الطيران المدني احدي المؤسسات الكبري التي لم تخل من لمسات الخراب التي وضعها جمال مبارك وصديقه الفريق أحمد شفيق وزير الطيران الأسبق الذي تطارده عشرات البلاغات للنائب العام وتتهمه بالفساد وسوء استخدام السلطة، ومجاملة جمال وعلاء من خلال الصفقات المشبوهة.
ولأن الطيران المدني من المؤسسات شديدة الحساسية وباعتبارها واجهة مصر العالمية واداءها محط انظار الجميع، تفتح "الوفد الأسبوعي" ملفه الشائك وتكشف بالمستندات كيف يدار الطيران المدني المصري.
نبدأ المخالفات بالبلاغ رقم 4741 للنائب العام والذي يتهم "شفيق" باهدار المال العام من خلال اسناده 125 عملية من وزارة الطيران المدني خلال عامي "2003 و2004" لمجموعة من الشركات بالأمر المباشر بالمخالفة للقانون، وشراء أثاث لاستراحة كبار الزوار بمبني الركاب رقم 2 بتاريخ 22-9-2003 من شركة "جاليري" ومجاملته صهري علاء وجمال من خلال إسناد العديد من الاعمال الانشائية بالمطاررقم 3 ورقم 2 بالأمر المباشر بملايين الجنيهات.
وفي هذا السياق نفسه تقدم عدد من العاملين بوزارة الطيران المدني والشركات القابضة لمصر للطيران بـ 24 بلاغاً للنائب العام يتهمون فيها الفريق شفيق بمجاملة ومحاباة علاء وجمال مبارك في شركة "موفنيك" وقيامه باسناد عملية انشاء مبني الركاب الجديد رقم 2 بمطار القاهرة الي شركات تابعة لمجدي راسخ ومحمود الجمال ولبعض اصدقائه بالامر المباشر ايضا وبأرقام فلكية حيث بلغت تكلفة المبني 3.4 مليار جنيه بقروض من البنك الدولي.
وقدم العاملون حافظة مستندات تضم خسائر تشغيل مبني الركاب رقم 3 بمبلغ 50 مليون جنيه سنويا وسبق وأن أضرب عدد من المراقبين الجويين بمطار القاهرة اعتراضا علي اضطهاد وزير الطيران المدني المهندس ابراهيم مناع لهم بسبب ما اثاروه عن فساد الفريق أحمد شفيق.
وبمجيء الطيار سامح الحفني رئيساً لسلطة الطيران المدني في ديسمبر 2009 تكتمل منظومة الفساد التي تدير الطيران المدني بتعليمات من جمال مبارك الذي فرضه علي من هم أقدم منه واكثر خبرة ولم لا و"سامح" عضو لجنة السياسات التي يرأسها نجل الرئيس المخلوع.
وجاءت مجاملته ليكون رئيسا لسلطة الطيران المدني بجانب عمله كطيار في شركة مصر للطيران، ففي اكتوبر 2010 تم الحاقه للعمل كطيار خاص لعائلة مبارك علي طائرة الرئاسة الايرباص 340 لأنه أهل للثقة من جانب أمين السياسات بجانب عمله بشركة مصر للطيران وسلطة الطيران المدني حتي أصبح يتقاضي ثلاثة رواتب شهرية في وقت واحد.
ويكفي القول بأن "الحفني" يعمل رئيساً للطيران المدني التي تقوم بتفتيشات السلامة علي شركات الطيران ومنها طبعاً مصر للطيران التي يعمل بها بالمخالفة للقوانين والاعراف المحلية والدولية.
مخالفات "الحفني" بالمستندات
وكشفت مستندات خطيرة تنفرد "الوفد الأسبوعي" بنشرها عن مخالفات صارخة ارتكبها الطيار سامح الحفني رئيس سلطة الطيران المدني خاصة بالموافقة علي اصدار اجازة طيار تجاري لطالب فرنسي الجنسية بالمخالفة للقانون واللوائح ونصوص التشريعات المصرية الخاصة بإجازات الطيارين والمحددة "في الفصل 61 الخاص باجازات الطيارين رقم 3/ 61 بند أ" والطيار اسمه "جوناثان بروجر مبراتو" وقد تم منحه رخصة طيار تجاري مصرية برقم 5508 بتاريخ 11-10-2010.
والغريب أن الموقع علي هذه الرخصة سامح محمد فوزي والمفترض توقيع سامح الحفني لأنها مختومة من سلطة الطيران المدني وقد يبدو أنه اعطاه التفويض باصدار هذه الرخصة، وهو يعلم جيداً مخالفتها لقانون التشريعات المصرية وقانون العمل رقم 12 لسنة 2003 بشأن تشغيل الاجانب.
والسؤال يطرح نفسه هنا عن سر حصول الفرنسي المحظوظ علي رخصة طيران مصرية ومخالفة رئيس سلطة الطيران المدني لكافة الاعراف واللوائح المصرية والأجنبية في الوقت الذي لايجد المئات من الطيارين المصريين أي رخصة عمل من مصر للطيران أو في شركات الطيران الخاصة لمصر الا بالواسطة أو من خلال دفع مبلغ باهظ مقدماً.
المستند الثاني من سلسلة مخالفات سامح الحفني تكمن خطورته لتعلقه بارواح الركاب وهو سماحه لهبوط اكبر طائر ة ركاب تجارية في العالم ايرباص "380" بمطار شرم الشيخ اثناء معرض "أفيكس" بالمخالفة لشروط السلامة والأمان خاصة أن منظمة الطيران العالمية ICAO اشترطت ألا يقل الحد الادني لعرض المهبط عن 60 متراً في حين أن ممرات مطار شرم الشيخ لا يتجاوز عرض المهبط فيها 45 متراً فقط.
وكذلك فإن مطار شرم الشيخ رقم تصنيف الرصيف أو الاسفلت الخاص به ضئيل وليست له القدرة علي التعامل مع الطائرات بهذا الحجم والوزن بمعني أن قدرة تحمل مدرج الهبوط الخاص بمطار شرم الشيخ لا يستوفي متطلبات منظمة الطيران العالمية والشركة المصنعة، وهذا ما دفع إحدي العاملات في الشركة المصرية للمطارات لإبداء رأيها بأن هبوط هذه النوعية من الطائرات علي مطار شرم الشيخ يهدد أمن وسلامة ركاب الطائرة والمطار نفسه وذلك في تقرير قدمته لرئيس سلطة الطيران المدني لتكون مكافأتها الفورية الاضطهاد ومضايقتها في العمل.
تعدت مخالفات رئيس سلطة الطيران المدني كل الحدود ليس فقط في مصر للطيران ولكن ايضا في احدي الشركات الخاصة التي منحها صلاحيات وامتيازات لا حدود لها ضارباً باللوائح والقوانين عرض الحائط، هذه الشركة هي نمسا للطيران التي يمتلكها المستثمر السعودي الشيخ صالح التركي والخاضعة لإشراف ورقابة سلطة الطيران المدني المصري.
وتؤكد المستندات أن هذه الشركة المحظوظة عملت تحت سمع وبصر سامح الحفني لأكثر من عام دون كبير طيارين ولا مدير عمليات جوية، وهو ما أكده الخطاب الذي أرسلته سلطة الطيران المدني ذاتها بتاريخ 2-6-2010 والموجه لشركة نسما للطيران والذي نص علي ما يلي:
"واستكمالاً لاجراءات توثيق الشركة طبقاً لمتطلبات تشريعات الطيران المدين المصري ECARS بغرض الحصول علي كفاءة التشكيل لممارسة النشاط المرخص له.. يرجي التفضل بالإحاطة بموافقة السلطة علي الاعتماد المبدئي للسيد الطيار سمير أبو شرخ غير مصري لشغل منصب مدير عمليات الشركة وكذلك السيد الطيار ياسر حسن مصطفي لشغل منصب كبير طيارين بالشركة وقد نبهت سلطة الطيران المدني علي ألا يقوم أي منهما بممارسة مهام مسئوليات المنصب المعتمد مبدئيا لشغله إلا بعد الحصول علي الاعتماد النهائي من السلطة لشغل المنصب لكل علي حدة وهو ما لم يحدث حتي الآن".
وهذا يعني أن رئيس سلطة الطيران المدني جامل شركة نسما في عدم سحب شهادة كفاءة التشغيل نظراً لعدم وجود كبير طيارين ومدير عمليات، وتكمن خطورة الموضوع في عدم وجود ادارة فنية "بنسما" لتسيير الرحلات والاشراف علي سلامة الطائرة والركاب وكذلك مساءلتها حين ارتكاب أخطاء او مخالفة طيران.
ليس ذلك فقط وإنما وافق سامح الحفني بتاريخ 13-3-2011 علي اعتبار اشرف لملوم نائب رئيس مجلس ادارة نسما للطيران والعضو المنتدب مشرفاً علي ادارة العمليات بالشركة مع عدم وجود كبير للطيارين ومدير للعمليات حتي يتم تدبير أحد الطيارين المستوفين رغم انه لا يحمل اجازة طيران ولا مهندس طيران وإنما حاصل علي بكالوريوس تجارة!
واشار مستند آخر الي التفتيش الذي تم في الفترة من 26-4-2011 الي 30-4-2011 بمعرفة مفتش السلامة الجوية بسلطة الطيران المدني بغرض تجديد شهادة كفاءة تشغيل الشركة الممنوحة لها من سلطة الطيران المدني برقم 70 والذي ينتهي سريانها في 14-7-2011 حيث أغفل تفتيش سلطة الطيران المدني علي شركة نسما عن عمد بأن الشركة تقوم بتسيير رحلات جوية دون وجود كبير طيارين ومدير عمليات بالشركة ولكن اشارت فقط الي أن مدير السلامة بالشركة معتمد فقط اعتماداً مبدئيا.
وتجري تحقيقات موسعة في وزارة الطيران مع كبير الطيارين بشركة نسما ياسر حسن السيد مصطفي وذلك لتعسفه في استخدام سلطته ضد الطيارين الذين يعملون بالشركة، وذلك بالحاقه الضرر العمد ببعض الطيارين منهم الطيار علي احمد محمد لقيامه بعدم منحه ما يفيد بنتيجة الاختبار الدوري "P.C" وذلك منذ تاريخ 12-2-2011 وحتي الآن وكذا منع من الطيران بشركة نسما للطيران منذ نوفمبر 2010 ونتيجة عدم اعطائه نتيجة امتحان الـ "P.C" أدي الي سقوط سريان اجازة الطيران الخاصة به.
وتشير شكاوي الطيارين الي تفاخر كبير الطيارين بشركة نسما "ياسر حسن السيد" بعلاقة الصداقة المتينة بينه ورئيس سلطة الطيران المدني سامح الحفني.
وقد تعددت البلاغات من الطيارين ضد شركة نسما بسبب سوء معاملة الطيارين واهدار حقوقهم وسوء الادارة التي ادت الي رحيل اكثر من عشرة طيارين.
ويذكر ان اشرف لملوم قام بتخفيض مرتبات الطيارين بالشركة في بعض الشهور الي النصف بعد الثورة رغم عمل الشركة بشكل منتظم ودون انقطاع وكذلك لم تقم الشركة بالتأمين علي الطيارين لفترة تزيد علي ستة أشهر بعد توقيع العقود مع الطيارين بالمخالفة للقانون.
ومن جهة اخري قام بعض الطيارين بتحرير محاضر في شرطة النزهة الجديدة ضد الشركة تحت ارقام 9 أحوال بتاريخ 18-4-2011 والمحضر رقم 19 في 11-4-2011 والمحضر رقم 653 صادر قسم النزهة بتاريخ 4-4-2011 ضد اشرف لملوم مدير عام الشركة وذلك لقيامه بمنع الطيار علي أحمد محمد من دخول الشركة وممارسة عمله مجاملة لكبير الطيارين ياسر حسن السيد وامتناع اشرف لملوم عن اعطائه الراتب الشهري وتم تحويل المحاضر للتداول في ساحة المحكمة العمالية بشمال القاهرة برقم 1092 لسنة 2011.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية أسرار عزبة شفيق وجمال في الطيران