قانون الغابة سر البقاء

شادي طلعت في الجمعة ٠١ - يونيو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

يظن أكثر الناس، أن الظلم هو قانون الغابة، وأنه لا مكان فيها للضعيف، لكن .. حقيقة الأمر أن قانون الغابة عادل، فلا إستثناءات فيه، ومن يخرج عليه ينال العقاب.
ويضم قانون الغابة عدداً من المواد تخص : النظام، والعقاب، والعدل، إنه قانون صارم، لا يجوز الخروج عليه.
 
أهم مواد قانون الغابة :
 
المادة الأولى/ السلام أساس البقاء :
بدون السلام، لن تقوم للغابة قائمة، وستتلاشى رويداً رويداً، فالظلم إن جار على سكانها، سينتشر الإنتقام وتحل الفوضى الهدامة، لذا فإن كل فصيل في الغابة يحترم باقي الفصائل الأخرى.
 
المادة الثانية/ العدل أساس الحكم :
تعيش اغلب الحيوانات إما في شكل مجموعات كالذئاب، أو في شكل قطعان كالضباع، ولكل مجموعة أو قطيع قائد، والقائد له إحترامه، ومهابته، وهو لم يأتي للقيادة من فراغ، وإنما برضى باقي أفراد المجموعة أو القطيع، فمثلاً .. قد يأتي أسد شاب ويجور على أسد ملك، ويدخلان في عراك شديد، فإن إنتصر عليه، أصبح هو قائد القطيع، وإن إنهزم سيخرج ذليلاً أمام الملك، وقطيعه، ولكن .. إن كان الملك عادلاً في حكمه، فإن أفراد قطيعه، لن يتركوه ينازل غريمه الجديد منفرداً، إذ أنهم سيدافعون عنه بأرواحهم !، فقط .. ليحافظوا على الملك العادل، أما إن كان ظالماً، فقطيعه سيشاهد المعركة من بعيد، متمنياً إزاحتة عن عرشه.
 
المادة الثالثة/ لا قوة دائمة :
تختلف القوة في الغابة، فهي إما أحادية لبعض الفصائل، وقد تكمن القوة في المجموعات أو القطعان، فإن كانت أحادية، فإنه سيأتي وقت، ويحل الضعف بالحيوان، لمرض أو لعدم قدرة على الصيد، بسبب كبر السن، وحتى إن كانت لقطيع أو مجموعات، فإن سنة الحياة تصيب الجمع كذلك، فلا شيء يبقى على حاله.
 
المادة الرابعة/ لا إعتداء على من يخدمون الغابة :
كلما إصطادت الوحوش صيداً، فإنها لا تستطيع أكل جسده كله، إما لأنها لا تملك يدين كالإنسان تمكناه من نيل، وأكل كل شيء، وإما لأنها تأنف عن أكل بعض أجزاء الصيد، وفي كلتا الحالتين، فإن جسد الصيد المتبقي، سيتعفن إن لم تأتي النسور، آكلة الجيف، لتمنع كارثة بيئية في حال إنتشرت العفن في كل مكان، لذا لا عجب أن نرى الوحوش وهي تنظر للنسور على الأرض، دون أن تعتدي عليها، لأنها تدرك أن النسور تؤدي وظيفة هامة، من أجل البقاء.
 
المادة الخامسة/ لا تعتدي على الكبار إلا للضرورة :
الحياة في الغابة منازل، فلكل حيوان منزلته فيها، وعندما تصطاد الوحوش، فإنها تصطاد الأقل منزلة في القوة، وهي الحيوانات الضعيفة من آكلي الأعشاب، كالخراف، والنعاج، والغزلان ... إلخ، ولكن .. وإذا لم تتوافر تلك الحيوانات، فإنها تصطاد من هو أكبر منزلة، كالزارف أو الفيل، وعلى الجانب الآخر، فإن الحيوانات الأكبر منزلة، والتي تتعرض للصيد تعلم، أن الوحوش لم تقدم على محاولات صيدها، إلا لضيق الحال، وخلو الغابة من الحيوانات الأقل منزلة، لذا لا تهاجم تلك الوحوش بضراوة، لأن تدرك أن هدفها هو البقاء، وهو هدف سامي، يحترمه كل سكان الغابة.
 
المادة السادسة/ إرحم ترحم :
تدرك الوحوش ضرورة الصيد من أجل البقاء، وعليها أن تلتزم بقانون الرحمة على الضعيف، فلا تبدأ بأكل الصيد، إلا بعد قتله أولاً، فأكل الصيد وهو حي يعد تعذيب، وتلك جريمة، معاقب عليها، ومن يخرج عن تلك المادة تكون نهايته مؤسفة، فقد يؤكل بنفس الطريقة، وأيضاً من بني جنسه !، كما يحدث في عالم الضباع.
 
المادة السابعة/ الصيد على قدر الحاجة :
الوحوش لا تصطاد إلا ما يفي بحاجتها فقط، ولا هي تفكر في عمل بيات لأي سبب، ليس لأن اللحم يصعب تخزينه، ولكن لإيمانها بأن الرزق لا يقع على عاتقها، وإنما على خالقها، لذا لا تصطاد إلا ما يفي بحاجتها، مهما بلغ ضعف الفصيل أمامها.
 
في النهاية : لا تعيش الحيوانات حياة عبثية، فلها قانونها الخاص، والذي إن تم العبث به، فإن نهاية الغابة ستكون حتمية، إنهم  لم يخلقوا من فراغ، فلخلقهم ضرورة من أجل .. البقاء.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 13376