الشعب السورى وحيداً بقلم حلمى النمنم 4/ 5/ 2011 |
مضى أكثر من شهر على تحرك قطاع واسع من الشعب السورى مطالباً بالحرية وبالديمقراطية، ومنذ قامت الثورة المصرية فى 25 يناير كنت واثقاً أن الثورة السورية قادمة، لقد كشف الرئيس بشار الأسد ومعاونوه عن غباء سياسى لا يقل عن غباء نظرائهم فى القاهرة يوم 25 يناير، فحين تخلى الرئيس مبارك عن السلطة ردد بشار الأسد ومن خلفه وليد المعلم بزهو كاذب أن الثورة فى مصر كانت على نظام «كامب ديفيد» وبما أن النظام السورى ليس لديه اتفاقية كامب ديفيد فلا ثورة ولا غضب لديهم.. والحقيقة أن الثورة فى تونس وفى مصر وفى اليمن وكذلك فى ليبيا، هى بمعنى من المعانى ثورة على بشار الأسد، وعلى أن بشار هو أول نموذج للتوريث الرئاسى فى العالم العربى، وبسببه فتحت شهية الرؤساء العرب لتوريث السلطة فى مصر وفى ليبيا وفى اليمن وغيرها من البلدان العربية، ولولا بشار الأسد ما كان جمال مبارك وما كان سيف القذافى، لذا كنت واثقاً من البداية أن رياح الثورة سوف تصل سوريا الحبيبة.. رغم أكاذيب النظام السورى. الشعب السورى يضم حوالى 23 طائفة وجماعة، بعضها مذهبى والآخر دينى وبعضها عرقى، وبسبب هذه التركيبة حاول النظام السورى أن يلمح إلى إمكان حدوث تفتت فى المجتمع أو اختراق أجنبى عبر هذه التقسيمة، لكن الشعب السورى أثبت تقدمه واستنارته الحقيقية، فقد خرجوا جميعاً لمطلب واحد هو الحرية والديمقراطية والعدالة، لا فارق فى ذلك بين عربى أو كردى.. سنى أو شيعى أو درزى.. مسلمى أو مسيحى، وهكذا.. ورغم أن الرئيس بشار صدعنا طويلاً بالحديث عن ممانعته لإسرائيل، لكن أثبتت إسرائيل قلقها على مصير الممانع بشار كما قلقت من قبل على مصير المعتدل حسنى مبارك، فقد عبرت الدوائر الإسرائيلية مبكراً عن قلقها من احتمال سقوط بشار الأسد، ذلك أن بشار جعل من الجبهة السورية أهدأ جبهة بالنسبة لإسرائيل، ورغم أن هناك معاهدة سلام تربط مصر وإسرائيل، فإن الجبهة المصرية شهدت أكثر من احتدام، وتمرد بعض الجنود مثل سليمان خاطر وأيمن حسن، لكن لم يحدث شىء من ذلك على الجبهة السورية.. ويبدو أن حديث الممانعة كان المقصود به صرف نظر الرأى العام السورى والعربى عن الاستبداد والفساد الذى يمارسه نظام البعث فى دمشق. المشكلة الآن أن الشعب السورى يقف وحيداً تماماً، لا يجد حتى المساندة المعنوية، حين قامت المظاهرات فى ليبيا وبدأ القذافى يضرب المدنيين بالأ سلحة الثقيلة، تحركت الجامعة العربية واتخذت موقفاً إيجابياً وصل إلى حد تعليق عضوية ليبيا بها، لكن الجامعة العربية ومجلسها الموقر تقف صامتة ومتعامية عما يقوم به الجيش السورى فى درعا وفى اللاذقية وبانياس وغيرها من المدن السورية، وكأن الشعب السورى ليس شعباً عربياً، يجب أن تنشغل بهمومه الجامعة العربية، وشاركت قطر قوات الناتو فى التصدى لقوات القذافى التى تضرب الثوار، لكن قطر نفسها أعلنت عند قيام المظاهرات السورية أنها تساند سوريا ضد المؤامرة الأجنبية التى تتعرض لها، وكأن الحرية تتجزأ والاحتجاج على القذافى يصبح ثورة ومطالبة بالحرية، أما الاحتجاج والثورة على بشار الأسد فمؤامرة أجنبية!! حتى وسائل الإعلام تخلت عن الشعب السورى، فى الثورة المصرية ساندت القنوات الفضائية الثوار، وقدمت زخماً معنوياً لهم، أدى إلى اجتذاب ملايين المصريين إلى ميدان التحرير والميادين الأخرى فى مختلف المدن المصرية، تركز بث قناتى العربية والجزيرة فى ميدان التحرير، وكذلك كانت الـB.B.C والـC.N.N، فضلاً عن عشرات القنوات الأخرى فى مختلف أنحاء العالم، بينما يتم تجاهل ما يجرى فى سوريا وما يتعرض له ثوارها وأحرارها.. ويبدو أن الضمير الإنسانى والعالمى يتحرك هو الآخر بأكثر معيار وعلى أكثر من قاعدة، وقتل المدنيين الأبرياء والمطالبين بحريتهم لا يزعج الكثير من المنظمات الإنسانية. الشعب السورى فى محنته يواجه دبابات بشار الأسد وحيداً، ويواجه أكاذيب الأسد وحيداً أيضاً، منذ أن تولى بشار الحكم وراثة عن أبيه وهو يعد الشعب بالإصلاح وبالحرية والديمقراطية، ولم ينفذ شيئاً من وعوده، وهو مثل كل الحكام - الأغبياء - العرب، لا يتعلم شيئاً، لم يتعلموا درس صدام حسين وتصور كل منهم أنه ديمقراطى بينما صدام وحده المستبد. الشعب السورى يطالب بحريته ومن حقه علينا أن نسانده ونؤازره، هذا واجبنا كمصريين وهو واجب على كل الأحرار فى العالم. |