تحريم صلاة الجمعة فى مساجد المحمديين : مساجد الضرار

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٠٨ - يونيو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

تحريم صلاة الجمعة فى مساجد المحمديين : مساجد الضرار

نرتب الموضوع على النحو التالى :  

أولا : مساجد الضرار فى عصرنا

1 ـ الذى يدخل المسجد لصلاة الجمعة مفترض أن يسمع ذكر الله جل وعلا وعلا وحده ، هذا أذا نودى للصلاة من يوم الجمعة وسمع هذا النداء . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) الجمعة ). لكنه يسمع خطبة للجمعة تتناقض مع ذكر الله جل وعلا وحده وتعظيمه جل وعلا وحده .

2 ـ خطبة الجمعة فى عهد النبى محمد عليه السلام كانت ذكرا للرحمن جل وعلا بتلاوة النبى للقرآن وهو يخطب . لهذا فلم تكن له خطبة بالمعنى المألوف ، ولهذا أيضا لا توجد خطبة للجمعة منسوبة له عليه السلام ، مع أنه صلى الجمعة أكثر من خمسمائة مرة .

2 / 1 :  تحولت خطبة الجمعة الى منشور سياسى فى العصر الأموى ، إستخدمها الأمويون مناسبة اسبوعية فى لعن ( أبى تراب ) ( على بن ابى طالب ) ونشروا ذلك فى كل الولايات ، وتعلمها الذين دخلوا الاسلام وأدوا صلاة الجمعة ، حتى أبطل هذا العباسيون ، ولكن أهل مدينة ( حرّان ) تمسكوا مدة بلعن (أبى تراب ) قائلين ( لا تصح صلاة الجمعة بدون لعن أبى تراب ).!. على إنه استمر إستغلال خطبة الجمعة فى الدعاية العباسية ،ثم فى الدعاية الفاطمية ، وتوارث ( المسلمون ) خطبة للجمعة فيها تقديس السلطان والدعاء ، والدعاء على الكافرين ، واصبح من لوازم الخطبة فى العصر العثمانى الدعاء بأن ينصر الله عساكر السلطان وأن يهزم الكفار وأن يسبى المسلمون نساءهم ويغنموا أموالهم .! .

2 / 2 :  وفى العصر العباسى الثانى تحولت المساجد فى العراق الى مراكز ايدلوجية من السنة الى التشيع ، وكان لها دور فى الاقتتال الطائفى بينهما ، وحاليا عادت المساجد الى نفس الدور ، بل أصبحت مراكز حربية ومستهدفة من الخصم ، يتم تفجيرها . أى ليس فقط تمجيد وتقديس السلطان فى خطبة الجمعة ، وليس فقط رواية أكاذيب ( أحاديث ) مفتراة تنشر الإفك على أنه إسلام تُضل الناس ، بل أيضا مشاركة قائدة ورائدة فى الاقتتال وسفك الدماء ، ينتج عنها تفجيرات يقع ضحايا أبرياء .

3 ـ هذه المساجد فى عصرنا أكثر ضررا .  لأن الضرر هنا لا يلحق فقط بتشويه الاسلام ونشر الإفك على أنه الاسلام ، ولا يلحق فقط  بتقديس البشر حربا للإسلام وتقديسا للمستبد ( ولى الأمر ) بل يتعداه الى سفك الدماء . ويتضح الفرق بين مساجد الضرار فى عصرنا وبين مسجد الضرار الذى أسسه منافقو المدينة والذى قال عنه رب العزة جل وعلا : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)التوبة). هنا نلاحظ :

3 / 1 : مسجد الضرار فى المدينة إقتصر على التآمر خفية ، وظل فى الظاهر محافظا على توجهه الاسلامى الى درجة أن النبى كان يذهب اليه يصلى فيه ويقوم فيه . أما مساجد الضرار فى عصرنا فهى ترفع الصوت بالفتنة والإثم والعدوان ، وتجمع الأموال السُّحت .

3 / 2 : لم ينتج عن مسجد الضرار فى المدينة إسالة دماء ، أما مساجد الضرار فى عصرنا فهى مسئولة عن حمامات دم . وحتى من تظاهر منها بالاعتدال فهو ينشر إفك الأحاديث التى تدعو للإرهاب وقتل غير المسلم وقتل ما يجعلونه مرتدا وزنديقا .

3 / 3 : المنافقون ( الصحابة ) كانوا يقسمون كذبا على أنهم ما فعلوا ، والله جل وعلا شهد بأنهم كاذبون . أى هم يعرفون أن ما يفعلون هو خطأ ومخالف للإسلام . أما ائمة مساجد الضرار فى عصرنا فكل منهم يعتقد أن ما يفعله هو صحيح الاسلام .

3 / 4 : الله جل وعلا نهى النبى محمدا عليه السلام وقال له : (لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً  ). هذا عن مسجد هو أقل ضررا من مساجد الفتنة والضرار فى عصرنا . فماذا عنّا ؟ هل نذهب الى تلك المساجد وخطب الجمعة فيها وندواتها ؟ وهل يجوز إسلاميا أن ( نسمع ) منكرا من القول وزورا ؟

 ثانيا : مسئولية السمع :

الذى لا يعرفه معظم الناس أننا يوم القيامة سنكون مسئولين عما نسمع ، وليس فقط عما ننطق وعما نفعل . قال جل وعلا : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36) الاسراء )  والتطبيق العملى للآية الكريمة جاء تشريعا مسكوتا عنه فى عصرنا . نعطى أمثلة له :

1 ـ كان مشركو قريش يعقدون مجالس للخوض فى آيات الله وكتابه الكريم فتكرر النهى  مرتين للنبى محمد ألا يحضر مجالسهم . قال له ربه جل وعلا :  ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) الزخرف ) (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) المعارج ).

ونسى عليه السلام فتكرر النهى مصحوبا بلمحة تأنيب ، قال له جل وعلا : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) الانعام ) وجاء الأمر له فى الآية التالية بالاعراض عنهم :( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) الانعام ). أى هو نهى وأمر بألا يحضر مجالس اللغو والخوض فى القرآن الكريم لأن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا .

وإمتثل النبى محمد عليه السلام وأطاع . ولكن فريقا من المؤمنين إعتاد أن يحضر مجالس المنافقين التى تخوض فى آيات الله جل وعلا وكتابه الكريم ، فنزل التأنيب لهم مغلظا مصحوبا بالتهديد ويذكّرهم بما نزل قبل ذلك ، قال جل وعلا لهم فى خطاب مباشر :( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140) النساء ) . هذا لأن الله جل وعلا قال : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36) الاسراء )

2 ـ  لا شأن لعائشة بحادث الإفك  كما شرحنا فى كتاب : ( القرآن وكفى ) المنشور هنا . هو يخص مجتمع المدينة فى أول عهده حيث إزدحمت المدينة بالمهاجرين والمهاجرات ، ووقع على الأنصار رجالا ونساءا عبء مساعدة المهاجرين الفقراء والمهاجرات الفقيرات ، فأشاع المنافقون مزاعم تتهم المؤمنات بالزنا . فنرل قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنْ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) النور ) . نلاحظ فيما يخص موضوعنا عن مسئولية السمع :

2 / 1 : الاستماع الى مثل هذا الحديث يوجب مسئولية على السامع ، يجب عليه أن ينكر ما سمعه ، قال جل وعلا يلومهم : (لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) النور) (وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) النور )

2 / 2 : بدون ذلك وبتداول هذا المسموع من الشائعات يكون السامع مشاركا فى الإثم ، وهو إثم عظيم.قال جل وعلا:(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) النور ). مأروع قوله جل وعلا : (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ).!

2 / 3 : ثم يأتى التحذير فى قوله جل وعلا : ( يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) النور ). هذا فى الافتراء على بعض المؤمنات ، فكيف بالإفتراء على الواحد القهار جل وعلا ؟!

2 / 4  ـ الذين يسمعون خطبة الجمعة وما فيها من أفتراء على الله جل وعلا ورسوله ، هل يستطيع أحدهم أن يقف محتجّا على ما يسمع ؟ لقد تحسبوا لذلك مقدما بتأليف حديث يقول : ( إذا قلت لصاحبك والامام يخطب يوم الجمعة : أنصت فقد لغوت . ومن لغا فلا صلاة له ) . خطبة الجمعة فى هذه المساجد لغو غليظ ، ولكنهم أوجبوا سماع هذا اللغو ، وأوجبوا على المستمعين عدم النطق .

3 ـ أتذكر أنه بعد الإفراج عنا من الإعتقال فى مصر عام 1987 عاد بعض أهل القرآن الى الخطبة فى المساجد ، وإلتزم ألا يهاجم الأحاديث حتى لا يعود للسجن ، وإقتصر فى خطبة الجمعة على الهدى القرآنى ، فرفضوه ، وفرضوا عليه أن يخطب بالأحاديث .

3 / 1 : الأحاديث الشيطانية هى دينهم ، وهى البضاعة التى يتقيؤها الخطيب فى صلاة الجمعة وغيرها . وقد قال جل وعلا عنهم يجعلهم أعداء النبى : (  وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113 ) الانعام ).

3 / 2 : فى موضوعنا عن السمع نُنبّه على قوله جل وعلا : (وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113 ) الانعام ). اى يسمعون لهذه الأحاديث بكل إصغاء ، تصغى اليها ليس فقط أسماعهم بل أفئدتهم ، ثم على أساسها يقترفون الكبائر . من القتل والتفجيرات ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، وأن الحور العين تنتظرهم . والعاصى العادى المسالم يجد التشجيع على المعصية بأحاديث الشفاعة والخروج من النار ، أى أن النتيجة أنهم يتشجعون على إقتراف الكبائر بتلك الأحاديث التى يلقيها خطيب الجمعة .

3 / 3 : ولهذا تجد مجتمعات المحمدين متخمة بالفساد وسفك الدماء ، مع حضور هائل ومكثف للمساجد وخطب الجمعة ، بل أصبح الدعاة والخطباء ينافسون الراقصات ونجوم الفنّ فى الشهرة . يتألقون شهرة وتتضخم أرصدتهم بالأموال السُّحت ، وبنفس القدر يهوى المحمديون من الحضيض الى اسفل سافلين .

4 ـ ويتكرر فى القرآن المجيد وصف الضالين الفاسقين بأنهم ( سمًاعون للكذب )، قال جل وعلا عن بعضهم فى عهد النبى محمد عليه السلام : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنْ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ) ( 41 ) المائدة ) ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ  ) (42) المائدة ). ( سمّاع ) صيغة مبالغة من إسم الفاعل ( سامع ) . فالكافر مُدمن لسماع الكذب .

5 ـ  منافقو المدينة فى عهد النبى كان لهم ( سمّاعين ) من المؤمنين ، قال جل وعلا  ( لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمْ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) التوبة  ). يهمنا هنا أن قوله جل وعلا : ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) يشمل القائل والسامع .

6 ـ وتوالت الأوامر بالإعراض عن أصحاب الخوض .

6 / 1 :  قال جل وعلا للنبى محمد عن الخائضين من أهل الكتاب : ( قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) الانعام )

6 / 2 : وقال له جل وعلا  فى الإعراض عن المشركين : ( اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (106) الانعام ) ( خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199) الاعراف )( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (94) الحجر ) ( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنتَظِرُونَ (30) السجدة ) (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) النجم ). الإعراض عنهم يوجب عدم الاستماع اليهم وعدم حضور مجالسهم ، ومساجدهم وخطبهم وندواتهم .

6 / 3 : وما جاء فى هذا أمرا ونهيا للنبى هو لنا أيضا. ومع هذا فقد جاء للمؤمنين ايضا :

6 / 3 / 1 : جعل رب العزة جل وعلا من أولى صفات المؤمنين المفلحين أنهم : ( وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) المؤمنون ).

6 / 3 / 2 : ، ومن صفات عباد الرحمن : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً (72)  الفرقان ).  ( لا يشهدون الزور ) أى لا يحضرون مجالس يقال فيها زور وبهتان . وافظع البهتان هو الأحاديث الشيطانية .  وحضور خطب الجمعة فى مساجد الضرار هو حضور وشهود للزور .

6 / 3 / 3 : وقال جل وعلا : ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) القصص ) . أى هى قطيعة مرتبطة بقول السلام وتبتعد عن الجهل والجهلاء .

7 ـ فهل بعد هذا نحضر خطب الجمعة لنسمع منكرا من القول وزورا وإفتراءا على الله جل وعلا ورسوله ؟  هى حرية الايمان والكفر . لك أن تقاطع هذه المساجد ، ولك أن تحضرها . ولكن يجب أن تعرف أنك إذا حضرت فستكون مشاركا فيما يقال من إثم ولغو وأفتراء وزور يمتلىء ظلما لرب العالمين جل وعلا . 

اجمالي القراءات 8832