(القرآن الكريم وإهلاك آل سعود ) : (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٨ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

(القرآن الكريم وإهلاك آل سعود ) : (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ  )

أولا : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ  )

1 ـ وصف الله جل وعلا من أهلكهم من الطغاة الفاسدين فى التاريخ القديم بأنهم:( الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) الفجر ) بعدها قال جل وعلا : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) الفجر )، أى إنّ الاهلاك ينتظر من يسير على نفس المنهج من الفساد والطغيان لأن رب العزة جل وعلا بالمرصاد .

2 ـ السؤال الذى يلوح دائما : لماذا لا يتعظ اللاحقون بالسابقين ؟ كل مستبد يرى أنه لو دام المُلك لمن سبقه ما وصل اليه . انتهى من سبقه وآل الملك اليه ، وسينتقل منه الى من بعده ، وكما قال جل وعلا : (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ  ) (140) آل عمران )، وسبحان صاحب الملك الذى لا يزول .!! العادة أن من يصل الى كرسى الحكم يلتصق به وينسى نفسه ويمارس نفس الاستبداد والفساد الذى مارسه من سبقه ، ويظل سادرا فى فساده الى أن تأتيه لحظة السقوط فينتبه ولكن بعد فوات الأوان . التعبير القرآنى هنا رائع . سيقال للمستبدين المفسدين يوم القيامة : ( وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) ابراهيم ). المقصود مجازا أنهم عاشوا نفس مناخ الفساد والاستبداد كمن يسكن سكنا عاش فيه اناس قبله . ولكن الواقع يثبت أن كثيرا من المستبدين اللاحقين عاشوا فى نفس قصور المستبدين السابقين . وتكرر هذا فى العصر الحديث ، إذ يستقبل القصر الملكى ـ أو القصر الجمهورى ـ ولى العهد ، بل يستقبل حاكما ثار على المستبد السابق يرفع راية العدل ـ مثلا ـ ثم يسكن فى نفس القصر ويمارس نفس الظلم والاستبداد والفساد .

3 ـ نفس السؤال لا يزال يلوح بصيغة أخرى : لماذا يفقد الرئيس أو ولى العهد عقله حين يصل الى العرش ؟  . الاجابة سهلة .. هذا طبيعى مع كل هذه السلطة والتى تتيح له أن ينهب ما يشاء من ثروة ، يقتنص ثروات من سبقه بحجة محاربة الفساد . وحتى يمكّن لنفسه فى الملك فلا بد أن يتخلص ممن ساعده فى الوصول الى الحكم حتى لا يشاركوه فى سلطانه ، وحتى لا يمتنّ عليه أحد ، ثم ينشىء مجموعة جديدة تدين له بالولاء ، ولا تعرف سوى نفاقه وتنفيذ أوامره . كل يوم يخلق لنفسه خصوما جددا ، فيلجأ لحماية نفسه بالتعذيب والمصادرة ، فيزداد خصومه عددا ويزداد هو رعبا ، فيعالج الرعب بالمزيد من الفساد والعُنف ، فتتكاثر ضحاياه وتتكاثر كوابيسه ويظل هكذا فى دوامة العنف والفساد والاستبداد والخوف والفزع والكوابيس فلا يجد وقتا لمراجعة النفس ، ويسقط ليأتى بعده مفسد جديد يسكن فى نفس المكان ويمارس نفس الفساد والاستبداد . بهذا يكون الانتقام من الطغاة المفسدين : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) الفجر ).

ثانيا : الأسرة السعودية ونشر الفساد فى العالم

1 ـ هذا عنوان يحتاج الى مجلدات . يكفى أنها أسرة تملك دولة وشعبا وأرضا وتتحكم وحدها فى ثروة هذا الشعب وفى موارد هذه الأرض . هى أسرة استولت على أراض وبلاد يملكها أصحابها الحقيقيون الذين كانوا يعيشون فى بلادهم قبل أن تظهر هذه الأسرة الى الوجود ، وربطت هذا الفساد بفساد أفدح يبرر لها جرئمها ، وهو دينها الوهابى الذى جعلته هو وحده الاسلام . بهذا قامت الدولة السعودية الأولى ، وتمددت ثم سقطت . وبهذا أيضا قامت الدولة السعودية الثالثة وتمددت ، وهى الآن على شفا السقوط ـ إن لم تبادر بالاصلاح الحقيقى دينيا و سياسيا .

2 ـ الدولة السعودية الأولى نشرت فسادها فى الجزيرة العربية ، قتلا وتخريبا وصدّا عن سبيل الله والمسجد الحرام . الأسرة السعودية الآن وضعت يدها على البترول الذى ينتمى لأصحاب الأرض الأصليين ، وبالبترول اصبحت دولة محورية ، تشترى كل شىء بمالها ، فوصل فسادها وغطى معظم الكرة الأرضية فى عصر العولمة والقرية الكونية الجديدة . جعلت وهابيتها هى الاسلام ، وأصبحت حمامات الدم والقتل العشوائى للمدنيين جهادا اسلاميا ، وسيطرت الوهابية على مناهج التعليم والمساجد فى أقطار المحمديين وفى جالياتهم فى الغرب . وبالفساد ظهرت جماعات ارهابية تنازع الأسرة السعودية أو تتبعها . وبالتمويل  السعودى  إشترت الأسرة السعودية حكاما وقتلت حكاما ، وتلاعبت بحكام ، وأثارت حروبا ، ودمرت دولا ، واضطهدت دُعاة الاصلاح وقتلت بعض الذين يأمرون بالقسط من الناس . ونعطى بعض التفصيل :

ثالثا : بعض ملامح الفساد السعودى فى العالم

1 ـ قتلت ناصر السعيد المعارض المسالم نصير الحرية والعدل .  

2 ـ  فى مصر ظهر عبد الناصر خصما للسعودية بشعار القومية العربية الذى يناقض الوهابية ويعاديها ، ولو استمر فهذا يعنى القضاء على السعودية . لذا كان لا بد من القضاء على عبد الناصر . إستدرجت السعودية عبد الناصر فى حرب فى اليمن وأنهكته ، ثم خرج منها ليحارب اسرائيل فى 1967 ، فانهزم وإنتهت اسطورته وهيبته، واصبح منذ مؤتمر الخرطوم تابعا للملك فيصل . وبدأ الفصل الثانى من الخطة بجعل عبد الناصر يعين العميل السعودى انور السادات نائبا للرئيس ، أى جهزت مبكرا البديل لعبد الناصر . ثم شبت معركة منظمة التحرير مع ملك الاردن فهب عبد الناصر يدعو لمؤتمر القمة لانقاذ الثورة الفلسطينية ، وهو لا يعرف أنها مؤامرة لقتله بالسم وسط هذا الصخب . وقد غاب الملك فيصل الذى حاك المؤامرة لقتل عبد الناصر .  كان عبد الناصر فى قمة النشاط فى فعاليات المؤتمر وفى توديع الرؤساء والملوك . بعد ان قام بتوديع امير الكويت شرب العصير فسقط ميتا ، وتولى السادات حكم مصر لتصبح مصر تابعة للنفوذ السعودى . ثم اصبح السادات مصدر إزعاج لأمريكا والسعودية فتخلت عنه أمريكا والسعودية ليقتله الوهابيون . وكان من تآمر على قتله هو الذى تولى الحكم بعده . وتعلم مبارك الدرس فلم يعين نائبا له ، وركع للسعودية وسجد لأمريكأ. وممن جاء بعده من العسكر ساروا على سُنّته .

5 ـ فى عهد مبارك خططت السعودية لإدخالى السجن . ولهذا قصة أسجلها للتايخ شاهدا على العصر . كانت العلاقات مقطوعة بين مصر والسعودية ـ من جانب السعودية حرصا على إرضاء صدام حسين الذى تزعم جبهة الصمود والتصدى ضد السادات بعد اتفاقية كامب ديفيد وهدد قادة السعودية والخليج ، فقام الملك خالد بقطع  علاقة السعودية  بمصر فى 23 ابريل 1979 . هاجم السادات السعودية ، وبدأ الاعداد للتخلص من السادات ، وتم إغتياله على مرأى من العالم فى 6 اكتوبر 1981 . وتولى مبارك وظلت العلاقات بين السعودية ومصر مقطوعة . حاول مبارك إسترضاء السعوديين فحضر ـ بدون دعوة جنازة الملك خالد عام 1982، وقوبل بلا إحترام  . فى غضون ذلك بدأت أزمتى مع الأزهر والوهابية فى داخله مع عام 1985 ، وتركت الجامعة بقرار العزل فى مارس 1987 . كنت قد توصلت الى معرفة د. يوسف والى وزير الزراعة والأمين العام للحزب الوطنى ، والذى تفهّم موقفى ولم يكن مستريحا لتغلغل الوهابية فى مصر. رفع د يوسف والى موضوعى الى مبارك . وأخبرنى يوسف والى أن مبارك تحدث مع شيخ الأزهر ( جاد الحق ) فى مناسبة عيد الأضحى وقتها ونبّه عليه بضرورة إنصافى . وتم ترجمة هذا الأمر بصورة عكسية ، إذ قيل للرئاسة إن ملف قضيتى مفقود فى أروقة الجامعة. وبسرعة جرت إتصالات بين شيوخ الأزهر وشيوخ الوهابية فى السعودية ، وكان هذا فى وقت يحاول فيه مبارك إعادة العلاقات مع السعودية .  وقتها كان العميل السعودى ضياء الحق يحكم باكستان ، وتتولى الجامعة الاسلامية فى إسلام أباد نشر الوهابية داخل باكستان وحولها . جعلت السعودية ضياء الحق يعقد مؤتمرا فى اسلام أباد عام 1987 حضرة أئمة الوهابية فى السعودية ومصر وشيوخ الأزهر ، ونظمته رابطة العالم الاسلامى السعودية . جدول أعمال هذا المؤتمر تخصص هذا المؤتمر ـ فقط ـ  فى مناقشة كتابى ( الأنبياء فى القرآن الكريم ) وكتاب د محمد الطيب النجار رئيس جامعة الأزهر الأسبق ، وهو خصم لى .  انتهى المؤتمر الى تكفيرى والتوصية بإقامة حد الردّة علىّ ، وبمنح د الطيب النجار جائزة على كتابه ( قصص الأنبياء ) . رجع الشيوخ الى حسنى مبارك بقرارات هذا المؤتمر ثم بقرارات مؤتمر آخر فى جده نظمته رابطة العالم الاسلامى ، ومعهم بوادر بعودة العلاقات مع السعودية مقابل التضحية برأس أحمد صبحى منصور . وتمت لقاءات علمت بها وأنا فى السجن من خلال الصحف القومية بين يوسف والى ( المتعاطف معى ) ووفد سعودى جاء يعرض تمويل مشروعات زراعية وتصدير منتجات زراعية أسكتت يوسف والى . دخلت السجن فى نوفمير 1987 أى فى نفس هذا الشهر من ثلاثين عاما . كان سجنا لارضاء السعوديين وعودة العلاقات معها ، وفعلا عادت العلاقات مع السعودية وأنا فى السجن . بعودة العلاقات عرف مبارك طعم الرشاوى السعودية ، ولأنه حرامى أصيل فقد كان يطمع فى المزيد . ولأنه كان يحكم بالطوارىء فإن سلطته كحاكم عسكرى كانت بيد قادة أمن الدولة . وعرف ضباط أمن الدولة المختصين بملف القرآنيين الثراء على حساب شقائنا . ولقد نجوت بحياتى من الاعتقال فى الموجة الثانية لاعتقال القرآنيين عام 2001 ، وعشت فى أمريكا أهاجم السعودية والوهابية من موقعنا ( أهل القرآن ) والمركز العالمى للقرآن الكريم ، فعاقبت السعودية أقاربى فى مصر بثلاث موجات من الاعتقال 2007 ، 2009 ، 2015 . كان إعتقال أهلى مناسبة سعيدة لجنود الأمن وضباطه القائمين بالاعتقال ، تأتيهم الوجبات الساخنة من أفخر مطاعم القاهرة ليقوموا بالتضييق على المعتقلين وإيذائهم ، هذا عدا ما كان يحدث داخل مبنى أمن الدولة من تعذيب وإهانة يتكرر فيها لعنى بالوالدين وبألفاظ فاحشة .! لقد أفسد المال السعودى الحكم العسكرى فى مصر ، وأجهض ثورتها النبيلة.تغلغل الوهابية فى مصر فى الأزهر والتعليم والاعلام والمساجد أفسد معظم النخبة ومعظم الشعب . تخيل أن الليبرالية ــ التى سادت مصر من عهد الخديوى اسماعيل والتى أنتجت الحركة الاصلاحية للإمام محمد عبده ــ قد إستمرت حتى الآن . مصر الليبرالية هذه كانت كفيلة بإنقاذ العالم من الفساد الوهابى .! بوهابية مصر وإخوانها ( الوهابيين) وسائر تنظيماتهم العلنية والسرية وصل فساد الوهابية الى معظم أنحاء الكرة الأرضية ، وتقزمت مصر حتى أصبحت فى مستوى موزمبيق .!

 6 ـ  فى باكستان تآمرت السعودية على إزاحة ( الشيعى )( ذو الفقار على بوتو ) رئيس الوزراء المشهور بعلمانبته . بدأ الأمر باضطرابات قام بها حشود الوهابيين إحتجاجا على ميول بوتو العلمانية . ثم أغرى الفساد السعودى الجنرال ضياء الحق بانقلاب عسكرى عزل الرئيس بوتو المنتخب ، وأقام محكمة صورية حكمت بإعدام بوتو بتهمة ملفقة ، وإحتج الراى العام الدولى وتنادى لإنقاذ بوتو الذى كان شخصية عالمية محترمة ، فبادر  ضياء الحق بقتل بوتو فى السجن بسيف ذهبى هدية من الأسرة السعودية. مات بوتو وعمره 51 عاما . من يومها لم تعرف باكستان الاستقرار ، تنتقل من ديمقراطية زائفة الى حكم عسكرى ، لقى ضياء الحق مصرعه عام 1988 إذ سقطت طيارته بقنبلة . وأغتيلت بناظير بوتو فى ديسمبر عام 2007 . ولا تزال باكستان رهينة الاضطراب السياسى والفقر والتخلف . ويتحكم فيها جهاز الأمن وشيوخ الوهابية . وشتان بين باكستان الوهابية والهند العلمانية التى تتمسك بالحرية الدينية لجميع المواطنين .! .

7 ـ ما حدث فى باكستان بالفساد السعودى إنتقل الى أفغانستان بمساعدة أمريكية كانت تهدف لحرب السوفيت فى افغانستان بالمجاهدين الوهابيين . تولت السعودية تجميعهم والانفاق عليهم ، وبعد الخلاص من الحكم الشيوعى دخلت افغانستان فى دوامة الحرب الأهلية ، وحتى الآن . ويدفع الأفغان والعالم فاتورة الفساد السعودى لأنه ما لبث أن خلق القاعدة ، وما تفرّع عنها . فالوهابية شجرة خبيثة يجب إجتثاثها ليكون العالم بدونها أفضل .

8 ـ ما حدث فى باكستان تكرر فى السودان . الصادق المهدى المثقف الديمقراطى الذى وصل بانتخابات حرة الى رئاسة الوزارة فى  السودان عام 1986  مالبث أن أسقطه إنقلاب عسكرى قام به العميل السعودى ( عمر  البشير ) عام 1989 والذى لا يزال يحكم حتى الآن ، وبسببه فقد السودان جنوبه فصار الجنوب دولة مستقلة ، وفقد السودان الملايين فى حرب أهلية يغذيها التعصب الدينى الوهابى ، وإرتكب الوهابى عمر البشير مجازر فى دارفور ، جعلته من عام 2008  مطلوبا القبض عليه ليمثل امام الجنائية الدولية .

9 ـ عمل الفساد السعودى فى زعزعة إستقرار اليمن وتلاعب بالرئيس على عبد الله صالح ويتلاعب الآن بالرئيس عبد ربه منصور هادى . وعمل الفساد السعودى فى تخريب العراق وسوريا . وبعد التساقط الراهن لدولة داعش جرى حث الأكراد لفتح ثغرة جديدة لإدخال العراق فى حرب أهلية أخرى . ولكن القوى الكبرى أوقفت هذا التآمر السعودى . الفساد السعودى يستهدف إضعاف الدولة القوية القريبة منه ، لهذا يحارب ايران والشيعة فى اليمن ولبنان وسوريا ،ويعمل الفساد السعودى فى ليبيا وتونس والجزائر والمغرب ومالى وتشاد و الصومال ونيجيريا .. بل يعمل بنجاح ساحق فى الغرب .

10 ـ أوربا الديمقراطية التى تعتمد على الشفافية نجح الفساد السعودى فى إختراقها . وقفت ضده ألمانيا بزعامة أنجيلا ميركل . بينما وقعت رئيسة وزراء بريطانيا حاليا فى شراك الفساد السعودى . وقبلها تونى بلير . واللوبى السعودى فى واشنطن يحاصرنا .

أخيرا :

لا نملك إلا أن نتذكر قوله جل وعلا : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) الفجر ).!!

اجمالي القراءات 9107