الصحوة الاسلامية
الصحوة الاسلامية بين الحقيةوالوهم

زهير قوطرش في الثلاثاء ٠٨ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً



الصحوة الاسلامية بين الحقيقو والوهم.

منذ سنوات وأنا أتابع الفضائيات التي اصبحت لاتعد ولاتحصى من كثرتها،والتي تعنى بأمور الدين وأمور المسلمين.يتربع على عرشها علماء وسادة ومشايخ ،امتازوا بطول اللحى وصرامة المظهر،وافتعال الجدّية في الحديث واستخدام اساليب الترهيب الاعلامية التي تجعل المتلقي العادي من أمة تعدت نسبة الامية فيها الستين بالمائة يشعر وكأنه بحضرة خليفة الأمة أو أميرها... وأن كل ما يقوله ويدعيه هو حقيقة لا نقاش فيها،وأنه مجرد تسرب الشك &Ccedilil;لى النفوس بصحة أقواله ، فأن ذلك من عمل الشيطان، وهو بداية الارتداد والكفر...ومما يلفت الانتباه تأكيد هؤلاء العلماء الافاضل على أن الصحوة الاسلامية قد بدأت..وهذه المقولة القديمة الجديدة اصبحت سلعة استهلاكية لا تستند الى معطيات علمية واضحة لكي يستطيع المراقب من خلالها أن يقرر صحتها...والاسئلة التي يمكن طرحها... متى بدأت ؟ والكيفية التي بدأت بها؟ وما هي نتائجها الملموسة على واقع الأمة ؟ وما هو صدى هذه الصحوة على المستوى العالمي؟
الأمر لايتطلب الكثير من العناء للوقوف على أن فكرة بداية الصحوة الاسلامية مثلها مثل أية مقولة يطلقها البعض فهي لاتستند الى معطيات ودراسات احصائية، ومن ثم الى تقيِّم نتائجها ضمن واقع الامة و علاقتها بالأخر.... وخاصة إذا علمنا اننا امة تُحسب على الأمم الراكدة ، الجامدة والمتخلفة. لأن الامة المتحضرة والصاحية ،والتي تصحو باستمرار ،هي امة تتحرك على أرض الواقع، أمة يكثر فيها السؤال، ويكثر فيها البحث عن الجواب في كل مجالات الحياة المتنوعة،بما فيها الجانب الديني...الحقيقة المرة أن نسبة تسعين بالمائة من الناس في هذه الامة هم يتلقون دون أن يخطر على بالهم أن يسألوا ولو حتى أنفسهم سؤالاً واحداً ، وإن حدث وسأل سيكون من الاسئلة الدورية العادية التي لايكلف صاحبها عناء البحث عن جواب.وهي اسئلة لاتنتهي. امام هذا الواقع الذي مازال ولم يتغير..... هل حقاً بدأت الصحوة الاسلامية والى اين وصلت؟
حسب الواقع الملموس، نحن امام ازمات، فكرية وتنظيمية ،وثقافية لاصحوة فيها . امام واقع متردي نخلط فيه ما بين النضال الاجتماعي والوطني ،ونلبس عليهما لبوس الدين. نحن امام اسلام سياسي يعمل بكل الاساليب على الهيمنة والسيطرة مهما كان الثمن حتى ولو على حساب ارواح الابرياء من هذه الامة. نحن امام ثقافة جديدة امتازت بها هذه الصحوة التي يدَّعونها..إنها ثقافة الارهاب والاقتتال الطائفي والمذهبي... ونشر سياسة التكفير دون التفكير...والنقل بدون العقل...ومصادرة الرأي الأخر وحتى القضاء علي صاحبه، واعتبار ذلك نوعاً من الجهاد في سبيل الله. نحن امام انتصارات للإسلام السياسي من خلال تبنيه شعارات اجتماعية وطنية يخفي من ورائها وجهه الحقيقي، في الاستبداد وتعطيل كل ما توصلت اليه جماهير الامة من هامش بسيط للحرية. نحن امام حالة ارتداد فكري وثقافي الى الخلف هروباً من واقع اصبحنا فيه عالة الأخر على ما يبدوا... ولا نستطيع مواكبة ما يجري حولنا من تطور علمي وثقافي... نحن امام أكثرية صامته لاتستطيع التعبير عن الرأي خوفاً من تهمة الارتداد والتكفير....ومن ثم القتل . وأمام سياسة تشويه حقيقي لتعاليم ديننا الحنيف تغذى من خلال ممارسات لقيادات اسلامية فرضت نفسها باسم الاسلام وصارت تمثل امراء المؤمنين... وشكلت امارات وتسعى لاقامة دولة الخلافة....
هل هذه هي الصحوة؟
انا افهم الصحوة هي العودة الى كتاب الله العودة الى القيِّم العالية والعالمية التي نشر بها المسلمون هذا الدين. انا افهم الصحوة بانها التخلص من الاوهام والعمل على خلق جيل جديد يهتم بالسؤال ،ويبحث جاهداً ومجاهداً عن الاجابة من خلال البحث العلمي الدؤوب، لامن خلال ما يقوله سدنة التخلف...افهم الصحوة التعامل مع الأخر على أنه أخي في الانسانية ،وأن الحقيقة المطلقة موزعة بين الجميع لا يحتكرها أحداً. افهم الصحوة الاسلامية بوضع برامج للتخلص من الأمية والفقر والقهر، من خلال النضال المتواصل للوصول الى الحرية التي هي بداية الطريق الى الديمقراطية.....أو (الشورى) كما يدّعي البعض. افهم الصحوة بالعمل على فهم مقاصد الدين من خلال العمل على إعادة تفسير القرآن الكريم تفسيراً لا أقول عصرياً..ولكن تفسيراً يتعامل مع العصر ويحافظ على الثوابت...تفسيراً يتعامل بصدق مع السياق اللغوي والمعنوي...ليعطي للجيل الجديد سلاحاً فكرياً وثقافياً حتى يستطيعوا من خلاله أن يساهموا مع غيرهم في صنع عالم يتعايش فيه الجميع . افهم الصحوة في العودة الى التراث الاسلامي وإعادة دراسته وتقيمه بجرأة .. لأنه بوضعه الحالي ساهم في تخلف الامة...وجمودها.
وأمام هذا الواقع هل فعلاً بدأت الصحوة؟
زهير قوطرش

اجمالي القراءات 14907