أثناء مراجعتي لعدد من ملفات القضايا التي أتولى الدفاع عن أصحابها، وجدت أن أكثرها يخص المواطن المصري/ أيمن نور، الحاصل على الدكتوراة في العلوم السياسية، وعضو نقابتي، الصحفيين، والمحامين، ومؤسس حزبي الغد عام 2004م، وغد الثورة عام 2011م، وصاحب التجربة البرلمانية، لمدة عشر سنوات، والتي شهد العالم له فيها بالكفاءة، وأول من تجرأ على الترشح للرئاسة، ذلك تاريخ الرجل قبل المنفى الذي بدأ عام 2013م.
لم يعرف الرجل أو يقترب منه إلا القليل، حتى وإن كثروا، لأن الملايين تسمع فقط ما يردده البعض حوله من إفتراءات، تهدف للنيل منه، إما عن فهم خاطئ، أو عن عمد.
وبداية أنوه إلى أنني كنتُ من أكثر المنتقدين للرجل لمرتين، الأولى كانت بعد خروجه من محبسه، عام 2009م، فاتهمته بالديكتاتورية في إدارة حزب الغد، والثانية كانت بعد وصول الرئيس الأسبق/ محمد مرسي لسدة الحكم، فقلت عنه أنه أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.
واليوم أقف مدافعاً عنه، وأقر بأنني قد ظلمته في أوقات أسأت فيها ظني به، لكن عدتُ عن ظلمي عندما أدركت ما كان غائباً عني، أفلا يعود كل من ظلموه عن ظلمهم.
سبق لي وأن كتبت حول أسباب خلافي معه في كل مرة، ولا محل هنا لإعادة ما سبق وأن كتب، بيد أني أكتب هذه السطور، علها تزيل الغشاوة عن كل مختلف مع الرجل، أو على خلاف معه، بسبب سوء ظن، فإن قدر الله وإتضحت الرؤيا، أكون قد نلتُ ثواباً من الرحمن الرحيم، فما سعي إلا للتوافق بين رفاق درب في المنفى.
ولكي تتضح الأمور، علينا بإلقاء نظرة حول الظروف والملابسات المحيطة بالدكتور/ أيمن نور :
أولاً/ عندما نتحدث عن عالم السياسة في مصر، سيكون أيمن نور، في الصف الأول للنوابغ في هذا المضمار، إلا أنه لم يجد يوماً الأرض الخصبة لطرح أفكاره، فظن البعض أن القصور قد يكون منه، وتغافلوا عن أن الرجل في كل حقبة يقف منفرداً، أمام خصوم يتصفون بالقوة، والثروة، والشدة.
ثانياً/ هل تناسينا، أن الرجل وقف في وقت ما، أمام نظام سياسي عتيد، مخاطراً بحياته، وأمنه، ومستقبله، ومستقبل عائلته، من أجل محاولة للتغيير عام 2005م، كان يعلم نتائجها مسبقاً.
ثالثاً/ هل لو كان الرجل باحثاً عن مال أو شهرة، أما كان يستطيع ترتيب أوراقه، ليعمل من داخل مصر، وليس خارجها، دون أن يخرج عن سياق المعارضة، فهو صاحب خبرة، وموهبة سياسية، كما أنه خطيب مفوه، بيد أنه إختار الطريق الأصعب، حتى لا يتنازل عن مبادئه، ليصبح فيما بعد ممنوعاً من العودة إلى الوطن، فأوراق هويته المصرية، رفضت السلطات المصرية تجديدها حتى لا يعود.
رابعاً/ لا يدرك المنتقدون للرجل، قدر الحمل، والعبء عليه، فما بين إدارته لقناة الشرق التي حققت إنتشاراً كبيراً بين أرجاء العالم، وإدارته لأعمال أخرى في الخارج، جميعها تمس مصر، والعالم العربي، وما بين صراعاته في الخارج، مع حاقد، أو متآمر، أو أشخاص أساءوا الفهم، وما بين صراعاته داخل مصر، وإنشغاله بأكثر من ثلاثين دعوى قضائية تخصه بشكل مباشر !، بخلاف دعاوى قضائية أخرى تخصه بشكل غير مباشر.
خامساً/ لطالما سمعت ممن هم في المنفى، عن مواقف مشرفة للرجل مع رفاق دربه، بيد أنه لم يُعلن عنها، لإيمانه بأنه إن أحسن لأحد، فذاك واجب أخلاقي، ووطني، لا مِنة منهُ.
لقد ظلم الكثيرون أيمن نور، سواءً وقت أن كان في مصر، أو في منفاه، لكن الأصعب هو الظلم من الرفاق في الغربة، ومع ذلك يظل الرجلُ على عهده، وكلما تلقى طعنات من خناجر الظلم، إذ به يدافع عن نفسه بسلاح الرحمة، ليس طلباً للرحمة من أحد طعنه !، وإنما بالرحمة منه على كل من طعنه، لإيمانه بأن من أساء فهمه، سيفهم الحقيقة ذات يوم.
لا أخفي أني كتبت تلك السطور، وكلي حُزن على المظلوم في المنفى، لكن ما أراه من قوته، مع كل الصعاب التي واتته، يشعرني أن الغشاوة ستزول قريباً عن كل من أساءوا الفهم، ولما لا .. فقد كنت واحداً ممن سبق وأساءوا الظن به.
إن مصر بحاجة إلى كل وطني مخلص، وكل موهوب ومبدع في العمل السياسي، وليعلم الجميع أن معارضة أيمن نور، ليست خارجة عن النص، فمثلها نجده في الدول الديمقراطية يمارس من داخل الأوطان، لا من خارجها، لأن المعارضة تبني ولا تهدم.
في النهاية : لم يأتي كتابي هذا متأخراً، فالفتن لم تنتهي، لكنها بدأت، أسأل الله أن ينير بصيرة كُل مغترب، وأن يصلح أعمالنا جميعاً لما فيه خير الأمة.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت