كل عيد شرطة وأنتم بخير وطيبون، واحتفالنا بهذه المناسبة لا بد ألا يكون مجرد أغانٍ وقصائد شعر وتنويهات تليفزيونية وخطب منبرية، لكنه لا بد أن يكون وعياً ويقظة ومزيداً من تحسين الأداء والعمل على تحسين وتجويد ثقافة ضابط الشرطة المضادة للفكر المتطرف الإرهابى مثلما نحسّن ونجوّد من سلاحه المضاد للمتطرف والإرهابى، أنزعج كثيراً عندما أفتح حواراً مع ضابط شرطة فأجد خلفيته الثقافية والفكرية سلفية بامتياز، وقد حكى لى أحد أساتذة الأزهر المستنيرين حواراً صادماً أثناء ندوة له مع أحد الضباط من الرتب الكبيرة ظهر فيه اتجاه هذا الضابط السلفى المتشدد فكرياً، ما جعل هذا الأستاذ يتساءل وأتساءل معه كيف تسلل هذا الفكر إلى أدمغة بعض الضباط دون أن تكون هناك استراتيجية واضحة من وزارة الداخلية لمقاومته وكشفه؟!، جهد رائع يبذله ضباط الشرطة فى حربهم ضد الإرهابيين المجرمين القتلة، ولكى تكون حربهم تلك ضد الإرهاب كفكرة لا بد أن تتغير آليات المواجهة، لا بد أن يقتنع ضابط الشرطة أنه يطارد إرهابياً يحمل فى دماغه فكرة فاشية ولا يطارد تاجر مخدرات يحمل قطعة حشيش فى جيبه أو نشالاً يحمل طفاشة، لا بد أن يؤمن الضابط أن بذرة هذا الإرهابى فكرة ضالة ووهم مزمن ونص خاطئ التفسير وخطبة مسمومة المعنى وكتاب فاسد الكلمة، لا بد أن نفسر لهذا الضابط من خلال آلية طويلة المدى وخطة محكمة الترتيب ومنهج واضح المعالم، نشرح له لماذا يفجر هذا الإرهابى نفسه بتلك الثقة والسعادة والقناعة؟!، كيف تملكت من عقله ووجدانه تلك الفكرة الشيطانية؟، دورات المشايخ فقط غير مجدية، لا بد أن ينضم ويتصدى لتلك المهمة مثقفون وعلماء نفس واجتماع، لا بد من جلسات عصف ذهنى وغربلة أفكار حتى يشعر الضابط بخطورة هذا السرطان ولا يتعامل معه على أنه دور زكام!، لا بد أن نعترف أن هناك كثيراً من الأحداث الإرهابية التى قُتل فيها ضباط وجنود شرطة كانت بسبب تسريب معلومات من فرد داخل الجهاز إلى الإرهابيين، لم تحرك هذا الفرد الفلوس فقط، بل حركته الفكرة وحركه الانتماء الفكرى والعقائدى وعدم الاقتناع بأن هؤلاء المطاردين إرهابيون، للأسف هذا الشرطى الذى أبلغ وفتن مقتنع بأنهم مجاهدون ومظلومون، مطلوب جلسات عمل داخل وزارة الداخلية لوضع منهج ثقافى وفنى وإبداعى للضباط، ليست رفاهية ولا إضاعة للوقت، إنها قضية حياة أو موت.