رحلتى الى إسرائيل وفلسطين : ( 5 ) نُصحا للفلسطينيين

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٢ - أبريل - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

رحلتى الى إسرائيل وفلسطين : ( 5 ) نُصحا للفلسطينيين

أولا : بعيدا عن غسيل المخ :  حقائق مؤلمة يجب على الفلسطينيين تذكرها

1 ـ إسرائيل وهى فى حالة حرب مستمرة منذ تأسيسها لم تلجأ الى فرض قانون الطوارىء على مواطنيها ، ولم تستخدم الأحكام العرفية لتقييد حريتهم . المستبد العربى إذا أصابه زكام أو إمساك أو إسهال أسرع بفرض قوانين الطوارىء فى الحال ، إذا أصابته البواسير فالشعب منه فى أمر عسير .

2 ـ  الدولة العربية مهما بلغ عدد سكانها فهى فى نهاية الأمر فرد واحد يملك الأرض ومن عليها . لا فارق هنا بين الرئيس السيسى ( 64 عاما ) وولى  العهد السعودى ( 33 عاما ). السيسى يختزل مصر الوطن والشعب فى شخصه . وابن سلمان يختزل شعبه فى شخصه. أى إن مصر بملايينها المائة هم ( السيسى ) وفقط ، والسعودية بملايينها ( 32 مليون ونصف المليون ) هم شخص ابن سلمان وفقط ،  والباقى مجرد أصفار على الشمال . لذا فالدول العربية أقلية عددية طالما أن عدد الدول العربية هم عدد المستبدين فقط . هم أقلية الأقلية بالنسبة لعدد سكان اسرائيل ، فالاسرائيليون ليسوا أصفارا على الشمال ، بل أفراد يملكون دولتهم على قدم المساواة  .! لذا تنتصر الأغلبية الاسرائيلية الفاعلة على الأقلية العربية فى الوطن العربى من المحيط الى الخليج . أيها السادة : لسنا فى عصر ( الكم ) نحن فى عصر ( الكيف ) . يسرى هذا على الفلسطينيين .. كم عددهم بالنسبة لعدد الاسرائيليين ؟. الزعيم الفلسطينى من حماس أو عباس يزعق باسم ( شعبنا الفلسطنى ) وهو لا يقصد سوى نفسه . الشعب الفلسطينى بالنسبة له ( سبُّوبة ) يرتزق منها ، بالضبط كما يرتزق الراعى من رعيته ـ أى من أغنامه وماشيته .

3 ـ منذ ألاف السنين لم تقم فى فلسطين دولة مستقلة . تعاقب على إحتلالها دول وامبراطوريات ، ثم فى النهاية أسفرت إتفاقية أوسلو على إعطاء الفلسطينيين فى الضفة والقطاع حكما ذاتيا ، وإعترف ياسر عرفات بإسرائيل . أى بعد عشرات القرون أصبح للفلسطينيين ( مشروع دولة ) ، قد يستطيعون بها إقامة دولة كاملة لهم لأول مرة بعد آلاف السنين . من صاحب الفضل فى هذا ؟ . وهل إتحد قادة فلسطين على تطوير مشروع الدولة لتكون بالفعل دولة ؟ أم إختلفوا صراعا على السلطة والثروة ؟ أو صراعا على السبُّوبة التى يرتزقون منها ، وهى الشعب الفلسطينى المغلوب على أمره ؟

4 ـ بوجود عباس وحماس دعنا لنفترض أن إسرائيل لم توجد ، وأن الفلسطينين حصلوا على إستقلالهم بعد الانتداب البريطانى أو الاحتلال البريطانى . لن  يختلف حال الفلسطسنيين عن أشقائهم العرب فى سوريا ولبنان والعراق ومصر وليبيا .بعد جلاء المحتل الأوربى:( الانجليزى / الفرنسى / الايطالى ) سيأتى فى فلسطين إحتلال محلى أشد وحشية وأكثر تخلفا وأفظع إستبدادا. سيظهر صدام الفلسطينى أو القذافى الفلسطينى أو البشير الفلسطينى أو بشار الفلسطينى أو السيسى الفلسطينى . سيعرف الفلسطينيون تحت وحشيته معنى التعذيب ومعنى القهر ومعنى الاستعباد .

5 ـ  آسف أن أقول : إن تأسيس إسرائيل منع فلسطين أن تعانى ما عانت وتعانى منه شعوب ليبيا والعراق وسوريا والسودان ومصر ولبنان والاردن والسعودية ..الخ   . آسف أن أقول : إن المستبد العربى حتى الآن لا يزال يعتنق جاهلية العصور الوسطى  وثقافتها فى الحكم ، يؤمن بمقولة أنه الراعى وأن الشعب رعية مملوكة له . وهذه الثقافة تخلص منها الغرب من قرون . والى هذه الثقافة الغربية تنتمى إسرائيل ، ولهذا فهى مع حربها مع الفلسطينيين أرحم بهم من حماس ومن عباس .

6 ـ فى صراعهم على السلطة  قتل قادة الفلسطينيين من الفلسطينين أضعاف ما قتلته منهم إسرائيل ، ولقد سمعت أكثر من مرة من اصدقاء فلسطينيين أن السجون الاسرائيلية هى فنادق خمس نجوم مقارنة بالسجون الفلسطينية ، وصحبت فى أواخر السبعينيات شابا كان من الفدائيين المصاحبين لأبى عمار ، ثم تم تسريحه لأسباب طبية فعاش فى قريتنا وتزوج منها . حكى لى أن أيسر طريقة للتعذيب فى منظمة التحرير الفلسطينية هى إجلاس الضحية على زجاجة مياه غازية مكسورة العنق ، ليتهتك شرج الضحية .!. لا تقتصر معاناة الفلسطينيين على حكامهم من حماس الى عباس بل يعانى الفلسطينيون فى البلاد العربية من الظلم . والسعيد منهم من يعيش يحمل الجنسية الاسرائيلية فى الداخل أو يحمل جنسيات أمريكية وأوربية فى الخارج .

7 ـ أقامت إتفاقية اوسلو مشروع دولة فى الضفة والقطاع ، وسرعان ما أسفر الصراع الفلسطينى / الفلسطينى عن فصل غزة عن الضفة . لاحظ أنه لم تقم لهم دولة مكتملة بعدُ . فماذا إذا كانت لهم دولة مكتملة بعد جلاء الاحتلال البريطانى ؟ لاحظ  أنها إنتخابات جرت مرة واحدة ، ثم وداعا للديمقراطية وتبادل السلطة . لا يزال فى السلطة عباس وحماس . نفس الثقافة العربية فى الراعى والرعية ..

8 ـ المستبد العربى نوعان :

8 / 1 : نوع يحكم بالدين ( السنى ) مثل الأسرة السعودية ، ( وهناك ايران التى يحكمها شيوخ الدين الشيعى ) . والدولة الدينية هى الأسوأ .

8 / 2 : النوع الآخر مستبد علمانى ولكن يركب الكهنوت السنى يحكم به الشعب ، كما كان يفعل صدام والقذافى والحكم العسكرى فى مصر والحكم الطائفى فى سوريا .

على نفس الطريق تسير القيادة الفلسطينية فى الضفة والقطاع  ـ مع أنها ليست دولة ، مجرد مشروع دولة . حماس ( الأخوانية الوهابية ) تقيم مشروع دولة دينية فى غزة وتستطيل على سكانها الغلابة ، تضحى بهم لتزيد أرصدة قادتها فى البنوك . ومنظمة التحرير العلمانية يقترن فيها الفساد بالاستبداد وتلجأ الى رجال الدين تركبهم وتركب بهم الشعب الفلسطينى .

ثانيا : ليس حراما أن نتخيل فى أحلام اليقظة : أنّ يفهم الشعب الفلسطينى المقهور أن عدوه الحقيقى ليس إسرائيل بل حماس ودحلان وعباس .

1  : ضابط بوليس إسرائيلى يدخل بيت رئيس الوزراء الاسرائيلى  بنيامين نتنياهو ليستجوبه عن شبهة فساد تمس زوجته أو تمسه ، ولا تزال الزيارات تتوالى . هل يستطيع ضابط بوليس فلسطينى أن يسائل عباس عن ثروته وثروة أبنه رجل الأعمال المشهور الذى يحمل جواز سفره أن عمله هو ابن رئيس السلطة الفلسطينية ؟ . هل يستطيع الشعب الفلسطينى أن يسأل حماس عن ثروة اسماعيل هنية وخالد مشعل ومحمد دحلات وفلان وعلان ؟

2 : نتمى فى أحلام اليقظة أن تسود الحرية الدينية فى الضفة والقطاع بمثل ما تسود فى اسرائيل . لا يستطيع الشيعة والأحمدية والبهائيون والقرآنيون الجهر بعقائدهم فى الضفة والقطاع . لا يستطيعون الدعوة والتبشير بمذاهبهم وأديانهم فى الضفة والقطاع . فى إسرائيل تنوع دينى بطوائف شتى داخل الديانة اليهودية وداخل المسلمين وداخل المسيحيين بالاضافة الى الملحدين و الأحمدية والبهائية .. وكل فرد تصون الدولة الاسرائيلية حقه فى الدعوة لدينه ومذهبه . ويظهر بنيامين نتنياهو يهنىء المسلمين بأعيادهم ، وتقيم سفارة اسرائيل فى واشنطون إفطارا سنويا فى رمضان للمسلمين .. ليس حراما أن نتمنى أن يحدث هذا فى الضفة والقطاع .!

 3 : فى عمليات الاسترزاق التى تقوم بها حماس وهى تشاغب إسرائيل أن تطلق صواريخ بدائية على اسرائيل ، وهى تعلم أن إسرائيل محصنة بما يسمى بالقبة الحديدية من أن يصيبها أشد الصواريخ فتكا . أى إنها عملية عبثية لا جدوى منها عسكريا . ولكن لها جدوى إقتصادية وسياسية لحماس التى لا يهمها سلامة ( شعبها الفلسطينى ).! ، تضرب حماس وتختفى حماس فى الاكتظاظ السكانى فى غزة على أمل أن تقع القنابل الاسرائيلية على الأبرياء من أهل غزة ، وكما تجتهد حماس فى الاختفاء تجتهد إسرائيل فى ألّا تصيب أبرياء وسط التكاثف السكانى فى غزة والذى لا مثيل له فى الشرق الأوسط . يحدث تدمير ، ويأتى أوان الحصاد بأن تطلب حماس تمويلا لإعادة تعمير غزة . ليس حراما أن نتخيل وقوف الشعب الفلسطينى فى غزة رافضا هذه التجارة بدمائه .!

 4 ـ  ليس حراما أن نتخيل فى أحلام اليقظة أن غزة قد اصبحت دولة مستقلة تتمتع بعلاقة سلام مع اسرائيل وبقية جيرانها ، وتقيم دولة ديمقراطية مدنية حقوقية ، وتستغل موقعها الفريد وسكانها فى تأسيس إزدهار إقتصادى مبنى على الانفتاح الإقتصادى ، بأن تتحول الى سوق حرة مفتوحة . قطاع غزة قبل 1967 كان تحت الاإدارة المصرية ، يتمتع بالحرية الاقتصادية، وفى ظل الانغلاق الاشتراكى فى عهد عبد الناصر كانت غزة هى المتنفس للمصريين ، وتمتع أهلها برخاء هائل . قارن هذا الماضى بغزة اليوم تحت قهر حماس .!!

5 ـ ليس حراما أن نتخيل فى احلام اليقظة الضفة الغربية  فى علاقة سلام وتكامل مع اسرائيل تحت ظل حكومة مدنية قائمة على الشفافية والديمقراطية وحقوق الانسان وتداول السلطة ، وبدون دحلان وعباس . تفتح أبوابها للفلسطينيين من المهجر يأتون بأموالهم يساعدون فى تنميتها . ويسعد بهذه التنمية أبناء الضفة .

6 ـ ليس حراما أن نتخيل الفلسطينيين وقد تحرروا من الأصنام الفكرية التى لا يزال العرب والمصريون يعبدونها ، وأقصد ( الأرض ) و ( الوطن ) .

6 / 1 : الوطن ليس قطعة أرض نتعيش عليها كالبهائم . الوطن هو الأرض التى نعيش عليها متمتعين بحقوقنا الانسانية والسياسية وبكرامتنا وبالمساواة والعدل . الوطن هو جميع المواطنين على قدم المساواة ، لا فارق بين ذكر أو انثى ، غنى أو فقير. أى إذا كان عدد المصريين مائة مليون فالوطن المصر يتقسم على هذا العدد ، لا فضل لأحد على أحد . هذا هو الحال فى ثقافة الغرب . أما فى ثقافة المستبد العربى فالوطن يملكه المستبد ، هو الوطن وهو الدولة ، والشعب مملوك له ورعية له ، يقتل منه ما يشاء ويستبقى ما يشاء بلا رقيب وبلا حسيب . برجاء قراءة مقالنا ( ملعون أبو الوطن الذى يملكه المستبد ). وبرجاء أن يتحرر العرب والفلسطينيون من تلك البقرة المقدسة ( وطن المستبد ). يكفى أن الله جل وعلا فرض الهجرة على من يقع عليه الاضطهاد الدينى فى وطنه ، وإذا كان قادرا على الهجرة ولم يهاجر فهو خالد فى النار ( 4 / 97 : 100 ). أى إن الوطن فى الاسلام هو الذى تتمتع فيه بحريتك وحقوقك ، وليس الذى تفقد فيه حريتك وحقوقك .  

6 / 2 : الأرض : لا يعيش الانسان فى هذه الدنيا مخلدا فى هذه الأرض . يعيش فيها مرة واحدة ثم يموت، ويتحول جسده الى تراب فى هذه الأرض التى جاء منها . هذه الأرض ومن عليها يملكها الله جل وعلا ، وهو جل وعلا الذى يرثها ومن عليها ( 19 / 40 ) . المتعاركون على الأرض لا يدركون أنهم يسعون الى الموت بسرعة 60 ثانية فى الدقيقة ، وأنهم فى خضم هذا الصراع سيفاجأون بالموت يتخطفهم تاركين هذه الأرض التى يتقاتلون عليها . العاقل هو من يفهم أن هذه الأرض قد تقاتل عليها ملايين قبله ثم ماتوا، وأن الأجدى أن نعيش العُمر المحدد لنا فيها متمتعين بحقوقنا من الحرية والعدل والمساوة  . والعاقل الفلسطينى والعربى هو الذى يدرك أن المستبد يشحنه بمقولات الوطن والأرض ليضحى به ويزيد من سلطانه لأن هذا المستبد هو الذى يملك الأرض ويريد التوسع وطلب المزيد من الأرض ، يستغل الرعية التى يملكها فى تملك المزيد من الأرض لنفسه . هذا هو الذى تفعله الآن حماس .

7 ـ آن لهذا الخبل أن ينتهى .  

اجمالي القراءات 6411