خطبة زياد فى إعلان الأحكام العرفية لأول مرة فى تاريخ المسلمين

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٤ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

خطبة زياد فى إعلان الأحكام العرفية لأول مرة فى تاريخ المسلمين

  مقدمة :

1 ـ كان والى البصرة لمعاوية هو (ابن عامر) وكان لينًا لا يأخذ على أيدي السفهاء ولا يعاقب، فانتشر الفسق والانحلال فى البصرة مرتبطا بكونها مركز المعارضة السياسية لمعاوية، وزارأحد الصحابة معاوية، وهو ابن الكواء - واسمه عبد الله أبن أبي أوفى ـ فسأله عن الناس فقال‏: ‏"أما البصرة فقد غلب عليها سفهاؤها وعاملها ضعيف" فعزله معاوية، وبعث الحارث بن عبد الله الأزدي‏ واليا مكانه.‏ وكان ذلك فى أوائل عام 45. وبقى الحارث واليا على البصرة عدة أشهر الى أن عزله معاوية ليولى مكانه زياد بعد أن استلحقه ، وكان ذلك فى نفس العام 45.

2 ـ وقتها كان المغيرة بن أبى شعبة واليا على الكوفة. وكان زياد قد جاء من فارس وتوقف فى الكوفة ينتظر قرار معاوية. وتوجس المغيرة من قدوم زياد الى الكوفة بالذات ، وخشى أن يعزله معاوية من ولاية الكوفة ليعيّن زيادا مكانه فيها . فقال المغيرة لصديقه وائل بن حجر الحضرمي‏:‏ إعلم لي علمه، أى أرسله الى زياد ليستطلع منه سبب مجيئه الى الكوفة بالذات ، تقول الرواية (فأتاه فلم يقدر منه على شيء). أى تحوط زياد فى حديثه معه فلم يخبره بشىء. واشتعلت مخاوف المغيرة، فذهب إلى معاوية، وطلب إستعفاءه من ولاية الكوفة وأن يعيش فى منطقة قرقيسيا، فخاف معاوية منه لأنه سيكون هناك بين جماهير قومه من قبائل قيس، أى يصبح بهم خطرا على معاوية، فألزمه بالرجوع الى عمله واليا على الكوفة، وقال له‏:‏(لترجعن إلى عملك)‏.‏ (فأبى، فازداد معاوية تهمةً له،فرده على عمله، فعاد إلى الكوفة ليلًا ).

3 ـ وسرعان ما أرسل معاوية زيادا‏ واليا على البصرة، فقدمها في آخر شهر ربيع الآخر أو غرة جمادى الأولى من هذه السنة 45، وأضاف اليه خراسان وسجستان.

تقول الروايات إن زيادا قدم البصرة (والفسق ظاهر فاشٍ فخطبهم خطبته البتراء، التى لم يحمد الله فيها). وفى تلك الخطبة البتراء الشهيرة عام 45 أعلن زياد الأحكام العرفية ،أو قانون الطوارىء، ليسجل سبقا سيئا فى تاريخ المسلمين. وسميت (الخطبة البتراء) لأنها خلت من تحميد الله سبحانه وتعالى، على غير العادة فى الخطب.وقد جمعت تلك الخطبة بين الانذار والوعظ ، والتهديد والوعيد فى أروع أسلوب.

ونتوقف بالتحليل مع هذه الخطبة التى تعد أحدى عيون الأدب العربى، وأشهر الخطب فيه.

نصّ الخطبة :

(اما بعد فان الجهالة الجهلاء والضلالة العمياء والغيّ الموفي بأهله علي النار ما فيه سفهاؤكم ويشتمل عليه حلماؤكم من الامور العظام، ينبت فيها الصغير ولا يتحاشي عنها الكبير، كأنكم لم تقرأوا كتاب الله ولم تسمعوا ما اعد من الثواب الكريم لأهل طاعته والعذاب الاليم لأهل معصيته في الزمن السرمدي الذي لا يزول؟ اتكونون كمن طرفت عينه الدنيا وسدت مسامعه الشهوات واختار الفانية علي الباقية؟ ولا تذكرون انكم احدثتم في الاسلام الحدث الذي لم تسبقوا اليه من ترككم الضعيف يقهر ويؤخذ ماله، وهذه المواخير المنصوبة ؟ والضعيفة المسلوبة(أى المرأة التى يغتصبونها) في النهار المبصر والعدد غير القليل؟ الم يكن منكم نُهاةٌّ يمنعون الغواة من دلج اليل وغارة النهار؟ قربتم القرابة وباعدتم الدين، تعتذرون بغير العذر وتغضون عن المختلس.! اليس كل امرئ منكم يذب عن سفيهه ؟ صنع من لا يخاف عاقبة ولا يرجو معادا ؟ ما انتم بالحلماء ، ولقد اتبعتم السفهاء، فلم يزل بكم ما ترون من قيامكم دونهم حتي انتهكوا حرمة الاسلام، ثم اطرقوا وراءكم كنوسا (اشخاص مشبوهين) في مكانس (اماكن) الريب (أي التهم) . حرام علي الطعام والشراب حتي اسويها بالارض هدما واحراقا.

اني رأيت اخر هذا الامر لا يصلح الا بما صلح به اوله، لين في غير ضعف، و شدة في غير عنف، واني أقسم بالله لأخذن الولي بالمولي والمقيم بالظاعن والمقبل بالمدبر والمطيع بالعاصي والصحيح منكم في نفسه بالسقيم، حتي يلقي الرجل منكم اخاه فيقول (انج سعد فقد هلك سعيد)، او تستقيم لي قناتكم. (أي تسيروا علي الطريق المستقيم). ان كذبة المنبر بلقاء مشهورة، فاذا تعلقتم علي بكذبه فقد حلت لكم معصيتي، واذا سمعتموها فاغتمزوها في، واعلموا ان عندي امثالها، من نقب منكم عليه فانا ضامن لما ذهب منه. فأياي ودلج الليل فاني لا اوتي بمدلج الا سفكت دمه، وقد اجلتكم في ذلك بمقدار ما يأتي الخبر الكوفة ويرجع اليكم، واياي ودعوي الجاهلية فأني لا اخذ داعيا بها الا قطعت لسانه. وقد احدثتم (اخترعتم) احداثا وقد احدثنا لكل ذنب عقوبة، من غرّق قوما غرّقناه ، ومن احرق قوما احرقناه ، ومن نقب بيتا نقبنا عن قلبه، ومن نبش قبرا دفناه حيا فيه، فكفوا عني ايديكم والسنتكم اكفف عنكم يدي ولساني، ولا تظهر علي احد منكم ريبة (شبهة) بخلاف ما عليه عامتكم الا ضربت عنقه، وقد كانت بيني وبين قوم إحنُّ (كراهية وخصومة) فجعلت ذلك دبر اذني وتحت قدمي ، فمن كان منكم محسنا فليزدد احسانا، ومن كان منكم مسيئا فليدع إساءته، اني والله لو علمت ان احدكم قد قتله السل من بغضي لم اكشف له قناعا ولم اهتك له سرا حتي يبدي لي صفحته، فاذا فعل ذلك لم اناظره، فاستأنفوا اموركم وارعوا علي انفسكم، فرب مسوء بقدومنا سنسره، ومسرور بقدومنا سنسوؤه.

ايها الناس : انا اصبحنا لكم سادة وعنكم ذادة ، نسوسكم بسلطان الله الذي اعطانا ونذود عليكم بفئ الله الذي خولنا ، فلنا عليكم السمع والطاعة فيما احببنا ، ولكم علينا العدل والانصاف فيما ولينا ، فاستوجبوا عدلنا وفيئنا بمناصحتكم لنا . واعلموا اني مهما قصرت فلن اقصر لثلاث : لست محتجبا عن طلب حاجة منكم ولو أتاني طارقا بليل، ولا حابسا عطاء ولا رزقا عن ابانه، ولا مجمرا لكم بعثا (أي لا يبقي الجيش في ارض العدو في غير زمن الغزو). فادعوا الله بالصلاح لأئمتكم فانهم ساستكم المؤدبون لكم ، وكهفكم الذي اليه تأوون ،ومتي يصلحوا تصلحوا ، ولا تشربوا قلوبكم ببغضهم فيشتد لذلك غيظكم ويطول له حزنكم ولا تدركوا به حاجتكم ، مع انه لو استجيب لكم فيهم لكان شرا لكم .اسأل الله ان يعين كلا علي كل ، واذا رأيتموني انفذ فيكم الامر فانفذوه علي اذلاله ( أي علي حاله ) وايم الله ان لي فيكم لصرعى ( قتلى ) كثيرة فليحذر كل امرئ منكم ان يكون من صرعاي .) .

تحليل الخطبة

الهدف الاعلامي للخطبة :

في فترة الاضطراب السياسي عرفت البصرة التمرد السياسي اضافة الي التمرد الاخلاقي ، خصوصا مع ضعف الولاة عليها من قبل معاوية ، ومنهم ابن عامر والحارث بن عبد الله الازدي الذي ظل واليا اربعة اشهر، وبعد ان انضم زياد الي معاوية اصبح لمعاوية فارس وخراسان ، وهما اهم اقاليم البصرة ، وكان منوطا بزياد ان يتولي البصرة بكل الاقاليم التابعة لها .

وحيث ان مدينة البصرة نفسها كانت عاصمة للانحلال والتمرد وقتها فكان لابد من اصلاحها واخضاعها بالشدة والعنف ، وحيث ان شخصية الوالي تعرف من خلال لقائه الاول بالناس ، ومن خلال خطبته فيهم ، فقد حرص زياد علي ان يقدم نفسه ويعلن سياسته في تلك الخطبة البتراء التي خلت من الحمد والتسبيح ، وكل ذلك لخدمة الهدف الاعلامي للخطبة، وهي تبرير اعلانه الاحكام العرفية علي البصرة وولايتها لاخضاعها للسلطة الاموية سياسيا ، وتأكيد الأمن فيها اجتماعيا.

وسائل تحقيق الهدف الدعائي للخطبة :

تحليل الخطبة من حيث الفصاحة والسياسة :

عبقرية زياد تظهر في فصاحته ودهائه وحُسن سياسته ، وبهذه العبقرية تمكن وهو مجهول النسب من الوصول الي الصف الاول بين الساسة في عصره مع انه لم تكن له عشيرة ولا نسب ولا سابقة في الاسلام ولا تميز في الفتوحات او المعارك الاهلية ، وتتجلي في هذه الخطبة عبقرية زياد من حيث الشكل ومن حيث المضمون .

من حيث الشكل تظهر عبقريته في الفصاحة .

وقد شهد له بهذه الفصاحة في خطبته بعض السامعين من فصحاء العرب ، اذ قام عبد الله بن الاهتم فقال لزياد بعد ان اتم خطبته : اشهد ايها الامير انك اوتيت الحكمة وفصل الخطاب ) وقال له الاحنف ابن قيس ( قد قلت فأحسنت ايها الامير ..) .

ومن مظاهر الفصاحة في لغة الخطبة :

1 ـ بدؤها بدون بسملة او حمد لله ، لأن ذلك يوحي باللين والتسامح والعفو والمغفرة ، وليس هذا هو الهدف الاعلامي من تلك الخطبة البتراء ، وزياد استفاد هذه البلاغة من القرآن الكريم حيث نزلت سورة (براءة ) بدون بسملة وافتتحت بالبراءة من المشركين المعتدين ، وجعلت لهم اجلا مدته اربعة اشهر حتي يتوبوا عن اعتدائهم وعصيانهم ، وربما وجد زياد حال البصرة وسكانها اشبه بحال اولئك المشركين المعتدين ، فنسج خطبته علي منوال افتتاحية سورة براءة ( السورة رقم 9 في القرآن الكريم ).

وزياد هو اول من ابتدع هذه النوعية من الخطب ، أي الخطب البتراء ، ويقول الجاحظ في كتابه البيان والتبيين ( علي ان خطباء السلف الطيب واهل البيان والتابعين لهم باحسان مازالوا يسمون الخطبة التي لم تبدأ بالتحميد وتستفتح بالتمجيد : البتراء ، ويسمون الخطبة التي لم توشح بالقرآن وتزين بالصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم : الشوهاء ) .

2 ـ من حيث البلاغة فى الاسلوب ، فقد حفلت الخطبة (بالمحسنات اللفظية) من (الطباق) و(المقابلة) و(الجناس) .

2/ 1 : و(الطباق) هو ايراد لفظين متناقضين في المعني في سياق واحد ، مثل قوله ( ما فيه سفهاؤكم .. ويشتمل عليه حلماؤكم ")( الصغير .. الكبير ) ( اختار الفانية علي الباقية )( دلج الليل وغارة النهار ") ( قربتم القرابة وباعدتم الدين )(ما انتم بالحلماء ، وقد اتبعتم السفهاء )(آخر هذا الامر لا يصلح الا بما صلح به اوله )(لآخذن الولي بالمولي ، والمقيم بالظاعن ، والمقبل بالمدبر ، والصحيح منكم بالسقيم ) .

والأمثلة فى القرآن الكريم كثيرة ( للطباق)، ومنها (هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ )(الحديد 3)( وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاء وَلا الأَمْوَاتُ) ( فاطر 19 ـ ).

2 / 2 : وحين يقع التناقض بين اكثر من لفظ في جملتين متقابلتين يتحول (الطباق) الي (مقابلة)، وذلك كقوله تعالي (فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا) (التوبة / 82) فالضحك القليل في الجملة الاولي يقابله البكاء الكثير في الجملة الثانية. ونظير ذلك قوله جل وعلا (إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (الانفطار 13 ـ )

وتكررت المقابلة في خطبة زياد ومنها قوله (ولم تقرءوا كتاب الله ولم تسمعوا ما اعد الله حق الثواب الكريم لأهل طاعته والعذاب الاليم لأهل معصيته) فالثواب الكريم لأهل الطاعة ، يقابله العذاب الاليم لأهل المعصية، ومنها قوله (فرب مسوء بقدومنا سيسر، ومسرور بقدومنا سنسوؤه) فالمقابلة هنا بين المبتئس الذي سيصبح مسرورا والمسرور الذي سيصبح مبتئسا عندما يأتي الامير. وأيضا (فلنا عليكم.. ولكم علينا) (لين في غير ضعف.. وشدة في غير عنف).

3 ـ اما الجناس فهو اشتراك الالفاظ المختلفة في المعني في بعض الحروف، أو كل الحروف.

ويكون الجناس ناقصا كقوله تعالي ( فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ) (التكوير:15، 16). ويكون الجناس كاملا تاما اذا اشترك اللفظان المختلفان في المعني في كل الحروف كقوله تعالي (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ) (الروم 55) .

وتكرر الجناس في خطبة زياد مثل قوله (المواخير المنصوبة والضعيفة المسلوبة) ( لين في غير ضعف.. وشدة في غير عنف) (انج سعد فقد هلك سعيد) (من غرق قوما غرقناه) (ومن حرق قوما حرقناه.. ومن نقب بيت.. نقبت عن قلبه) (نهاة تمنع الغواة)

4 ـ وبالإضافة للمحسنات اللفظية هناك البلاغة المعنوية من الاستعارة والتشبيه والكناية.

فيقول عن المرأة التي تتعرض للاختطاف والاغتصاب (الضعيفة المسلوبة) وهي كناية شديدة الوقع.

ويأتي التشبيه بقوله ( أتكونون كمن طرفت عينه الدنيا). فتشبيههم في غيهم وعماهم بالذي دخل عينيه شئ اعاقها علي الابصار .

وهناك استعارة في قوله (طرفت عينه الدنيا) (وسدت مسامعه الشهوات).

ويأتى في غاية الفصاحة قوله عن الفساق المستترين في المنعطفات المظلمة والطرقات المهجورة (ثم اطرقوا وراءكم كنوسا في مكانس الريب) والكنوس او الكنس بمعني مستتر، ومنها قوله تعالي عن النجوم المستترة الجارية في الفضاء الكوني (الْجَوَارِ الْكُنَّسِ)، ويقول عن الحكام (كهفكم الذي اليه تأوون).

ومن المبالغة في الاستعارة قوله وقد اجاد فيه (اني لو علمت ان احدكم قد قتله السُّل من بغضي لم اكشف له قناعا).

4 ـ وتلك البلاغة المعنوية وتلك المحسنات اللفظية استخدمها زياد ليوقع التأثير العميق في المستمعين فى عصر الفصاحة العربية، وليقنعهم بهذه الفصاحة اللفظية والمعنوية بصدقه فيما يقول عن إجراءاته المتشددة وعزمه علي تنفيذها .

ويمكن مراجعة قراءة الخطبة ليتبين ان زياد احسن توظيف تلك المحسنات اللفظية والبلاغية خصوصا في الجزء الاول من خطبته الذي حفل بالهجاء لأهل البصرة وبوعظهم في نفس الوقت. ثم احسن ايضا في توظيف فصاحته في الجزء الثاني حين اخذ يهددهم في لغة شديد وفصيحة ، ثم جاء الجزء الثالث اكثر هدوءا فكان الاسلوب اقرب الي الاسلوب التقريري وابتعد عن الاسلوب الادبي والمجازي ليلائم الحال .

هذا عن عبقرية زياد في خطبته من حيث الفصاحة ، او الشكل العام .

ويوازي هذا عبقريتة في خطبته من حيث المضمون .

فالخطبة تنقسم الي ثلاثة اقسام : البداية ، والوسط ، والخاتمة ..

البداية :

1 ـ في البداية بادر بهجاء اهل البصرة والهجوم عليهم وقرن ذلك الهجوم بالوعظ الديني . وهذه النوعية من الوعظ المقترن بالتهديد والوعيد والقتل بسيف السلطان تناسب حال زياد.

2 ـ ويلاحظ انه لم يستخدم في الوعظ ايه قرآنية مع اشارته في معرض هجومه عليهم الي هجرهم كتاب الله ( كأن لم تسمعوا بآي الله ولم تقرأوا كتاب الله ولم تسمعوا ما اعد الله …الخ ).

3 ـ كما انه لم يستشهد بأي حديث منسوب للنبي عليه السلام ، اذ انه في تلك الفترة لم تكن للأحاديث دولة رائجة في الرواية الشفهية، وقد بدأت روايتها الشفهية علي اتساع فيما بعد ، ثم يدأت كتابتها بعد هذا الوقت بقرن من الزمان .

4 ـ كما أن مصطلح (السنة ) بمفهومه الدينى لم يكن بعد معروفا أو مستعملا .لذا لم يرد فى خطبة زياد. كل ما قاله هو الآيات القرآنية و الكتاب (كأن لم تسمعوا بآي الله ولم تقرأوا كتاب الله ).

ففى القرن الأول الهجرى لم يحدث أبدا ـ أقول أبدا ـ فى أى خطبة رسمية أن يقال (الكتاب والسّنة ) بل الكتاب فقط . وحتى بعد عصر (زياد ) بنصف قرن تقريبا خطب عمر بن عبد العزيز أول خطبة له بعد توليه الخلافة فذكر فيها الكتاب فقط ونفى وجود شىء معه ، إذ لم يكن فى ثقافة المسلمين وقتها شىء يسمى السنة . يروى ابن سعد فى الطبقات الكبرى فى ترجمة عمر بن عبد العزيز ، أنه عندما تولى الخلافة بعد موت ابن عمه سليمان بن عبد الملك : (خرج الى المسجد فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال :أما بعد ، فانه ليس بعد نبيكم نبي ، ولا بعد الكتاب الذي انزل عليه كتاب ، الا ان ما احل الله حلال الى يوم القيامة وما حرم الله حرام الى يوم القيامة. الا اني لست بقاض ولكني منفذ. الا اني لست بمبتدع ولكني متبع الا انه ليس لاحد ان يطاع في معصية الهك .الا اني لست بخيركم ولكني رجل منكم غير ان الله جعلني اثقلكم حملا ).

5 ـ والمستفاد من هذا ان زياد في وعظه استخدم اسلوبه الشخصي ، وقرن الوعظ بتوضيح مثالب اهل البصرة من الصغار والسفهاء الي الكبار والزعماء ، حيث فشا فيهم الفسق والظلم في الليل والنهار .

وكان ممكنا ان يستشهد زياد بالقرآن الكريم وفيه اروع ما قيل بالعربية الفصحي في الوعظ والترغيب والترهيب ، الا ان ذلك لن يعطي لزياد فرصته في اظهار فصاحته الشخصية ، وهي احدي مظاهر عبقريته، وبها يستطيع بهذا الاسلوب الدعائي احكام سيطرته السياسية .

وهذه المبادرة الحادة بالهجوم كانت مقدمة لما جاء في وسط الخطبة من اعلانه لسياسته او احكامه العرفية التي لم تكن معروفة قبل زياد .

 

6ـ لقد قامت سياسة معاوية علي اساس الحلم والمداراة ، وهو القائل ( لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت ، قالوا كيف ؟ قال : اذا شدوها ارخيتها ، واذا ارخوها شددتها ). ولم تكن هذه السياسة لتجدي في البصرة وولاياتها في المشرق ، وهي احد اهم مراكز المعارضة السياسية للحكم الاموي الجديد ، وبسبب انفتاح البصرة علي الخليج والعالم واتساع الولايات التابعة لها ، وكونها مجتمعا متعدد الاعراق فان تمردها السياسي اقترن بانفلات اخلاقي مع ضعف الولاة وكثرة توليهم وعزلهم .وهذه الحالة في رأي زياد لا يجدي معها تطبيق الاحكام الشرعية العادية ، كما لا يجدي معها تطبيق سياسة معاوية في اللين والمداراة ، وانما تحتاج الي نوعية من الاحكام العرفية لا تأخذ المجرم فقط ، وانما تستهدف المحيطين به .

وهذه الاحكام العرفية التي بدأ بها زياد فى تاريخ المسلمين كان لابد من اسلوب خاص في إعلانها ، أي لا يصح ان يبدأ بها خطبته ، وانما يمهد لها بمقدمة هادرة يقرن فيها الهجوم والانتقاد الحاد بالوعظ الجاد، ثم بعدها يدخل في تفصيل احكامه العرفية . وبعد ان وزع هجاءه ووعظه علي الجميع من السفهاء والحلماء والرعاع والزعماء داعيا للاصلاح ومنحازا للفضيلة ، وبعد ان تيقن من إحساس المستمعين بالخجل والعار بدأ في الموضوع الاساسي للخطبة ، وهو وسطها ، او الاحكام العرفية التي فرضها علي اهل البصرة .

الوسط :

وفي هذا الجزء يبدأ بقوله عن اماكن الفجور ( حرام علي الطعام والشراب حتي اسويها بالارض هدما واحراقا ) فهذا ينذر نذرا ويقسم قسما انه لن يأكل ولن يشرب حتي يهدم ويحرق اماكن الفجور تلك .. وبالتالي يكون تنفيذ هذا القسم – وهو سهل ميسور – اصدق دليل علي عزمه في تنفيذ سياسته ..

ثم بعدها بدأ يوضح سياسة واحكامه العرفية :

اهم معالم هذه السياسة :

المظهر الأول :

1 ـ معاقبة المخطئ ومن حوله ، فهو يعاقب الولي بالمولي و المقيم بالظاعن .. الخ .. وهذا يناقض القرآن وتشريع الاسلام القائل (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (فاطر18) (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )(الاسراء 15) (أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (النجم 38) فليس في الاسلام ان يعاقب البرئ بذنب المجرم، ولهذا فان احد الخوارج وهو ابو بلال مرداس بن ادية قال ليزيد معلقا علي خطبته (انبأنا الله غير ما قلت ، قال الله عز وجل: وابراهيم الذي وفى، الا تزر وازرة وزر اخري، وان ليس للانسان الا ما سعي) فأوعدنا الله خير مما اوعدتنا يا زياد، فقال له زياد: انا لا نبلغ ما نريد فيك وفي اصحابك حتي نخوض اليكم في الباطل خوضا).

اذن يعترف زياد ببطلان هذه الاجراءات التشريعية، الا انها ضرورة في نظره لمواجهة الانفلات الامني الذي اسهب في الهجوم عليه..

ويهمنا هنا أن زيادا قد أسس هذه القاعدة الظالمة ، وهى معاقبة البرىء بجرم المجرم ، وهى أهم إجراءات السياسة القمعية للنظم الاستبدادية العربية حتى الآن .ويستعملها نظام مبارك فى مصر سياسة ثابتة يتعامل بها مع الخصوم السياسيين، بل ويتعامل بها البوليس المصرى فى إرغام البرىء على الاعتراف بما لم يقترفه بتهديده بانتهاك حرمة بيته ، ومن العادات الهمجية للبوليس المصرى فى عهد العسكر اتخاذ الأقارب رهائن والقبض عليهم لارغام المطلوب على تسليم نفسه . هذا القمع وذاك الظلم قننه زياد فى تلك الخطبة (الوعظية )، وسار عليها المستبد الشرقى حتى الآن.

ولم ينفع مع زياد وعظ مرداس له حين ذكّره بالقاعدة القرآنية، بل اعترف بصراحة أنه يخوض فى الباطل خوضا ليواجه الخوارج.

وعلى أى حال فقد كان لزياد شجاعة الاعتراف بأنه على الباطل هنا، ولكن المستبدين من بعده ـ وحتى الآن ـ ليسوا فى مثل شجاعته وليسوا فى مثل فصاحته .

2 ـ وهناك تناقض اخر في خطبة زياد، ليس مع القرآن فقط، ولكن مع فقرات من الخطبة نفسها، اذ انه يقول (اني رأيت اخر هذا الامر لا يصلح الا بما صلح به اوله، لين في غير ضعف و شدة في غير عنف، واني اقسم بالله لأخذن الولي بالمولي والمقيم بالظاعن.. الخ..). وهنا يقع التناقض. فكيف يتأتي اللين مع معاقبة المظلوم البرئ؟ وكيف لا تكون معاقبة البرئ شدة وعنفا ؟

ثم ان زياد يخطئ حين يزعم ان سياسته هذه هي نفس السياسة التي صلح بها حال المسلمين الاوائل في عهد النبي عليه السلام، اذ يقول (اني رأيت اخر هذا الامر لا يصلح الا بما صلح به اوله) فالواقع التاريخي يؤكد ان تلك الاحكام العرفية كان زياد اول من طبقها في تاريخ المسلمين .وفي النهاية فان الباعث لزياد علي هذه السياسة هو ان اهل البصرة كانوا يتعاونون علي الاثم والعدوان، فلابد من اخافة الجميع.. وقد نجح في هذا.

المظهر الثانى من مظاهر سياسته:

1 ـ استحداث عقوبات جديدة لم تكن، والتعليل في قوله (وقد احدثتم احداثا لم تكن وقد احدثنا لكل ذنب عقوبة) أي فالجرائم الجديدة ابتدع لها زياد عقوبات جديدة من جنسها من الاغراق والحرق وشق القلب والدفن حيا وقطع لسان من يتكلم بدعوي الجاهلية.

2 ـ ويلاحظ ان زياد يقرن اعلانه لهذه السياسة بضمان اكيد في ان يقوم بتنفيذها ، وقد اوضح هذا الضمان في صورة علنية اشبه بالتحدي ، ليس فقط في انه اقسم بالله انه لن يأكل ولن يشرب الا بعد احراق اماكن الفساد، ولكن ايضا حين جعلهم شهودا علي انه سيفي بوعيده، واحل لهم العصيان ان لم ينفذ تصريحاته فيقول (ان كذبة المنبر بلقاء مشهورة، فاذا تعلقتم علي بكذبة فقد حلت لكم معصيتي)

3 ـ كما ان زياد يقرن تهديده ووعوده وتنفيذ احكامه العرفية بشئ من الرفق والعدل، فلا دخل للعواطف الشخصية في تطبيق تلك الاحكام، فالكارهون لزياد من اهل البصرة والذين يعلم زياد كراهيتهم له لن يبدأهم بسوء حتي يبدأوا هم، أي انه يعفو مقدما عما سلف ويبدأ معهم صفحة جديدة، فمن كان مسيئا فلينزع عن اساءته ومن كان محسنا فليزدد إحسانا.

4 ـ وقد يبدو في الخطبة التركيز علي الجرائم الجنائية دون السياسية التي تعني الخروج علي الدولة، ولو بمجرد الكلام دون الحركة والفعل. والواقع ان دهاء زياد جعله يركز في خطبته علي الجرائم الخلقية ليتخذ منها حجة علي اهل البصرة، ومسوغا لأعلان تلك الاحكام العرفية الاستثنائية..

5 ـ الا انه بين سطور خطيئته جعل عقوبة القتل للمشتبه فيه سياسيا، وصاغ ذلك بأسلوب مطاط يفوق صناعة القوانين الاستثنائية في الدول النامية، اذ يقول (لا يظهر من احد منكم خلاف ما علية عامتكم الا ضربت عنقه) فالعوام مع الدولة، ومن يخالف رأي العوام يكون خارجيا، والخوارج هم اهم اعداء الدولة الاموية في ذلك الوقت.. وليس تعبيرا محددا توصيفه لتلك الجريمة التى تستوجب عنده ضرب العنق، مجرد قوله (لا يظهر من احد منكم خلاف ما علية عامتكم الا ضربت عنقه)

وكانت ثورات الخوارج وغيرهم – ولا تزال – تبدأ بدعوة ومقال ودعاية، ونري زياد لها بالمرصاد فيقول محذرا (واياي ودعوي الجاهلية ، فأني لا أجد أحدا دعا بها الا قطعت لسانه) ودعوي الجاهلية عبارة مطاطة يفسرها الحاكم حسب هواه. أى إنه جعل عقوبة قطع اللسان لمن يتكلم ضد السلطان. وللسلطان وحده تحديد نوعية الكلام الذى يكون مناط العقوبة ،سواء كانت قطع اللسان أو ضرب العنق.

أى إن عبقرية زياد جعلته يستخدم اسلوب الوعظ فى تمرير أحكام استثنائية غاية فى القسوة، تصادر مقدما حرية التعبير التى كفلها معاوية نفسه حين قال قولته الشهيرة (إنا لا نحول بين الناس وألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا). وقد فهم ابو بلال مرداس بن ادية خطورة تلك الخطبة وما تعلنه من سياسة فاعترض، فاعترف زياد بأنها الطريق الوحيد لمواجهة الخوارج، حتي ولو سار في طريق الباطل.

6 ـ ونجح زياد في تطبيق هذه السياسة في البصرة حتي اضاف له معاوية ولاية الكوفة ، وكان للشيعة في الكوفة تأثير في ولاية المغيرة بن شعبة عليها ، وكانوا يهاجمون المغيرة اذا بدأ في الخطبة في شتم علي ابن ابي طالب ، وكان قائد الشيعة في ذلك حجر بن عدي الكندي ، وراح حجر بن عدي ضحية لسياسة زياد في الكوفة هو واصحابه ، فكانوا اول قتلي المعارضة القولية في تاريخ المسلمين ، وهذا هو موضوعنا التالى .

في نهاية الخطبة :

يقرن تقعيد العلاقة بين الحاكم والمحكوم ببعض النصائح وبعض الود الحذر مع التحذير والتهديد ، ولكن في اسلوب اكثر هدوءا .

وتقعيد العلاقة بين الحاكم والمحكوم هنا ينبع من عقيدة الحق الالهي في الحكم الى سبق بها زياد الخليفة العباسى أبا جعفر المنصور. إذ كرر المنصور العباسى ـ بعد قرن تقريبا ـ ما قاله زياد فى هذه الخطبة من أن الحاكم يستمد سلطته ـ ليس من الناس ـ ولكن من رب الناس ، وأنه صاحب الحق الالهى فى السلطة و فى الثروة ، معتبرا أن مشيئة الله هي التي اعطت الحكم للحاكم ، وبهذا الحق الالهي المقدس يمارس الحاكم سلطاته . يقول زياد في ذلك ( نسوسكم بسلطان الله الذي اعطانا ، ونذود- أي ندافع – عنكم بفئ الله الذي خولنا ) أي ان الله هو الذي اعطاه السلطان والاموال ، ولذلك يطلب منهم الطاعة غير المشروطة ( فلنا عليكم السمع والطاعة فيما احببنا ) أي ليست الطاعة للحاكم مقيدة بطاعة الله ، بل طبقا لما يريده ويحبه السلطان .

ثم يجعل من حقهم علي الحاكم العدل طالما ينصحون للحاكم ، فالعدل هنا مشروط بالمناصحة أي يكونوا اعوانا ناصحين للحاكم ( ولكم علينا العدل فيما ولينا، فاستوجبوا عدلنا وفيئنا بمناصحتكم ) فالسلطان هو الذى يملك الولاية و السلطة ، وهو الذى يملك العدل ويملك الثروة أو الفىء .

وفي سياق فصاحته يؤكد قاعدة سياسية خطيرة ، وهي الطاعة المطلقة للحاكم في مقابل عدل مقيد بمدي نصحهم للحاكم ، ويربط صلاح الحاكم بصلاح الرعية ( ومتي تصلحوا يصلحوا ) وهى حجة وجيهة لتأجيل الاصلاح حتى تنصلح الأمة .وفى النهاية يمنعهم من بغض الحاكم ويأمرهم بالدعاء له بالصلاح ..

وفي اطار تقعيد هذه العلاقة لصالح الحاكم علي حساب المحكوم اعلن انه لن يقصر عنهم في تحقيق ثلاث : انه لن يجعل حجابا بينه وبين أي طالب لحاجة حتي ولو جاءه بالليل ، ولن يمنع عنهم حقوقهم المالية ، ولن يمنع جيشا في ارض العدو من العودة للوطن .وفي النهاية يذكرهم ويحذرهم من عقوبته فيهم ، فيقسم بالله انه له صرعي كثيرين فيهم فليحذر كل منهم ان يكون من صرعاه..

مدي نجاح الخطبة:

واتت الخطبة ثمارها سريعا، فقال الاحنف بن قيس احد زعماء القبائل واشهرهم علي الاطلاق ( قد قلت فأحسنت ايها الامير، والثناء بعد البلاء، والحمد بعد العطاء، وانا لن نثني حتي نبتلي ) أي يعول علي النتائج والافعال وليس علي الوعود والاقوال، او بمعني اخر يؤيد زياد في دعوته الشديدة للاصلاح ، لذلك قال له زياد: صدقت. بينما قال زياد لابن الاهتم: كذبت. ذلك ان ابن الأهثم قال : (اشهد انك ايها الامير قد اوتيت الحكمة وفصل الخطاب، فقال زياد له: ذاك بني الله داود عليه السلام، مشيرا الي ما جاء في القرآن بشأن داود (38 / 20) أي انه لم يتأثر بنفاق ومدح ابن الاهتم له، وبادر بتكذيبه.

النجاح الحقيقى للخطبة هو فى مدى تطبيقها.

علي ان النجاح الحقيقي للخطبة – كما اشار الاحنف – يتجلي في التطبيق، وهذا ما حرص عليه زياد اذ استعمل علي شرطته عبد الله بن حصن، فأمهل الناس – وفق ما جاء في الخطبة – حتي يبلغ الخبر الكوفة وعاد اليه وصول الخبر، واطمأن الي وصول التحذير والتهديد الي الجميع، وبعدها بدأ التنفيذ ، فكأن يؤخر صلاة العشاء حتي يصلي اخر من يصلي ثم يأمر رجلا فيقرأ القرآن ساعة او ساعتين ، ثم ينتظر الي ان يصل رجل الي اطراف البصرة وبعدها يخرج صاحب الشرطة فلا يري انسانا بالطريق الا قتله.

واستمر زياد في سياسته فاسرف في العقوبة وعاقب بالظن والتهمة، حتي خافه الناس خوفا شديدا، وتأكد الأمن بحيث كان الشئ يسقط من صاحبه فيظل في مكانه الي ان يأتي صاحبه ويأخذه، وتبيت المرأة دون ان تغلق عليها بابها، وهابه الناس هيبة لم يهابوها لأحد من قبله، وجمع الي هذه الشدة فصاحة في الخطب استطاع ان يجعلها خير دعاية لسياسته لذلك قال عنه الشعبي اشهر الرواة وكان يعيش في عهده ( ما سمعت متكلما قط تكلم فأحسن الا احببت ان يسكت خوفا من ان يسئ الا زيادا ، فانه كان كلما تكلم اكثر كان اجود كلاما . .) .

اجمالي القراءات 7128