قصة حب قصيرة مالبثت إلا وإنتهت بالزواج، وكان الزوج قنوعاً بأن حبهُ نادرُ الحدوثِ، والتكرار، فكان دائم التعبير عن مشاعره، لدرجة أنه كان يذرف الدمع كلما وجد زوجته تتألم، حتى مع طلقات الولادة، وما تبعها، بيد أن الزوجة كانت جامدة المشاعر، فهي تشعر بأنها تسرعت في الزواج، فقصة الحب كانت قصيرة، وظلت دائمة التشكيك في كلام زوجها العذب تجاهها.
لكن الزوج كان عطاؤه المعنوي بلا حدود، وكلماته الرقيقة لا تنتهي، حتى وإن صدته زوجته، التي لم تكن تبالي يوماً بتأخيره في العمل.
إلى أن جاء يوم تأخر فيه الزوج عن العودة من العمل، فلم تبالي الزوجة، حتى حل المساء، وإستكبرت أن تتصل به ليطمأن قلبها، وبعد أن جاوزت الساعة منتصف الليل، إذ بإتصال يأتيها من رقم غير معروف، فشعُرت برعشة مست قلبها، وتسأل المتصل عن هويته .. لتجده مشفى يخبرها بتعرض زوجها لحادث مروع، وأنه مقبل على إجراء جراحة دقيقة لإستئصال أجزاء من أحشاءه، فتهرول إلى المشفى مسرعة، سائلة الله أن يطيل عمره.
وتطلب رؤيته، فيمنعها الأطباء، ويخبروها ليس بالإمكان رؤيته إلا بعد الجراحة، فتسأل عن نسبة نجاها، لتعلم أنها ضعيفة، وأنه قد يلقى ربه أثناء الجراحة.
تشتد الدنيا ظلمة في عين الزوجة وتتساءل، هل أنا في حلم أم حقيقة، ماذا لو مات دون أن أراه، وكيف لي أن أعيش بدونه ؟.
عدة تساؤلات مر بها عقلُها، حتى تذكرت أنها لم تبادله يوماً عبارات، وأنه لا يعلم بحقيقه مشاعرها التي كانت تخفيها.
تنظر الزوجة للسماء، تسأل الله أن يمد في عمره، لدقائق لا أكثر، فقط لتخبره أنها كانت تعشقه، وتنتظر خروج الأطباء من غرفة العمليات، بيد أنهم يخرجون ليبلغوها تعازيهم، لقد مات الرجل.
ويشرد عقل الأرملة، تلوم نفسها على كبحها لمشاعرها، تجاه زوجها الراحل، لتردد : ليتني، ليتني، ليتني.
شادي طلعت