مرة ثانية : نصحا للفلسطينيين ..أفيقوا أيها الناس !!

آحمد صبحي منصور في الخميس ٠٥ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

مرة ثانية : نصحا للفلسطينيين ..أفيقوا أيها الناس !!

مقدمة :

1 ـ جاءت تعليقات إضافية على مقالاتى تستدعى التوضيح وتؤكد عُمق غسيل المخ الذى تعرضت له أجيال ، إفتقرت الى المعلومات وتخلط بين السياسة والاخلاق ، وهما مختلفان . ثم هذا الذى تتجهز له حماس وهى تستعد لحرب جديدة ( حرب إطارات السيارات المحروقة ) ، وهو إستمرار للمقاومة المضحكة المبكية اليائسة والتى يدفع ثمنها الفلسطينيون . القيادات الفلسطينية الخائنة لشعبها تحمل فى رقبتها كل الدماء الفلسطينية وكل المعاناة الفلسطينية ، أكثر من اسرائيل . ومع كل هذه المعاناة فلم يجن الفلسطينيون مكسبا سياسيا . المكاسب التى حصلوا لم تكن بحربهم لاسرائيل ولكن بالسلام والمفاوضات السياسية .

2 ـ ونعطى مزيدا من التفصيل :

 أولا  ـ قيل لو أن شخصا احتل جزءا من حديقتك فليس لك إلا أن تهاجمه . ونقول :

  1 : هى حقيقة تاريخية أن الفلسطينيين هم الذين بدأوا الهجوم على المهاجرين الأوائل ، مما إستدعى تكوين منظمات مسلحة يهودية للدفاع عنهم .  ولكن ليس صحيحا على الاطلاق أن أولئك المهاجرين الأوائل قد إحتلوا أرضا يملكها أفراد فلسطينيون . فلسطين بأرضها ومنذ آلاف السنين كان يملكها الغزاة قبل الاحتلال العربى فى عهد الخلفاء الراشدين وبعده . المحتل كان يعطى بعض الأرض للسكان المقيمين أو الوافدين ، وهذا المحتل هو مالك الأرض والمتحكم فى سكانها ، لا فارق هنا بين الخلفاء العرب السنيين والفاطميين أو السلاطين السلاجقة والأيوبيين والمماليك والعثمانيين . بدأت هجرات اليهود بعد وعد بلفور وقت أن كانت فلسطين يملكها السلطان العثمانى ، واستمرت فى عهد تركيا ( الاتحاد والترقى ) ثم بعد هزيمتها إستمرت حين اصبحت فلسطين تحت الحكم الانجليزى .

  2 : مهم هنا أن نذكر أن السلطة الاجنبية صاحبة السيادة على فلسطين ( أو مصر ) تقع تحت سلطتها المباشرة ما يمكن تسميته بالأراضى الحكومية والأوقاف والأراضى التى لا وارث لها ، ثم هناك الى جانب هذا أراض يملكها الأفراد تمنحها لهم تلك السلطة . لم تكن هناك دولة فلسطينية ، وكانت معظم الأراضى فى فلسطين يمتلكها المحتل . وهذا المحتل لم يمنع توافد الهجرات اليهودية ، ولم يعرقل إستقرارهم فى الأرض التى لا يملكها أفراد فلسطينيون . ثم قام اليهود بشراء أراض واسعة من الفلسطينيين ، وبعد الهجوم المسلح عليهم وتكوين ميليشيات يهودية حدثت مذابح ( لا يمكن مقارنة ضحاياها الفلسطينيين بضحايا الصراع الفلسطينى الفلسطينى أو الفلسطينى الأردنى أو الفلسطينى العربى ). ترك كثيرون من الفلسطينيين أراضيهم وقامت دولة إسرائيل فاستولت على تلك الأراضى وغيرها ، بنفس ما فعل الخلفاء الراشدون والخلفاء الفاسقون . هذه حقائق تاريخية مجردة بلا تأويل وبلا تعليل .

ثانيا : قيل : ماذا بقى للفلسطينين ليتنازلوا عنه لاسرائيل . ونقول :

1 ـ إن القيادات العربية والفلسطينية التى أدارت الصراع مع فلسطين هى التى أوصلت إسرائيل الى ما هى فيه من قوة ، وأوصلت الفلسطينيين الى ما هم فيه من بؤس . ثم لا تتعلم تلك القيادات الفلسطينية من الدروس .

2 ـ  ومع ذلك فليس مطلوبا من الفلسطينيين التنازل عن شىء . المطلوب منهم فقط التحرر من تلك القيادات الفاسدة المتخلفة فى الضفة والقطاع ، وان يهبوا يطلبون نظم حكم ديمقراطية حقيقية تكفل لهم الكرامة وحقوق الانسان ، بنفس ما يتمتع به الاسرائيليون . تلك الحكومة الفلسطينية الديمقراطية ستتكلم نفس اللغة مع نظيرتها الاسرائيلية فى توطيد علاقات سلمية وتعاون إقتصادى يكفل الرخاء للشعبين ، مع نسيان الماضى وطى صفحته . وفى مناخ الثقة بين الطرفين يمكن الاتفاق على المصالح المشتركة.

حتى بدون مناخ الثقة فإن العمال الفلسطينيين يعملون الآن فى اسرائيل وفى مستوطناتها ، والسور الذى أقامته إسرائيل عمل فيه العمال الفلسطينيون ، وكان المقاولون من بعض زعماء السلطة الفلسطينية . فماذا إذا حلّ السلام والوئام ؟ .

ثالثا : الشعوب المتحضرة تطوى صفحة الماضى حرصا على مستقبل أجيالها

 1 : كان النزاع مستمرا ين ألمانيا ( بروسيا ) وفرنسا ، وشبت بينهما الحرب السبعينية الفرنسية الالمانية فى القرن التاسع عشر . ثم كانت فرنسا فى الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا ، وأذلت ألمانيا بعد هزيمتها . هذا الإذلال سبب فى عزم ألمانيا على الانتقام ، فإحتلت ألمانيا النازية فرنسا فى الحرب العالمية الثانية وأذلتها . بعد هزيمة النازى الألمانى ساعد الحلفاء المنتصرون ألمانيا ، وفتحوا معها  صفحة جديدة تنسى فيها فظائع النازى من أجل مستقبل أفضل لأجيالهم،واصبحت فرنسا وألمانيا حلفاء .

2  ـ دامت حرب المائة عام  ــ بين انجلترة وفرنسا ـ  116 سنةَ مِنْ 1337 إلى 1453. وانتهت بالاتفاق الودى بينهما عام 1904 . ثم أصبحتا حليفتين ، ونسيتا الماضى من أجل مستقبل أفضل لأجيالهما .

 3  ـ نفس الحال بين اليابان وأمريكا بعد الحرب العالمية الثانية ، وبين أمريكا وإنجلترة بعد حرب الاستقلال الأمريكية (1775–1783).   

2 ـ ومنذ الحرب العالمية الثانية لم تتحارب دولتان ديمقراطيتان لأن قرار الحرب ليس فى يد شخص ، ولأن الحرب لا تحل مشكلة ، بل تكون هى مشكلة .  تفرّغ الغرب لبناء إقتصاده ورفع مستوى شعوبه ، بينما لا يزال تخلف العرب يجذبهم الى أسفل السافلين . هذا يدخل بنا على الحقيقة التالية :

ثالثا : السلام هو الحل الأمثل فى عصرنا الراهن :

1 ـ كانت الهند هى دُرّة التاج البريطانى . لم تحصل الهند على إستقلالها بالحرب و العنف ، حصلت عليه بأن خاطب غاندى الجانب الانسانى فى البريطانيين ، وبالسلام حصلت الهند على إستقلالها بدون قطرة دماء ، سوى دم غاندى نفسه الذى إغتاله متطرف هندى .

2 ـ بنفس النضال السلمى حصل القس الأمريكى الأسود مارتن لوثر كنج على الحقوق المدنية للأمريكان من أصل أفريقى . وأيضا إغتاله متطرف أمريكى .

3 ـ كانت الأقلية البيضاء تتحكم فى جنوب افريقيا وتفرض على سكانها الأصليين أقسى أنواع المعاملة وفصلا عنصريا بغيضا . إحتكرت هذه الأقلية البيضاء السلطة والثروة ومارست أفظع أنواع التعذيب لتؤكد سلطتها . إنتصر عليها نيلسون مانديلا المناضل المسالم  وهو فى سجنه . بعد أن اصبح مانديلا رئيسا لجنوب أفريقيا أصدر عفوا عن أساطين التعذيب من أجل نسيان الماضى وبدأ مصالحة تاريخية بين البيض والسود .

رابعا : السلام هو تشريع الرحمن الذى يكفر به المحمديون :

1 ـ كتبنا كثيرا فى تشريعات القتال الدفاعى فى الاسلام وأنها لتوطيد السلام ، وكتبنا فى أن الاسلام دين السلام . ولكن الدين السنى بالذات فى صورته الوهابية أضاع وجه الاسلام السلمى السمح ، ونشر الارهاب بين ( المسلمين ) وفى العالم كله . وتأثر بهذا قادة الفلسطينيين من علمانيين فى منظمة التحرير ووهابيين فى حماس التى تزعم أنها ( حركة المقاومة الاسلامية )، بينما هى ( حماش ) أى حركة المقاومة الشيطانية .!

2 ـ لمجرد التذكير ، فإن قريش أخرجت المسلمين من مكة وتابعت الهجوم عليهم فى المدينة . ولأن المسلمين فى المدينة كانوا ضعافا يتخطفهم الناس ( الأنفال 26) فقد فرض الله جل وعلا عليهم أن يكفوا ايديهم ( النساء 77 ) اى كانوا ممنوعين من رد العدوان . وبعد أن إستعدوا قتاليا جاءهم الإذن بالقتال الدفاعى  ( الحج 39 ـ )، وهذا الاستعداد القتالى ليس للعدوان بل للردع ، أى هو لحقن الدماء مع الاستجابة لنداء السلام ( الانفال 60 ـ ) وفى كل الأحوال فالقتال الدفاعى يجب أن يكون بالمثل وينتهى بإنتهاء الاعتداء . ( البقرة 190 ـ ). وفى كل الأحوال ففى أرض المعركة ضد العدو المعتدى فإن الجندى فى هذا الجيش المعتدى إذا تلفظ بالسلام يحرم قتله ، فأفظع جريمة تستحق اللعنة والخلود فى جهنم أن تقتل مؤمنا مسالما : ( النساء 93 :94 ) وإذا أستجار جندى فى الجيش المعتدى بالمسلمين يجب على المسلمين إجارته وإيصاله الى مأمنه ( التوبة 6 ).

3 ـ الذى يهمنا هنا شيئان : وجوب كف اليد على الذى لا يستطيع القتال ضد عدو يهاجمه ، بهذا الكف فهو يخاطب الجانب الخيّر ( الانسانى ) فى هذا العدو المعتدى . الشىء الآخر هو حُرمة قتل النفس للجندى فى الجيش المعتدى لمجرد أن يتلفظ بالسلام ، أو يستجير  بالمسلمين .

4 ـ بدون كف اليد يلجأ الطرف الضعيف العاجز عن مواجهة الجيش المسلح الى الانتقام من الأبرياء الذين يقدر على قتلهم . وهذا موجز المقاومة المسلحة للقيادة الفلسطينية ، بدلا من كف اليد والنضال السلمى قاموا بالاعتداء على الابرياء المدنيين من الاسرائيليين وغيرهم ، فأثاروا إشمئزاز العالم .

خامسا : المقاومة الفلسطينية الخسيسة ونتائجها:

1 ـ منظمة التحرير الفلسطينية ـ وفى القلب منها الجبة الشعبية ـ إخترعت أخس طريقة هى خطف الطائرات التى تحمل ركابا أبرياء . ثم قامت حماس بتطوير الخسة الى القتل العشوائى للمدنيين .

2 ـ سيطرت قادة منظمة التحرير على مناطق فى الضفة أقاموا فيها دولة داخل الدولة الأردنية وإتخذوا منها قواعد للهجوم على إسرائيل ، وأعلنوا عزمهم على الاطاحة بالملك حسين بحلول عام 1970، وحاولوا إغتياله مرتين ، وفى 10 سبتمبر 1970 خطفوا ثلاث طيارات مدنية وتوجهوا بها الى مدينة الزرقا الأردنية وفجروها أمام الصحافة الدولية . إنتقم منهم الملك حسين بما يعرف ب (أيلول الأسود ) . بإنتقال عرفات ومنظمته الى لبنان أنشا له فيها دولة خاصة به أطلق عليها لقب ( جمهورية الفاكهانى ).  ووصلت الأمور الى مذبحة صابرة وشاتيلا .! . هذه هى أهم إنجازاتهم الحربية .

سادسا : محنة القضية الفلسطينية .. والحصان الميت .!

  بسبب التخلف المُزمن اضاع العرب والفلسطينيون فُرصا هائلة .ثم تباكوا عليها ، ويطالبون بها بعد فوات الأوان ..

1 ـ صدر قرار الجمعية العامة التابعة للامم المتحدة رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1947 بتقسيم فلسطين بين الفلسطينيين واسرائيل ، بدولة عربية تمثل حوالى 42 % من فلسطين ودولة يهودية تمثل حوالى 57 % ، وأن تكون القدس وبيت لحم وتوابعها تحت وصاية دولية . وافقت اسرائيل ورفض العرب ، وأعلنت إسرائيل دولتها فى 14 مايو 1948 ، وحشد العرب قواتهم لحرب اسرائيل فانهزموا عام 1948 فتوسعت اسرائيل وحصلت على حوالى 75 % من فلسطين .وتم تشييع قرار 1947 الى المقبرة .

2 ـ اصبح هذا واقعا سياسيا تسندة قوة اسرائيل . إنتبه الرئيس بورقيبة الى الفرصة التى أضاعها العرب برفض قرار الجمعية العامة عام 1947 ، وفى 3 مارس 1965 خطب فى مدينة اريحا يدعو العرب والفلسطينيين الى الاعتراف بهذا القرار . كوفىء بورقيبة بالاتهام بالخيانة العظمى .

3 ـ بعدها كانت هزيمة العرب الكبرى فى يونية عام 1967 ،واستولت اسرائيل على الضفة الغربية والقدس وسيناء وهضبة الجولان ، وكان الرد العربى بنفس التخلف فى القمة العربية فى مؤتمر الخرطوم فى 29 أغسطس 1967 ، و المشهور ب اللاءات الثلاث : لا صلح ولا تفاوض ولا إعتراف .  

4 ـ إضطر السادات بعد حرب اكتوبر الى عقد معاهدة كامب ديفيد وجعل فيها ركنا للفلسطينيين ، وكوفىء بالاتهام بالخيانة العظمى . ثم رضى عرفات بالقليل فى إتفاقية اوسلو وإعترف باسرائيل .

5 ـ قال الشاعر العباسى صالح بن عبد القدوس :

لا يبلغ الأعداء من جاهل        ما يبلغ الجاهل من نفسه

أخيرا : إبتسم من فضلك :

1 ـ فى مؤتمر جماهيرى فى القاهرة عام 1948 لمناصرة فلسطين توالت الخطب الحماسية ، وأروعها خطبة أحد زعماء الوفد . ببساطة أطلق رصاصة من مسدسه فى الهواء ، واعلن انه بهذا سيحرر فلسطين . تعالت الهتافات الصاخبة والباكية . ثم عاد كل منهم الى بيته سالما ..!!

2 ـ فى أجتماع الجمعية العامة لمناقشة قضية فلسطين تحدث إمام اليمن . أخرج من جيبه ورقة مطولة فيها قصيدة باللغة العربية ، أخذ يتلوها بحماس ، يظن أنه فى سوق عكاظ .!!

3 ـ يا أهلا بالتخلف .!!  

اجمالي القراءات 7403