أهل الذكر
جاءنى هذا السؤال : ( لمادا يفسر اهل الذكر على انهم اهل العلم وكل فريق يدعي انه هو اهل الذكر رغم ان السياق في القرآن يدل على انهم من لديهم اخبار من قبلنا او العارفون لتاريخ واخبار الامم التي اهلكها الله .(ذكر من قبلكم..)وغيرها من الايات ) . وأقول :
أولا : معنى ( الذكر )
من معانيه الكتاب الإلهى الذى نزل على كل الأنبياء .
1 ـ أنزل الله جل وعلا على النبى صالح كتابا ، موصوفا بالذكر . كذب به قومه ثمود حسدا أن ينزل عليه الذكر من بينهم فاتهموه بالكذب ، قال جل وعلا : ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) القمر )
2 ـ هو نفس موقف قريش من نزول القرآن الكريم ، حسدوا النبى محمدا لأن ( الذكر ) أُنزل عليه من بينهم ، قالوا : (أَؤُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8) ص )
3 ـ يوم الحشر سيسأل الله جل وعلا الالهة البشرية التى عبدها المشركون ، يقول لهم : (أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) الفرقان ) سيتبرأون ممّن كان يعبدهم ، يقولون إنهم نسوا الكتاب الإلهى ( الذكر ) : ( قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً (18) الفرقان )
4 ـ وفى يوم القيامة سيندم الظالمون المشركون ، يتمنى أحدهم لو كان قد إتخذ سبيلا مع الرسول ، ويتحسّر على انه إتخذ خليلا أضله عن ( الذكر ) أى الكتاب الالهى الذى نزل على كل الأنبياء ، قال جل وعلا : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً (29) ويومها سيتبرأ الرسول ممّن إتّخذ القرآن مهجورا : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30)) يقول جل وعلا بعدها عن أعداء الأنبياء فى كل عصر :( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً (31) الفرقان )
ثانيا : وصف القرآن الكريم بالذكر: تكرر وصف القرآن الكريم ب ( الذكر )
1 ـ قال جل وعلا عنه : ( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) ص )
2 ـ وقال جل وعلا عن تنزيله وحفظه : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) الحجر )
3 ـ وقال جل وعلا عن تلاوته على الرسول وحيا : ( ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنْ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) آل عمران )
4 ـ وقال جل وعلا للنبى أن يستمسك بالذى اوحاه الله وعلا اليه من الذكر ، وأنه ذكر له ولقومه وسوف يُسألون عنه يوم القيامة : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) الزخرف )
5 ـ وإرتبط كفر القرشيين بالقرآن بوصفهم إياه بالذكر .
5 / 1 : بسببه وصفوا أعظم بشر رأوه بأنه مجنون : ( وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) الحجر ) وجاء الرد عليهم : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) الحجر )
5 / 2 : وكانوا ينظرون اليه بكراهية هائلة حين يتلو عليهم ( الذكر ) يصفونه بالجنون ، قال جل وعلا : ( وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52) القلم )
5 / 3 : وقال جل وعلا عن كفرهم ب ( الذكر ) مدافعا عن القرآن الكريم : ( إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت )
5 / 4 : لذا كان واضحا أنه لا فائدة من هدايتهم . قال جل وعلا لخاتم النبيين : (وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (10) يس ) بعد أن تم إبلاغهم تمت الحُجّة عليهم ، بعدها يقتصر دوره على إنذار من يتبع ( الذكر ) ، قال جل وعلا بعدها : ( إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11) يس ) . وقال له ربه جل وعلا أيضا الا يشقى نفسه معهم ، عليه فقط إنذار من يخشى : (طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِالْعُلا (4) طه )
ثالثا : سؤال أهل الذكر
1 ـ ( الذكر ) أى القرآن الكريم هو خاتم الكتب الإلهية . كان علماء اهل الكتاب يعرفون قُرب نزول الكتاب الالهى الخاتم ، ومنهم من كان يكتم هذا الحق . قال جل وعلا : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) البقرة )، وقال جل وعلا : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) الانعام ).
2 ـ بعضهم هاجر الى يثرب إنتظارا لهجرة خاتم النبيين اليها ، وكان بعضهم يستفتح على كفار يثرب وقتها بأنهم سيتبعون النبى القادم . فلما جاء النبى القادم وهاجر الى يثرب كفر بغيا وحسدا . قال جل وعلا : ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِعَلَى الْكَافِرِينَ (89) البقرة ) قال جل وعلا عن إختيارهم السىء : ( بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) البقرة ). ولكن كان لهذا أثر إيجابى ، إذ أن بعض سكان يثرب آمنوا بالرسول النبى الخاتم قبل مبعثه . وصف الله جل وعلا الأنصار المؤمنين المخلصين أنهم تبوءوا الدار ( المدينة ) والايمان قبل المهاجرين ، فلما هاجر اليهم المهاجرون أحبوهم وآثروهم على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (9) الحشر).
3 ـ على أن أهل الكتاب العارفين بالقرآن قبل نزول القرآن كانوا قريبين من مكة وقريش قبل الهجرة . وفى السور المكية جاءت الاشارة الى إيمان بعضهم ، وكان إيمانهم حّجّة على كفار قريش ، قال جل وعلا لهم : (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109) الاسراء ). وإتخذ رب العزة من علم ( علماء ) بنى اسرائيل بالقرآن حجة على القرشيين ، قال جل وعلا عن القرآن الكريم : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) الشعراء ) . واضح هنا أن ( علماء بنى اسرائيل ) هم ( اهل الذكر )
4 ـ فى هذا السياق قال جل وعلا لكفار العرب أن يسألوا ( أهل الذكر )، وقد تكرر هذا مرتين فى القرآن الكريم .
4 / 1 : قال جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (7) الأنبياء ) . أى أن يسألوا أهل الذكر عن الأنبياء السابقين ، ولم يكونوا ملائكة ، بل رجالا أوحى الله جل وعلا اليهم الذكر .
4 / 2 : وقال جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (43) النحل ) ، بعدها قال جل وعلا : ( بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) النحل ). أى أنزل الله جل وعلا على الأنبياء السابقين البينات والزبر . وأنزل الله جل وعلا القرآن ( الذكر ) ليبين للناس ما سبق أن أُنزل اليهم من الكتب السماوية السابقة .
5 ـ وحتى لا يتطرّق الشك الى النبى فقد قال الله جل وعلا له أن يسأل أهل الذكر من أهل الكتاب :( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ (94) يونس ).
رابعا : العلماء فى كتاب الله هم أهل الذكر :
يأتى وصفهم بالعلماء والذين أوتوا العلم ، والراسخين فى العلم . وفى كل الأحوال هم يجمعون بين العلم والإيمان . ونعطى بعض التفصيلات :
1 ـ هم المؤمنون العالمون ( بكسر اللام ) . قال جل وعلا عن المثل الذى ضربه لأنثى العنكبوت : ( وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ (43) العنكبوت ) ، وهم العلماء الذين يجمعون بين العلم والايمان . بعد ذكر أنواع الجبال ِقال جل وعلا : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاؤُ ) فاطر 28 )
2 ـ وهم ( أولو العلم .) الذين يقولون بالشهادة الواحدة ( لا إله إلا الله ) ، لا يضعون معها شهادة أخرى لبشر . قال جل وعلا : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) آل عمران ). هذا هو التشهد الحقيقى ,
3 ـ وهم ( الراسخون فى العلم )
3 / 1 : من أهل الكتاب الذين يؤمنون بالقرآن وبما سبقه من الكتب ، قال جل وعلا ( لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (162) النساء ).
3 / 2 : وعن الراسخين فى العلم بالقرآن قال جل وعلا : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (7) آل عمران ) ، أى هم عكس أئمة المحمديين الذين ينتقون من الآيات ما يعزز أهواءهم .
4 ـ وهم الذين ( أوتو العلم )
4 / 1 : الذين يتصدون للأحاديث الشيطانية التى تناقض الكتاب الالهى فى تاريخ الأنبياء . كل نبى أرسله الله جل وعلا بالكتاب الالهى، ويتمنى ذلك النبى أن يؤمن به قومه جميعا ، ولكن يتدخل الشيطان بوحيه الكاذب فيشيع عن طريق شياطين الانس والجن أحاديث ضالة . ويسمح الله جل وعلا ب ( نسخ ) أو كتابة هذا الوحى الشيطانى ليكون للناس حرية الاختيار بين الحق والباطل . الذين أوتو العلم يعلمون الحق ، أما الذين فى قلوبهم مرض فتكون أحاديث الشيطان فتنة لهم . قال جل وعلا عن كل الأنبياء : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) الحج )
4 / 2 ـ وهم من أهل الكتاب .
4 / 2 / 1 : ورد ذكر بعضهم فى قصة قارون : (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ (80) القصص ).
4 / 2 / 2 : ومنهم من أهل الكتاب فى عهد خاتم النبيين عليهم السلام الذين يؤمنون بالقرآن وما سبقه من كتب إلاهية ، قال جل وعلا : ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (49) العنكبوت )
4 / 3 : وكان منهم بعض الصحابة .
4 /3 / 1 : منهم من وقف ضد الذين كانوا يسعون فى آيات القرآن الكريم معاجزين ، قال جل وعلا عنهم : ( وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) سبأ )
4 /3 / 2 : بعض المنافقين المستهزئين بالقرآن الكريم كانوا يستمعون اليه من النبى عليه السلام ثم يخرجون يسألون الذين أوتو العلم مستهزئين ، قال جل وعلا : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) محمد )
4 / 3 / 3 : قال جل وعلا يرفعهم بعلمهم وإيمانهم : ( يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) المجادلة )
5 ـ يوم القيامة :
5 / 1 : عند قيام الساعة والبعث يُفاجأ المجرمون فيقسمون أنهم ما لبثوا غير ساعة . ويرد عليهم الذين أوتوا العلم والايمان بالحقيقة . قال جل وعلا : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) الروم )
5 / 2 : عند سؤال رب العزة جل وعلا للمشركين عن آلهتهم التى كانوا يدافعون عنها ، ويرد ألذين أوتوا العلم بأن الخزى اليوم على الكافرين ، قال جل وعلا : ( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) النحل ).
ندعو الله جل وعلا ان يجعلنا من الأشهاد على قومنا يوم القيامة .!