الرسول الأُمَي لا تعني الجاهل للقراءة والكتابة
الرسول الأُمَي لا تعني الجاهل للقراءة والكتابة

أنيس محمد صالح في الأربعاء ٢٥ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين على أمور دنيانا والدين .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له... والصلاة والسلام على والدينا وعلى جميع الأنبياء والمُرسلين... وبعد

 

سيدنا محمد ... الرسول والنبي الأُمي (الاُُممى – رسول الأُمم)


فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) النحل
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا (45) الإسراء


لقد بحثت في القرآن الكريم محاولا إيجاد ما تم تعليمه لنا منذ الصغر، من خلال شيوخنا الأفاضل من أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون!!! ما يبين أن رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) كان جاهلا ولا يعلم القراءة والكتابة في تفسيرهم لمعنى كلمة (أُمي)... وعندما سألت البعض منهم عن كيفية أن يكون الرسول جاهلا لا يفقه القراءة والكتابة وهو يعلًم الناس رسالة توحيدية سماوية؟؟؟ أساس عقيدتها وفقهها يقوم على العلوم (علوم الله جل جلاله في السماوات والأرض, وفي خلق الإنسان)؟؟؟ والبحث والتفكر والبلاغة والحُجة والتعقُل والتذكر والتدبُر؟؟؟ وكل ذلك لا يتأتى أبدا إلا بالقلم وبالقراءة والكتابة؟؟؟ وفي نفسي سؤال:
(كيف يكون الجهل بالقراءة والكتابة مُعجزة؟؟؟)
لقوله تعالى:
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ {1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ {2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ {3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ {4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ {5} العلق

وعند البحث والتقصي وجدت أن الجميع لم يستطع أن يأتي لي بآية واحدة تُعرف الرسول الأمي ومعناها يبيَن بأنه كان جاهلا لا يقرأ ولا يكتب !!! بل هو إجتهاد ترجمي تفسيري بشري !!! يفتقر إلى المصداقية ؟؟؟ ومن أبشع وأسفه الصفات أن يوصف إنسان بالجهل في القراءة والكتابة فما بال هذا الوصف البشع في حق رُسُل الله أولي العلم وأولي العزم من الرسُل ؟؟؟ وتيقنت بعد التقصي والبحث إنها كلها تصب في إطار محاربة الله جل جلاله ورسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) وتحريف الكلم عن مواضعه في تفسير معنى كلمة (أُمي) من القرآن الكريم!!!

فإذا في البعض من المفسرين الجاهلين المدعين من أئمة أشد الكُفر والنفاق من يقول بأن هذه إحدى المعجزات !!! التي أنزلت على سيدنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) بأن يكونُ جاهلا للقراءة والكتابة , وأستمر يبلغها وبلسانه لثلاثة وعشرين عاما تقريبا يعلم الناس دين الإسلام والتوحيد من الكتاب (القرآن الكريم)!!! وهو جاهل للقراءة والكتابة!!! بأنها معجزة!!!

ووجدت أن هذا المبرر والتفسير الضعيفين ما هما إلا إساءة جديدة إلى الإسلام القائم على العلوم والمعارف والفكر والبلاغة والمنطق وإلإيمان والحكمة والتي لا تتأتى إلا بالقلم !!! وأوامر الله القائمة على الطاعات وإطاعة الرُسُل والأنبياء (صلوات الله عليهم) بالقناعات والأسباب... وهم أولو العلم وأولو العزم من الرُسُل والأنبياء، وأن يكونوا لنا قدوة واُسوة حسنة !!!
لقوله تعالى:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {21} الأحزاب
... فكيف يكون هذا؟؟؟ ونحن جهلة لا نقرأ ولا نكتب الكتاب.. بالقلم؟؟؟
وقوله تعالى:
من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا {80} النساء
ولقول الله تعالى واصفا في الآية الكريمة ومشيرا الى نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم):
قوله تعالى:
ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ {1} مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ {2} وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ {3} وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ {4} القلم
وقوله تعالى:
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ {28} فاطر


فالأخلاق الحميدة والعظيمة والتي وصف الله بها رسوله ونبيه الصادق الأمين محمد (صلى الله عليه وسلم).. هي دلالات على أنه كان متميزا عن غيره علما وأمانة وصدقا... وهذه من الصفات التي تجعل الإنسان ذا أخلاق عظيمة... ويؤكد الله جل جلاله في الآية الأخرى (فاطر 28) ما يفيد من إن العلماء هم من الذين يخافون ويخشون ربهم لما يتبين لهم من الحقائق العلمية والأسباب ما يؤكد لهم حقيقة عظمة الله وانه على كل شيء قدير، وبكل شئ مُحيط وهو بكل شئ عليم, وتفيد بالعلم ما لا يدع مجالا للشك إلى علم الخالق جل جلاله الذي وسع كل شيء علما... وهي علوم الله تعالى في السموات والأرض ليتفكر بها الإنسان ويتدبر.
لقوله تعالى:
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {53} فصلت
وقوله تعالى:
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {2} الجمعة

وهو ما يؤكد صراحة وبوضوح أن الرسول والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كان أفضل قومه علما وأدبا وأخلاقا وصدقا وأمانة.. حتى من قبل أن تتنزل عليه رسالة ربه الأعلى.. ومن يقول غير ذلك فهو مخطئ حتما...
وفي الآية أعلاه ( الجمعة 2 )، والله جل جلاله بعث في الأميين (أمم الإنس جميعهم) رسولا منهم يتلو عليهم آيات الله ذي الجلال والإكرام!!! ويزكيهم!!! ويعلمهم الكتاب والحكمة!!! وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين!!!
ولقوله تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {43}
بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {44} النحل
وقوله تعالى:
وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {48} آل عمران
وقوله تعالى:
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ {151} البقرة

وقد يسر الله جل جلاله قبل نزول القرآن الكريم جميع أسباب التعلُم والفهم لعلوم البلاغة والشعر والأدب الرفيع، ليتمكن الناس من إستيعاب رسالته السماوية، والتي تتسم ببلاغة تفوق قدرة البشر جميعا، وقد عاصر سيدنا ورسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم) تلكم المراحل.. والتي تتطلب إمكانات علمية وبلاغية ولغوية هائلة... ولإستيعاب ومواكبة كل التحديات التي تطلبها نشر وتبليغ تلك الرسالة السماوية (رسالة ربه الأعلى – كتاب الله جل جلاله)، بالإضافة إلى ذلك نزول الوحي إليه سيدنا جبريل (عليه السلام) حينا... وإنقطاعه عنه لأيام.. حينا آخر.

ويرجع بعض المفسرين والعالمين كما يدَعون... بأن هذه المعجزة التي نزلت على رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) كونه جاهلا لا يعلم القراءة والكتابة !!! وأنه قد بلَغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد بالله حق جهاده وهو جاهل لعلوم اللغة والقراءة والكتابة!!! كونها معجزة!!! وهذا التفسير هو بشري وإجتهاد شخصي لا يمت إلى كتاب الله جل جلاله بصلة!!!

إن كل تلك الإدعاءات والإفتراءات بأن رسول الأمم من الجن والإنس كان جاهلا للقرآءة والكتابة هي إدعاءات وإفتراءات باطلتين... وهي حتى لا ترتقي إلى مستوى المجادلة فيها!!!
لإننى لم أجد من خلال مصدر كل التشريعات والفقه والدساتير والعلوم (القرآن الكريم) الدليل أو الإثبات (ولو دليل أو إثبات واحد) ما يبرهن على صحة كل تلك الإفتراءات.. ما يؤكد بطلان هذا الإدعاء.

وبالنظر والتمعن بالسيرة النبوية ... وجدت الكثير والكثير ما يفوق كونه جاهلا لا يفقه القراءة والكتابة، فقد كان الرسول والنبي سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) معلما للصحابة ومبشرا ونذيرا وعالما بفنون الحرب وتكتيكات القتال... وكان في نفس الوقت طبيبا معالجا لجميع أنواع الأمراض والأسقام... وكان مطلعا بعلمه وما يوحى إليه بأسرار كثيرة ظلت معجزات له يتداولها الناس حتى يومنا هذا...
ومبدأ أن يكون جاهلا بعلوم القراءة والكتابة... بموجب ما تم تعليمنا إياه منذ الصغر من خلال بعض الجاهلين... هو في رأيي لا أساس له من الصحة... بل من الإساءة والبلادة والتجهيل... وتصب في إطار محاربة الله والرسول والذي لم يقتصر على تجهيله فقط، بل أدعوا كذلك باطلا ( أثناء تبليغه للرسالة السماوية- وهو حي يُرزق- ) أدعوا بإنه كان شاعرا وساحرا وكاهنا وكاذبا ومجنونا,!!! وهو الرسول والنبي المبعوث لكل الامم (أممي) وهو القدوة والأسوة الحسنة لنا... ليبلغ رسالة ربه، القائمة على العلم بالقلم والإضطلاع والأسباب والمعارف.. (علمه الله بالقلم.. علمه ما لم يعلم).
لقوله تعالى:
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً {30} الفرقان

إن المهمة في توصيل رسالة ربه التوحيدية السماوية، هي مهمة ليست هينة (كما يستهين بها البعض) فهي رسالة سماوية أساسها يقوم على الأسباب والعلم والحُجة مع علماء آخرين سبقوه برسالات توحيدية سماوية قبل نزول القرآن الكريم بقرون عديدة ( كالتوراة والزبور والإنجيل)، وهو يجادلهم الحُجة بالحُجة.. وبالأسباب العلمية والتي تدحض إفتراءات وأباطيل ممن قاوموا وأنكروا وكفروا بالرسالة المنزلة إليه من ربه (القرآن الكريم), بحيث يستحيل أن يحدث كل ذلك وهو جاهل للقراءة والكتابة... ويكون لنا قدوة وأسوة حسنة!!! وما لم يكن خير قومه علما ولغة وبلاغة وخلقا وصدقا وأمانة.. ولما وثق به كثيرٌ من الناس ومن أصحابه وصدقوه وجاهدوا في الله حق جهاده ولنصرة دينه...
لقوله تعالى:
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً {49} الكهف

بحيث لا يمكن إغفال ان رسالة الإسلام التي اُنزلت على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قد جاءت كآخر الرسالات التوحيدية السماوية!!! وقد سبقتها رسالات توحيدية سماوية (كالتوراة والإنجيل والزبور) ولهم علماؤهم (من الأحبار والقسيسين والرُهبان – علماء اليهود والنصارى) ليحاججوا بها، ومنهم من يؤمن بالغيب ورسالة الله التوحيدية السماوية (الراسخون بالعلم)، ومنهم من ينكر ويكفر ويكذب... كحال الرسالات السماوية القائمة على الإيمان والغيب!!!
لقوله تعالى:
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {3} مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ {4} آل عمران

وواضح تماما بأن سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قد أصطدم كثيرا بالمبطلين والمرتابين والذين كفروا من زُعماء وسادة وكُفار قُريش برسالة الله جل جلاله إليه، حينما جاء القرآن الكريم ليأمرهم لتوحيد وعبادة الله والإستعانة والتوكل على الله جل جلاله, وليتركوا عبادة الأصنام ولتقربهم إلى الله زُلفا !!! ولم يكن الله ليصطفيه على العالمين برسالة سماوية بهذه العلوم العظيمة الإعجازية وعلوم البلاغة... ما تؤكد عدم قدرة البشر ولو أجتمعوا ليأتوا بسورة من مثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا... ويكون سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) أسوة وعبرة حسنة لنا...
لقوله تعالى:
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً {88} الإسراء

وتظهر المعجزه والتمَيز في كونه الرسول النبي الوحيد بين جميع الرُسُل والأنبياء الذي اُرسل اُميا (اُمميا) لجميع الأمم من الجن والإنس.. واُرسل كافة للناس بشيرا ونذيرا... (وهذه معجزة الله إليه).
لقوله تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ {107} قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ {108} الأنبياء
(والعالمين .. هم جميع الأمم من الجن والإنس في السماوات والأرض) كما جاء في الآية أعلاه (107).

ومن يتدبر في السيرة النبوية الشريفة... فسيجد ان رسولنا ونبينا محمد (الأممي) قد علمنا وحثنا كثيرا على طلب العلوم والكتاب والحكمة... وكلها تفيد إلى إحترامه وتقديره وحثه للناس بقيمة العلم لدى رسول الأمم (الأممي).. سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وليكون أسوة وعبرة حسنة لنا.

ولا تقوم الأمم من الشعوب والمجتمعات ولا ترقى ولا تتحضر ولا تنمو إلا بالعلم (بالقلم) وبالقراءة والكتابة، وهو المقياس لحضارة المجتمعات والشعوب، وبالضرورة فرسولنا ونبينا هو اُسوة وقدوة حسنة لنا بعلمه.
تأكيدا لقوله تعالى:
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ {1}
خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ {2}
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ {3}
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ {4}
عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ {5} العلق

فهل يُعقل هذا الإدعاء الباطل بأن الرسول والنبي المبعوث لكل الأمم ورحمة للعالمين وبشيرا ونذيرا، لا يفقه القراءة والكتابة؟؟؟ وقد علم الله جل جلاله بالقلم... علم الإنسان ما لم يعلم؟؟؟

والسؤال هنا هل يكون للامم قدوة وأسوة حسنة؟؟؟ كما يدعي المبطلون الجاهلون؟؟ بأن نكون جهلة لا نفقه القراءة والكتابة؟؟؟ والاُمم لا تقوم إلا بالعلم (بالقلم)؟؟؟

وهذا ما غلب (للأسف الشديد) على اُمة سيدنا محمد من أُمة الأعراب والمسلمين اليوم... (نتيجة للتفسيرات الخاطئة وتحريف الكلم عن مواضعه) والتي لا تخدم إلا الحكام أو الملوك المعنيين بتجهيل وتضليل الشعوب... وجعلهم يعيشون في حالة تخلُف وغيبوبة وليعبثوا بهم كما يشاؤون!!!
ولم يقتصر الأمر على ذلك.. كون كل الأمم المحيطة بجزيرة العرب أعتمدوا فى معتقداتهم.. على أُصول الفقه الإسلامي من اللغة العربية (وهي لغة القرآن الكريم) أعتمدوا على المفسرين والفقهاء المجتهدين العرب.. والذين تقع عليهم مسؤولية نشر وترجمة وتفسير القرآن الكريم بأمانة وصدق... ودونما مغالاة أو تحريف للكلم عن مواضعه... أو تزوير للحقائق إرضاءا للملك غير الشرعي الطاغية!!! أو أي نوع من أنواع التشدد أو التعسير والتنفير أو التكفير أو الإقصاء!!! لأن ديننا الحنيف قائم أساسا على الرحمة وعلى التبشير والتيسير والوسطية والأسباب والحقائق التي يجب أن يستوعبها الناس على إختلاف ألسنتهم وألوانهم وثقافاتهم...
وان الأمم والشعوب لا يمكن أن تنهض أو تتطوَر إلا بالقلم وبالعلم والتعليم والثقافة والإطلاع، وكل ذلك لا يتم إلا بالقراءة والكتابة والإطلاع في شتى مناحي الحياة وفي علوم الله جل جلاله في السماوات والأرض.
لقوله تعالى:
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً {97} مريم
وقوله تعالى:
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ {7} وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ {8} الشورى
وقوله تعالى:
إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً {98} طه
وقوله تعالى:
فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً {114} طه

لقد وجدت من خلال أصل كل التشريعات العلمية والفقهية والأحكام والأصول (القرآن الكريم) العديد من التصنيفات المبينة بوضوح لمعنى ومفهوم كلمة (اُميون) والأصل فيها من (الاُمة .. الميم فيها مدغمة من اُممة)، وبحكم ان رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) اُرسل رحمة للعالمين ولكل الاُمم (أممي)، فقد تصنفت شرائح المجتمعات والشعوب من خلال القرآن الكريم إلى أُمم أهل الكتاب من اُمم اليهود والنصارى وأمم الأعراب ومن حولهم... بالإضافة إلى أمم الجن... والأميون الآخرون في الأرض ممن لم تنزل عليهم رسالة سماوية... وكلف الله جل جلاله رسولنا ونبينا الأممي محمد (صلى الله عليه وسلم) لتكون رسالته هي رحمة لكل الأمم... دونما إستثناء (وهذه هي معجزته) وهي مصدقة لرسالات سماوية (التوراة والإنجيل)، ورسالته كاملة شاملة لهم كتصديق، ولباقي الأمم في الأرض والتي لم تنزل لهم رسالات توحيدية سماوية.
لقوله تعالى:
فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ {20} آل عمران

أما باقى شعوب الأمم في الأرض (العالم) والتي لم تصلها الرسالات السماوية, ولم يصلهم رسل أو أنبياء، فهم قد عُرفوا بالأميين... وجاء ربط كلمة الأميين بالجهل نتيجة جهل هؤلاء الأميين (من الأمم) بالرسالات السماوية من الله جل جلاله والتي لم تصلهم من خلال رسل أو أنبياء، ولهذا جاء التبليغ الإسلامي إلى هؤلاء الذين جهلوا برسالة الإسلام والتوحيد لله جل جلاله حينما كانوا حينها يعبدون ملوكهم والأصنام والأوثان... والذين لا يعلمون الكتاب (كتب الله جل جلاله التوحيدية السماوية) إلا أماني وانهم إلا يظنون!!!
أما ما يخص الرسول والنبى الأمي (الأممي) فهو ليس من الجاهلين (بالرسالات التوحيدية السماوية) في شيء، لأنه رسول نبي جاء برسالة سماوية توحيدية رحمة لكل الأمم من الجن والإنس... فكيف جعلناه أُميا جاهلا؟؟؟ وهو جاء رسولا معلما؟؟؟
وهو الرسول وهو النبي الذي أوصانا بطلب العلم والمعارف في شتى المجالات والعلوم.. إمتثالا لإوامر ربه الأعلى.. وكان هو لنا اُسوةٌ وقدوةٌ حسنة!!!
لقوله تعالى:
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {9} الزمر

لقد وصف الله جل جلاله الرُسُل والأنبياء في كتابه العزيز بأولي العلم وأولي العزم... ويشهد الله بذلك... فكيف نحن جهلناهم بجهلنا؟؟؟ وأشد كُفرنا ونفاقنا؟؟؟
لقوله تعالى:
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {18} آل عمران
أنظروا إلى صورة بلاغية أخرى توضح لنا معنى كلمة (أُمي)...
قوله تعالى:
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {158} الأعراف
والآية هنا واضحة تماما من خلال أمر الله جل جلاله الى رسوله.. بأن ينادي في الناس بأنه رسول الله اليهم جميعا ... أي أنه بُعث رسولا للناس (للأمم من الإنس) جميعا دونما إستثناء... بما فيهم أمم اليهود والنصارى ... وكل من في الأرض جميعا.. هم من أُمة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، ليبلغ رسالة ربه الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو (رسالة الإسلام والتوحيد لله) والذي يحيي ويميت... ويدعونا الله في محكم آياته الى الإيمان بالله ورسوله النبي الذي اُرسل للناس جميعا (الأُممي).
وقوله تعالى:
الذين يتبعون الرسول النبى الاُمى الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه وأتبعوا النور الذى اُنزل معه أولئك هم المفلحون {157} الأعراف
وأنظروا للوضوح في بداية الآية.. الذين يتبعون من أمم (اليهود والنصارى) الرسول (للأمة) – النبي (للأمة) – الأمي (للأمة)، وهي ثلاث صور بلاغية لمفهوم أنه اُرسل نبيا للأُمم ( رحمة للعالمين وبشيرا ونذيرا )...

وهنا تأتى المعجزة

لقد وجدت من خلال القرآن الكريم ومعاجم اللغة ما يؤكد بأن كلمة (أمي) هى مشتقة من كلمة (اُمة) وهي تعني (اُممي بلغة اليوم – الميم فيها مدغمة) ووجدت في القرآن الكريم:
قوله تعالى:
وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً {106} الإسراء

وهنا يبين (الإسراء 106) ويؤكد الله جل جلاله بأن الرسول كان يقرأ للناس القرآن الكريم (تأكيدا من الله جل جلاله للرسول بالقراءة وليس بالتلاوة كما سيتم تبيينه في الآية التالية) في مختلف الأمكنة كلما نزلت إليه الآيات من ربه جل جلاله.
وقوله تعالى:
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً {27} الكهف

وهنا يُظهر الله جل جلاله ببلاغة عظيمة... الفرق بين هذه الآية الكريمة، وبين الآية السابقة.. ففي هذه الآية الكريمة, يأمر الله جل جلاله رسوله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بتلاوة ما أوحي إليه من الكتاب (القرآن الكريم والفرقان الكريم) ولا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا، والتلاوة ممكن أن تكون إما بواسطة القراءة من الكتاب (القرآن الكريم)، أو قراءة القرآن الكريم عن طريق ترديده عن ظهر قلب دونما قراءته من الكتاب... أما أمر الله في الآية السابقة فهو واضح تماما.. وهو عن القراءة من الكتاب، وهذا ما يؤكد ان رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) كان قارئا ممتازا... ويتلو القرآن ويرتله ترتيلا.
وقوله تعالى:
كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ {30} الرعد
وأمر الله جل جلاله واضحا تماما في الآية أعلاه (الرعد 30) لتتلو على الأمم ما أوحي إليك...

وتعالوا بعد أن تعرفنا من الكتاب (القرآن الكريم) على قدرة الرسول على القراءة، وسنتعرف على قدرة الرسول على الكتابة من خلال كتاب الله جل جلاله (القرآن الكريم):
بقوله تعالى:
وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً {5} قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً {6} الفرقان
وقوله تعالى:
وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ {48} بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ {49} العنكبوت
وتبيَن الآية أعلاه (الفرقان 5, 6) ان سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) كان يكتب آيات القرآن الكريم ما ينزل الله جل جلاله عليه من الآيات وهي تملى عليه بكرة وأصيلا، وكلما نزل عليه جبريل (عليه السلام)...
وتبيَن الآية التالية (العنكبوت 48, 49) ان رسولنا سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من قبل أن يكون رسولا... لم يكن يتلو من كتاب ولا يخطه بيمينه، أما وقد أصطفاه الله رسولا فقد كان يتلو من الكتاب (القرآن الكريم) ويخطه بيمينه.

إن الإدعاء بأن سيدنا ورسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) كان أُميا جاهلا للقراءة والكتابة.. هي إدعاءات وإفتراءات باطلتين شكلا ومضمونا.. ومن يدعي ذلك فهو لا شك جاهلا مخطئا.
‏وقوله تعالى:
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {2} الجمعة
وقوله تعالى:
ومنهم اُميون لا يعلمون الكتاب إلا أمانيَ وإن هم إلا يظنون {78} البقرة

وهذه الكلمة لا تعني (اُمي – جاهل للقراءة والكتابة)، ومعناها.. ومنهم ( أميون- من شعوب الأمم) من لا يعلمون كتاب الله (القرآن الكريم) إلا أمانيَ وأنهم إلا يظنون.. وهذا واضح ونراه بيَنا من خلال حياتنا اليومية.
ولا ينطبق ذلك على رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم).. وهي لا تعني انه كان جاهلا لا يفقه القراءة والكتابة!!! والتأكيد هنا على كونه.. رسولا للأُمة..
ولقوله تعالى:
فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ {20} آل عمران
وزيادة في التأكيد.. تأكيدا لقوله تعالى:
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين {107} الأنبياء
كرسول (للرحمة).. مرسل لكل الاُمم من الجن والانس..
والآية أعلاه تؤكد ما لا يدع مجالا للشك بأنه اُرسل على غير باقي الرسل والأنبياء جميعا (رضوان الله عليهم جميعا) والذين رسالاتهم كانت على لسان قومهم وللقرى المحيطة بهم... وهذا لا ينطبق مع رسولنا ونبينا محمد الرسول والنبي الذي اُرسل رسولا ونبيا لكل الأُمم من أمم الجن وأُمم الإنس جميعهم.
ولهذا فقد أكتسب صفة الأممية، وهنا تكمن معجزته، وهي صفة وإمتياز عظيمتين (ولا تعنى انه كان جاهلا لعلوم اللغة والقراءة والكتابة) وصفة الأممية هي التي تميزه عن باقي الرسل والأنبياء الآخرين جميعهم، الذين أرسلوا على أقوامهم.. وبلغة وعلى لسان أقوامهم فقط.
ولقوله تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {4} وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ {5} وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ {6} إبراهيم
وقوله تعالى:
وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن اكثر الناس لا يعلمون {28} سبأ
وقوله تعالى:
وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {181} الأعراف
وقوله تعالى:
وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {159} الأعراف

ووجدت ان كلمة أمي هي مشتقة من كلمة (اُمَة) وهي تعني.. أنه أرسل لكافة الناس ولكل الأمم.. رحمة للعالمين.. بشيرا ونذيرا وهي بلغة اليوم تعني الصورة البلاغية لكلمة (أممي) وهي تنطبق كما ذكر تماما في:
قوله تعالى:
(يا أيها المزمًًل) وتعني الصورة البلاغية المدغمة لكلمة المتزمل أو المززممل.. وسنجد بلاغة الإدغام على (الزاء) فبدلا من قراءتها مرتين فقد اُدغمت باللفظ... وتنطبق نفس الحالة على الميم (في المززممل) فقد اُدغمت باللفظ ونطقت ميما واحدة، وهي نفس الحالة بالنسبة لكلمة اُمي.. فهي بالأصل اُممي.. اُدغمت فيها ميم واحدة وقرئت اُمي.
وقوله تعالى (يا أيها المدًثر) وأصلها المتدثر... وأصلها المددثثر.. وهي حالتي إدغام لكل من حرف (الدال) وحرف (الثاء) وقرئت (يا أيها المدًثر).
وكلمة (أُمي) وأصلها أُممي... وكلمة أمي (اُرسل رسولا ونبيا ورحمة للأمم من الجن والإنس)، وهي صورة بلاغية عظيمة من خالق عظيم... والاجتهاد بما يتناقض أو يتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم يعتبر اجتهادا باطلا.

ونعود للتأكيد هنا قبل أن يتزوج سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بأم المؤمنين خديجة بنت خويلد (رضى الله عنها) وهي أولى زوجاته.. لم يكن حينها قد بلغ الخامسة والعشرين من العمر, حينما اشتهر مع سائر العرب بعلمه.. وبالأمانة والصدق والنزاهة في سلوكاته وتعاملاته... وكانت أم المؤمنين (خديجة والتي تزوجها الرسول فيما بعد) من كبار تجار قريش... وعندما ذاع صيته.. فقد سلمته كل ما يتعلق بتجارتها وتجارة القوافل والبضائع التجارية والتي كانت تجول الأقطار وهو مسؤول مباشر عن جميع حساباتها ويقدم لها التقارير أولا بأول مع جميع الحسابات والتداولات والمعاملات التجارية التي كان فيها صادقا أمينا...
وعليه فقد تزوج سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وعمره خمسة وعشرين عاما من اُم المؤمنين خديجة (عليها السلام) وكانت هي بالأربعين من العمر وقبل أن تأتيه الرسالة السماوية.. كرسول ونبي... بخمسة عشر عاما.

فلا يجوز بأي حال من الأحوال بأن نعلم أبناءنا التفسيرات الخاطئة !!! ونصف رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) بأنه كان جاهلا لا يقرأ ولا يكتب... وأن يكون لهم أسوة وقدوة حسنة!!!...
وهذه المفاهيم والتفسيرات المغلوطة قد ساهمت وساعدت بقدر كبير في تخلف وجهل قوم سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) من الأعراب والأميين والقرى والمناطق المجاورة (ما تسمى بالدول العربية والإسلامية)!!! كون الجميع أصبح قدوته وأسوته الحسنة رسول جاهل لا يقرأ ولا يكتب!!! وهذه في الحقيقة إساءة كبيرة... حيث كان رسولنا الصادق الأمين حريصا دائم الحرص على العلم والتقدم والتطور في جميع مجالات وتخصصات العلوم المختلفة... وفي عهده وعلى كتاب الله (القرآن الكريم) كانت كل العلوم والبحوث والدراسات الإسلامية وفي علوم الفلك والطب وكل علوم الله في السماوات والأرض وفي الفلسفة وعلون الإنسانية.. وكان يحث المسلمين على العلم بترديده لقول الله تعالى:
قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب {9} الزمر

وهو الرسول النبي العالم بالخرائط والجغرافيا ومواقع البلدان.. وهو الرحالة المعلم.. والمتحدث اللبق.. ولم يكن معه الوحي ليلا ونهارا... وكان ينقطع عنه الوحى لأيام وليال..
فقد كان يعلم الناس ما ينفعهم وما يضرهم... ويعلم أحفاده القراءة والكتابة.. وكان مثقفا ومتعلما باهرا وكان يكتب ويصوغ كل الرسائل ذات البلاغة العظيمة... إلى كل الملوك والحكام حينها وفي أقصى الأرض..
وكُتب جميع القرآن الكريم وبكل تشكيلاته البلاغية العظيمة على يده (بيمينه)، ولم يكلف الله جل جلاله لغير رسُله وأنبيائه تلكم المسؤوليات الكبيرة ليخطَوا رسالاته التوحيدية السماوية.
لقوله تعالى:
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ {47} وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ {48} بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ {49} العنكبوت
لقوله تعالى:
مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ {8} إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {9} الحجر
وقوله تعالى:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً {23} الإنسان
وقوله تعالى:
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ {19} القيامة
فلا يجوز أبدا أن نصف أو ننعت رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) بالجهل وعدم قدرته على القراءة والكتابة أبدا.. لأن الدًين الحنيف.. جميع أساساته وقواعده وتشريعاته هي قائمة على علوم عظيمة من خالق عظيم... علم بالقلم... علم الإنسان ما لم يعلم.
لقوله تعالى:
إنما إلهكم الله الذى لا إله إلا هو وسع كل شيء علما {98} طه
وقوله تعالى:
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً {1} الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً {2}‏ الفرقان

وما لم يكن رسولنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، قادرا على استيعابها وتقييمها بما مكَن الله جل جلاله له من علم وفهم وأخلاق عظيمة وإدراك وامكانيات وقدرة على التمييز والإطلاع، لما بُعث رسولا... ولهذا تكون الرُسُل والأنبياء (صلى الله عليهم وسلم) قدوة وأسوة حسنة لنا... من أولي العلم والعزم.
وما تم تعليمنا منذ نعومة أظفارنا على عكس ذلك... فهذا تفسير باطل تماما..
والآيات هنا واضحة تماما وهي منهاج حياة وتشرح نفسها... وعلينا أن نعلم أبناءنا ما ينفعهم ولا يضرهم، ويتناسب.. ولا يتناقض مع ما جاء في رسالة السماء (القرآن الكريم) والذي أوضح الله جل جلاله فيه بأن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)... أرسل إلى كافة الأمم وكافة الناس رحمة وشاهدا وبشيرا ونذيرا (اُمَيا).

اجمالي القراءات 7309