الهجرة بين التشريع الالهى والتشريع الوضعى

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٣٠ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الهجرة بين التشريع الالهى والتشريع الوضعى

 مقدمة :  

1 ـ جاء فى جريدة ساسة بوست مقال هام عن هجرة الجزائريين الى الخارج ، وتحت شعار ( يأكلنى الحوت ولا يأكلنى الدود ) . يهمنا من هذا التقرير تلك الفتوى التى أصدرها ( المجلس الإسلامي الأعلى ) في الجزائر، والتى تحرّم الهجرة غير الشرعية؛ بعد استفحال الظاهرة التي غزت الشواطئ الجزائرية، وبلغت العام الماضي أرقامًا قياسية، كما أيدت «وزارة الشؤون الدينية والأوقاف» على لسان وزيرها «محمد عيسى» هذه الفتوى في ندوة صحافية عقدها الخميس الماضي ، وقال عيسى: إن الهجرة غير الشرعية ـ«الحرڤة» حرامٌ شرعًا، مضيفًا: «المجلس الإسلامي الأعلى، وهو أعلى سلطة إفتاء في الجزائر، قد أفتى بتحريم هذه الظاهرة). وقال منسق نقابة موظفي الشؤون الدينية «جلول حجيمي» إن ظاهرة الحرقة تمس بمقاصد الشريعة من حفظ للمال والنفس والعقل، ولذا جاء القول بتحريمها، كما أن كل الأدلة سواء من القرآن والسنة تدعم هذا الرأي، ولعل أبرزها قول الله تعالى «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )  

2 ـ أيضا جاءنا سؤال يقول : ( بخصوص الهجرة الغير شرعية لمواطنين لا يجدون العمل في بلدانهم فيقومون بشراء زوارق ويذهبون بها الى اوروبا يشقون البحار ويجتزون المخاطر....منهم من يموت غرقا وياكله الحوت...ومنهم من يقبظ ويسجن....ومنهم من يظفر بعمل غير قانوني في اوروبا......هل يشرع مثل هذا العمل...بحجة من يهاجر في سبيل الله يجد مراغما وسعة....ام هذا عمل لا يبرر باي شكل من الاشكال....وعلى الشباب ان يطالبوا بحقوقهم في بلدهم الاصلي...ولا يهربوا بحجة الهجرة )

3 ـ ولأنها قضية الساعة التى تشغل العرب والغرب على السواء فإننا نكتب رؤيتنا القرآنية مستعينين برب العزة جل وعلا :

أولا : عن الأرض والانسان عموما  

1 ـ عن موارد الكرة الأرضية : هى نوعان : المتجددة الدائمة كالرياح والبحار والمحيطات والطاقة الشمسية ، والمؤقتة مما هو تحت الأرض من معادن ومياه جوفية . كل هذه الموارد الأرضية خلقها الله جل وعلا متاحة للبشر جميعا ، وهى حق لمن يسعى اليها ويحصل عليها ، قال جل وعلا عن خلق الأرض :( وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) فصلت ). الروعة فى قوله جل وعلا عن موارد الأرض أنها ( سواء للسائلين ) ، أى الباحثين المنقبين عنها . ليست حكرا على قوم أو جيل أو عائلة أو حاكم . هى مباحة للجميع فى أى مكان وزمان ، وهى حق لمن يستغلها فى أى زمان ومكان . ويموت الانسان ويصبح ترابا ضمن موارد الأرض ، وتبقى تلك الموارد يستغلها اللاحقون بعد السابقين .

2 ـ عن الانسان : نحن جميعا أبناء آدم ، متساوون من حيث النسب والنشأة ، والله جل وعلا جعلنا شعوبا وقبائل مختلفة فى الألسنة واللون ، وهذا لكى نتعارف سلميا ، وأكرمنا عند الله جل وعلا ليس هو أقوانا أو أغنانا أو أجملنا ، بل هو الأتقى ، وهذه التقوى ستتحدد يوم القيامة ، فالله جل وعلا هو الخبير بنا . قال جل وعلا يخاطبنا جميعا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات ).  

3 ـ  الله جل وعلا هو الذى أمرنا بالسعى فى الأرض وجعلها لنا ذلولا لنمشى فى مناكبها ونأكل من رزقه. قال جل وعلا :(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)الملك ) . هنا أمر إلاهى بالسعى فى سبيل الرزق فى الكرة الأرضية، وبهذا السعى فيها يتحقق التعارف المُشار اليه فى الآية 13 من سورة الحجرات . هذا عن الهجرة سعيا للرزق . الأمر هنا إختيارى ، بمعنى إن رضيت بوطنك ورفضت الهجرة فلا ذنب عليك .

4 ـ ولكن تكون الهجرة من الوطن فرضا عند الاضطهاد الدينى ، والذى يعانى الاضطهاد وهو قادر على الهجرة ويتقاعس عنها فإنه يموت كافرا . قال جل وعلا : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً (99) النساء )

ويلفت النظر أن الأرض كروية ، أى واسعة ليس لها نهاية . تخيل نملة تدب على بطيخة . لا يمكن أن تصل الى نهايتها ، وستظل تدور فيها حتى تموت . وهكذا الكرة الأرضية واسعة لا نهاية لها لأنها دائرية ، أما الذى له نهاية فهو عُمر الانسان، فالعمر محدد ولكن الأرض واسعة . وعلى الانسان خلال العمر المحدد له ألا يقضى عمره مضطهدا فى الدين . قال جل وعلا يخاطب عباده المؤمنين :( يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) العنكبوت  ) . لم يقل ( قل ياعبادى ) بل جاء الخطاب مباشرة لنا من ربنا جل وعلا ، بأن أرضه واسعة بينما عُمرنا محدد بالموت . وبالتالى لا ينبغى أن نضيع فرصة الحياة فى مكان نُعانى منه بسبب الدين.

ثانيا : عن الدولة

1 ـ يعيش البشر فى دول ونظم حكم مختلفة ، ديمقراطية وإستبدادية ، وكلها تشترك فى أن لها حدودا وأنها تملك السيطرة على حدودها ، والسيطرة على الموارد داخل هذه الحدود . وطبقا للتشريع القرآنى نلاحظ :

1 / 1 : أن تلك الموارد فى أى دولة هى فى الأصل مملوكة لرب العزة جل وعلا ، وتسرى هذه الملكية على ما ينتج عنها من مال،لذا أوجب الله جل وعلا علينا الإنفاق من ( مال الله ) الذى آتانا : (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ  ) (33) النور ) بمعنى آخر فإن الله جل وعلا هو الذى إستخلفنا فى هذا المال ، إختبارا لنا ، وأمرنا أن ننفق منه على المستحقين ، وفى سبيل الله ، أى فى الدعوة لحقائق الاسلام وقيمه العليا من الحرية الدينية المطلقة والديمقراطية والعدل للجميع والسلام والرحمة والتعاون على البر والتقوى والاحسان والتسامح وحقوق الانسان وكرامته . عن هذا الاستخلاف قال جل وعلا : ( وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) ( الحديد  )

1 / 2 : وطالما أن الشعب فى دولته هو المستخلف على مال الله والموارد التى خلقها الله جل وعلا فى هذه الدولة فإن الفرد يكون مالكا بقدر حفاظه على هذا المال . أى إن الملكية الفردية ليست مطلقة ، بل هى مقيدة بحُسن القيام عليها وتنميتها ، فإذا كان سفيها فليس المال ماله ، بل ترجع ملكيته الى الدولة ، وهى تعيّن وصيا على هذا السفيه تستثمر هذا المال وتعطى من ريعه ما يكفى هذا السفية . قال جل وعلا : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) (5) النساء).

1 / 3 نلاحظ التعبير القرآنى ينسب المال للدولة : (أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً )، فالدولة عن طريق الجهة المختصة هى التى تقوم على إستثمار هذه الأموال أو الضياع ، وترزق السفيه ( فيها ) : قال جل وعلا : (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا ) .

يختلف الوضع عند تقسيم التركة ، وقبل تقسيمها يوجب الله جل وعلا أنه إذا حضر القسمة الأقارب من غير الورثة واليتامى والمساكين أن يأخذوا شيئا ( من التركة ) ، قال جل وعلا (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) النساء ). هنا قال (  فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ  )(8) النساء  )، أى من أصل التركة . وليس من إستثمارها .

1 / 4 : ويلفت النظر أن اليتيم إذا بلغ الرشد وظهر بالاختبار أنه راشد يكون المال ماله ، قال جل وعلا : (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ) ..( فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ )(6) النساء ) هنا جاءت نسبة المال اليهم . بينما لم ينسب المال للسفهاء فى الآية 5 من نفس السورة .

2  : والدول نوعان :

2 / 1 : دولة ديمقراطية يملكها الشعب ، والحكومة فيه تخدم الشعب وتخشى الشعب ، والشعب ممثلا فى مجالسه النيابية هو الذى يحافظ على ثروة الشعب ويحاسب السلطة التنفيذية . وهذا أقرب لشريعة الاسلام .

2 / 2 : دول إستبدادية يملكها الحاكم المستبد والملأ التابع له فى الأمن والجيش والاعلام والكهنوت الدينى . وهنا يرتبط الاستبداد بالفساد ، فالفرعون الحاكم يعتقد أنه يملك الثروة كما يملك السلطة . وفيها ينقسم السكان الى أقلية الأقلية من المترفين ، والأغلبية الساحقة من الفقراء والمساكين ، وبينهما طبقة متوسطة ضئيلة وبائسة ومقهورة .

2 / 3 : والحاكم المستبد سفيه لأنه لا يفكر صوابا فى مستقبله . مهما إستمر جائما فوق صدر الشعب فهو يدور فى حلقة مفرغة من الظلم والخوف ، يعيش أسير كوابيسه يتوقع الشّر من أقرب الناس ، ويظل فى حالة صراع وجود مع كل الناس الى ان يموت قتلا أو عزلا ، وقد أضاع كل ما جمع من بلايين من المال السُّحت . هذا بينما الرئيس فى الدولة الديمقراطية يترك منصبه المؤقت ، ويعيش معززا مكرما يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق آمنا مطمئنا .

2 / 4 : هناك سفيه عادى لا يظلم سوى نفسه. المستبد هو سفيه يظلم الملايين، وإذا كان رب العزة ينهى عن أن يعطى الشعب أمواله للسفيه العادى فى ثروة قليلة فكيف يعطى الشعب كل موارده للسفيه الأكبر ـ المستبد ـ فيستأثر بها ويبددها حسب هواه ؟ هناك مستبدون أضاعوا ثروات الشعوب مثل صدام والقذافى ، وهناك الأسرة السعودية التى إحتكرت ثروات الشعب المملوك لها وتبددها على الشهوات والحروب العبثية ، وهناك مستبدون آخرون ينهبون أموال الدولة بكل دأب وإخلاص .

ثالثا : عن الهجرة الآن :

1 ـ فى دول الاستبداد والفساد لا يجد الناس حلإ إلا فى الهجرة الى الدول الديمقراطية . ومئات الألوف يصبحون طعاما لأسماك البحر . يخاطرون بحياتهم فى البحر على أمل الخلاص من البؤس الذى يعيشون فيه ولا يستطيعون مقاومة المتسبب فيه . ثم لا يتركهم المستبد ، بل يسلط عليهم أعوانه من الكهنة فيفتون بتحريم الهجرة دون ذرة حياء . بدلا من أن يواجهوا المستبد بظلمه وأنه السبب يزعمون أن الهجرة منهى عنها لأنه ينطبق عليها قوله جل وعلا : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ).

2 ـ ليس أسوأ من المستبد إلا أعوانه من الكهنوت الدينى الذى يسوّغ له الفساد والاستبداد. ومؤهلات هذا الكهنوت الدينى تتركز فى الجهل الشديد والمقدرة الهائلة فى نفاق المستبد . يظهر هذا فى إستشهاد الكهنوت الجزائرى فى تحريمهم الهجرة بقوله جل وعلا (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) . لقد جاء هذا فى سياق تشريع القتال ، من قوله جل وعلا : (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) البقرة ) وبعدها الى أن يقول رب العزة جل وعلا : ( الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194) البقرة ) بعد تشريع القتال بالنفس يأتى الأمر الجهاد بالمال ، قال جل وعلا : ( وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ  ) لأنه بدون القتال الدفاعى يكون الهلاك . ولأنه تبرع بالاحسان قال جل وعلا : ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) البقرة ).

3 ـ المستبد يستعين بالكهنوت ويمكنه من الشعب ، فيتعلم الناس من خلال المساجد والاعلام والتعليم خرافات الدين الأرضى السائد وتشريعاته . ومن خلال هذا الدين الأرضى السائد تنشأ المعارضة السياسية تخلط الدين بالسياسة كما يفعل المستبد . وبالصراع بين المستبد وخصومه يهرب منه كثيرون الى الغرب ، يحملون فى قلوبهم العداء للغرب ، يعيشون فى خيراته ويتآمرون على قتل أبنائه . وهذا ما يحدث الآن ، من إرتباط الهجرات للغرب بتصاعد العمليات الارهابية فيه .

4 ـ ومن المنتظر من الغرب أن يدافع عن أرضه ودولته ومواطنيه . لذا يتخذون إجراءات ويصدون قوانين ، قد يكون بعضها مجحفا ، وقد يكون تطبيق العادل منها سيئا بحيث يقع الضرر على المهاجرين الأبرياء .  

أخيرا

1 ـ الله جل وعلا يأمر أن نسير فى الأرض وأن نمشى فى مناكبها لنأكل من رزقه ، وقد جعل موارد الرزق فى هذا الكوكب سواء للسائلين ، فالهجرة فى سبيل الرزق شرعية فى الاسلام طالما يسعى الانسان الى الكسب المشروع . اما الهجرة فى سبيل الله فى حالة الاضطهاد الدينى فهى واجبة مفروضة لمن يجد اليها سبيلا ، ومن يقدر عليها ولا يهاجر يموت كافرا حسبما جاء فى سورة النساء .

2 ـ من الظلم ما تفعله بعض الدول من حظر للهجرة وتضييق عليها و على المهاجرين. المهاجرون الباحثون عن الرزق والأمن هم ضرورة للغرب ، خصوصا أولئك الشباب وأصحاب الخبرات الذين لا يجدون مكانا فى بلادهم الأصلية ، حيث يفضل المستبد أصحاب الثقة الجهلاء على أصحاب الكفاءة الذين لا يجدون الفرصة إلا بالهجرة للغرب .  

3 ـ هؤلاء المهاجرون الأفاضل قد يضطرون الى مخالفة اللوائح والقوانين أو التحايل عليها للحصول على إقامة شرعية . ولا ضير فى هذا على الاطلاق . ولا يعنى هذا الوقوع فى الظلم او الجريمة. هو فقط يريد البقاء ليعمل ويكسب بالحلال دون ان يؤذى احدا.

4 ـ القوانين الوضعية التى يطاردون بها الهجرة والتى يطاردون بها المهاجرين لا تخلو من ثغرات ، وهناك من يجيد إستغلال هذه الثغرات من المحامين ، ولا حرج فى اللجوء اليهم والاستفادة من هذه الثغرات . فى النهاية هى قوانين وضعية وليست شريعة الاهية ، بل إن الشريعة الالهية ترفض الظلم ، وما تقوم به هذا القوانين الوضعية فيها ظلم لمن يريد الهجرة ليعمل بشرف ويخدم البلد التى هاجر اليها .

5 ـ هناك من يهاجر لكى يفسد فى الأرض ، هذا ملعون . ينطبق هذا على الدواعش وغيرهم من الارهابيين. هؤلاء الارهابيون هم الذين إضطروا تلك البلاد الى سن قوانين مجحفة ، ويكون ظلما تطبيقها على المسالمين الأبرياء الباحثين عن العمل ولقمة عيش شريفة. !

اجمالي القراءات 7709