هل إنتقم اليهود من (عمر ) و ( عثمان ) بالقتل ؟

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٥ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

هل إنتقم اليهود من (عمر ) و ( عثمان ) بالقتل ؟  

مقدمة :

1 ـ أجلا  عمر بن الخطاب أهل الكتاب من الجزيرة العربية ، وترتب على هذا أن بعض أحبار اليهود أعلن إسلامه لينتقم . وكان اشهرهم مؤسس الدين السنى ( كعب الأحبار ) وهو استاذ أبى هريرة ، ومؤسس التشيع (عبد الله بن أبى سبأ ، المشهور بلقب: أبن السوداء ) . وهما أيضا ممّن ساهم فى الفتنة الكبرى.

2 ـ من فحص الروايات عنهما نتصور أن كعب الاحبار جاء من اليمن الى المدينة وهو عازم على الانتقام من عمر . وخطط لإغتياله ونجح ولم يشك أحد فيه ، بل إزدادت مكانته . وتولى عثمان وظهر فساده ، تحالف كعب مع عثمان ومعاوية ، وإستدعى رفيقه من اليمن ( عبد الله بن سبأ : ابن السوداء ) ليلعب فى المعسكر الآخر المعادى لعثمان ، ورسم معه خطة أخرى لاستغلال السخط المتصاعد على فساد عثمان بن عفان . وساعده عثمان بفساده وبوقوعه تحت التأثير الكامل لابن عمه ( مروان بن الحكم ) كان سهلا سكب الزيت على النار المتقدة عداءا بين قريش والأعراب ، فاشتعلت الثورة وقتل الثائرون عثمان.

3 ـ فى خضم تهييجه الناس على ( عثمان ) وضمهم الى جانب (على ) قام إبن سبأ بوضع ملامح الدين الشيعى فى تأليه (على ) وجعله الوصى ، وهو الذى أنشأ أول فرقة شيعية هى  (السبئية الأولى ) التى قالت ل ( على بن أبى طالب ) : أنت أنت .! قال لهم : من أنا ؟ قالوا له : أنت الله . فأمر بتحريقهم ، وقال شعرا :

لما رايت الأمر منكرا   أوقدت نارى ودعوت قنبرا .

وقنبر هو ( مولى وخادم على ) . ولكن إستمر تقديس على وبنيه بعدهم .

4 ـ  بالنسبة ل ( كعب الأحبار ) فهو أبو الاسرائيليات فيما يعرف بالحديث والسنة والتفسير والقصص . وهو استاذ أبى هريرة ،أشهر الصحابة فى الرواية . والمضحك أن كعب الأحبار لم ير النبى لأنه أسلم فى خلافة عمر . ومع ذلك جعلوه يروى أحاديث عن النبى ، وينقلها عنه ابو هريرة ومعاوية وغيرهما . تخلف منقطع النطير.. تخجل منه الحمير .! .

ونعطى بعض التفصيلات : 

أولا : كعب الأحبار :

1 ـ قال عنه ابن سعد فى الطبقات الكبرى : ( كان على دين يهود فأسلم وقدم المدينة ، ثم خرج إلى الشام فسكن حمص ، حتى توفي بها سنة ثنتين وثلاثين في خلافة عثمان).وحين جاء المدينة قصد دار الخليفة عمر مباشرة ، يروى ابن سعد : (‏.حدثني أبو المخارق زهير بن سالم أن كعب الأحبار قال : " نزلت على  رجل يقال له مالك وكان جارا لعمر بن الخطاب فقلت له : كيف بالدخول على أمير المؤمنين ؟  فقال : ليس عليه باب ولا حجاب يصلي الصلاة ثم يقعد فيكلمه من شاء . " ) . وسرعان ما صار كعب من مستشارى  عمر ، ثم عثمان ، وأثيرا لدى معاوية .

2 ـ مكانته كبيرة فى الدين السُّنّى . جعلوه يروى عن النبى مع أنه لم ير النبى . قالوا عنه   : ( فجالس أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية ، ويحفظ عجائب ويأخذ السنن عن الصحابة . وكان حسن الإسلام ). وقالوا إن أبا هريرة ومعاوية وابن عباس رووا أحاديث عنه ، فكيف يروى هو أحاديث عن النبى وهو لم ير النبى . عللوا هذا الإفك بأنه من قبيل رواية الصحابى عن التابعى . قالوا : ( وهو نادر عزيز)  . ونقل عنه أبو هريرة بعض أكاذيب التوراة وجعلها حديثا ، ومنها حديث إن الله خلق آدم على صورته ، الموجود فى سفر التكوين فى التوراة ، ومن نفس السفر أيضا حديث : ( خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ فِيهَا يَوْمَ الأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ فِيهَا يَوْمَ الاِثْنَينِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأَرْبَعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَق آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ الْخَلْقِ فِى آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ ).

زمع ذلك يجعله علماء الدين السنى ( ثقة ) مدحه الذهبي فى ( سير أعلام النبلاء ) فقال عنه  :( هُوَ كَعْبُ بنُ مَاتِعٍ الحِمْيَرِيُّ ، اليَمَانِيُّ ، العلَّامة ، الحَبْر ، الَّذِي كَانَ يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدِمَ المَدِيْنَةَ مِنَ اليَمَنِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَجَالَسَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَانَ يُحَدِّثُهُم عَنِ الكُتُبِ الإِسْرَائِيْليَّةِ ، وَيَحْفَظُ عَجَائِبَ ، وَيَأْخُذُ السُّنَنَ عَنِ الصحابة , وكان حسن الإسلام ، مَتِيْنَ الدّيَانَةِ ، مِنْ نُبَلاَءِ العُلَمَاءِ ). وجعلوه ( ثقة ) .   وقال عنه ابن كثير فى تاريخه ( البداية والنهاية ) :  (فَإِنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ لَمَّا أَسْلَمَ فِي زَمَنِ عُمَرَ كَانَ يَتَحَدَّثُ بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَشْيَاءَ مِنْ عُلُومِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَيَسْتَمِعُ لَهُ عُمَرُ تَأْلِيفًا لَهُ وَتَعَجُّبًا مِمَّا عِنْدَهُ مِمَّا يُوَافِقُ كَثِيرٌ مِنْهُ الْحَقَّ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ الْمُطَهَّرُ ، فَاسْتَجَازَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ نَقْلَ مَا يُورِدُهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ . ) . وروى ابن تيمية فى فتاويه أن عمر إستشار كعب الأحبار  فى بناء مصلى للمسلمين عندما زار البيت المقدس.ولم يكن ما يعرف بالمسجد الأقصى قد بُنى بعد لأن الذى بدأ بناءه هو الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان ، ثم أكمله ابنه الوليد. يقول ابن تيمية: (لَمَّا دخل عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ وَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ مُصَلًّى لِلْمُسْلِمَيْنِ : قَالَ لِكَعْبِ ؟ أَيْنَ أَبْنِيهِ ؟ قَالَ ابْنِهِ خَلْفَ الصَّخْرَةِ . قَالَ : خَالَطَتْك يَهُودِيَّةٌ يَا ابْنَ الْيَهُودِيَّةِ ؛ بَلْ أَبْنِيهِ أَمَامَهَا . )

3 ـ ذاعت خرافات كعب الأحبار ، فقد أبهر المستمعين بعلمه بالتراث الاسرائيلى ، وتكونت حوله مجموعة تنقل عنه ، منهم نوف البكالي ، وهو ابن امرأة كعب ‏، وتبيع ابن إمرأة كعب ، قال عنه ابن سعد فى الطبقات الكبرى : ( وكان عالما قد قرأ الكتب وسمع من كعب علما كثيرا ويكنى أبا عبيد وفي بعض الحديث يكنى أبا عامر ) . واصبحت خرافات كعب أحاديث ( نبوية ) و ( أحاديث قدسية ) ، ومُلئت بها فى عصر التدوين كتب ( التفسير ) و ( الحديث ) و قصص الأنبياء وقصص الماضين ومؤلفات التصوف . ومنها مثلا قولهم عنه : ( وقال كعب الأحبار  : يعبر البحر إلى الأندلس أقوام يفتتحونها يعرفون بنورهم يوم القيامة. ).  ولكن إستاذيته لآبى هريرة ( أكبر رواة الحديث ) فى الفترة الشفهية تجعل كعب الأحبار مؤسس الدين السنى . وأن هذا الدين مؤسس على ( الاسرائيليات ) . وإذا كانوا يتهمون بعض الأحاديث بأنها إسرائيليات فنحن نقول أنها كلها أكاذيب ، ومصدرها الوحى الشيطانى .

كعب فى خلافة عمر :

1 ـ  وهنا نتساءل عن دور عمر بن الخطاب الذى أجلا أهل الكتاب وجعل كعب الأحبار مستشارا له . يذكر الطبرى فى تاريخه أنه ( وقع الطاعون بالشام ومصر والعراق واستقر بالشام ومات فيه الناس الذين هم في كل الأمصار في المحرم وصفر وارتفع عن الناس وكتبوا بذلك إلى عمر ما خلا الشام فخرج حتى إذا كان منها قريبا بلغه أنه أشد ما كان  ) واستشار عمر وقد أراد أن يسافر الى الأمصار . قال الطبرى : ( فجمع الناس في جمادى الأولى سنة سبع عشرة فاستشارهم في البلدان فقال : " إني قد بدا لي أن أطرف على  المسلمين في بلدانهم لأنظر في آثارهم فأشيروا علي ". وكعب الأحبار في القوم وفي تلك السنة من إمارة عمر أسلم . فقال كعب : " بأيها تريد أن تبدأ يا أمير المؤمنين "؟ قال : "بالعراق ".  قال : " فلا تفعل فإن الشر عشرة أجزاء والخير عشرة أجزاء فجزء من الخير بالمشرق وتسعة بالمغرب وإن جزءا من الشر بالمغرب وتسعة بالمشرق وبها قرن الشيطان وكل داء عضال  . " ) . أى إنه فى السنة التى أسلم فيها كعب أصبح مستشار لعمر . وظل الى جانبه ، حتى إغتياله .

2 ـ وكان إغتيال عمر بمؤامرة ( دولية ) شارك فيها الهرمزان الفارسى وآخر نصرانى ، ونفذها أبو لؤلؤة المجوسى . والتدقيق فى الرواية يظهر أن كعب الأحبار كان هو الرأس المدبر ، ولم يفطن أحد له ، بل خرج منها مشهورا بعلمه للغيب ، لأنه طبقا لروايات إغتيال عمر كان كعب هو الذى يتنبأ لعمر بمقتله قبيل إغتياله ، زاعما أنه قرأ هذه فى الكتب، وهذا يدل على ثقته بنفسه وثقته فى أن عمر لا يشكُّ فيه  . فى رواية مقتله يروى الطبرى : (...فلما كان من الغد جاءه كعب الأحبار فقال له : " يا أمير المؤمنين اعهد فإنك ميت في ثلاثة أيام .! " قال: " وما يدريك ؟ "  قال : " أجده في كتاب الله عز وجل التوراة ." قال عمر : " آلله إنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة ؟ " قال : " اللهم لا ،ولكني أجد صفتك وحليتك وأنه قد فنى أجلك . " ..  وعمر لا يحس وجعا ولا ألما . فلما كان من الغد جاءه كعب فقال : " يا أمير المؤمنين ذهب يوم وبقي يومان. " .. ثم جاءه من غد الغد فقال : " ذهب يومان وبقي يوم وليلة وهي تلك إلى صبحتها . " .. فلما كان الصبح خرج عمر إلى الصلاة وكان يوكل بالصفوف رجالا فإذا استوت جاء هو فكبّر..ودخل أبو لؤلؤة في الناس في يده خنجر له رأسان نصابه في وسطه ، فضرب عمر ست ضربات إحداهن تحت سرته وهي التي قتلته . ) . ومن يدرى ، ربما كان معاوية ضالعا فى هذا التخطيط ، فقد إستفادوا من عمر ، وجان الوقت لإحلال عثمان ( الأموى ) بعده . وهذا ما حدث فعلا بمؤامرة عبد الرحمن بن عوف . والتفاصيل فى كتابنا عن ( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين )

كعب فى عهد عثمان :

1 ـ أصبحت له مكانة خاصة عند عثمان وابن عمه معاوية ، ومنسوبة روايات خرافية لكعب تتنبأ بمُلك معاوية ، أى تمهد لخلافته .

2 ـ على أن الخطورة تتجلى فى توزيع الأدوار بين كعب الأحبار وعبد الله بن سبأ ، كلاهما من يهود اليمن ، وكلاهما أسلم ، ولكن إنضم كعب الى عثمان والأمويين ، بينما إنضم ابن سبأ الى الجبهة المعادية ، منكرا على ( عثمان ) ثم صار فيما بعد مؤسس الشيعة السبئية المتطرفة فى عهد على بن ابى طالب نفسه .

3 ـ بدأ ابن سبأ فى تحريض الصحابى أبى ذر الغفارى على ( عثمان ومعاوية ) وتفاقم الأمر مما جعل عثمان يستدعى أبا ذر الى المدينة ويحقق معه ، وفى مجلسه يكون حاضرا كعب الأحبار .! كان هذا عام 30 هجرية . يروى الطبرى : ( لما ورد ابن السوداء ( ابن سبأ ) الشأم لقي أبا ذر . فقال : " يا أبا ذر ألا تعجب إلى معاوية يقول المال مال الله ألا إن كل شيء لله كأنه يريد أن يحتجمه دون المسلمين ويمحو اسم المسلمين . " فأتاه أبو ذر ( اى ذهب ابو ذر الى معاوية )  فقال : " ما يدعوك إلى أن تسمي مال المسلمين مال الله ؟ " قال يرحمك الله يا أبا ذر ألسنا عباد الله والمال ماله والخلق خلقه والأمر أمره . " قال : " فلا تقله . "  قال ( معاوية ) : " فإني لا أقول إنه ليس لله ولكن سأقول مال المسلمين. " . وقام ابن سبأ بتحريض الصحابى أبى الدرداء أيضا . يروى الطبرى : ( وأتى ابن السوداء أبا الدرداء فقال له : " من أنت ؟ أظنك والله يهوديا. " . فأتى عبادة بن الصامت فتعلق به فأتى به معاوية فقال هذا والله الذي بعث عليك أبا ذر . وقام أبو ذر بالشأم وجعل يقول : " يا معشر الأغنياء واسوا الفقراء بشر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم . " . فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك وأوجبوه على الأغنياء وحتى شكا الأغنياء ما يلقون من الناس ، فكتب معاوية إلى عثمان : " إن أبا ذر قد أعضل بي وقد كان من أمره كيت وكيت . " )   فبعث معاوية بأبي ذر الى المدينة . يروى الطبرى أن كعب الأحبار حضر المجلس : ( فدخل على عثمان وعنده كعب الأحبار، فقال لعثمان : " لا ترضوا من الناس بكف الأذى حتى يبذلوا المعروف وقد ينبغي للمؤدي الزكاة إلا يقتصر عليها حتى يحسن إلى الجيران والإخوان ويصل القرابات ." فقال كعب  : " من أدى الفريضة فقد قضى ما عليه . " فرفع أبو ذر محجنه فضربه فشجه ، ...قال له يابن اليهودية ما أنت وما ها هنا ؟ )   

عبد الله بن سبأ ودوره فى الفتنة الكبرى

1 ـ كان عثمان بن عفان فاسدا ، إعتبر بيت المال ماله الخاص ، يفرقه على من يحب من أهله الأمويين مخالفا طريق عمر فى العدل بين العرب . تذمّر الأعراب الذين كانوا عماد الفتوحات حين رأوا الأمويين ينهبون بيت المال برضى عثمان . وصل التذمر الى مرحلة الإشتباك بالأيدى حين أعلن سعيد بن العاص ( ابن عم عثمان ) ووالى الكوفة أن ( سواد العراق ) ، أو الأراضى الزراعية فى العراق والواقعة شمال منطقة ( نجد ) هى ملك خاص لقريش، أو بتعبيرهم هو ( بستان قريش ) . وعاقب عثمان زعماء الثائرين بالتسيير ، أى يُطاف بهم فى البلاد فإشتد عليه الحنق. وجد ابن سبأ فرصته فى التحريض على (عثمان).

2 ـ يقول الطبرى عن إبن سبا ( ابن السوداء ): ( كان عبدالله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء أمه سوداء فأسلم زمان عثمان ، ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم ، فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشأم ، فأخرجوه حتى أتى مصر ، فاعتمر فيهم فقال لهم فيما يقول : " لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمدا يرجع ، وقد قال الله عز وجل إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ، فمحمد أحق بالرجوع من عيسى ." ..فقُبل ذلك عنه ووضع لهم الرجعة ، فتكلموا فيها .  ثم قال لهم بعد ذلك : " إنه كان ألف نبي ولكل نبي وصي ،وكان "علي "وصي محمد. "  ثم قال : " محمد خاتم الأنبياء وعلي خاتم الأوصياء " . ثم قال بعد ذلك : " من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله ووثب على وصي رسول الله وتناول أمر الأمة ."  ثم قال لهم بعد ذلك : " إن عثمان أخذها بغير حق وهذا وصي رسول الله فانهضوا في هذا الأمر فحركوه وابدأوا بالطعن على أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا الناس وادعوهم إلى هذا الأمر. "  فبث دعاته وكاتب من كان استفسد في الأمصار وكاتبوه ، ودعوا في السر إلى ما عليه رأيهم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،  وجعلوا يكتبون إلى الأمصار بكتب يضعونها في عيوب ولاتهم ويكاتبهم إخوانهم بمثل ذلك ، ويكتب أهل كل مصر منهم إلى مصر آخر بما يصنعون، فيقرأه أولئك في أمصارهم وهؤلاء في أمصارهم ، حتى تناولوا بذلك المدينة ، وأوسعوا الأرض إذاعة وهم يريدون غير ما يظهرون ويسرون غير ما يبدون ...) . بدأ عبد الله بن سبأ دعوته الشيعية فى تقديس (على ) مع عمله السياسى فى التأليب على ( عثمان ) . وانتهى الأمر بقدوم الثوار من مصر والعراق الى المدينة وحاصروا عثمان ثم قتلوه ، وإنفتح باب ( الفتنة الكبرى ) أو الحروب الأهلية ، ودخله ( المسلمون ) ولم يخرجوا منه بعدُ .  

3 ـ ابن سبأ لم يخلق الفتنة الكبرى ، فقد صنعها صراع الأمويين مع الأعراب . ابن سبأ نفخ فى النار المتقدة تحت التراب فأشعلها . أيضا كعب الأحبار لم يكن هو الذى أشعل طموح معاوية ، هو ساعده فقط . وكعب وابن سبأ وجدا الطريق سهلا لهما . ( عمر ) الذى أجلا أهل الكتاب  ــ ظلما وعدوانا ــ فتح أحضانه لكعب الأحبار ، وعثمان بفساده سهّل لابن سبأ وظيفته .  والخلفاء الفاسقون مرتكبوا الفتوحات باسم الاسلام خلطوا السياسة بالدين ضد أهل الكتاب ، فلعب كعب الأحبار وابن سبأ نفس اللعبة ضد أولئك الخلفاء . 

اجمالي القراءات 9855