آحمد صبحي منصور
في
الخميس ٠٦ - نوفمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
مهما حدث سيظل هناك فقراء وأيضا أفقر الفقراء أى المساكين الذين يحتاجون الى القوت الضرورى ويجب إطعامهم . ولهذا نزل التشريع القرىن يتحدث عن الفقراء والمساكين المحتاجين كحالات مستمرة .
لا يرجع الفقر فقط الى عدم حصول الفقير على رأسمال يستثمره ، فللفقر أسباب كثيرة ، منها ما يدخل فى الحتميات القدرية ، كالمريض المفتقر للعلاج ، واليتيم الذى لا عائل له ، والأرملة ذات الأطفال الصغار والتى تعجز عن كفالتهم مهما عملت وإشتغلت ، وأصحاب الاحتياجات الخاصة ( المعوقون ) . ولأنها ظروف مستمرة ومنها ما يدخل فى الحتميات القدرية ( المرض ، العاهات ) فإن الله جل وعلا أوجب على الدولة الاسلامية رعاية هؤلاء ، مع أن الدولة الاسلامية مؤسسة على العدل والاحسان والحرية . فمهما كان هناك عدل فسيظل الفقر موجودا لأسباب قهرية ترجع للإنسان نفسه ولا سبيل له عليها . يُولد طفلان لأسرة فقيرة ، احدهما ( أبكم لا يقدر على شىء ) ومحكوم عليه بالفقر والاحتياج طيلة عمره . والآخر فيه ذكاء وحيوية ونشاط . هذا لن يُعانى من الفقر ، سيسعى فى الأرض طلبا للرزق ، وسواء وجد من يعينه على الاستثمار أو لم يجد فسيشق طريقه مثلما فعل ويفعل كثير من العصاميين الذين بدأوا من الصفر .
إن مصارف الصدقات هى لمستحقين بعينهم . ولا يصح توجيه موارد الصدقات الى الإستثمار فى وجود مستحقين محتاجين . الاستثمار له مجالات أخرى قائمة على التراضى . وفى النظام الاسلامى الاقتصادى توزيع للفىء ( أى ما يفىء الى بيت المال أو خزانة الدولة ) على مستحقين لا يدخل فيهم الأغنياء حتى لا يكون المال دولة بين الأغنياء فيتحولون الى مترفين ، ويكونون إرهاصا بتدمير المجتمع . إعطاء الفقراء حقوقهم فى الصدقة يشجع الاستثمار لأن الفقير مستهلك بطبعه ، وهو يحتاج الى الطعام والمسكن والملبس ، وأكثر ، لذا فإن الأغنياء الذين يملكون المصانع ومحلات التجارة ووسائل الانتاج والمساكن ويعطون الزكاة المالية للفقراء إنما يساعدون أنفسهم بإعطائهم الصدقات للمحتاجين . هذه الزكاة ستعود اليهم حين ينفق الفقراء ما لديهم فى الشراء مما ينتجه الأغنياء ، وبهذا تتم دورات سريعة لرأس المال ينتعش بها المجتمع ، فيتم إنشاء المزيد من وسائل الانتاج وتشغيل المزيد من العمال وتحقيق المزيد من المكاسب ، وتخرج عنها المزيد من الصدقات وتعود بالكثير من المشتريات ورواج السوق .. وهكذا .