عندما تتحدث المرأة
قالت .. ( أقوال النساء في القران الكريم )

سعيد علي في الأربعاء ٠٧ - مارس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

 

في قصص القران الكريم تجد إشارات لأقوال أبطال القصة و من هذه الأقوال تستشف طبيعة الشخصية و تلحظ بوضوح ( الكاريزما ) لتلك الشخصية و في هذا المقال – المتواضع – أتتبع أقوال النساء في ردودهن و أسألتهن و ردة فعلهن و نبدأ بالسيدة امرأت عمران ( أم مريم ) حيث تقول :
( اذ قالت امراة عمران رب اني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني انك انت السميع العليم ) لاحظ خطابها السري و نذرها ( هنا نلاحظ أن النذر كان معروفا لديهم ) لله جل و علا و روعة الدعاء و الخطاب بـ ( انك السميع العليم ) فلما وضعتها أنثى قالت : ( قالت رب اني وضعتها انثى والله اعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى واني سميتها مريم واني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) .
السيدة مريم أم النبي عيسى عليه السلام هذه المرأة الصالحة التي نبتت في بيت صالح و بيئة تعرف الله جل و علا هذه السيدة الرائعة المملوءة حشمة و وقار و صبر كيف تعاملت مع واقع صعب التصديق لنتتبع أقوالها فتقول :
(قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا ) مع هول و صعوبة اللقاء فقد استعانت بالرحمن جل و علا لم تخف و لم تهرب بل واجهت الموقف مستعينة بالرحمن جل و علا و في تسأل و استغراب مع إيمان كامل تقول : (قالت رب انى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ) هنا إيمانها الراسخ دعاها للقول بـ ( رب ) و تسألها مشروع و تقول متسآلة كذلك : ( قالت انى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم اك بغيا ) و في لحظة الحقيقة و هي ترى مولودها المعجزة و هاجس ردة الفعل من قومها قالت : (قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ) هذه المرأة الصالحة هي نفسها من ردت على زكريا عليه السلام بالقول : ( قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب ) .
امرأة إبراهيم عليه السلام والدة اسحاق عليه السلام عندما بشرت بالولد قالت مستعجبة : (قالت يا ويلتى االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا ان هذا لشيء عجيب ) و هي نفسها من وصفت نفسها بالعجوز العقيم : (وقالت عجوز عقيم ) .
امرأة فرعون هذه المرأة الصالحة التي عاشت في بيت الكفر و القسوة و الظلم و الطغيان قالت و أمرت لمن أراد أن يقتل موسى عليه السلام و هو طفل رضيع : ( وقالت امراة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ) هذا القول كان له أثراً كبيرا في نجاة موسى عليه السلام من القتل – و الله جل و علا هو المدبر و هو الحافظ - هذه المرأة الصالحة عندما خاطبت ربها قالت : (قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ) هي امرأة مؤمنة تعرف الله جل و علا و تعلم أن هناك يوم للآخرة و تعلم أن الجنة جزاء المتقين .
امرأة عزيز مصر كانت صادقة في اعترافها رغم السنين و رغم الظلم الذي وقع على يوسف عليه السلام فقالت بفخر : ( قالت امراة العزيز الان حصحص الحق انا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين ) .
ننتقل الآن إلى عقل المرأة السياسي و الحكمة التي فاقت بها حكماء اليمن و التعامل العقلاني الفذ مع رسالة النبي سليمان عليه السلام و لنتتبع أقوالها الحكيمة من شورى سياسية و أخذ القرار النهائي تجنبا لمملكتها من الدمار حيث تقول : ( قالت يا ايها الملا اني القي الي كتاب كريم ) لاحظ وصفها لكتاب سليمان عليه السلام بأنه ( كريم ) و هو معطى أولي لموافقتها بما جاء فيه و واصلت بلقيس الحكيمة بالقول لعلية قومها – الملأ من قومها - : (قالت يا ايها الملا افتوني في امري ما كنت قاطعة امرا حتى تشهدون ) هنا إشارة رائعة للديموقراطية القديمة بقولها ( ما كنت قاطعة امرأ حتى تشهدون ) و تواصل بلقيس في تحليلها للموقف بالقول : (قالت ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة وكذلك يفعلون ) و هنا إشارة واضحة للأحداث التاريخية التي تحدث في ثقافة الاحتلال و كيف يتصرف المحتل مع أهل القرية المحتلة و هذه الثقافة طبقها العرب المحتلون بإسم الإسلام فيما يسمى بالفتوحات الإسلامية حيث أفسدوا القرى و جعلوا أعزة أهلها أذلة و الشواهد التاريخية واضحة !!!
و عندما رأت عرشها لم تكابر و لم تستنكر في صورة مبطنة لقبولها بدعوة سليمان عليه السلام و قالت عبارة مختصرة تعني الكثير حيث قالت : (قالت كانه هو ) و عندما أصدرت رأيها النهائي و قبولها بدعوته و ( إسلامها ) رغم أنها كانت تعبد الشمس سابقا قالت بكل إيمان و صدق نية مخاطبة ربها جل و علا : (قالت رب اني ظلمت نفسي واسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) و نتصور عطفا على ثقلها السياسي كملكة أن من كانت تحكمهم أسلموا و دخلت اليمن في الإسلام ( الإسلام : هو كل دين سماوي حق و النبي سليمان عليه السلام نبي اتى بالإسلام كحال كل نبي و رسول ) لذا فأهل اليمن مسلمون يدينون برسالة سليمان عليه السلام و أن ملكتهم هي رسول سليمان لهم – هذا رائيي المتواضع - .
و ننتقل إلى امرأة أخرى ( صبية يافعة ) تربت في بيت إسرائيلي طاهر و هي أخت موسى عليه السلام فلم ترعبها قوة الفرعون و جنوده الذين كانوا يقتلون الأطفال و قالت لهم في أدب جم و ثقة عالية : ( فقالت هل ادلكم على اهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ) كمية هائلة من الأدب و الرقي في الحوار و الإقناع نستشف من قولها هذا و هكذا هي المرأة الناصحة يجب أن تكون .
و لأن التربية السليمة و البيئة الطيبة غالبا ما تنتج أبناء صالحون بغض النظر عن الموقع الجغرافي فأصول التربية لا تعترف بالمكان ننتقل إلى موقع جغرافي آخر هو مدين لنتتبع أقوال بنات الشيخ الكبير في حوارهما مع موسى عليه السلام إذ أجابتا على سؤاله بالقول : ( قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وابونا شيخ كبير ) لاحظ الثقة في النفس و التبرير المقنع لوجودهما و حسن تصرفهما و عدم مزاحمتهما للرعاء !! قارن اليوم هذا التصرف بتصرفات مماثلة لتعرف أن التربية هي التربية و لأن الشفافية يجب أن تكون حاضرة بين الأبناء و الآباء فقد أوضحتا لأبيهما ما حصل و اقترحتا بتشغيله لأنه قوي أمين حيث قالت إحداهما : ( قالت أحداهما يا ابت استأجره ان خير من استأجرت القوي الأمين ) و هنا ملمح واضح للصفات الوظيفية التي بها يربح الباحث عن العمل فرصة لنيل شرف الوظيفة و هنا ملمح آخر لإجتياز موسى عليه السلام بنجاح شروط الوظيفة و رسوب آخرين قد لم ترى البنتين في رجال مدين أهليتهم لنيل شرف العمل مع والدهما الشيخ الكبير و أرسل إحداهن له لتقول له : ( قالت ان أبي يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا ) لم تقل ( إنا ندعوك ) أو ( أدعوك ) بل قالت ( إن أبي يدعوك ) و أوضحت له السبب بالقول : ( ليجزيك اجر ما سقيت لنا ) .
أخيرا و من القران الكريم ننتقل لبيت خاتم النبيين عليه السلام و نلاحظ سؤال ( غريب !! ) من إحدى زوجاته و بلغة مختلفة !! حيث تسأله بالقول : ( قالت من أنباك هذا ) !!!
فيرد عليه السلام صاحب الخلق العظيم بالقول : ( قال نباني العليم الخبير ) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


  

اجمالي القراءات 7330