نقد كشف المنطق العلمى لكارل بوبر

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٠٦ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

نقد منطق الكشف العلمى لكارل بوبر
كتاب منطق الكشف العلمى كتبه كارل بوبر وهو عند القوم فيلسوف أوربى يهودى الأصل تحول للنصرانية ثم شهد تحولات للماركسية وغيرها حيث تقلب بين ما يسمى المذاهب
وعندى ملاحظة قد تعتبر غريبة وهى أن كثير ممن يسمونهم فلاسفة الغرب لهم علاقة باليهود كدين أو كأصول أسرية تم التملص منها
الكتاب يتحدث عن المذهب التجريبى وهو الامبريقى والذى ينفى كل معرفة قبلية فالمعرفة تأتى عن طريق التجربة
المذهب التجريبى المبنى على التجربة فقط ليس واقعا صحيحا فالتجربة فى العلم ليست كل شىء فهناك فى الحياة أمور لا تعرف بالتجربة ككل الغيبيات والنفوس المسماة الأرواح لا يمكن إثبات وجودها بالتجربة ولم يتمكن من يسمون أنفسهم علماء بإثبات وجودها عن طريق الآلات مع أنهم يعرفون أنفسهم دون حاجة لتجربة من خلال كلام النفس الداخلى
التجربة لا تنتج فى كل الأحيان نتائج متشابهة عندما تتكرر فمثلا لو أحضرنا عدة أشخاص وأعطيناهم ثمار نبات ما سنجد نتائج مختلفة فمنهم من سيكون سعيدا به ويشعر باللذة ومنهم من سيشعر بالسوء والألم نتيجة تناوله تلك الثمار وتلك حقيقة يؤكدها قوله تعالى :
"ونفضل بعضها على بعض فى الأكل "
التجربة العلمية لا يطبقها الناس فى حياتهم إلا فى أحيان قليلة وهى عندما تقابلهم مشكلة ومعارفهم يكتسبونها من خلال المعرفة الآنية أو من خلال المعرفة المستقبلية
لتأسيس الأمر كما يجب نقول :
إن تعريف المعرفة القبلية هو تعريف مطاط حسب ما يقوله كل قائل فالمعرفة القبلية للإنسان تعتبر مستحيلة لأنه يولد وهو لا يعلم شىء وبتعبير البعض صفحة بيضاء وفى هذا قال تعالى بسورة النحل :
" وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا"
ومن ثم فمعرفة الإنسان تنقسم لنوعين :
الأول المعرفة الآنية كمن يمسك بكوب يعلم سخونته أو برودته بمجرد لمسه أو رؤيته أو يقرأ كتابا به حقائق
الثانى المعرفة البعدية وهى نتيجة لتعامل إنسان مع شخص أو شىء ما تعاملا كثيرا فيعرف ما سيفعله الشخص أو الشىء إذا حدث شىء ما فى المستقبل غالبا والناس يسمون هذه المعرفة


المسبقة أو القبلية
هذا هو الواقع ولكن طبقا للناس فهم يسمون النتيجة المتكررة المعرفة القبلية مثل دورة تكون السحاب أو أشكال القمر اليومية وعادات الناس اليومية
المعرفة القبلية هى لله وحده فقط بمعناها الحقيقى فهو يعلم بالمخلوقات وأعمالها قبل حدوثها كما قال تعالى بسورة الحديد:
" ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير"
ما أسموه بالمنهج العلمى القائم على التجربة هو حالة خاصة من المعرفة محدودة بما حدده من اخترعوه ولذا سموا المعرفة قبلية وبعدية أى ما قبل التجربة وما بعد التجربة
ونتحدث بعد عما جاء فى كتاب كارل بوبر:
قال بوبر :
"ومما لا شك فيه أن الله يتحدث أساسا إلى ذاته لأنه ليس هناك شخصا جديرا بالتحدث إليه "ص53
كلامه عن تحدث الله إلى ذاته وحده باعتباره الإله الوحيد يناقض اعتباره الفلاسفة آلهة كالله فى قوله :
"ولكن الفيلسوف ينبغى أن يعلم أنه يتميز عن أى شخص أخر من حيث أنه فى مرتبة عليا تماثل مرتبة الإله "ص53
بالقطع هذا الكلام صادر من نفس متشبعة بكلام العهدين القديم والجديد خاصة القول فى سفر المزامير :
"أنا قلت أنكم آلهة وبنو العلي كلكم"6-82
وفى سفر يوحنا :
" أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ"10-34
وبالقطع هذا الكلام لا يصدر عن عقلى علمى وإنما يصدر من رجل متكبر يظن أنه فوق الناس
قال بوبر :
"وباختصار فإن منطق الاستدلال الاحتمالى أو منطق الاحتمال مثله فى ذلك كأى صورة أخرى من المنطق الاستقرائى يفضى إما إلى ارتداد لا نهائى للوراء أو إلى مذهب القبلية "ص66
كما قلنا لا يوجد شىء اسمه المعرفة القبلية فى حياة الإنسان كحقيقة ويطلق هذا على المعرفة المتكررة أو الدورية التى تستمر فى التكرر
ونلاحظ أن الرجل يعترف بوجود المنطق الاستقرائى سواء كان صحيحا أو خاطئا ولكنه أنكر وجود هذا المنطق فقال :
"والآن فإنه تبعنا وجهة نظرى فإنه لا يوجد مثل ذلك الشىء الذى نسميه استقراء "ص76
قال بوبر :
"وقد يعبر عن وجهة نظرى بالقول إن كل كشف يحتوى عنصرا لا عقليا أو على حدس مبدع خلاق بالمعنى الذى ذهب إليه بيرجسون "ص68
نلاحظ الجنون وهو وجود العنصر اللاعقلى فى كل كشف وهو الحدس المبدع الخلاق كما فى فلسفة بيرجسون وبيرجسون على ما أتذكر رجل دين صوفى
أليس غريبا أن يكون رجلا ممن يدعون الاشتغال بالمنهج العلمى والتجربة ومع هذا يؤمن بوجود عنصر لا عقلى فى كل الكشوف أى التجارب ؟
والغريب أن يستدل الرجل بمقولة أينشتاين اليهودى الأصل الملحد كما يقول البعض على صحة كلامه :
"لا يوجد طريق منطقى يفضى إلى تلك القوانين "ص69
هل كان القوم يشتغلون بالعلم حقا ؟
اللاعقل وعدم وجود طريق منطقى للقوانين معناه أن كل ما كتبوه فى الفلسفة وحتى النظريات هو مجرد هراء وسفسطة
قال بوبر :
"قد يقال إنه فى حذف منهج الاستقراء فإننى أجرد العلم الامبريقى مما يبدو أنه أكثر خصائصه أهمية "ص71
الرجل هنا ارتكب جريمة فى رده للمنهج الاستقرائى فى العلم التجريبى فالاستقراء غالبا ما نفع البشرية وأمدها بالعديد من الحقائق والغريب أن كتاب الرجل هو استقراء فتوصله للمعلومة العامة بعدم صلاحية الاستقراء من معلوماته الخاصة هى استقراء
قال بوبر :
"وقد حاولوا البرهنة دوما على أن الميتافيزيقا بطبيعتها ذاتية لا شىء وأنها بلا معنى أو جوفاء كما يقول هيوم سفسطة ووهم "ص72
الرجل هنا يذكرنا بأن كثير من الفلاسفة ينكرون الغيبيات أى ما وراء الطبيعة وأولها الله سبحانه وتعالى
قال بوبر :
"وهكذا فإنه إذا كانت القضايا الأساسية بدورها قابلة للاختبار الذاتى المتبادل فلن تكون هناك قضايا نهائية فى العلم لا يمكن اختبارها ومن ثم فلن يرفض أحدها من حيث المبدأ عن طريق تكذيب بعض النتائج التى يمكن أن تستنبط منها "ص83
نلاحظ الجنون فى قوله بعدم وجود قضايا نهائية فى العلم لا يمكن اختبارها فمثلا الشمس والقمر والنجوم كيف يمكن اختبارهم حقا وصدقا وهم على مسافة لا يمكن الوصول لها على الإطلاق من قبل البشر ؟ومثلا كيف يمكن اختبار ما فى باطن الأرض على أعماق سحيقة بدون رؤية وبدون لمس ؟
وقال :
"توصلنا إذن لوجهة النظر التالية أنساق النظريات تختبر عن طريق استنباط قضايا أخرى منها ذات مستوى أقل عمومية وهذه القضايا بدورها طالما أنها قابلة للاختبار الذاتى المتبادل يجب أن تكون قابلة للاختبار بنفس الأسلوب وهكذا إلى ما نهاية "ص84
الخطأ هو قوله بما لا نهاية فلا يوجد شىء من الخلق إلا وله نهاية دنيوية فكل شىء عند الله بمقدار
وحكاية استنباط قضايا من القضايا ليس شىء عام فهناك قضايا لا يمكن استنباط قضايا أخرى منها وهو نفس الخطأ إلى ما لا نهاية فالقضايا فى الدنيا محدودة سواء عدت بالآلاف أو بمئات الآلاف
وقال :
"أرفض قبول وجهة النظر القائلة بوجود قضايا فى العلم علينا أن نقبلها على أنها صادقة لأن ليس من الممكن اختبارها لأسباب منطقية "ص84
والفقرات السابقة تؤكد على شىء واحد وهو قابلية كل الأشياء أو القضايا للاختبار الذاتى المتبادل يناقضها تقرير الرجل بوجود قضايا لا تجريبية أى لا امبريقية فى قوله :
"ومن هنا يأتى تقريرى بالنظر إلى القضايا الوجودية الدقيقة على أنها قضايا لا إمبريقية لأنها ليست قابلة للتكذيب ذات فائدة ومتفقا أيضا مع الاستخدام العادى "ص107
قال بوبر :
"فى هذه الصياغة نرى أن القوانين الطبيعية يمكن أن تقارن بالتحريمات أو المحظورات إنها لا تقرر أن شيئا ما يوجد أو أن شيئا ما هو الحالة إنها تقوم بوظيفة الإنكار إنها تصر على أن عدم وجود أشياء معينة أو عدم وجود حالة الأشياء فهى تحرم أو تحظر هذه الأشياء أو حالة الأشياء إنها تستبعدها وهى تفعل هذا لسبب بسيط وهو أن هذه الأشياء قابلة للتكذيب "ص106
مقارنة قوانين الطبيعة بالتحريمات وهى قوانين سواء كان إلهية أو وضعية تبدو صحيحة ولكن ليست كل التحريمات الوضعية صحيحة فمعظمها قابل للتكذيب والكاذب إذا كذب غيره يتعرضان للضعف والسقوط
قال بوبر :
"وبالمقابل فإن القضايا الوجودية الدقيقة لا يمكن تكذيبها وذلك لأنه لا توجد قضية مخصوصة يمكن أن تناقض القضية الوجودية أى لا توجد فئة أساسية أو أى قضية عن واقعة ملاحظة توجد غربان بيضاء إن القضية الكلية فقط هى ما يمكنها أن تفعل ذلك إنها على أساس معيار التمييز المستخدم هنا فإننى سأعالج القضايا الوجودية الدقيقة على اعتبار أنها قضايا لا إمبريقية أو قضايا ميتافيزيقية وقد تبدو هذه الخاصة مشكوكا فيها من النظرة الأولى وليست متفقة مع ممارسة العلم الميتافيزيقى ولكن من باب الاعتراض قد نقرر بعدالة تامة أنه توجد نظريات حتى فى الفيزياء لها صور القضايا الوجودية الدقيقة "ص106
تقرير الرجل بوجود نظريات فيزيقية لها صور القضايا الوجودية الدقيقة وهى قضايا لا يمكن تكذيبها يتناقض مع تقريره وجوب اختبار النظريات كلها فى قوله :
"توصلنا إذن لوجهة النظر التالية أنساق النظريات تختبر عن طريق استنباط قضايا أخرى منها ذات مستوى أقل عمومية وهذه القضايا بدورها طالما أنها قابلة للاختبار الذاتى المتبادل يجب أن تكون قابلة للاختبار بنفس الأسلوب وهكذا إلى ما نهاية "ص84
فإذا كانت تلك النظريات الفيزيقية تختبر فهذا معناه قابليتها للتكذيب وقابليتها للصدق على حسب نتيجة الاختبار
قال بوبر:
"فبينما لا أطلب أى يقين نهائى بالنسبة للعلم ولا يمكن الحصول عليه بالتالى نجد أن الاصطلاحيين يبحثون العلم على أنه نسق من المعرفة يستند إلى أسس نهائية "ص119
الرجل هنا لا يطلب يقين نهائى فى العلم وهو ما يناقض طلبه له من خلال من خلال القضايا الوجودية الدقيقة التى لا يمكن تكذيبها فى قوله :
" وبالمقابل فإن القضايا الوجودية الدقيقة لا يمكن تكذيبها"ص106
فالذى لا يكذب هو اليقينى
ونلاحظ أن ما يأتى من الكفار خاصة ما يسمى الغرب يأتى ليرسخ مقولة :
كل شىء قابل للتغيير أى لا توجد حقائق ومن ثم فكل العلوم إن جاز تسميتها هكذا تأتينا بقيل وقال فقط فكل واحد يعارض الأخر وهى مقولة شيطانية كفرية تنفى وجود الحقائق من أجل نفى دين الله
ما الغرض من إشاعة هذه المقولة فى العالم ؟
أن يظل الناس فيما يسمى التجريب فى كل المجالات والمثير أن التجارب تتكرر وتعيد نفسها كل فترة فمثلا فى مجال التعليم نجد فى مصر تجربة ما يسمى التعلم النشط حاليا وهى تجربة جربتها الوزارة فى عهد عبد الناصر حيث أصدرت مجموعة من الكتب المترجمة الأمريكية فى التعليم كان منها كتاب النشاط التلقائى والتعلم الخلاق تأليف هيلين فيشر دارو وفان ألين ترجمة مصطفى فهمى ونجيب اسكندر صادر عن وزارة التربية والتعليم المصرية ومنذ سنوات ابتلينا بما يسمونه التقويم الشامل ومنه ملف الإنجاز ونفس الأمر كان هناك كتاب اسمه تقويم التلميذ فى نفس السلسلة المترجمة كله كلام عن التقويم الشامل وطرق تنفيذه
تكرار التجارب هو إضاعة للمال والجهد والوقت فالنتيجة هى ضياع الكل فيما لا نفع وهو يتكرر فى كل المجالات مع تغيير المسميات فمنذ عقود كانوا يسمون التدريب دورات الترقى والآن يسمونها التنمية البشرية المستديمة وهو نفس المضمون ولكن بتسميات جديدة وكان هناك ما يسمى مثلا بالنجاح فى الترقى عن طريق الرسوب عدة مرات وبدلا من كونه فى الموظفين جعلوه فى التلاميذ فالراسب ينجح آليا فى التعليم المصرى فى الصفين الأول والثانى وحتى الصف الخامس يدخل منه الصف السادس فإذا رسب للمرة الثانية أعطوه تحويل مسار للتعليم الحرفى وهذا المسار لابد أنه نفس الأمر وهو النجاح الآلى بعد الرسوب للسنة الأولى
إذن نحن أمام خطة عالمية قد يدرى من ينفذها بها وقد لا يدرى لأن هذه الخطة وضعت عند إسقاط الدولة الإسلامية الأخيرة منذ قرون أو آلاف السنين حتى لا تقوم لها قائمة فتحرر الناس من هذا الضياع
قال بوبر :
"ولا أود أن أنكر أن هناك شىء من الحقيقة فى الرأى القائل بأن الرياضيات والمنطق يقومان على التفكير أساسا"ص135
هذه المقولة الرجل صادق فيها فالرياضيات والمنطق بعض منهم يقوم على التفكير والبعض الأخر هو مجرد حفظ القانون لتطبيقه
قال بوبر :
"وإننى لا أنوى تعريف المصطلح قابل للملاحظة أو حادثة قابلة للملاحظة على الرغم من أننى مستعد تماما لتفسيرها بأمثلة نفسية أو حركية "ص147
عدم تعريف بوبر للمصطلح هو من باب الميوعة أو بالأحرى ما يريدون ترويجه من عدم وجود تعريف صحيح لأى شىء حتى يظل الناس يجربون ويغيرون القوانين من حين لأخر
قال بوبر :
"وعلى ذلك فإن القضايا الأساسية فى الشكل المادى للكلام هى قضايا تقرر أن الحادثة القابلة للملاحظة تحدث فى قطاع معين من المكان والزمان إن المصطلحات المختلفة المستخدمة فى هذا التعريف باستثناء المصطلح البدائى قابل للملاحظة مصطلح غير معرف "ص148
نفس الخطيئة السابقة وهى :
عدم تعريف المصطلحات وعدم تعريف الشىء يؤدى للاختلاف الواسع النطاق ومن يريد عليه أن يعود للدراسات الغربية خاصة ما يسمى العلوم الاجتماعية ليجد مئات التعريفات التى يأتى بها الباحثون من هنا وهناك وحتى العلوم الأخرى التى تسمى العلمية خطأ نجد نظريات متناقضة فى كل العلوم وكأنهم يريدون تأكيد مقولة أننا نحيا فى كون عابث لا هدف له ولا إله يجب عبادته
أتذكر أننى كتبت مقالا فى العقد الثانى من عمرى عن تلك المقولة من خلال الاستدلال عليه من خلال أقوال من يسمون علماء العلوم المختلفة ولا يوجد أصل هذا المقال عندى ولا صورة منه فقد أرسلته فيما يبدو للمجلات التى كنت أراسلها ورمتها قطعا فى القمامة كسائر ما كنت أرسله للمجلات فى تلك الفترة من عمرى
اجمالي القراءات 4970