المرحوم المختار السوسي و الحركة الامازيغية اية علاقة او خلاف ؟
مقدمة
عندما تم تاسيس الحركة الامازيغية في سنة 1967 وجدت نفسها مجبرة على الاختيار بين الخياران لا ثلاث لهما في التفكير من طبيعة الحال و هما الخيار السلفي كما تبنيته الحركة الوطنية منذ سنة 1930 و الخيار الغربي الداعي الى التعمق في العلوم الانسانية مثل التاريخ و اللسانيات الخ فاختيرت الحركة الامازيغية ببعدها الثقافي وقتها الخيار الغربي في التفكير و التنظير للمسالة الثقافية الامازيغية منذ اواخر الستينات الى حدود بداية قرننا الحالي لان الخيار السلفي كما تبنيته ما يسمى بالحركة الوطنية يعطي الأولوية للعروبة و الاسلام حسب فهم ائمة السلف في عز الخلافة القرشية كما اسميها .
لكن الدولة الوطنية بعد سنة 1956 اصبحت تطبق القوانين العلمانية الفرنسية على المغاربة و اصبحت لها مؤسسات عصرية تركها الاستعمار الفرنسي بعد رحيله من المغرب ....
لكن المخزن حسب رايي المتواضع اراد ايهام الامازيغيين على الخصوص ان المغرب هو بلد عربي خالص يحكمه امير المؤمنين و بالتالي فان العروبة هي ضرورية للحفاظ على الاسلام ببلادنا و هويتهم الامازيغية الاصيلة هي مشروع استعماري الخ من مبادئ الحركة الوطنية العنصرية تجاه امازيغي المغرب حيث ان هذه المبادئ شكلت ثوابت دينية و وطنية بعد الاستقلال الشكلي بالنسبة للامازيغيين و لمشروعهم السياسي بصريح العبارة لان قبل دخول الاستعمار الفرنسي الى المغرب كما هو معلوم لدى الباحثين كانت القبائل الامازيغية تمتع بنوع من الحكم الذاتي عن المخزن التقليدي و بالتالي عن ثقافته المسماة بالعربية الاسلامية حيث كانت هذه القبائل تبدر شؤونها السياسية بعيدا عن التاويل السلفي للاسلام علما ان اجدادنا الامازيغيين كانوا مجتمع متدين لكنه لا يطبق الشريعة الاسلامية او ما يسمى بالحدود الشرعية بمعنى اخر ان الاستقلال الشكلي قد اقبر الامازيغيين كهوية و كمشروع سياسي لصالح المنظور السلفي لدى المخزن و حركته الوطنية.
ان هذا المنظور السلفي لدى المخزن و حركته الوطنية لم يعادي تفاصيل الدولة الحديثة التي تركتها فرنسا بما فيها القوانين الوضعية الفرنسية و لم يعادي الفرنسية كلغة و كثقافة شعب كافر كما يقول فقهاء السلف طيلة قرون بل عادى هذا الاخير كل ما هو امازيغي اصيل بغية تشويهه امام عامة الناس و امام الفقهاء الذين يتوفرون على تصور مثالي حول الدولة الاسلامية بمفهومها السلفي حيث الطاعة و الولاء للسلطان حيث لا ينبغي ان نتجاهل على الاطلاق ان المغرب طيلة 62 سنة من الاستقلال الشكلي كما اسميه يعاني ازدواجية خطيرة بين تفاصيل المخزن التقليدي و تفاصيل الدولة الحديثة في التعليم و في الاعلام الخ حتى اصبح المواطن العادي يعاني من هذه الازدواجية الخطيرة في حياته العامة حيث عندما يذهب الى المسجد ليصلي صلاة الجمعة يسمع الخطيب و هو يدعو الى قيم السلف الصالح كما يسمى بينما يسمع في احدى قنواتنا التلفزيونية ان المغرب له مشروع مجتمعي حداثي بمعنى ان المغرب عليه الحسم في اختياراته الكبرى اليوم اكثر من وقت مضى...
الى صلب الموضوع
ان شخصية المرحوم المختار السوسي قد طبعت تاريخ المغرب الحديث بشكل ايجابي و سلبي على حد السواء حيث كان فقيه سلفي حتى النخاع لكنه كان مؤرخا و اديبا و متصوفا حيث ولد في سنة 1900 باحدى قرى اقليم تيزنيت داخل اسرة مشهورة بالعلم و التصوف حيث كان والده الحاج علي الدرقاوي فقيها و متصوفا بحكم ان منطقة سوس كانت و مازالت معروفة بالطرق الصوفية كمجال لا يخلو من الخرافات من قبيل الكرامات و تقديس الاولياء الخ..
غير ان التصوف حسب اعتقادي المتواضع لا يدعو الى التطرف او الارهاب كرأي شخصي يمكنه ان يصيب او يخطئ باعتباري لم اهتم بهذا الموضوع بعد في كتاباتي و مقالاتي ....
و قد حفظ المختار السوسي القران الكريم كاملا و هو ابن 10 سنوات على والدته العالمة حيث هذه اشارة صريحة على ان المراة الامازيغية بمنطقة سوس في اوائل القرن الماضي لم تكن ممنوعة من التعليم ..
و في سنة 1914 انتقل المختار السوسي الى منطقة افران الاطلس الصغير لتلقي العلم الشرعي على يد الشاعر المعروف الطاهر الافراني و بعد ذلك انتقل الى مراكش لمتابعة دراسته الشرعية بمدرسة ابن يوسف كاحد المراكز العلمية و في سنة 1924 حل بفاس العتيقة للدراسة في جامعة القرويين الخ باختصار شديد ...
ان سؤال هذا المقال الا و هو المرحوم المختار السوسي و الحركة الامازيغية اية علاقة او خلاف يبدو انه سؤال متخلف بالنظر الى مجموعة من المعطيات مثلا ان المختار السوسي قد مات في سنة 1963 بينما تاسست اول جمعية ثقافية امازيغية ببلادنا سنة 1967 بمعنى ان المختار السوسي لم يعايش ميلاد هذه الحركة مع كامل الاسف و مثلا انه كان من رجال الحركة الوطنية و امن بافكارها كالعروبة و الظهير البربري و السلفية كما تبنيتها ..
لكن بالمقابل اهتم المختار السوسي بتاريخ منطقة سوس من خلال موسوعة المعسول التي تتكون من 20 جزء كعمل مهم حيث اعطى القيمة للاسر العلمية و المدارس العتيقة و التقاليد الامازيغية كانه اراد ان يرسل رسائل مشفرة الى الحركة الوطنية مفادها ان الامازيغيين هم مسلمون و تقاليدهم هي تقاليد اسلامية مغربية خلافا لما يقول رواد الحركة الوطنية مثل علال الفاسي و المكي الناصري حيث فعلا ان المختار السوسي قد تعلم الوطنية المزعومة في مدينة فاس في عشرينات القرن الماضي حيث خلق جمعية سرية مع اصدقاءه الوطنيين كما يسمون لكن يشعر في عمقه ان هويته الام في الهامش لكنه لا يستطيع قول هذا بصريح العبارة باعتباره قد انخرط في ما يسمى بالمقاومة السياسية ما بعد سنة 1930 تاريخ تاسيس الحركة الوطنية على اساس اكذوبة تنصير الامازيغيين الكبرى بمعنى ان المختار السوسي قد صدق هذه الاكذوبة الكبرى بصفته سلفي الذي يؤمن بتطبيق الشريعة الاسلامية كشعار رفعته الحركة الوطنية لاستقطاب الفقهاء ........
و في سنة 1956 تم تعينه وزير الاوقاف و الشؤون الاسلامية في اول حكومة في مغرب الاستقلال و الحرية كما يقال اي ان المختار السوسي كان اول وزير للاوقاف و الشؤون الاسلامية كقطاع جوهري بالنسبة للمخزن التقليدي منذ ذلك الوقت الى الان لفرض العروبة الجاهلية و التاويل السلفي للاسلام بمعنى ان المختار السوسي قد اصبح منذ ذلك الوقت مدرسة للعروبة و الاسلام في منطقة سوس خاصة و المغرب عامة حيث هنا يكمن خلاف عميق بين الحركة الامازيغية و المرحوم المختار السوسي حيث يرى اغلب رموزها ان المختار السوسي قد اعتبر ان الامازيغية مجرد لهجة او الشلحية كما سماها بينما اعتبر ان العربية هي لغة مقدسة حسب راي ائمة السلف و جموع الاسلاميين اليوم حيث ان حزب العدالة و التنمية يسعى الان الى وضع قانون لتعريب الحياة العامة بعدما اعتقدنا كحركة امازيغية ان دستورنا الحالي قد اعترف برسمية اللغة الامازيغية..
و على اية حال فان المرحوم المختار السوسي له اسهامات ايجابية و سلبية على المسالة الامازيغية بشموليتها عموما و على بعدها الديني خصوصا حيث كان بامكانه بصفته وزير الاوقاف و الشؤون الاسلامية ان يعزز مكانة الامازيغية كلغة و كثقافة اسلامية كما اعترف بها في موسوعته المعسول عبر القيام بترجمة معاني القران الكريم الى الامازيغية على اقل او جعل خطبة الجمعة بالامازيغية في المناطق المحافظة على امازيغيتها الخ من هذه الاجراءات الأولية انذاك لكن قد يقول قائل ان مناخ فجر الاستقلال لم يكن يسمح بحدوث مثل هذه الاشياء المستحيلة بحكم وجود ايديولوجية الظهير البربري المسطرة على حقلنا الديني الرسمي منذ ذلك الحين الى هذه الساعة ..................
قد تعرفت على الاستاذة شادية الدرقاوي و هي ابنة اخ المختار السوسي عندما كنت طفلا في مؤسسة الوردة الرملية لاستقبال الاطفال المعاقين باكادير اواخر التسعينات حيث كانت تاتي الى مؤسستنا مع سيدة فرنسية للعمل التطوعي حيث كانت سيدة طيبة معنا و استحضر هنا قصة حدثت لي معها في صيف 1999 حيث قررت المديرة اغلاق مؤسستنا بسبب غياب الدعم من طرف الدولة حيث اخذت في البكاء لانني كنت احب هذه المؤسسة التاريخية الخ فسمعت الاستاذة الدرقاوي و هي تكلم مع احدى المربيات حيث قالت اننا نعيش في منطقة مهمشة لكنني لم افهم كلامها بحكم صغر سني .................
المهدي مالك