مقابل 8 إلى 13 ألف دولار
عائلات مغربية فقيرة ترهن بناتها القاصرات في زواج مؤقت
الخميس 07 رجب 1432هـ - 09 يونيو 2011م
صبايا عالقات بين السماء والأرض، كن ضحايا لصفقات عائلية مع مهاجرين نصبوا عليهن بزواج موهوم، وأرهنوهن مدة من الزمن وفق اتفاق شفوي، يقضي بأن يزفها إليه بعقد رسمي عند بلوغها سن الزواج المنصوص عليه في القانون المغربي.
الحلم يتحول إلى كابوس حين يعود الزوج إلى أوروبا، فتتكفل والدته بطرد الصبية إلى الشارع أو نحو بيت أهلها، لتقضي أيامها ولياليها في عذاب، خاصة إذا كانت تحمل جنينا في بطنها فهي مجبرة على أن تثبت نسبه.
في رصدها لهذه الظاهرة، التي برزت في بعض المناطق المغربية ذات الطابع الفلاحي، المعروفة بهجرة أبنائها نحو الخارج، اتصلت "العربية نت" بـ حسن زعطم، رئيس مركز حقوق الناس، بمدينة قلعة السراغنة، الواقعة شرق مدينة مراكش السياحية، فأكد لها بأن الاحصائيات الواردة على مركز الأمل التابع لمؤسسته الحقوقية، تفيد بأن عدد النساء ضحايا العنف المسجلة في السنة الماضية، بلغ 200 حالة، تتوزع ما بين عنف اقتصادي بنسبة 70 بالمائة، وعنف جنسي 10 بالمائة، و20 بالمائة عنف نفسي.
وبخصوص هذا النوع الأخير، قال إن أخطر حالاته المصرح بها طبعا والواردة على المركز، تتمثل في تحايل الأسر على مدونة الأسرة عندما لا يحصلون على إذن من قاضي الأسرة لأجل تزويج قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 14 إلى 16 سنة، فيضعون بناتهم رهن إشارة الأزواج المفترضين مقابل مبلغ مالي، على أساس أن يتم توثيق عقد الزواج بعد وصول القاصرة إلى السن القانوني، وهو الشيء الذي لا يتم على الإطلاق بالنسبة للأغلبية حسب حسن زعطم.
وأضاف رئيس المركز، أن الظاهرة غير محصورة في مدينة قلعة السراغنة، بل تشمل العديد من المناطق المغربية، بحيث تُرهن البنات القاصرات، ويُرهن مصيرهن مقابل مال يقبضه الأب، ثم يسلم ابنته لرجل دون عقد زواج.
وأشار إلى أن أغلب الحالات الواردة على المركز من المحافظة، لم تتجاوز مدة المعاشرة الزوجية التي قضتها في بيت الزوج، إلا شهورا معدودة، مما يجعل الطفلة القاصر، تبعا له، في حيرة وارتياب أمام متاهات إثبات عقد الزواج بالبحث عن الشهود وإجراءات إدارية معقدة، يزيد في تعقيدها تأكيد نسب وهوية الابن في حالة ما إذا كانت حاملا، لتنتقل الطفلة حسبه، من حالة الفساد المشرعن باسم الجهل، إلى فساد غير مشرعن بعد أن تجد نفسها أمام أفق مسدود، خاصة وأن جلهن ينحدرن من أسر فقيرة وعلى قدر من الجمال.
وتابع بأن المركز قام، ويقوم بحملات لبيان خطورة ظاهرة زواج القاصرات، بشراكة مع وزارة التنمية الاجتماعية ولجنة مشتركة تتكون من جمعيات المجتمع المدني وبعض الأقسام الإدارية التابعة للمحافظة، وتم في هذا الإطار، تأسيس مركز إيواء للأمهات العازبات ولهؤلاء الضحايا لدعمهن نفسيا وإدماجهن اجتماعيا.
بعد صدور مدونة الأسرة، كانت الحكومات المغربية تراهن على أن يتقلص عدد القاصرات، لكنه ارتفع، فمقابل30 ألفاً و685 قاصر تزوجن عام 2008. بعد صدور المدونة وصل العدد، سنة 2009 إلى33 ألفاً و 253 قاصراً، وهو ما جعل البرلمان المغربي ومنظمات نسائية وحقوقية تدق ناقوس الخطر و تطالب وزير العدل بمعالجة الظاهرة.
تجريم زواج القاصر
محمد الناصري وزير العدل المغربي، سيعتبر في رده أمام البرلمان، "أن تجريم زواج القاصرات ليس الحل الأمثل لمنعه"، بل إن الأمر في نظره، يتطلب تغييراً من داخل المجتمع عبر نشاط جمعيات المجتمع المدني. مشيرا، خلال ردّه على سؤال شفوي كان تقدم به فريق الأصالة والمعاصرة في الموضوع، أن هناك وقائع يسمح فيها القاضي بزواج القاصر من أجل "ستر عيوب الناس".
وقال الناصري: "أتألم عندما أرى طفلة تبلغ من العمر 12 أو 13 سنة تتزوج. متسائلا "ماذا تريدون مني أن أفعل؟ هذا النوع من الزواج غير مجرم قانوناً. هل ينبغي تجريمه؟ إن هذا الوضع ينبغي أن يتغير تدريجاً"، مؤكدا على أن الواقع الاجتماعي في بعض المناطق المغربية يعتبر كل طفلة بلغت سن 13 أو 14 لم تتزوج عانساً، لذلك تجد الأسرة تزوج بناتها في أول فرصة حسب الوزير.
ولفت الناصري، الانتباه، إلى أن هناك آباء يرهنون بناتهن بمبلغ يتراوح ما بين 60 و100 ألف درهم مغربي (من 8 إلى 13 ألف دولار"، أي أن الأب يأخذ المبلغ مقابل تزويج ابنته القاصر حتى إذا بلغت السن القانونية للزواج ووثقت العلاقة قانونيا فإن المبلغ يرد إلى الزوج، لكن قليلا ما يحدث هذا.