الحركة الامازيغية فقدت صاحب كتاب الظهير البربري اكبر اكذوبة سياسية في المغرب المعاصر

مهدي مالك في الجمعة ٠٨ - ديسمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

  

الحركة الامازيغية فقدت صاحب كتاب الظهير البربري اكبر اكذوبة سياسية في المغرب المعاصر

مقدمة                                              

مهما قلت في مقالاتي العديدة او في كتابي تحت عنوان الامازيغية و الاسلام و اسطورة الظهير البربري فان هذه الايديولوجية استطاعت طيلة 62 سنة من الاستقلال احداث كوارث عميقة في وعي المغاربة الديني و الوطني على حد السواء لكن البعض سيتساءل لماذا اهتم بهذا الموضوع بشكل كبير خصوصا ان الامازيغية اصبحت حسب منطوق الدستور الحالي لغة رسمية و سيصدر قانون تنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية الخ من هذه التبريرات الفارغة  ....

ان الجواب على هذا السؤال سيكون مطولا لكنني ساختصره بقدر الامكان حيث اعتقد شخصيا ان القضية الامازيغية بشموليتها هي قضية سياسية منذ سنة 1956 الى الان بحكم ان المخزن التقليدي ابان فجر الاستقلال الشكلي بالنسبة للامازيغيين قد اراد ابادة الامازيغية بكل ابعادها بغية احلال العروبة العرقية مكانها عبر الاستغلال السلبي للمقدس الديني لدى الشعب المغربي حيث  تأسست ما تسمى بالحركة الوطنية سنة 1930 على اساس اسطورة الظهير البربري اي التفريق بين المغاربة و تنصير الامازيغيين .

و بالتالي فان الحركة الوطنية خلقت هذه الاكذوبة التي ستتحول بعد سنة 1956 الى ايديولوجية متعددة الوظائف بهدف ابعاد الامازيغيين كايديولوجية سياسية اصيلة عن امتلاك السلطة ببعدها الواسع ابان عهد الاستقلال بغرض سيطرة ابناء العائلات المعلومة على المناصب العليا في المغرب المستقل و كذا السيطرة على الممتلكات الرمزية من قبيل الدين و الثقافة و التاريخ بمعنى ان المغرب المستقل قد قطع جذوره الامازيغية نهائيا عبر اقبار القوانين الوضعية الامازيغية  و عبر إلغاء تدريس الامازيغية الخ من هذه الاجراءات  ...

انني استحضر هنا مثال محنة حزب الحركة الشعبية اواخر الخمسينات مع المخزن بالرغم من انه اسسه اصلا بغرض ابقاء الامازيغيين خدام السلطة و ايديولوجيتها العروبية لكن هذا الحزب قد عانى مع المخزن نفسه و مع حزب الاستقلال بحكم انه اي حزب الحركة الشعبية كان يمثل امازيغي الاطلس المتوسط وقتها بشكل او باخر حيث في نهاية المطاف ان حزب الحركة الشعبية حسب رايي المتواضع لم يمثل الا المخزن و تصوراته تجاه الامازيغيين و الامازيغية فهو ظل طيلة تاريخه يتاجر بالقضية  الامازيغية و بقضية تنمية العالم القروي في فترة الانتخابات ......

ان السلطة وقتها وضعت العديد من العراقيل امام الامازيغيين كحركة ثقافية في اواخر الستينات مستعملة ايديولوجية الظهير البربري بشكل فضيع في الفضاء العمومي منذ سنة 1967 الى حدود خطاب اجدير لان لا احد يستطيع القول وقتها ان الظهير البربري هو مجرد اكذوبة سياسية  اي لعبت هذه الايديولوجية كما اسميها ادوار خطيرة في جعل الامازيغية شيطان لعين في عيون المغاربة بعد سنة 1956 الى حدود الان بدون اية مبالغة حيث صحيح ان الامازيغية بعد خطاب اجدير عرفت تقدما نسبيا في قطاعات التعليم و الاعلام و الحياة العامة لكن هناك بعض القطاعات الإستراتيجية من قبيل حقلنا الديني الرسمي كما شرحته في احدى مقالاتي في الصيف الماضي لان هذا الحقل لازال يدبر وفق ايديولوجية الظهير البربري اي ان اجدادنا الامازيغيين كانوا على ظلال مبين حتى جاءهم الفتح الاسلامي فاسلموا على يد الفاتحين العرب و بالتالي اصبحوا عربا مسلمين بمعنى ان جاهليتهم الامازيغية ماتت حتى دخل الاستعمار الفرنسي المسيحي الى مناطقهم ليعيد احياء هذه الجاهلية كأن الامازيغية بشموليتها لم تقدم شيئا للاسلام في شمال افريقيا و جنوب الصحراء الافريقية و اوربا    ........

الى صلب الموضوع                        

فقدت الحركة الامازيغية يوم الاحد 3 دجنبر الماضي احد رموزها العظام و ابرز شخصياتها الا هو المرحوم محمد منيب صاحب الكتاب الشهير في صفوف حركتنا الامازيغية الظهير البربري اكبر اكذوبة سياسية في المغرب المعاصر بعد صراع طويل مع المرض..

و ولد المرحوم حسب شهادة الاستاذ عصيد في مقاله الاخير بمدينة اكادير سنة 1934 اي في عهد الحماية حيث اشتغل طيلة عقود موظف بوزارة الداخلية في عمالة اكادير اداوتنان حيث استطاع ان يضع يده على الارشيف الاستعماري الفرنسي فادرك وقتها ان هناك فرق شاسع بين ما يقوله المخزن التقليدي بعد سنة 1956 و ما تقوله فرنسا و ما يقوله الواقع الامازيغي حول ما يسمى بالظهير البربري ..

و اعتبر رئيس جمعية الجامعة الصيفية الاستاذ الحسين بويعقوبي ان الفقيد كان انسان صادق و صبور و محبا لغته و ثقافته و جهته و وطنه في هدوء تام بعيدا عن الاضواء بمعنى كان يرفض اي تكريم مهما كانت الجهة ..

                اما الاستاذ احمد الدغرني بصفته رئيس لجنتنا التحضيرية  لحزب تامونت للحريات فاعتبر ان الفقيد احد اقطاب الحركة الامازيغية بسوس حيث اشتهر بكرمه في بيته المتواجد بمدينة اكادير حيث كان اشبه بالنادي حيث قليل من جيل الجمعيات الامازيغية او رموزها لم تكن ضيفة عليه .

و استمر الزعيم الدغرني كما اسميه في الحديث عن الفقيد حيث تعرف عليه سنة 1983 على هامش احدى دوارات الجامعة الصيفية حيث وجد فيه رجلا يواجه فقهاء سوس ذوي النزعة السلفية كما اسميهم و القوميين العرب الخ من اعداء القضية الامازيغية ...

كان الفقيد قد ساهم  في تاسيس عدة اطارات امازيغية مختلفة مثل جمعية الجامعة الصيفية و المجلس الوطني للتنسيق بين الجمعيات الامازيغية و كان مؤسسا للحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي و حركة تيضاف اي اليقظة التي اسست سنة 2004 حيث من مهمتها هي مراقبة مضامين الكتب المدرسية و رفع الدعوى القضائية ضد وزارة التربية الوطنية بسبب ان هذه الكتب المدرسية تحمل مضامين غير صحيحة عن تاريخ المغرب من قبيل الظهير البربري الخ و للاشارة فان الفقيد له كتاب ثاني تحت الظهير البربري في المقرر الدراسي الذي لم اضطلع عليه بحكم ان الوالدة بحثت عنه في مكتبات الدار البيضاء في سنة 2012 فلم تجده اطلاقا و وجدت بالمقابل كتب السلف الصالح  للاسف الشديد بمعنى ان الكتب حول الامازيغية غير متوفرة في مكتباتنا بالقوة مثل الكتب السلفية ....

كما شارك الفقيد في احدى حلقات برنامج شؤون امازيغية الذي يقدمه الاستاذ احمد عصيد حيث كانت هذه الحلقة تاريخية باعتبارها تحدثت لاول مرة في تاريخ التلفزيون المغربي عن موضوع الامازيغية و اسطورة الظهير البربري حيث بث هذا اللقاء في صيف 2012 اي في سياق كانت فيه الحركة الامازيغية مازالت تحلم بصدور القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية لكن هذا الحلم لم يتحقق الى حد الان اي اواخر سنة 2017 ........................

ان كتاب الظهير البربري اكبر اكذوبة سياسية في المغرب المعاصر و الصادر سنة 2002 قد شكل البداية الفعلية بالنسبة للحركة الامازيغية الحرة نحو محاربة هذه الايديولوجية الحقيرة بصريح العبارة لان المخزن التقليدي قد استعمل هذه الاسطورة طيلة 62 سنة من الاستقلال لقمع اسلامنا الامازيغي الذي وجدناها لدى اجدادنا القائم اصلا على علمانيتنا الاصيلة و التسامح الديني اي كنا قبل  دخول الاستعمار المسيحي مجتمع امازيغي اسلامي بمفهومه الحقيقي يخالف مع مجتمعات الخلافة القرشية كما اسميها او مجتمع المخزن التقليدي المحدود جغرافيا وقتها بمعنى ان القبائل الامازيغية كانت تتمتع بنوع من الحكم الذاتي عن المخزن التقليدي و عن ثقافته المسماة بالعربية الاسلامية اي العروبة كعرق و كتقاليد جاهلية التي اصبحت من صميم الاسلام حاليا من قبيل سبي النساء و القتل و التكفير الخ من بقايا ما يسمى بنظام الخلافة الاسلامية ..

 اذن علينا كالحركة السياسية الامازيغية مواصلة هذا النضال الطويل و الشاق من اجل القضاء الشامل على هذه الايديولوجية الخرافية بغية اعادة صياغة هويتنا الاسلامية المغربية على اساس امازيغية الارض كما شرحته مطولا في كتابي الذي لم يطبع بعد لكنني لن افقد الامل لان افكاري هي صالحة للتطبيق الان او غدا بحكم ان الامازيغيين اصبحوا واعيين بخطورة بقاء ايديولوجية الظهير البربري في المقررات الدراسية و في حقلنا الديني الرسمي حيث ما معنى ترسيم الامازيغية مادام فقهاءنا الكرام مازالوا يعتبرونها نعرة جاهلية او مشروع صهيوني الخ من هذا الكلام الايديولوجي ................

و في الختام رحم الله فقيد الحركة الامازيغية ببعدها الثقافي و السياسي محمد منيب الذي اسس لوعي بالقطع النهائي مع اختراع اهل فاس و اهل الرباط و اهل سلا ...

المهدي مالك

 

 

اجمالي القراءات 8508