جهاز الكسب غير المشروع يوبخ "هيكل" وينذره بالبعد عن ترويج الإشاعات
كتب عمر القليوبي ومروة حمزة (المصريون): | 24-05-2011 02:26
وبخ جهاز الكسب غير المشروع بطريقة غير مباشرة الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل ، بعد هروبه في التحقيقات التي جرت معه أمس من المسؤولية عما قاله لصحيفة الأهرام بأن معلوماته الموثقة بالمستندات عن ثروة مبارك أنها تصل إلى عشرة مليارات دولار ، وهو ما اتضح كذبه وأنه مجرد قصاصات صحف سيارة ، وهو ما دفع المستشار عاصم الجوهري إلى وصف ما قاله هيكل بالأوهام التي تهدف إلى إثارة البلبلة والفوضى وطالب هيكل بالالتزام بالحقائق .
وكان الكاتب محمد حسنين هيكل قد وضع نفسه تحت الأضواء في الآونة الأخيرة عبر سلسلة من المواقف والتصريحات المثيرة للجدل، بدءًا من مقترحاته بشأن المرحلة الانتقالية التي يدعو فيها إلى تسمية المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رئيسًا لمصر، الأمر الذي اعتبره المعارضون محاولة لتحريض الجيش على البقاء بالسلطة رغم تعهداته بتسليم السلطة للمدنيين قبل حلول العام القادم، ما جعل المجلس يسارع إلى إصدار بيان يشدد فيه على تعهداته السابقة.
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل قام – وكما علمت "المصريون"- بتسريب شائعة لإحدى الصحف اليومية تفيد باعتزام الرئيس السابق حسني مبارك توجيه خطاب اعتذار للشعب المصري يعتذر فيه عن أخطائه مقابل العفو، وهو ما أثار حالة من الغضب العارم في الأوساط المصرية والتلويح بعودة المظاهرات المليونية إلى الشارع لإحباط الفكرة، قبل أن يتبرأ المجلس العسكري مما تم تداوله بهذا الشأن.
وكانت آخر تلك القضايا الجدلية التي كان هيكل طرفًا فيها ما أثاره في تصريحات صحفية بامتلاكه لوثائق تثبت أن بحوزة الرئيس المخلوع ما يتراوح ما بين 9 إلى 11 مليار دولار مودعة بالبنوك الأمريكية، قبل أن يعود لينفي ذلك لدى مثوله أمام جهاز الكسب غير المشروع مؤكدًا عدم مسئوليته عما نسبت إليه جريدة "الأهرام"، وقد تعرض جراء ذلك للتوبيخ من الجهاز الذي طالبه بالبعد عن ترويج الإشاعات وعدم إثارة الرأي العام لمنع حدوث بلبلة بين المصريين، والادعاء على أقوال مرسلة وغير موثقة على أنها حقيقية.
واستحوذ هيكل جراء مواقفه هذه وغيرها على قدر كبير من الجدل المثار في مصر هذه الأيام، فيما اتهمه منتقدون بمحاولة إيجاد دور له بعد أن تجاوزته الأحداث، مطالبين إياه أن يؤثر مصالح البلاد علي مصالحه الشخصية، في ضوء ما اعتبرها هؤلاء مساعي من جانبه لإنقاذ نجله أحمد رجل الأعمال من اتهامات بارتكاب تجاوزات.
إذ تعتبر الكاتبة الصحفية صافيناز كاظم أن هيكل - الذي كان مقربًا من السلطة لسنوات طويلة- أحد المسئولين عن الحكم الشمولي بعد الإطاحة بالنظام الملكي في عام 1952، وأنه الرجل الذي أضاع على مصر سنوات طويلة، ولأنه لم يعرف عنه خلال الفترة التي كان مقربًا فيها من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر اتخاذه لأية مواقف لمصلحة الشعب المصري، وترى أنه وكما عاش وترعرع وتمادى وسط الحكم الديكتاتوري، فإنه يسعى بإيجاد ديكتاتور جديد يذل الشعب المصري مجددًا.
وبرأيها، فإن هيكل الذي غاب عن أحداث هامة شهدتها مصر قبل الإطاحة بنظام حسني مبارك يسعى بعد في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير إلى استعادة الأضواء بأي شكل من الأشكال لإدراكه أن الأحداث قد تجاوزته، عبر الإدلاء بتصريحات لا تعدو كونها "فقاعة كبيرة"، متهمة إياه باستخدام أسلوب المراوغة والتلاعب بالألفاظ دون أن يكون هناك مضمون جيد، وهذا ما لمسته خلال عقود طويلة.
واستنكرت على صحيفة "الأهرام" أن تقوم بتخصيص أربع صفحات لمثل هذا الكلام الذي وصفته بـ "الغث"، لأن استعادة بريق الصحيفة وإعادتها إلى مسارها الصحيح لا يكون من خلال هذه المهاترات، لأن هيكل لا يهمه مصلحة مصر في شيء، وأشارت إلى أن هناك أسبابًا أخرى قالت إنها لا تفصل التطرق إليها في تفسيرها لما وصفته بـ "حملة تملق" المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
فيما أكد الدكتور محمد يحيى أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة، أن محاولة هيكل "تملق" المجلس الأعلى العسكري ربما يكون لرغبته في إنقاذ نجله رجل الأعمال – الذي أصدر النائب العام قرارًا بمنعه من السفر- من الاتهامات المحيطة به، مع ذلك استبعد أن تؤدي مساعيه لإنقاذه، لأن القضايا المتهم فيها أمام القضاء وقد بدأت التحقيقات مع عدة شخصيات من ثم فإن استبعاده من القضية يبقي محل شك كبير.
وفضلاً عن ذلك، يرى يحيى أن هيكل يسعى لإيجاد دور له في عملية رسم مستقبل مصر السياسي، لكنه يشك في إمكانية قيامه بهذا الدور بعد أن أكدت ثورة 25 يناير أن الزمن تجاوزه بكثير، ولم يعد له دور في بناء مصر المستقبل.
وتساءل: إذا كان هيكل يملك العديد من الوثائق الخاصة بأموال مبارك بالولايات المتحدة فلماذا لم يظهرها بعد قيام الثورة ولماذا يتوجه بها للنائب العام والكسب الغير مشروع واكتفى بتسريبها في الصحف، مستنكرًا على "الأهرام" اللجوء لهذه اللغة المثيرة في مسعاها لوقف التراجع الملحوظ في نسبة التوزيع.
من ناحيته، وصف الدكتور كمال حبيب الباحث السياسي، هيكل بأنه تحول إلى أحد أبواق "الثورة المضادة"، وأنه يرغب في تفريغ ثورة 25 يناير من مضمونها، متسائلا: لماذا يطرح هيكل هذه القضايا بعد بدء التحقيق مع نجله، وهل مصلحة ابنه تأتي على حساب مصلحة مصر؟.
لكنه قلل من جدوى محاولته لأن كلام لا يلقى آذانا صاغية، بعد أن كشف المصريون بعد الثورة جميع الأقنعة، ولم يعد التملق للسلطة يجدي، فمصر تغيرت ولم تعد تعيش كما كانت في مرحلة الستينات، خلال السنوات التي كان فيها هيكل قريبًا من السلطة.
وتساءل حبيب: أليست صحيفة "الأهرام" مملوكة للشعب وتمول من دافعي الضرائب فكيف يمكن أن تخصص أربع صفحات من نصيب القارئ لمثل هذا "العبث"، مرجحًا فشل إدارة "الأهرام" إخراجها من النفق المظلم الذي تعاني منه.
في المقابل، أكد هيكل للإعلامي محمود سعد على قناة "التحرير"، أن ما ذكره عن ثروة الرئيس السابق جاء من مصادر موثقة عن جرائد أجنبية عالمية وتقارير ودوريات دولية منشورة عن وكالات عالمية لها ثقة واسعة.
وقال إنه مثل أمام جهاز الكسب الغير مشروع أمس للشهادة وليس لكونه متهمًا بشيء، وأشار إلى أنه غير مسئول عن العنوان الذي كتبته "الأهرام" وأن المسئولية عن ذلك تقع على عاتق بينما تقتصر مسئوليته على السياق.
وأشار إلى أنه تحدث عن ثروة مبارك في سياق الحديث، ولم يكن هذا هو الموضوع بينما علق على المبالغات في تقدير الرئيس السابق والتي تناقلتها وسائل الإعلام منذ الإطاحة به، ودافع عن نفسه قائلاً إنه لا يخدع القارئ ولا يأتي بأي أرقام جزافًا أو معلومات أو بيانات لكنه يأتي بها من مصادر موثقة ولها مصداقية وثقة، على حد قوله.