الوجه الحقيقي للعالم الحر و العبودية الحديثة
الحياة ليست وردية و لن تكون ,
قال تعالى ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) 82-83 ص , فكان من المنظرين .
و قال سبحانه ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) 39-40 الحجر , فكان أيضاً من المنظرين .
منذ أن خلق هذا الإنسان الضعيف العنيد , و هو يدور في دوامة الصراع , كل الحق كان و لا زال ماثلاً أما عيناه , و الأمثلة و الشواهد الحية بين يداه ,
فما الشيء الذي يجعله مجرما متكبرا طاغيا , يبطش و يقتل و يدمر !
و هو يعلم علم اليقين بأنه لن يلبث على هذه الأرض سوى القليل القليل !
إنها الغواية يا سادة ..
و تلك الغواية قد سيطرت على فطرته السليمة فجعلته لا يقنع ولا يشبع , فحرفته عن الصراط القويم إلا القليل القليل من المخلصين ,
هؤلاء المخلصين القلة في حقيقة الأمر لا وزن لهم مهما بلغوا من قوة أو تأثير , و هذا هو جوهر الاختبار لمن صبر , فالوزن في حياتنا الدنيوية القصيرة هو من نصيب الغاوين ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) 42 الحجر , ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ) 175 الأعراف ,
هؤلاء الأغلبية الساحقة لن تكون لهم الغلبة في الآخرة في الحياة الأبدية الخالدة و لن يكون لهم أي وزن ( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ) 105 الكهف ,
تلك الأغلبية الساحقة من البشر هم في حقيقة الأمر مستعبدين , فهم في عبودية تامة و هيمنة و استرقاق , يتم استعبادهم و السيطرة عليهم عن طريق الغواية باستغلال الرغبات , هذه العبودية لها عدة أوجه , فهي متغيرة حسب الظروف و الحالات , عبودية قديمة مباشرة بالذل و القهر و الإكراه , و عبودية جديدة غير مباشرة تلبي الرغبات .
العبودية المباشرة القديمة الساعية للهيمنة و السيطرة على الشعوب بطريقة القهر و الإجبار و الذل و الإكراه لا تزال حاضرة و بقوة في المجتمعات العربية و في مجتمعات العالم الثالث , يسيطر عليها و يترأسها الزعماء و الكهنوت الديني و الجنرالات العسكريين و أصحاب النفوذ المالي .
أما العبودية الحديثة فهي غير مباشرة يسيطر عليها و يترأسها نفس المقامات و نفس الجهات , و لكن ليس بالشكل المباشر , بل بشكلٍ خفي يتستر خلف ستار الحرية و المؤسساتية و حقوق الإنسان و المجتمع المدني و منظماته , و هي حاضرة في المجتمعات الغربية ( مجتمعات العالم المتقدم و المتوسط ) .
و لا تزال الشواهد و الأمثلة حاضرةً بين أيدينا
و سيبقى الجميع يدور في نفس الدائرة إلى اليوم الموعود
الكثير من الغاوين و القليل من المستخلصين ...