لطائف قرآنية ونظرات تحليلية (23 / 14 )
اللمس والمس
المس :
هو حالة وجدانية شعورية، وهو نوع من أنواع التواصل غير المرئية، وغير المنظورة، وغالبا ما تكون قبل اللمس، أو هي حالة تقترب من اللمس أو هي تكاد أن تكون لمسا لكنه غير مباشر، وهو أيضا يمكن أن يكون تبادل أو تداخل طيفي موجي، أو هو إلتقاء الود، من تأثير البث العاطفي بين المتحابين.
لمس : إلتقاء مباشر لجارحة بشئ له هيئة وجرم مادي، أو هي حركة من الجوارح، نهايتها إلتقاء جلود الأجسام ببعضها ( التدليك، التسليم بالأيدي)، أي أنها صِلَة مبَاشِرة .
لامس : وفيها المفاعلة والإستمرارية والإصرار والمواصلة، ويكون من جراءها إنفعال من نوع ما، أي أنها صِلَة مبَاشِرة للمباشَرة.
لا يمسه إلا المطهرون :
056079 { إِنَّهُۥ لَقُرۡءَانٞ كَرِيمٞ (٧٧) فِي كِتَٰبٖ مَّكۡنُونٖ (٧٨) لَّا يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (٨٠) } الواقعة
وأحسب أن المقصود هنا في هذا المقام من عدم المس لا ينصرف بالطبع إلينا نحن البشر، ولا إلى ما نتداوله من مصاحف ورقية فمن المحتمل الجائز أن يمسك بأحد نسخه ممن هم ليسوا على طهارة رجالا كانوا أم نساء، فنحن متطهرون أي يمكن لنا أن نكون على غير طهارة ثم نتطهر بعدها بالاغتسال أو بالتيمم، ولو كنا ذهبنا إلى ذاك المعنى لكان ذلك قدحا في مصداقية القرآن وطعنا فيها - هذا مع تحسب المسلمين وحرصهم على طهارتهم حين الإمساك بالمصحف أو تناوله - لذلك نقول وبالله التوفيق أن الكتاب المكنون المشار إليه في الآية الكريمة هو ذلك القرآن المستور في بعضية من اللوح المحفوظ، ونحن بعلمنا المحدود لا نعلم له مكانا ولا كيفية كتابة ولا طريقة حفظ، هذا الكتاب في لوحه المحفوظ قد وكل به ملائكة مطهرون من الله فهم دوما علي طهر، هؤلاء الملائكة هم فقط ودون خلق الله جميعا المسموح لهم بذلك الاقتراب وذاك المس .
ونظرا لأن الوصف قد جاء بالمس، ولم يأت باللمس، فقد يكون في ذلك إشارة إلى طبيعة تخزين المعلومات في اللوح المحفوظ وكذا أسلوب إسترجاعها، وأن ذلك يتم بأسلوب موجي أو هو نوع من أنواع تحول الطاقة،أو تكون بالحث الكهربائي ) ( Induction، أو بالفيض المغناطيسي ( Magnetic Flux )
ومما يؤيد ما ذهبنا إليه من كون التعامل مع اللوح المحفوظ لا يتم إلا بواسطة ملائكة علييون مطهرون ومخصصون فقط للتعامل مع الكتاب المكنون، فهو قـَصْرٌ عليهم وحدهم
الآيات الآتية :
أولا : أن هناك طبقة مميزة من الملائكة " مِنَ ٱلۡعَالِينَ " أشار إليها الحق في الآية
038075 { قَالَ يَٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ )٧٥(
}ص
ثانيا :ومن سورة المطففين نعلم أن أسلوب تسجيل الأعمال في كتب المحاسبة هو أسلوب رقمي
083009 { كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٖ (٧) وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا سِجِّينٞ (٨) كِتَٰبٞ مَّرۡقُومٞ (٩) }
083019 {كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩) كِتَٰبٞ مَّرۡقُومٞ (٢٠) }
المطففين
ثالثا : إذا أقررنا أن اللوح المحفوظ يحتوى كتب الله جميعا وصحفه، وكذلك يحتوي على المقدر له الحدوث من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة، وهذا كله مسجل بأسلوب رقمي، فإنه توجد ثمة إشارة لتحول وترجمة أسلوب التسجيل من الطبيعة الرقمية إلى طبيعة لغة الرسول المنزل إليه كتابه، وفي حالتنا نحن المسلمون هي اللغة العربية، هذا التحول يشار إليه بالجعل
043003 { حمٓ (١) وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (٣) } الزخرف
على أن نلاحظ أن كلمة " قُرۡءَٰنًا " ليس بها حرف الألف الوسطى، وقد وردت على هذا النحو مرتين فقط، في حين أنها وردت بالألف الوسطى (68) مرة، وهذا للإشارة إلى تنزله مفرقا منجما، أما في الحالتين، حالة سورة الزخرف وحالة سورة يوسف ففيهما إشارة إلى جعله ككل، وإنزاله ككل " قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا " وعربيا هنا تعني أنه تنزل كاملا صحيحا وليس به أي نقص.
012003 { الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ (١) إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (٢) } يوسف
والله جلَّ في علاه، أعلا وأعلم،،،
مهندس / محمد ع. ع. خليفة
الأربعاء 14 مارس 2018
الموافق 26 جماد ثاني 1439 هـ