التعذيب فى رؤية قرآنية :(13):طرق من الوعظ لتفادى العذاب

آحمد صبحي منصور في الخميس ١٢ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

التعذيب فى رؤية قرآنية :(13):طرق من الوعظ لتفادى العذاب  

مقدمة :

1 ـ القرآن الكريم كتاب إلاهى للهداية ، لإخراج الناس من الظلمات والظلم الى النور والخير ، وليكون مصيرهم الى الخلود فى الجنة . والله جل وعلا خلق البشر أحرارا ، يشاء أحدهم الهداية أو يشاء الغفلة والضلالة . وهنا الاختبار فى الحرية والاختيار .

2 ـ والانسان يلقى جزاءه فى الدنيا ، فالذين آمنوا لهم فى الدنيا حسنة وفى ألاخرة حسنة : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30) (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) النحل ) (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) الزمر ) ، والذين أجرموا لهم عذاب فى الدنيا ، وإذا لم يتوبوا فى حياتهم الدنيا فينتظرهم ـ بما عملوا ـ الخلود فى النار .

3 ـ وحتى يتفادوا عذاب الدنيا والآخرة تنوعت طرق الوعظ فى القرآن الكريم ، ولم يتعظ بها اغلبية البشر ، لذا يحيق بهم العذاب فى هذه الدنيا ، واخبار العذاب تتمثل فى أخبار الحروب والقتل والتدمير التى تملأ مجلدات التاريخ الوسيط والحديث والمعاصر ، وفى وسائل الاعلام فى أيامنا ، ثم ينتظرهم الخلود فى عذاب الجحيم . والمحمديون ـ الذين يزعمون الايمان بالقرآن الكريم  ـ هم الأشد ضلالا، والأعجب أنهم المجرمون وهم أيضا الضحايا .

4 ـ ونعرض لأساليب الوعظ لتلافى العذاب  :

أولا : التعقيب على قصص السابقين بالوعظ

1 ـ معظم القصص عن الأنبياء السابقين وأنبيائهم جاء فى التنزيل المكى ، وفى بداية التنزيل المدنى يقول جل وعلا ( وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنْ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) النور )، هنا تذكير بأن قصص السابقين أنزله الله جل وعلا موعظة للمتقين الذين هم الأجدر بأن يتعظوا به .

2 ـ وتخصصت سور مكية بقصص الأنبياء،ومنها سورة (هود)، وبعد أن ذكر قصصهم قال جل وعلا معقبا ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)هود )، ومصطلح ( آية ) هنا يعنى العبرة والموعظة . وفى نهايات السورة يعيد رب العزة جل وعلا التذكير بأن قصص القرآن هو للوعظ ، قال جل وعلا : ( وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)هود). وأوردت سورة الشعراء قصص بعض الأنبياء ، ويتردد فى التعقيب على كل منها قوله جل وعلا :(إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ). ولا تزال مدائن ثمود ( قوم صالح ) باقية وخاوية ، جعلها الله جل وعلا آية للناس اللاحقين ، قال جل وعلا عن (مدائن صالح ) : (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)النمل ). وفرعون هو أستاذ كل الطغاة الذين أتوا بعده والذين يأتون بعده ، والذين يصل بهم إستبدادهم وطغيانهم وتأليه أنفسهم . قال جل وعلا عن عقوبة فرعون : ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) النازعات) . ومع ذلك فلا يوجد من يخشى بين المستبدين فى الشرق الأوسط ( الشرق الأتعس ).!

3 ـ ومنذ العصر العباسى ينتشر وباء الشذوذ الجنسى بين المحمديين ، وقد إتخذه الصوفية دينا فى العصر المملوكى على نحو ما شرحناه فى كتابنا عن ( أثر التصوف فى الانحلال الخلقى فى مصر العصر المملوكى ) . ولا يزال الشذوذ الجنسى يمثل ( العادة السرية ) المتعارف عليها لدى الوهابيين بالذات ، يدمنونه ويتظاهرون بالصلاح والتقوى . إنتقل وباء الشذوذ الى الأجناس الوافدة للشرق الأوسط من الأتراك والتتار ، ثم إنتقل من المحمديين الى الغرب بدءا من القرن التاسع عشر. وبينما يجرى الاعتراف بوجوده ومناقشته علنا فى الغرب فإن المحمديين يمارسونه سرا وينكرونه علنا . هنا نكتشف الحكمة الإلهية فى تكرار قصة قوم لوط ، فمع أنهم كانوا يعبدون آلهة مع الله جل وعلا فإن التركيز كان فى الانكار على شذوذهم الجنسى . وفى وصف العذاب الذى دمرهم أشار رب العزة  فى لفتة غاية فى الاعجاز، مهددا المحمديين الذين يقرأون القرآن ، يقول جل وعلا : ( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)هود).قوله جل وعلا:( وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ). هو إنذار نزل مبكرا للمحمديين، وهو يتحقق الآن فى تدمير مدائنهم فيكون عاليها سافلها .!!.جدير بالذكر أيضا أن الله قال عن بقايا مدينتى قوم لوط ( سدوم وعمورة ): (وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35) العنكبوت )( وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ (37)الذاريات ). والمحمديون لا يعقلون ولا هم من ربهم يرهبون .!

4 ـ ويأتى الوعظ مغلفا بالتحذير ، وهذا فى قوله جل وعلا فى خطاب مباشر للبشر بعد أن قصّ قصص بعض السابقين:( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (100)الاعراف) . كل آية من الآيات الكريمة تستدعى الكثير من التدبر العقلى ، خصوصا وأن عقاب الكافرين مستمر، بأيدى بعضهم البعض ،فالحروب مستمرة ، وأدواتها تتطور، وهم لا يلتفتون الى قوله جل وعلا محذرا: ( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46)أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47)النحل ).وفى قوله جل وعلا للناس:( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) يونس )

5 ـ وعادة البشر السيئة أن يتوبوا عند المحنة ، كأن يكونوا على شفا الغرق ثم يعودوا بعد نجاتهم الى العصيان ، يظنون أنهم سيكون بمنجاة من عذاب الله جل وعلا ، أو أنهم يمكنهم الهرب من سلطانه . يقول لهم جل وعلا محذرا:( وَإِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً (67) أَفَأَمِنتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68) أَمْ أَمِنتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنْ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً (69) الاسراء )

6 ـ ونرى الوعظ أيضا مقترنا بأهمية وجود مصلحين ، فهم صمام الأمن، فلو كان هناك مصلحون فى تلك الأمم السابقة  وأطاعتهم تلك الأمم ما أهلكهم الله جل وعلا ، وهو القائل : ( فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)هود).

7 ـ والاصلاح هو وظيفة الرسل جميعا ، وقالها النبى شعيب لقومه:(إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ )(88)هود). والنبى هود عليه السلام قال لقومه : (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68)الاعراف) . ووقف النبى صالح على جثث قومه وخاطبهم متحسرا:( يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)الاعراف). والمصلحون هم من يسير على نفس المنهج فى كل عصر . وهى قاعدة فى الإهلاك أن المصلحين يأمرون بالعدل فيرفض المترفون فتتدمر القرية ( الدولة ) ، قال جل وعلا : (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16)الاسراء) .والمحمديون لا يكرهون فقط المصلحين بل يطاردونهم ويلقون بهم فى السجون .

ثانيا : الأمر بالسير فى الأرض للإتعاظ بما حدث للسابقين

1 ـ خلافا للدين السُّنى نزل الأمر من رب العزة بالسير فى الأرض للبحث العلمى التجريبى لمعرفة بديع صُنع الخالق جل وعلا : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) العنكبوت )، وللبحث فى آثار السابقين للعظة ولتفادى العذاب .  والعجيب أن الغرب إنطلق يجوب البحار والفضاء مستكشفا وانطلق فى أغوار الخلية والذرة باحثا وانطلق فى القفار عن الأثار منقبا ، بينما يظل المحمديون على خرافات أسلافهم عاكفين .

2 ـ وتكرر فى القرآن الكريم الوعظ بالأمر بالسير فى الأرض بصيغ مختلفة :

2 / 1 : الأمر المباشر ( سيروا ): ( قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) آل عمران ) (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) الروم )

2 / 2 : وبصيغة الفعل المضارع بمعنى الاستنكار : ( أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22)) ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)غافر) ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْرُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) الروم )

3 ـ وفى بعضها لمحات تاريخية مثلما سبق عن تقدم الأمم السابقة عن العرب حضاريا ، ومنها توضيح السبب فى إهلاكهم وهو الظلم وتحكم المترفين : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) الحج ) ، وهذا ينطبق تماما على مجتمعات المحمديين .

4 ـ  وفى بعضها يأتى الأمر بالتنقيب عن تلك الآثار ، وهو بالضبط ما برع فيه الغرب ، قال جل وعلا : ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) ق )

5 ـ وفى ( وسط ) الشرق ( الأوسط ) تقع بقايا سدوم وعمورة . وكانت قريش تمرُّ عليها فى رحلتها الى الشام ، قال جل وعلا عن مرورهم على آثار قوم لوط :   ( وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (138)الصافات )، وعن الوعظ بآثارهم الباقية قال جل وعلا  ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)الحجر ). فهل تقوم رحلات من المحمديين الى آثار سدوم وعمورة للعظة ؟ لا يفعلون لأن حديثا لديهم ينهاهم عن هذا . ثم هم يفضلون الحج الى تايلاند ، وهم متخصصون فى السير فى الأرض يكتشفون أوكار الانحلال الخلقى ، وربما يمارس بعضهم الشذوذ ، ثم يصلى بعدها ويقرآ آيات قرآنية تتكلم عن عقاب قوم لوط . أبشروا ..!!

أخيرا :

1 ـ هى آية للمؤمنين ، وهى آية للمتقين ، بمعنى أن من يشاء الهدى يزداد هدى بهذا ، ويزداد تأثره بهذا الوعظ . أما الذى شاء لنفسه الضلال فلن ينالنا منه سوى السخرية والاستهزاء . وفى النهاية سيحيق بهم ما كانوا به يستهزئون ، يقول جل وعلا : (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (34)النحل ) (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (48)الزمر)(وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (33) الجاثية )  

2 ـ لهذا لا يعتبر بهذه الآيات المحمديون . هى آيات فى القرآن الذين يزعمون به ، ومع هذا فبينهم وبينه حجاب ، إذ إتخذوه مهجورا .

3 ـ الدليل أن كل ما سبق قد تم تجميعه فى أواخر سورة يوسف ، وهذا فى خطاب ينطبق على المحمديين خصوصا ، نرجو تدبر قوله جل وعلا :( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (108) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (111) يوسف ).

4 ـ ودائما : صدق الله العظيم .!!

اجمالي القراءات 7579