خطبة 4 مايو
" الفعل " و" العمل " فى القرءآن الكريم
لكل لفظ أو حرف أداة من الأدوات التى جاء بها القرءآن، طابع فريد فى موضعها الصحيح من الآية لا يشترك معها طابع آخر مهما تقارب بينهما أوجه الشبه. من هذه الكلمات التى من العسير استبدالها - كمثال والقرءآن ملئ من هذا – كلمة " الفعل " و" العمل ". يستخدم كاتبوا اللغة العربية لفظ الفعل ومشتقاته ولفظ العمل ومشتقاته ويعتبرواأن أحد هذين اللفظين مرادفا للآخر.
" أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرا " النساء: 82
فلنبدء أولا بلفظ الفعل:
نلاحظ ان فى التدبر لآيات القرءآن نجد ان فى جميع ءاياته استخدم لفظ " الفعل " فيما يتعلق بحق اللـــه وفيما يتعلق بالانسان وفى آيتينيتعلق بالملائكة.. إن هذه المواضع جميعها تشير إلى نفس الاتجاه والمفهوم ولا يشذ واحد منها على الاطلاق.
فهناك فعل اللـــه – فعل الانسان – وفعل الملائكة.
فعل اللـــه:
يتكرر لفظ الفعل ومشتقاته فى القرءآن فيما يتعلق بحق اللـــه تعالى الذى ينزل الضرر المادى على المجرمين.
ألم تر كيف فعل ربك بعاد "
وفى سورة الأنبياء قال سبحانه:
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ {16} لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ{17} بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ{18
وفى سورة الحج: 18 " وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء {18}
أى ان اللـــه يوجب العذاب على من يريد ان يحط من قدرالله، وهذا إنزال الضرر المادى.
فعل الانسان:
مما سبق يتبين أن لفظ "الفعل"يعبر عن الحاق ضرر مادى بالغير تظهر آثاره دون أن يلحق بالمحدث أى ضرر كما هو الحال بشأن اللـــه.
أما بشأن الانسانفإن لفظ الفعل يعبر عن إلحاق ضرر مادى تظهر آثاره بغض النظر عما سيلحق المحدث ضررا أم لا وسواءا كان بطريقة مباشرة أم غير مباشرة.
ومن أمثلة استخدام لفظ الفعل فيما يتعلق بالانسان:
فى سورة يوسف " قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ{10
وفى سورة البقرة " وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ " 2:231
فعل الملائكة:
الملائكة ايضا يفعلون، ينزلون الضرر المادى بأمر اللـــه على من يشاء من عباده. ولقد ورد لفظ يفعلون فيما يتعلق بالملائكة مرتين فى القرءآن الكريم.
1- وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50) (سورة النحل 49 - 50
2- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " التحريم 66:6
ثانيا:لفظ العمل:
فهناك عمل اللـــه – عمل الانسان – عمل الملائكة – عمل الشيطان
مما سبق وضح لنا أن لفظ الفعل معناه هو إحداث الضرر المادى بالغير، ولم يلحق به صفة، أما لفظ العمل ومشتقاته يلحقه صفة لتبين ما إذا كان حسنا أو سيئا.
عمل اللـــه:
لم يرد لفظ العمل أو مشتقاته فيما يتعلق بحق اللـــه فى القرءآن غير مرة واحدة بلفظ " عَمِلَتْ "فى سورة يس 71
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ"
الإنسان: عمل
حسن أوسيئ
قال تعالى فى سورة الأحقاف 15-16: " قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْأَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ ..... أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا"
وفى سورة فاطر آية 36-37
" وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ....وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ.... "
عمل الملائكة:
ذكر لفظ العمل أو مشتقاته فى القرءآن الكريم مرة واحدة فيما تعلق بالملائكة فى سورة الأنبياء:26و27
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ {26} لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ" 27
عمل الشيطان:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْعَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {5:90}
الخلاصة:
أن لفظ الفعل يعبر عن الحاق ضرر مادى بالغير، أما لفظ العمل أو مشتقاته يلحقه وصف هذا العمل سيئا أم حسنا.
صدق الله العظيم...