الإلحاد خرافة .. ! ( 3 ) : ماذا عن فرعون موسى شيخ الملحدين ؟

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٨ - أكتوبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الإلحاد خرافة .. ! ( 3 ) : ماذا عن فرعون موسى شيخ الملحدين ؟

مقدمة :

1 ـ أعطى الله جل وعلا الانسان حريته المطلقة فى الايمان أو الكفر . بعض البشر يغترُّ بهذه الحرية ويسىء إستخدامها الى أحطّ درجة ، أن يعلن أنه لا إله ، منكرا الخالق جل وعلا ، وهو بذلك يجحد الفطرة التى فى داخله والتى نسميها احيانا بالضمير ، والذى إذا إحتكم اليه مخلصا فسيعترف بالخالق جل وعلا . هذا الانسان المغرور لو كان فى حضرة حاكم مستبد ما جرؤ على تقوّل ما يسىء الى هذا الحاكم المستبد ، بل لو كان فى حضرة ضابط من جهاز مخابرات المستبد ما إستطاع أن يسىء الى هذا الضابط . ولكنها الجرأة على رب العزة جل وعلا . وهذا المغرور لا يعلم أن يوم القيامة آت بعذاب خالد لا خروج منه ولا تخفيف فيه.

2 ـ هو غرور وقتى يقع فيه هذا الذى يعلن إلحاده ، فإذا وقع فى مصيبة إستجار بربه جل وعلا بكل ما يملك من إخلاص . ومن المضحك أن الله جل وعلا قد يُسلّط عليه أقل مخلوق ، مجرد فيروس يجعله يجأر صارخا من الألم مستجيرا بربه .

3 ـ هذا الانسان المغرور الذى يزعم الإلحاد لن يصل الى مستوى القوة التى كانت لفرعون موسى . وقد جعل الله جل وعلا فرعون وقومه مثلا وسلفا لمن جاء بعده من الكافرين الظالمين المستبدين ( الملحدين ) .

4 ـ هيا بنا نتعرف على بعض ملامح فرعون ( شيخ الملحدين ).

أولا : فرعون بين الايمان بالله والايمان بالآلهة الأخرى

1 ـ يقول أرمان في كتابه " ديانة مصر القديمة "  : ( ومما يبعث علي الدهشة أن المصريين كثيرا ما تحدثوا ـ علاوة علي آلهتهم المعنية ـ عن إله عام ويحدث ذلك في الأدب عندما يفكرون في تلك القوة التي تتحكم في مصائر الناس فمثلا يقولون . " ما يحدث هو أمر الله ، " صائد الطيور يسعى ويكافح ولكن الله لا يجعل النجاح من نصيبه " " ما تزرعه وما ينبت في الحقل هو عطية من عند الله "،" من أحبه الله وجبت عليه الطاعة"، " الله يعرف أهل السوء"،" إذا جاءتكم السعادة حق عليكم شكر الله،". ثم يقول "أرمان" :" وهناك فقرة وردت في كتاب قديم من كتب الحكمة تقول : إن الله خفي ولذلك وجب علي الناس تقديس صورته كبديل له "، ثم يعقب (أرمان) بقوله: " هؤلاء القوم الذين كان هذا هو شعورهم وحديثهم لم يكونوا بمنأى عن العقيدة الحقة ، ولو أنهم في الواقع تعلقوا أيضا بدينهم الموروث وبقوا عبادا أمناء لآلهتهم". )

2 ـ فرعون موسى كان يخفي إيمانا بالله تعالي منعه التكبر والحرص علي الدنيا من الظهور ، يقول تعالي عنهم: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا  )  (النمل 14 )
3 ـ وعندما اختبرهم الله بالمحن كانوا يفزعون إلي موسي ليطلب من الله أن يكشفها عنهم معترفين بقدرته جل وعلا:( وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ )(الأعراف 134 ـ )
4 ـ وموسي حين بدأ دعوته ذكرهم باسم الله الذي يوقرونه فقال لهم: ( أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ )، وأستحلفهم بالله ألا يرجموه:( وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ )( الدخان 18 ـ ) .أي كانوا يعرفون أن الله هو ربه و ربهم .
5 ـ وعلى نفس النسق من التذكير بالله والتخويف منه كان مؤمن آل فرعون يعظ قومه بما يعرفون وممن يخافون ويخشون : ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ ْ وقد جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ .) ، (  يَا قَوْمِ لَكُمْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ؟ )   ، ( وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ ، مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبَادِ ) . وخلافا لقومه المصريين كان يبدو إيمانه باليوم الآخر إيمانا صحيحا من قوله : (  وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ، يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) ، ( يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ، مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ). وذلك الرجل المؤمن من آل فرعون كان يعرف حقيقة الإيمان الخالص ويدرك أن الكفر في الحقيقة إنما هو الشرك بالله وتغطية الفطرة السليمة بعبادة الأولياء ،فهو يقول لقومه: ( وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ ، تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ ، لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ" وفي النهاية يقول لهم :" فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )( غافر 28 ـ ).

لقد كان حوار ذلك الرجل المؤمن دليلا علي درجة من الرقي الديني والأخلاقي لا تتوفر إلا للصفوة من الصديقين . وإذا كان ( أرمان) قد اندهش لأنه عثر علي بعض عبارات للمصريين القدماء يذكرون يها اسم الله في أحاديثهم وكتاباتهم كيف به إذا عثر علي تسجيل لأقوال ذلك الحكيم الفرعوني المؤمن الذي شرفه القرآن ؟.

لقد كان ذلك الرجل مؤمنا بالله الواحد الأحد وليس مثل الأغلبية الذين يؤمنون بالله ويؤمنون بغيره ، وقد حاولوا معه أن يؤمن أيضا بتلك الآلهة مع الله فرفض قائلا : ( تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ ) .

6 ـ أى في مقابل الأغلبية المشركة التي تؤمن بالله وبغير الله كانت هناك أقلية يمثلها ذلك الرجل المؤمن من آل فرعون .

وكان منهم امرأة فرعون نفسه وقد جعلها الله مثلا لكل المؤمنين ذكورا وإناثا ، يقول تعالي:( َضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}( التحريم 11) .وهذه المرأة المؤمنة هي التي فاضت حنانا علي موسي وهو في التابوت وأنقذته ومازالت بزوجها حتى وافق علي إنقاذه ورعايته : ( وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ )( القصص 9 )
7 ـ والمتوقع أن يكون وجود موسي رضيعا في البلاط الفرعوني قد جعل هناك صلة ما نتج عنها تسرب الإيمان إلي امرأة فرعون ثم إلي ذلك الرجل المؤمن من آل فرعون ، مما يرجح وجود تيار سري من الإيمان وخلايا من المؤمنين ، داخل وخارج القصر الفرعوني، ومنه ربما كان تحرك ذلك الرجل الذي جاء من أقصي المدينة يسعى لينقذ موسي ويحذره . ثم انضم للأقليات المؤمنة مجموعة السحرة الذين جاءوا ليهزموا موسي وهم يحلمون بالقرب من فرعون ولكنهم فوجئوا ببرهان عملي علي نبوءة موسي فلم يترددوا في السجود لله إعلانا بإيمانهم علي رءوس الأشهاد ، ورفضوا أحلامهم القديمة واستهانوا بتهديدات فرعون وما ينتظرهم من تقطيع أيديهم وأرجلهم وصبهم علي جذوع النخل . وأجابوا علي تهديداته بأفضل ما يقوله المؤمن عند المحنة أمام الظلمة:( قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ )( الشعراء 50 ـ)، ( قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ، وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ" ( الأعراف 125 ـ ) ، ( قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لكبير كم الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى ، قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ، إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا " ( طه 72 ـ ) 
8 ـ ومع ذلك فإن أغلبية المصريين القدماء ـ مع معرفتهم بالله ووجود مؤمنين موحدين بينهم ـ كانوا متمسكين بتقديس الآلهة وأصنامهم وقبورهم ، وكان غرامهم شديدا بإطلاق الأسماء علي تلك الآلهة ويترسب تقديس تلك الأسماء في الضمير الشعبي. وفرعون موسى نفسه كانت له آلهة يعبدها تبعا لدينه الأرضى ، وقد قال له الملأ من قومه : ( وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ )(127) الاعراف )، أى إن له آلهة .! وكان فرعون يحفّزهم للدفاع عن آلهتهم ودينهم الأرضى فقال لقومه : (  ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ (26) غافر)، وردا على هذا التهديد قال موسى :  ( إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) غافر ) لم يقل عن فرعون ( لا يؤمن بالله ) ولكن لا يؤمن بيوم الحساب .!

ثانيا : تناقض فرعون وزعمه الإلحاد :  

1 ـ وفى خضم غروره عقد فرعون مؤتمرا تباهى فيه بملكية مصر وأنهارها ، مقارنا نفسه بموسى متهكما بموسى ، قال جل وعلا : ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) الزخرف ). مع هذا الغرور فهو يعلم أن لرب العزة ملائكة .

2 ـ وفى خضم غروره عقد مؤتمرآخر أعلن فيه أنه رب المصريين الأعلى : ( فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى (24) النازعات ).

3 ـ وفى خضم غروره طلب من وزيره هامان أن يبنى له ( ناطحة سحاب ) ليرى إله موسى ، لأنه لا يرى للمصريين إلاها غيره : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ (38) القصص ). كان ( يظنُّ ) مجرد ( ظن ) أن موسى كاذب ، أى لم يكن مستيقنا لأن فى داخله تللك الفطرة الى غطّاها بكفره وغروره . وتكرر هذا فى سورة (غافر ) : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَوَاتِفَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً  )(37) غافر ). نفس ( الظّن ) .!

4 ـ هنا تناقض فى قلب فرعون ، من إيمانه بالله وملائكته ، وإيمانه بآلهة أخرى ، ثم زعمه أنه لا يعلم للمصريين إلاها غيره ، وأنه ربهم الأعلى .

هو نفس التناقض الذى يوجد فى قلب كل من يزعم الإلحاد . أتذكر أن استاذا فى جامعة عين شمس مشهورا بالإلحاد دعانى لندوة يتحدث فيها ، وظننتُ أنها فرصة لى لأتكلم بحرية عن تفاهات السنيين ، وتكلمت ، وفوجئت بأن الذى تصدى مذعورا مدافعا عن السُنّة هو ذلك الاستاذ الملحد نفسه . كان يتكلم بعصبية فعرفت أن كلامى مسّ  عصبا حساسا فى قلبه ، وأن إلحاده يخفى إيمانا بدينه الأرضى كشفتُ عنه عندما تكلمت ساخرا من البخارى . وتكرر نفس الموقف فى ندوة عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الانسان ، وتكلمت فيها عن الحرية المطلقة للفكر والرأى والعقيدة فى الاسلام والتى تمتع بها المنافقون الذين هم فى الدرك الأسفل من النار،  وكيف تحولت فى عصر الخلفاء الى مصادرة للرأى والحرية الدينية . وكان من ناقشنى كبار المشهورين بالعلمانية والإلحاد ، وقد إتفقوا جميعا فى الدفاع عن السُنة والتراث والخلفاء وعدم الاعتراف بالأدلة القرآنية التى أوردتها عن كفر الصحابة المنافقين . كان سهلا عليهم تكذيب القرآن وصعبا عليهم تكفير المنافقين .!!.

 أى إن التناقض فى قلب الملحد موجود من فرعون موسى ومن جاء بعده ، وهو تناقض يؤكد أن الالحاد يخفى إيمان بالدين الأرضى .

أخيرا : فرعون يعلن إسلامه عند الغرق .

1 ـ عند الأزمة إستجار فرعون وقومه بموسى :( وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ )(الأعراف 134 ـ )
2 ـ وعند الغرق أعلن فرعون إيمانه : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) يونس ).

3 ـ وصدق الله العظيم : (وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) يونس ).

اجمالي القراءات 10990