هل كان النبي محمد يصلي 3 مرات فقط من اليوم ؟ ام 5 مرات ؟؟
وفقا للتوجيه الرباني القرآني في سورة الانعام : { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ، }
فإن تشريع الله في القرآن هو التشريع الوحيد الذي يتبعه الرسول والنبي والمؤمنيين ….
ويؤمن اهل القرآن والمؤمنون بعدم قبول أي مصدر آخر مثل الحديث كمصدر للتشريع إلى جانب القرآن. ومع ذلك فانه يمكن استخدام الحديث لأي من الأغراض التالية:
1- الحديث يمكن استخدامه للدراسات التاريخية المتعلقة بالوقت المحيط بالوحي من القرآن الكريم.
2- يمكن أن يستخدم الحديث أيضا للرد على أتباع الحديث. ففي كثير من الأحيان عندما يتم عرض الحجة القرآنية على اتباع الحديث فتلاحظ أنهم يغطوا عليها ويتجاهلوا محتوى الكلام كما لو أنهم لم يسمعوا هذه الكلمات القرآنية ! فتحضهم هذه الكلمات ….
لذلك، ولانهم يبدو مزيد من الاهتمام للحديث، فالحديث يمكن استخدامه ضدهم للرد على مزاعمهم التي يقومون عليها بسبب ان كتب الحديث نفسها تتخبط ببعضها البعض بالروايات المتضاربة لنفس الموضوع .… وهذا هو قمة ما جنى فيه التراث على الاسلام …
ان كل ما ورد في هذا البحث وما اوردناه من احاديث من ما وصفها علماء الحديث بأنها من الصحاح المقدسة هي من كتب مسلم والبخاري الالهة وانه ولا بد من التأكيد مرة أخرى على أن هذه الأحاديث لا تستخدم هنا كدليل لنا ولا لتوثيق القرآن وتفسيره من الحديث كما ابتدع الفقهاء ، لأن الأدلة المطلقة لا تأتي الا من القرآن، ولكننا سنستخدمها فقط للرد على أتباع الحديث ونريهم مدى الفوَضى التي يعيشون بها وجروا معهم الامة الى الهاوية .
الفصل الاول : تخيط الاحاديث في تعريف اوقات وتسميات الصلوات
أولا: حديث البدو يعرفون صلاة المغرب انها العشاء
الحديث رقم 1 :
البخاري، المجلد 1، الكتاب 10، رقم 538:
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ ـ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ـ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " لاَ تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاَتِكُمُ الْمَغْرِبِ ". قَالَ الأَعْرَابُ وَتَقُولُ هِيَ الْعِشَاءُ.
ولنا التحليل التالي والملاحظات:
1- ان البدو الذين تحدثوا في هذا الحديث كانوا مسلمين لم يعتمدوا وقت المغرب كصلاة بل يذهبوا الى وقت واحد وهو العشاء .
2- وبما أن صلاة العشاء هي الصلاة الأخيرة التي يصليها جميع المسلمين (بغض النظر عما إذا كانت 3 أو 5 صلوات ) فإن هذا الحديث يثبت أن هناك بعض المسلمين، في ذلك الوقت الذي كتب فيه هذا الحديث، كانوا يصلون أقل من 5 صلاة في اليوم.
3- وتفسير اخر هو انهم كانوا لا يصلون المغرب نهائيا ويعتمدون العشاء فقط . ولا يمكن بالتالي أن يكون لديهم صلاتين اثنين مع نفس الاسم ! والتفسير المنطقي الوحيد هو أن لديهم صلاة واحدة فقط اسمها عشاء ولا مغرب كصلاة، أو بعبارة أخرى، صلوا أقل من 5 صلوات في اليوم. والحديث المذكور أعلاه لا يثبت أن هؤلاء البدو المسلمين كانوا يصلون 3 صلوات، إلا أنه يشير إلى أنهم كانوا يصلون أقل من 5 مرات يوميا، وذلك لأنهم لم يكن لديهم صلاة تسمى المغرب.
4- وكما نعلم فان علماء الحديث لا يشككون في صحة هذا الحديث لأنه موجود في مجموعة البخاري امامهم .
من ناحية أخرى، فإن فئة من اهل القرآن التي وصلت الى هذا البحث يرفضون التشريع من الحديث وسوف يشكون أن النبي في أي وقت مضى نطق هذاالحديث لأنه لا توجد صلاة تدعى المغرب في القرآن الكريم (القرآن يحتوي على 3 أسماء فقط للصلاة: الفجر، الوسطى والعشاء).
{ يا أيها الذين آمنوا ليسأذنكم الذين ملكت أيمانكم لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يظهر الله لكم الآيات والله عليم حكيم )النور: 58(
السؤال هو:
إذا كان النبي لم ينطق بمثل هذا الحديث، فهل هذا الحديث لا تزال له أي قيمة أو أهمية؟ وهل تزيد الفوضى عند الكهنوت الديني اذا قرأوه ؟؟؟
الجواب نعم. فهذا واحد من الاحاديث النادرة الذي له أهميته حتى لو لم تكن كلماته حقيقية من النبي. فدعونا نفترض أن هذه الكلمات لم ينطق بها النبي ولكن ملفقة من قبل الذي الف هذا الحديث، والسؤال هو: هل كان لأي شخص ان يؤلف هذا الحديث ما لم يكن هناك في الواقع بعض المسلمين، في وقت مبكر من القرن الثاني الهجري (عندما كتب البخاري احاديثه)، كانوا يصلون أقل من 5 صلوات في اليوم الواحد؟ وكانت هذه المجموعة من المسلمين يصلون صلاة العشاء في توقيتها الصحيح، وبالتالي لم تكن لديهم صلاة المغرب. ولذلك، ومع عدم وجود صلاة تدعى المغرب، اذا فان هؤلاء المسلمين قد صلوا أقل من 5 صلوات في اليوم الواحد.
الفصل الثاني: قضية ان النبي كان يجمع بين الصوات عند السفر:
الحديث 2
البخاري، المجلد 2، الكتاب 20، العدد 209:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ.
ولنا التحليل التالي والملاحظات:
1- الحديث 2 يقول لنا أنه في السفر كان النبي يستخدم الجمع بين صلاة المغرب والعشاء .
الفصل الثالث: الفرق بين جمع صلاتين او واقامة الصلاة الواحدة بعد الأخرى:
هناك فرق مهم جدا بين:
1- الجمع بين صلاتين في صلاة واحدة
2- اقامة صلاة واحدة بعد الأخرى (في حالة السهو عن الصلاة التي لم تقام الا بعد تذكرها مع التي بعدها في فارق زمني).
يوضح الحديثين التاليين عمق المشكلة عند اهل الحديث :
الحديث 3
بخاري، المجلد 1، الكتاب 10، العدد 572:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى ـ هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ ـ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ جَعَلَ عُمَرُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَسُبُّ كُفَّارَهُمْ وَقَالَ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتْ. قَالَ فَنَزَلْنَا بُطْحَانَ، فَصَلَّى بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ.
الحديث الرابع 4 : مسلم الكتاب الرابع رقم 1522
وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ .
التحليل والملاحظة :-
1- الحديث 3 يقول لنا أن عمر لم يكن قادرا على اقامة صلاة العصر في الوقت المحدد لها، لذلك اقامها بعد غروب الشمس، وعندما أكمل صلاة العصر (المتأخرة) اقام صلاة المغرب بشكل مستقل في الوقت الصحيح. وبعبارة أخرى اقام صلاة مستقلة واحدة تلو الآخر.
2- اما الحديث 4 فانه يقول لنا أن النبي لم يصلي صلاة واحدة بعد الآخر. وانه في الواقع صلى صلاة واحدة جمعا التي جمعت الصلوات المذكورة الاثنتين. ويؤكد حقيقة أن النبي اقام صلاة تتكون من 8 ركع و 7 ركع (الجمع بين عدد ركعات في الصلوات المجموعة من صلاتين على التوالي).
3- ويمكن أن نستنتج من الحديث 2 أنه في أيام السفر، اقام النبي الصلاة في 3 مرات واوقات خلال ذلك اليوم من خلال جمع الظهر والعصر ثم جمع المغرب والعشاء مع اداءه الفجر .
4- ونحن نعلم أن النبي قد أعطي القرآن وأمره الله أن يتبع القرآن ولا شيء آخر. ومن ثم، فإنه من الضروري الاستفسار عما إذا كان القرآن قد ذكر او سمح للمؤمنين الجمع بين الصلوات عندما يكونوا على سفر، أو في الواقع، تحت أي ظرف من الظروف؟؟.
الجواب هو لا. ففي الواقع، وبينما في السفر، فان الله سبحانه وتعالى قد سمح للمؤمنين للصلاة حتى وهم أثناء الركوب أو المشي حتى لا تفوت عليهم صلاتهم {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ۖ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ }فالقرآن اعطى تنازلا لتقصير الصلاة (وليس الجمع) في أوقات الحرب عندما يكون هناك خطر محتمل على المؤمنين { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا،} ولم يكن هناك اي امتياز ما في أي مكان في القرآن الكريم بالجمع بين صلاتين ؟
5- بالإضافة إلى ذلك، فإن القرآن نص على صلاة موصوفة في أوقات محددة بوضوح من اليوم { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}(4: 103)، وبالتالي فان أداء صلاة خارج الوقت المحدد لها في القرآن، وهذا هو الحال في الحديث 3 ، سيكون انتهاكا للقانون والتشريع القرآني.
6 - ونتيجة لذلك، فانه من المبرر به أن نسأل ما إذا كان النبي حقا يجمع بين صلاتين ( عندما لا يكون هناك مثل هذا الامتياز في القرآن )، أو كان مجرد يصلي ما مجموعه 3 صلوات في التوقيت الصحيح؟ الذي ذكره القرآن دون تدخل من الاحاديث الموضوعة او المتضاربة ؟؟
7- الحديث الثاني 2 يعطينا ملاحظة أخرى هامة جدا. اذ ان هذا الحديث يقول لنا أن النبي صلى صلاة واحدة كوقت واحد في الجمع بين صلاة الظهر والعصر مجتمعة، وأيضا صلاة واحدة التي جمعت "المغرب والعشاء". وعلى افتراض أن النبي صلى صلاة الفجر في الوقت الصحيح، فإنه يعني أن النبي صلى ثلاث صلوات من الفجر ثم الوسطى فالعشاء في أوقاتها القرآنية الصحيحة.
8- وهل من قبيل المصادفة أن صلاة الفجر لم تخضع أبدا لقانون الجمع بين الصلوات ؟؟ في أي من صحاح الحديث؟ وأهمية هذا الأمر هو أن صلاة الفجر هي صلاة شرعية نظرا لتسميتها في القرآن الكريم صراحة في حين أن العصر والمغرب كصلاة كانت تخضع لدمجهما وليست مسماة صراحة في القرآن الكريم ؟؟.
الفصل الرابع: النبي الجمع بين الصلاة في الأوقات العادية:
(ليس أثناء السفر ولا في خطر)
الحديث 5
مسلم، كتاب 4، رقم 1515:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ صَلَّى ( رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ .
التحليل والملاحظة :
1- الحديث 5 له أهمية كبيرة. ويخبرنا أن النبي قد جمع الصلوات في الأوقات العادية (لجعلها 3 صلوات يوميا) عندما لم يكن هناك خوف ولا سفر وبالتالي لم يوجد سبب وجيه للقيام بذلك اذ كانت في احوال عادية. ولقد رأينا من الحديث 3 و 4 الفرق بين اداء صلاة بعد وقتها الطبيعي، وبين الجمع بين صلاتين
2- السؤال المطروح اذا من القسم السابق الى هنا وفي السبب أن النبي كان يجمع بين الصلوات في أوقات السفر عندما لا يكون هناك مثل هذا الامتياز في القرآن الكريم او الاشارة له من قريب او بعيد ؟؟ وعندما تكون القاعدة في القرآن هي التقصير تخفيفا على المؤمنين ؟؟. ونحن عندما نقرأ الحديث 5، الذي نص على أن النبي ادى صلاة مجتمعة في الأوقات العادية (لا في السفر ولا في الخوف)، وسؤالنا السابق يصبح أكثر أهمية. لماذا فعل النبي ذلك؟
الفصل الخامس: لماذا كان النبي يجمع بين صلاة؟
إذا كان الرسول صلى جمعا في هذه الأوقات المسترخية الطبيعية التي لم يكن هناك سبب واضح للقيام بذلك، فانه يجب علينا أن نتساءل لماذا في الواقع فعل هذا ؟.
هل كان ذلك لأنه سهى او غاب عنه وقت الصلاة ؟
ونحن نعلم أن هذا لا يمكن أن يكون السبب لأن لدينا حديث آخر الذي يقول النبي فيه أن كل من يسهو او لايقيم الصلاة في وقتها يجب أن يقيمها عندما يتذكرها :
الحديث 6
البخاري، المجلد 1، الكتاب 10، العدد 571:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالاَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " مَنْ نَسِيَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ ". {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي} قَالَ مُوسَى قَالَ هَمَّامٌ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي}.وَقَالَ حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
لاحظ أن الحديث 6 يرشد أولئك الذين يسهون عن صلاة ان يقيموها عندما يتذكرون ، هذا الحديث لا يقول ان يجمعوها مع الصلاة المقبلة التالية !.
والقول “انه لا كفارة إلا اقامة نفس الصلاة " ولا سيما عبارة "نفس" هي في الواقع ذات أهمية إضافية في تأكيد أن نفس الصلاة يجب أن تقام (عند تذكرها) في مجملها بدلا من جمعها مع جزء من صلاة التالية .
في الحقيقة ، نحن نرى من الحديث 3 (أعلاه) أن عمر فعل ذلك تماما. اقام الصلاة التي فاتته في مجملها وعندما أكملها اقام الصلاة التي في وقتها التي كانت تليها، ولم يجمع بين الاثنين.
وعليه اذا كان النبي لم يكن يجمع الصلوات اذا فاتته الصلاة ولم يكن يجمع الصلوات لأنه كان يسافر ولم يجمع الصلوات لأنه كان في أي خطر ….. اذا السؤال هنا : لماذا كان بالحقيقة اذا يجمع الصلوات ؟
الفصل السادس: النبي يفسر لماذا جمعت صلاة:
الحديث 7
مسلم، كتاب 4، رقم 1516:
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَوْنُ بْنُ سَلاَّمٍ، جَمِيعًا عَنْ زُهَيْرٍ، - قَالَ ابْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، - حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ . قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ فَسَأَلْتُ سَعِيدًا لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ .
التحليل والملاحظة :-
1- اذا الحديث 7 يفسر لنا أن النبي جمع الصلاة حتى لا يضع امته تحت أي حرج او مشقة لا لزوم لها!
إن مضمون هذا الحديث له تاثير هائل من الفوضى والتشويش على اهل الحديث ؟. هذا الحديث يعني ويشير ويتضمن أنه وفقا للنبي، فان أي مؤمن يصلي خمسة صلوات في يوم واحد، وفي الأوقات العادية عندما لا يكون هناك سفر ولا خوف في الواقع له أن يفعل الجمع في ظل تجنب المشقة التي لا لزوم لها! كما ادعى النبي في الحديث …
2. هذا الحديث يعني أيضا أن النبي قام بتعديل قانون الله وسمح للمؤمنين الجمع بين صلاة لأنه كان رحيما بالمؤمنين اكثر من الله (ناهيك عن السؤال عن شرعية وجود سلطة له لتعديل شرع الله في الكتاب ).
الفصل الاخير : مجموعة خاتمة من الاحاديث ذات الصلة تثير مزيد من التنبيه والفوضى والتناقض :
الحديث 8
البخاري، المجلد 8، الكتاب 75، العدد 405: باب التوسل
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَقَالَ " مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا، كَمَا شَغَلُونَا عَنْ صَلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ ". وَهْىَ صَلاَةُ الْعَصْرِ.
الحديث رقم 9
صحيح مسلم ، الكتاب 4 - رقم 1316
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، مَوْلَى عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا وَقَالَتْ إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الآيَةَ فَآذِنِّي { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى} فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا فَأَمْلَتْ عَلَىَّ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ . وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ . قَالَتْ عَائِشَةُ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم .
الحديث رقم 10
صحيح مسلم ، الكتاب 4 - رقم 1317
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ . فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّهُ فَنَزَلَتْ { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى} فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ شَقِيقٍ لَهُ هِيَ إِذًا صَلاَةُ الْعَصْرِ . فَقَالَ الْبَرَاءُ قَدْ أَخْبَرْتُكَ كَيْفَ نَزَلَتْ وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللَّهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
التحليل والملاحظات المستقاة :
1- الحديث 8 يقول لنا أن النبي عرًف الصلاة الوسطى انها صلاة العصر (بعد الظهر). ومع ذلك، الحديث رقم 9 يعطي بيانا متناقضا! ويخبرنا أن النبي اعتبر صلاة الوسطى وصلاة العصر صلاة مختلفة! ثم الحديث 10 يعطي بيان أكثر إثارة للقلق. ويقول إن صلاة العصر كانت معنية ضمنا أصلا في نص {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ،} ولكن بعد ذلك غير الله تعالى وألغى أنه في كونها صلاة وسطى اي ظهرا او عصرا . أو بعبارة أخرى شرع الله تعالى قانونا ثم قرر انه حصل خطأ وقام بتعديله وتعديله!
والتورية واللغط في هذه الأحاديث واضحة وذات أهمية كبيرة. وغني عن القول أن كلمات الله في القرآن قد شملها الكمال { الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } هود1، وبالتالي فهي ليست في حاجة إلى تعديل والغاء ونسخ . الخ كما يدعون … وان المفهوم كله من النسخ والالغاء القرآني هو ادعاء صارخ وقح وكذب ضد القرآن وضد الله سبحانه وتعالى .
2- هذه الأحاديث الثلاثة (8 و 9 و 10) التي تقدم إصدارات مختلفة وتعريفات مختلفة للوسطى والعصر توفر لنا المزيد من الأدلة على الفساد الذي حدث حول الوقت الذي قبلت فيه الصلوات الخمس كاوقات يومية. ومن الواضح أن هذه الصلوات (الظهر والعصر) كانت مجرد صلاة واحدة كل الاوقات ، والتي سماها الله صلاة وسطى وحيث لم تكن هناك صلاة تسمى العصر في القرآن الكريم.
الخاتمـــــــــة :-
بعد قراءة كل ما سبق، تصبح القضايا التالية ذات أهمية كبيرة للتفكر اين يذهب المسلمون الان في بحر الاحاديث وبالتالي جناية التراث الاسلامي على هذا الدين ونطرح بالتالي هنا التساؤلات الهامة جدا جدا :
1- لماذا كان النبي يجمع بين صلاتين ؟ هل كانت للنبي سلطة الجمع بين صلاتين عندما لم تعطى له مثل هذا الامتياز في القرآن الكريم؟
2- بالإضافة إلى ذلك، لماذا يجمع النبي بين صلاة واخرى عندما لا يبدو أن هناك أي سببهام للقيام بذلك ( ومثال ذلك في الأوقات التي لم يكن هناك اي خوف من أي نوع، ولا أي مشقة من سفر)؟
3- لماذا يقول النبي أنه عند اداءه الصلوات الخمس في خلال الأوقات العادية ستكون هناك مشقة وبالتالي لا داعي لهذه المشقة على المؤمنين؟ وبالتالي فهو قد اداها جمعا ثلاث اوقات كما في الحديث ؟؟ هل اعتبر النبي ان قانون الله تعالى كان قاسيا جدا وفيه مشقة ؟
4- هل كانت للنبي سلطة تعديل تشريع الله تعالى في الصلاة من أجل حماية المؤمنين من قسوة تشريع الله؟
5 - نتائج هذا البحث، بالنسبة لأولئك الذين يدعمون كل الاحاديث في كتب الصحاح من البخاري ومسلم وغيره ويعتبرونها مقدسة ومسندة … الخ ، لا يمكنهم حل هذه الفوضى إلا عن طريق اختيار واحد من الخيارات التالية:
أ- القرآن يقول بوضوح واضح أن النبي ليس له سلطة تغيير كلمات الله أو شرعه ، وأنه قد أمر أن يتبع القرآن ولا شيء آخر
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [١٠:١٥]
وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [٥:٤٨]
قل مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ [٤٦:٩]
ونتيجة لذلك، فإن الحديث أعلاه سوف تصور النبي كشخص كان يتصرف في انتهاك لأوامر الله عندما غير قوانين الصلاة والجمع بين الصلوات !!!.
ب- لم يكن النبي يجمع بين الصلوات لكنه كان في الواقع يصلي ثلاث صلوات يوميا.
ليس هناك بديل ثالث.
ان أي شخص لديه أي درجة من الاحترام للنبي سوف يستنتج بأنه لم يعدل قانون الله، كما أنه لم يدعو إلى أن قانون الله يسبب المشقة التي لا لزوم لها. وبالتالي، فإن التفسير الواضح هو أن النبي لم يكن يجمع بين صلانين، وكان في الواقع يقيم الصلاة القرآنية الثلاثة في اليوم الواحد.
6- وإذا كنا نعتبر هذه الأحاديث ملفقة وأنها تكذب على النبي فما هي أهمية هذا الاحاديث ؟
للاسف فان هذه الأحاديث لا تزال لها الاهمية الكبيرة للمسلمون المحمديون من اتباع { هذا ماالفينا عليه ابائنا } وهي في حالة الكذب، فيكون التفسير المنطقي الوحيد وراء ذلك هو توفير غطاء لاختراع الصلوات الخمسة التي كانت تطبق عمليا في وقت جمع الأحاديث (بعد قرنين من الهجرة).
7- الحديث الثالث الحديث يؤكد كل الشكوك المتصلة بمسألة كيف تم تغيير الصلوات الثلاثة المسماة في القرآن الكريم صراحة إلى خمسة صلوات يوميا.
ونترك لاولي الالباب التفكر في هذا الدين الارضي المحمدي …