عزمت بسم الله،
لقد أرسل الله تعالى أنبياء ورسلا ليبشروا وينذروا قومهم، وكان من بينهم خاتم الأنبياء محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام. مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا(40). الأحزاب. لقد أنزل الله تعالى عليه كتابا بالحق، وأمره أن يعبده مخلصا له الدين. إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ(2). الزمر. وبما أنه رسول للأميين، وقومه من عبدة الأوثان فقد ساوره الشك فيما أُنزل إليه فطمأنه ربه قائلا: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ(94).يونس.لقد اصطفاه الله ليبلغ آخر رسالة للعالمين وقد رأى من آيات ربه الكبرى، مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى(17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى(18).النجم.
والكتاب الذي أنزل الله تعالى على رسوله محمد هو القرءان، وهو الذكر. ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ(1).ص. وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ(37). يونس.
وهناك آيات كثيرة تبين أن القرءان العظيم هو من عند الله تعالى، ولا يمكن لمخلوق من الأنس أو الجن ولو اجتمعوا، أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا(88).الإسراء.
ولما لم يجد المشركون منفذا ليأتوا بمثل القرءان اخترعوا ما يسمى ( بالحديث ) عن رسول الله محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، ونسبوا ذلك إلى الوحي، واستدلوا بقوله تعالى إلى آية من القرآن على أن الرسول لا ينطق عن الهوى، وفعلا فهو لا ينطق عن الهوى، وإنما يمكن أن يتلفظ عن الهوى، مثل تحريمه لما أحل الله تعالى عليه. يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(1). التحريم. أما النطق فهو ما ينطق به مما نزل به الروح الأمين على قلبه ليكون من المنذرين. وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ.نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِين.194 الشعراء. َوَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى(3). النجم.أما ما يتلفظ به فلا يعتبر من الوحي أبدا، وشتان بين النطق، والتلفظ، وهذه بعض الآيات تتحدث عن الوحي الذي قال الله تعالى عنه: قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ(45). الأنبياء. قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ(9). الأحقاف. إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا(23).الإنسان.
والدليل القاطع هو في الآية التالية إذ تنذرنا بما سيقوله الخاسرون يوم الفرقان يوم لا ينفع الندم. وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا(27)يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا(28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا(29).الفرقان.
ونجد تعريفا واضحا للقرءان والمؤمنين به والمتقين، في بداية سورة البقرة إذ قال رسول الله عن الروح عن ربه:الم(1)ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ(2)الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3)وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(4)أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(5). البقرة.
إن كتاب القرءان هو هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ( ليس بركوعها وسجودها) بل بالأعمال الصالحة والإنفاق مما رزقنا الله تعالى، ويؤمنون بما أنزل إلى آخر الأنبياء وبما أنزل من قبله، والأهم هو اليقين بالآخرة، أي بالبعث والحساب.
فهل سنسأل يوم القيامة عن اتباع القرءان العظيم الذي هو من عند الله تعالى، أم عن كتب البشر التي أوردت فيها الغث والسمين من لهو الحديث؟؟؟
لأن الله تعالى يقول:
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ(19).الأنعام. الرسول بريء مما يشرك الناس مع القرءان العظيم.
قال رسول الله عن الروح عن ربه:يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ(73).الحج.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.