على «الفيس بوك» ينتشر مقطع فيديو بسيط بعنوان «يعنى إيه ترقيع الدستور؟»، لتظهر على الشاشة فتاة مش ولابد، يصحبها صوت يقول: «يعنى تبقى واحدة طول عمرها دايرة على حل شعرها»، ثم تظهر نفس الفتاة بفستان الفرح ومن خلفها عريس يصحبهما صوت يقول: «وبعملية بسيطة النهاردة عاوزين يجوزوهالك.. بتهيألى إنت تستحق أحسن من كده؟!.. قول لأ لتعديل الدستور».
رأى صناع هذا الفيديو واضح طبعا، بل وربما يكون أوضح وأوقح مما تتوقع، ولكنه فى النهاية يعبر عن قطاع عريض من أهل النخبة وشباب الثورة على وجه التحديد، وبناء على ما فعله استفتاء 19 مارس الشهير بالمصريين يكون هؤلاء هم أصحاب «لا»، أما أصحاب «نعم» فهم يرون أن الانتخابات أولا تأتى بالاستقرار وتدفع عجلة البلد للدوران.
أصحاب «نعم» الشهيرة يرون المطالبين بالدستور أولا وحملتهم نوعا من الخيانة وعدم احترام رأى الأغلبية الذى ظهر واضحا وجليا فى نتيجة الاستفتاء، ولا أعلم منذ متى أصبحت نتائج الاستفتاءات أو الانتخابات أداة لقمع الخاسر وإلزامه بالخرس والصمت.
ستقول: إن التعديلات التى أقرتها نتيجة الاستفتاء بها بند خاص بتغيير الدستور بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، وهذا يكفى لكى نسمع كلام أصحاب «نعم» ونصمت ونخلص، ولهذا دعنى أخبرك بالمشهد من أوله.
التعديلات التى تمت الموافقة عليها تعنى أن مصر مازالت تسبح فى بحر دستور 71 بكل أمواجه، وأى قراءة متأنية لنص التعديل الدستورى الخاص بتشكيل هيئة تأسيسية لصياغة دستور جديد بعد الانتخابات، ستكشف أن الدستور الجديد سيتم تفصيله على يد ترزى أو مجموعة من الترزية يتوافق عليهم الرئيس والبرلمان الجديدين، والانتخابات السريعة القادمة لا تضمن لنا كفاءة الواصلين للمقاعد البرلمانية بعد.
ستقول: إن البرلمان والرئيس القادم لن يفعلوا ذلك لأن شرعية ثورة 25 يناير أصبحت أقوى من الجميع وإن ميدان التحرير موجود، وستقول إن أغلب المرشحين لديهم رؤى ديمقراطية وتنطلق على ألسنتهم تصريحات رائعة لمستقبل ديمقراطى مشرق.. وكلامك السابق ياعزيزى يشعرنى بحسن نواياك، ولكن للأسف هذا ليس زمن النوايا الحسنة، وللأسف هذا الشعب متمرس فى مسألة حسن النوايا ويدفع دائما ثمنها غاليا، ففى عام 1971 وعد السادات بأنه لن يبقى فى الرئاسة أكثر من مدتين، ونام الشعب فى حضن نواياه الحسنة حتى طغى السادات لدرجة أنه فكر فى اعتقال مصر بأكملها، وفى 1981 قالوا: إن مبارك طيب وروتينى وموظف بسيط يسمع بإنصات ووعد بمحاربة الفساد وعدم تمديد فترة رئاسته عن مدتين، ونام الشعب فى حضن نواياه الحسنة مرة أخرى حتى طغى مبارك ولزق فى الكرسى لمدة 30 عاما ولم يخرج إلا بدم أكثر من 500 شهيد. هل رأيت ما الذى يفعله تأجيل عمل اليوم إلى الغد؟ هل رأيت نتيجة النوم فى حضن النوايا الحسنة؟ الأمر بسيط ياصديقى وملخصه يقول دستور جديد فى اليد خير من ألف وعد بدستور أجدد منه فى المستقبل، وبشكل أكثر بساطة وتلخيصا وبالبلدى كده يبقى اللى اتلسع من مبارك والسادات ينفخ فى أى رئيس قادم حتى لو كان قد شارك فى مظاهرات 25 يناير لمدة خمس دقائق!