتول فى سبيل الله جل وعلا
1 ـ قلنا إن هناك سبع أرضين ، أرضنا المادية يتخللها بالترتيب ست أرضين أخرى ، مستويات أخرى أو برازخ ، ثم بالترتيب أيضا هناك سبع سماوات يتخللن السبع أرضين. نفس الحيّز ولكن بأبعاد وأعماق متوالية ، يتخلل الأعلى ما هو دونه من السماء السابعة وما يليها حتى الأسفل وهو هذه الأرض والكون المادى من نجوم ومجرات.
2 ـ فى برازخ الأرض توجد الجن والشياطين والملائكة الموكلة بالانسان ، مثل ملائكة تسجيل العمال وملائكة الموت. وهى تتحرك فى عوالمها بسرعات لا ندركها. والنفس البشرية تنتمى الى البرزخ ، تعود اليه مؤقتا بالنوم ، وتعود اليه نهائيا بالموت حيث تترك جسدها المادى يتحلل ويبلى فى الأرض المادية .
3 ـ وعند الموت يرى الانسان ملائكة الموت البرزخية ، وإذا رآهم فلا رجوع الى هذه الحياة، إن كان عاصيا صرخ فى الملائكة راجيا أن يرجعوه ، وإستغاث بربه جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون ). هذا العاصى تموت نفسه فى البرزخ شأن كل الموتى ، وعند قيام الساعة يصحو يظم أنه مات أو نام من ساعة أو لبث يوما أو بعض يوم قال جل وعلا : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) الروم ). يعلم المؤمنون أولو العلم الحقيقة ولا يعلمها المجرمون . قال جل وعلا عنهم (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) النازعات ).
4 ـ بهذا يكون البعث للموتى فقط . قال جل وعلا : ( وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) الانعام )(ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) المؤمنون )، وعن (يحيى ) قال جل وعلا :( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً (15) مريم ) ، ونطق عيسى فى المهد فقال : ( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (33) مريم ). هما ماتا وسيبعثان . وهو نفس الحال مع ( محمد ) عليه السلام الذى خاطبه ربه جل وعلا وهو حىّ مؤكدا أنه (ميّت ). بالتالى سيكون من المبعوثين. ستمر على الجميع فترة الموت فى البرزخ بلا أى إحساس ، ثم يبعثهم الله فكأنما ناموا أو ماتوا من ساعة أو يوما أو بعض يوم ، شأن البشر حين يستيقظون من النوم.
5 ـ يختلف الحال مع المقتول فى سبيل الله جل وعلا. فهو فى برزخ لا يموت فيه ، بل يعيش متنعما ، ويظل هكذا فى برزخه الأرضى الذى يتخللنا يرانا ولا نراه ، يشعر بنا ولا نشعر به الى أن تقوم الساعة فينتقل من حياته فى هذه الدنيا الى اليوم الآخر ، بلا بعث من موت ـ لأنه لم يكن ميتا .
ثانيا : البرزخ الدنيوى وقيام الساعة
1 ـ قال جل وعلا : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم ). يتم تدمير الأرضين السبع والسماوات السبع ويتم خلق بديل لها وخالد يصلح لمجىء الواحد القهار.
2 ـ فى تدمير الأرض وبرازخها الست تتخلى عن ما فيها نفوس ميته ، تُلقيها الى العالم الآخر ، يوم البعث ، هذا يعنى أن يحق عليها قول الرحمن ، يقول جل وعلا : ( إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5) الانشقاق ) فقد جاء يوم الحساب ، قال جل وعلا فى الاية التالية :( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (6) الانشقاق ).
3 ـ ويقول جل وعلا : (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) طه ). خلقنا الله جسدا من هذه الأرض المادية ونفخ فينا نفسا من عالم البرزخ. بالموت يعود الجسد المادى الى الأرض المادية وتعود النفس الى أرضها البرزخية ، ثم يكون البعث من هذه الأرض البرزخية ، حيث تأتى كل نفس تحمل جسدا آخر ترتديه هو عملها ، وبه يكون حسابها ، ونعيمها أو عذابها. ويقول جل وعلا : ( قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) عبس ).
ثالثا: هناك قبران لكل ميّت : قبر مادى وقبر برزخى
1 ـ وعليه فهناك للميت قبران قبران : قبر فى هذه الأرض يتحلل فيها جسده المادى ، ويفنى مع فناء هذه الأرض المادية ، وهناك لهذا الميت قبر برزخى ، منه تصحو نفسه ويتم بعثها فى اليوم الآخر.
2 ـ غير الانسان من الأحياء فى هذه الأرض المادية تموت ، ويتم بعثها ثم حشرها ، وينتهى أمرها بالحشر ، إذ لا تكليف عليها ولا ينتظرها حساب ولا جنة ولا نار. قال جل وعلا : ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) التكوير )( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) الانعام ). بالتالى فهذه المخلوقات تموت فتدخل البرزخ ، ثم منه الى البعث ثم الحشر .
3 ـ أى إن هذه الأحياء تترك جسدها المادى بالموت فى الأرض وتنتقل كينونتها الى البرزخ . أى لها كالبشر جسد مادى ، وكينونة فى البرزخ. أى لها قبران ، قبر مادى يتحلل فيها جسدها ، وقبر برزخى.
4 ـ أهمية هذا فيمن تأكله الوحوش من ابناء البشر . لنفرض أن وحشا إلتهم بشرا وهضم جسده . تحول بطن الوحش الى قبر لجسد هذا الانسان الضحية . فى البعث سيكون هذا الوحش قبرا برزخيا لهذه الضحية البشرية . قال جل وعلا عن النبى يونس : ( فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) الصافات ). لو لم يكن يونس من المسبحين لمات فى بطن الحوت. وسيظل فيه الى يوم البعث . أى مع كينونة الحوت البرزخية.
رابعا : عن القبر البرزخى يقول جل وعلا :
1 : ( إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) الانفطار ). تدمير العالم بمجراته وحيث ينسف رب العزة الجبال نسفا لا ذكر للقبور المادية . أى إن الحديث هنا عن القبور البرزخية حيث الأنفس ، لذا قال جل وعلا بعدها : (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) الانفطار ).
2 : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7) الحج ) . إحياء الموتى ، أى إحياء الأنفس فى برزخها ، أو بعثها من البرزخ الذى إنتقلت اليه. ليس الكلام هنا عن القبور المادية فى هذه الدنيا.
3 : ( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11) العاديات ). هنا بعثرة القبور البرزخية ، ويتم تحصيل ما فى الأنفس من عمل وإعتقاد . وهذا يوم تُبلى السرائر ، يوم الرجوع للواحد القهار : (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ (10) الطارق )
4 : ( مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49) فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) يس ). الصيحة الأولى فى الاية ( 49 ) عن تدمير العالم . الصيحة التالية ( نفخ الصور ) فى الآية ( 51 ) كناية عن البعث ، حيث يخرجون من القبور البرزخية ( الأجداث ) ينسلون منها ، ثم الصيحة التالية فى الآية ( 53 ) عن الحشر.
5 : ( يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) القمر ) . تخرج الأنفس من البرزخ تطير كالجراد أسرابا منتشرة، تخرج لا تستطيع عصيان الأوامر .
6 : ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44) المعارج ). هذا عن الكافرين . كانوا فى الدنيا يأتون أفواجا الى قبورهم المقدسة ، سيكون هذا حالهم وهم رغم أنوفهم يخرجون من قبورهم البرزخية فى ذلّة .
7 : ( الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) القارعة ). تخرج النفس من قبورها البرزخية تطير كالفراش المنتشر المبثوث.
8 : ( إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتْ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) الزلزلة ). يبدأ تدمير هذه الأرض وبرازخها بزلزال هائل ، قبيل تدميرها تقوم بتسليم ( عُهدتها ) أو ( أثقالها ) ، وهذا بوحى الرحمن لها ، تنتهى وتتحول الى خبر . وفى يوم البعث يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم.
أخيرا: الى متى تتخذون القرآن مهجورا أيها المحمديون ؟ !!