أسرة ضحيتي «القتيل الحي» تكشف وقائع تعذيب مرعبة للشقيقين في «قسم طنطا»
جدة المجني عليهما فقدت البصر حزناً
فجرت أسرة الشقيقين اللذين لفقت لهما قضية قتل مواطن، اتضح فيما بعد أنه حي، وقضيا في السجن ٨ أعوام، مفاجآت مدوية حول وقائع تعذيب مروعة تعرضا لها أثناء احتجازهما في قسم الشرطة قبل الحكم عليهما بالسجن المؤبد.
قالت فاطمة عبدالسلام، زوجة إبراهيم أبوالسعود لـ«المصري اليوم»، إن ضباط مباحث طنطا قبضوا علي زوجها وشقيقه محمد، واحتجزوهما في قسم الشرطة، وتفننوا هناك في تعذيبهما باستخدام الكرابيج والصعق بالكهرباء، دون إثبات وجودهما في دفاتر القسم، حتي امتلأ جسداهما بالجروح التي تعفنت، بسبب حرارة الجو وسكنتها الديدان. وتابعت فاطمة: «عقب ظهور الشخص الذي أدين الشقيقان بقتله،
ويدعي (محمد شكمان)، اصطحبته مع (عربي) شقيق زوجي إلي القسم، لإثبات أنه حي يرزق، لكن الضابط أرغمه علي تحرير محاضر ضد كل أفراد الأسرة يتهمنا فيها بأننا اختطفناه كرهاً وأجبرناه علي الادعاء بأن اسمه (محمد شكمان).. وتكررت عمليات الملاحقة فلم أحتمل ما يجري، وطلبت الطلاق من إبراهيم، وتوقفت عن زيارته».
وتصف فاطمة مشهداً مرعباً تعرضت له قائلة: «رجال المباحث قبضوا علي عندما كان زوجي محتجزاً، وكان معي طفل عمره عامان، اختطفه ضابط من حضني، ولف أسلاك كهرباء حول جسمه، وهددني بتوصيل التيار إلي السلك إذا لم أعترف أن زوجي ارتكب جريمة قتل (شكمان)، فصرخت في وجهه وقلت له: (اقتلوا الولد واقتلوني.. لكني مش هاشهد زور ضد زوجي)».
وتقول الزوجة إن أسرة الشقيقين لحقها الدمار بعد الحكم بالمؤبد عليهما، إذ لم تحتمل الأم الصدمة وماتت ولحق بها الأب بعد فترة قصيرة، وفقدت الجدة بعدها البصر، وباعت الأسرة كل شيء للإنفاق علي أتعاب المحامين، وتساءلت: «من سيعوضنا عن سنوات العذاب؟!»
------------------------
أسرة ضحيتي التلفيق في طنطا تؤكد تعرضها للتنكيل والملاحقة من المباحث لإرغامها علي الصمت
كشفت أسرة ضحيتي التعذيب والتلفيق في طنطا عن تفاصيل جديدة مثيرة، فلم تكتف الشرطة بما حدث لعائليهما بل لفقت لزوجتيهما قضايا، وصدرت أحكام ضدهما بالحبس في أكثر من واقعة، مما أدي إلي طلب إحداهما الطلاق خوفًا من بطش الشرطة وامتنعت عن زيارة زوجها، وتوفيت والدتهما قبل النطق بالحكم وهي تعاني من غرغرينا في جميع أنحاء جسدها، بينما توفي والدهما عقب صدور الحكم بشهرين حسرة علي ابنيه..
التقت «المصري اليوم» أسرة الشقيقين في سكنهم في قرية أبو جمالة، وقالت فاطمة عادل عبدالسلام، زوجة إبراهيم أبوالسعود، عشنا ثماني سنوات نعاني مرارة الظلم من الشرطة التي تسببت في تشريد أسرة بأكملها، وبيع كل ما نمتلكه بخلاف الاقتراض من القريب والغريب، للإنفاق علي المحاكم والمحامين، وأصبحنا علي «الحديدة»،
فمن الذي سيعوضنا عن سنين الظلم، فأنا أنجبت أكرام التي تبلغ من العمر الآن ثماني سنوات، ووالدها خلف القضبان ولم يرها أو يضمها في حضنه مثل باقي الآباء، أصبحت لهم الأب والأم في نفس الوقت، وحكاية قضية «إبراهيم» وشقيقه «محمد» كانت واضحة منذ بداية التحقيقات بأنها تلفيق في تلفيق فيوم الحادث الموافق ٢٣ يونيو من عام ٢٠٠٠،
كان إبراهيم في قويسنا يدير مقلب قمامة يمتلكه هناك، وعاد إلي البلد الساعة الثانية صباحًا، وقابل زوجة محمد علي الطريق فسألها عن سبب خروجها في الوقت المتأخر، فأخبرته بأن شقيقه حتي الآن لم يعد إلي المنزل، فظل يبحث عنه حتي شاهده يخرج من قسم ثان طنطا، وعندما سأله عن سبب تواجده بالقسم،
أخبره بموضوع عثوره علي جثة لشاب في مقلب القمامة، بعدها ظلت النيابة لمدة ثلاثة أيام تستدعي محمد لأخذ أقواله، حتي فوجئنا في يوم بحضور قوة من الشرطة متمثلة في الرائد خالد إبراهيم، والنقيبين وليد الصواف، وأيمن بريك، ألقوا القبض علي كل من محمد وإبراهيم، وظلوا يعذبونهما داخل القسم بضربهما بالكرابيج
وصعقهما بالكهرباء، ولم نعرف مكانًا لهما إلي أن قام ضابط المباحث، بتلفيق قضية لشقيقهما الثالث عربي، يتهمه فيها بسرقة مواش فدخل الحجز، وفوجيء بشقيقيه علي الأرض يصرخان ويتنازعان من شدة الألم، ووجد جسم «إبراهيم» يملؤه الصديد نظرًا لحرارة الجو،
وتحول الصديد إلي ديدان تجري علي جسده فخرج من القسم وتوجه والمحامي للنيابة، وأخطراها وحضرت للتفتيش علي القسم فلم تجد لهما أثرًا، وقال وكيل النيابة إن الاثنين هاربان وأنا أمرت بضبطهما، إلي أن فوجئنا بظهورهما يوم ١٢ أغسطس، وقال الضابط إنه تمكن من القبض عليهما،
وتمت إحالتهما للنيابة، التي قررت حبسهما، وألقي رئيس المباحث بعدها القبض علي، وكان معي ابني «فارس»، الذي لم يتجاوز عامه الثاني، وبمجرد دخول القسم أخذ مني الطفل، ووضع عليه أسلاكًا كهربائية، وهددني بتوصيل التيار إذا لم أقر بأن الجثة «لشكمان» وأن زوجي وشقيقه قاما بقتله فصرخت في وجهه،
وقلت له اقتلني واقتل ابني، لن أظلم زوجي، بعدها خرجت من القسم، وقدم المحامي طلبًا للنيابة للكشف الطبي عليهما لتعرضهما للتعذيب، لكن النيابة رفضت، كما رفضت أن تستدعي الخفراء الذين أكد الضابط أنهم سمعوا حدوث الواقعة، وأطلقوا النار علي إبراهيم ومحمد.
وأضافت: عامان كاملان والقضية في المداولات، وتقارير الطب الشرعي جاءت عكس أقوال المتهمين الثالث والرابع، وعكس محاضر الشرطة إلا أن المحكمة أصدرت حكمها بالأشغال الشاقة المؤبدة، والمفاجأة التي أذهلتني وأفراد العائلة، هي ظهور «شكمان» عقب صدور الحكم بشهرين، وتوجهت به إلي النيابة، وحرر محضرًا بأنه القتيل، وأن الشرطة هي التي أمرته بالاختفاء.
وبعدها قامت المباحث بإجباره علي عمل محضرين ضدي، وضد جيهان زوجة محمد وضد عربي، بأننا قمنا بخطفه وإجباره أن يقول إنه «شكمان»، فتوجهت إلي القاهرة إلي مكتب النائب العام، وإلي كل الجهات لأقدم شكوي، ولمدة عام كامل، عدت مرة ثانية للبلد، وفوجئت في منتصف الليل بمحاصرة رجال المباحث غرفتي، وقاموا بالقبض علي،
وعلي جيهان زوجة محمد وعربي شقيقهما، وقال الضابط :شوفي إيه اللي هيحصلك علشان تعرفي تروحي تشتكي كويس.. وحبسوني لمدة يومين إلي أن أصبت بغيبوبة سكر، وبعد الإفاقة عرضوني علي النيابة، التي تعاملت معي بشكل قاس،
وحاولت أن أخبر وكيل النيابة بأن زوجي بريء وبأنني أحمل محضرًا يفيد بأن شكمان علي قيد الحياة، إلا أن وكيل النيابة قال: «يا فاطمة المية مش بتطلع في العالي واسكتي علشان تعرفي تربي عيالك»، عملنا استشكالاً في القضية ونقضًا وكل مرة يتم الرفض، والذي حرر المحاضر، وقتها، النقيب أيمن بريك،
وعن حكاية المحضر الذي تم تحريره في سجن طنطا، فحكاية إبراهيم تعرفها حوائط السجن وترابه، نظرًا للعقوبة الكبيرة لهما فمكانهما بعيد عن المحكوم عليهم بأحكام بسيطة، فأثناء تواجد شكمان في السجن، لم نعرف مكانه وإبراهيم يخبرنا بضرورة البحث عنه وفي إحدي المرات أثناء كلام شكمان داخل السجن مع المساجين سأل عن إبراهيم ومحمد،
فالمساجين سألوه عن سبب سؤاله عنهما فرد عليهم، وقال: «أنا شكمان والناس دول أبرياء، ورئيس المباحث هو الذي هربني وهددني بأمر اعتقال»، وعلم إبراهيم ومحمد بالخبر، وتم فتح محضر معهما وأخذوا أقوال الثلاثة في المحضر، واعترافات شكمان.
أما أم الهنا محمد عبده، جدة فاطمة، التي ظلت تبكي علي حال حفيدتها تقول إن إبراهيم ومحمد مظلومان والشرطة منها لله أنا أصبت بالعمي من كثرة البكاء علي حالهما، وقالت حسنة أبوالسعود، شقيقتهما إن: المباحث حضرت بعد الواقعة وأخذت عصا من منزل إبراهيم، وعملتها حرزًا بأنه استخدمها في ارتكاب الجريمة،
كما أخذوا سيارة زوج أختي وحرزوها أيضًا، وقالوا إنها السيارة التي دهسوا بها القتيل، ورغم كل ذلك فأسرة شكمان، رفضت تسلم الجثة من الشرطة لأنها ليست جثة ابنهم، والضابط وقتها قام بالقبض علي محمد وإبراهيم، وقالوا لهم «أنتوا اللي هتشليوها علشان تعرفوا تعملوا قلق بعد كده»، وانتهي كلام عائلة الشقيقين، وهم يطلبون توجيه استغاثة للنائب العام بفتح تحقيقات القضية من جديد.
أما النيابة فلم تفتح تحقيقات جديدة في الواقعة، وقال إيهاب السعدني، رئيس نيابة قسم ثان طنطا، إن القضية ليست من اختصاصهم ومن اختصاص نيابة قسم أول، لأن المحضر، والواقعة حدثا داخل سجن طنطا التابع لنيابة قسم أول، أما أيمن حسين، رئيس نيابة قسم أول، فقال: «ما عنديش محاضر بالشكل ده، وحتي لو فيه مش إحنا اللي هنحققه اللي هيحققه نيابة قسم ثان، علشان الواقعة كانت فيها منذ ثماني سنوات»، لكن «المصري اليوم»، توصلت إلي صورة لمحضر السجن، وتبين التأشير عليه من نيابة قسم أول، لأخذ رقم إداري