الأرامل والمطلقات في العراق "قنابل موقوتة"

في الثلاثاء ٢٦ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

في كل أسبوع يمتلئ مكتب النائبة في البرلمان العراقي سميرة الموسوي بعشرات الرسائل من الارامل من جميع انحاء العراق، حتى ان احداهن كتبت لها مستفسرة عن ماذا تختار : هل تنفق ما تبقى لها من مال قليل على طفلها الرضيع، ام على الطلبات المدرسية لابنها الاكبر.

وقالت الموسوي، وهي ايضا رئيسة اللجنة الشؤون النسائية في مجلس النواب العراقي، قورها إنها تواجه مصاعب حقيقية في الرد على استفسارات وطلبات واستعطافات الارامل العراقيات اليائسات، اللاتي يقدرن بين مليون إلى مليوني ارملة.

وعلى الرغم من ان العنف في مناطق العراق تراجع بقوة خلال الاشهر الماضية، إلا ان اعداد النساء ممن تركن بلا معيل او سند، في ازدياد، وعدد قليل منهن يحصلن على معونات مالية من الحكومة، ويخشى المسؤولون ان تكون عواقب الظروف الصعبة التي تعيشها هؤلاء النسوة مخيفة.

وتقول سميرة الموسوي: "ماذا يمكن للارملة ان تفعل، الخروج عن السلوك السوي، فالأرهابيون يستغلون المحتاجين واليائسين".


الكثير من الارامل والمطلقات شابات
وتشير الوكالة إلى أن لا احد في العراق قادر على اعطاء رقم دقيق لعدد الارامل اللواتي اصبحن بلا معيل خلال العهد الدموي للرئيس العراقي السابق صدام حسين، وخلال الحرب العراقية الايرانية التي امتدت من عام 1980 وحتى 1988، وحرب الخليج عام 1991، والعنف الطائفي الذي عصف بالعراق منذ الغزو الامريكي له عام 2003.

وتقول سميرة الموسوي، استنادا إلى ارقام وزارة التخطيط التي تعود إلى منتصف عام 2007، ان عدد المطلقات والارامل في العراق اقترب من مليون امرأة، من مجموع 8,5 مليون امرأة في العراق تترواح اعمارهن بين الخامسة عشرة والثمانين من العمر.

لكن نرمين عثمان وزيرة شؤون المرأة بالانابة تضع الرقم عند اكثر من مليوني ارملة ومطلقة، في بلد يقدر عدد سكانه، حسب آخر الارقام، بنحو 30 مليون نسمة.

عدد الارامل في تزايد مستمر، والوضع بات مثل قنبلة موقوتة، وخصوصا ان الكثير منهن ما زلن يافعات وشابات وهن حبيسات البيوت

وزيرة شؤون المرأة العراقية بالانابة
ومهما كان الرقم، تقول الموسوي ونرمين عثمان، حسب الوكالة، ان النساء اللواتي فقدن معيلهن الرجل منذ غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة، يعانين بشكل متزايد من الحرمان وعدم القدرة على اعالة انفسهن او اطفالهن.

ومع اتساع نفوذ التيارات الاسلامية المحافظة في العراق خلال الاعوام الاخيرة، صارت فرص النساء الوحيدات في لعب دور في المجتمع او الاقتصاد العراقي ضئيلة، وسيجد العديد منهن انفسهن حبيسات البيوت وعاجزات عن اعالة انفسهن، وعلى الاخص في المناطق والاحياء الفقيرة.

في هذا الاطار قالت نرمين عثمان ان عدد الارامل في تزايد مستمر، وان "الوضع بات مثل قنبلة موقوتة، وخصوصا ان الكثير منهن ما زلن يافعات وشابات وهن حبيسات البيوت".

لكن سميرة الموسوي تقول ان الارامل في عهد صدام حسين كن يمنحن رواتب شهرية وسيارات وقطعة ارض وقرض عقاري لبناء بيت عليها، وهو ما ساعد في التخفيف من ازماتهن، على الرغم من وحشية نظام صدام حسين، لكن تلك المساعدات توقفت منذ سقوط هذا النظام.

ويقدر عدد الارامل اللواتي يحصلن على معونات حكومية بنحو 84 ألف ارملة، وبمعدل يتراوح بين 40 إلى 95 دولارا شهريا، حيث تنتقد الموسوي، في تصريح تنقله رويترز، هذا الوضع وتقول انه ليس سوى مهدئ وليس علاجا فعالا.


يقدر عدد الارامل والمطلقات العراقيات بمليونين
يشار إلى ان اللجنة المختصة بشؤون المرأة في البرلمان العراقي رفعت مسودة قانون يمنح النساء اللواتي بلا معيل مسكنا، حتى يجنبهن عواقب الانزلاق في مهاوي البغاء، او الاستغلال من قبل المسلحين.

إلا أن المناشدات التي رفعت إلى حكومة نوري المالكي، لم تجد اذانا صاغية، فمشروع القانون هذا لم يصل إلى مرحلة التصويت، على الرغم من ان البرلمان قد بحثه في قراءتين.

وتقول سميرة الموسوي ان الحكومة منشغلة بالقضايا السياسية والامنية، ونسيت الامور الاخرى، وهذا الرأي وجد صداه عند وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمود الشيخ راضي، الذي قال ان وزارته لا تقدم إلا القليل جدا للارامل، لكنه قال ان هذا هو المتوفر في ميزانية الحكومة.

ويشير تقرير صدر عن جمعيات اغاثة ومعونة تعمل في العراق إلى ان نحو 43 في المئة من العراقيين يعيشون "في فقر مطلق"، وهناك اربعة ملايين آخرين على الاقل بحاجة إلى معونات غذائية، ويفتقر نحو ثلثي اطفال العراق إلى مياه صحية نظيفة صالحة للشرب.

كما تواجه الارامل المحتاجات للمعونة عراقيل وعوائق بيروقراطية حكومية شديدة التعقيد تجعل امر الحصول على مساعدة اشبه بالمستحيل.

اجمالي القراءات 8882