(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ ) (27) الشورى )

آحمد صبحي منصور في الخميس ٠٧ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

1 ـ جاءنى هذا السؤال : ( يقول الله جل وعلا : (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) الشورى   ) . هذا يتناقض مع حالة بيل جييت الذى يتبرع بالملايين ، يعنى بسط الله جل وعلا له فى الرزق وهم لا يبغى فى الأرض ، بل ينفق البلايين على الفقراء والمرضى . وهناك كثيرون من بليونيرات الغرب ينفقون أموالهم تبرعات فى أعمال الخير . أى بسط الله جل وعلا لهم فى الرزق ولم يبغوا فى الأرض . أى إن الواقع يخالف الآية الكريمة .. ما قولك يا شيخنا ؟.

2 ـ وأقول :

أولا :  

1 ـ الله جل وعلا لا يتكلم عن كل البشر فى قوله جل وعلا (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)) .

الكلام هنا خاص بعباد الرحمن الذين يؤمنون باليوم الآخر ويعملون له . وهم الموصوفون فى سورة الفرقان بقوله جل وعلا ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً (63)، أى لأنهم يؤمنون بالآخرة فهم متواضعون فى سيرهم متسامحون مع من يسىء اليهم . وقال  عنهم جل وعلا :  ( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (64)، أى  لأنهم يؤمنون بالآخرة فهم يخشون عذاب الآخرة ، وقال عنهم جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً (66)، وهم معتدلون فى إنفاقهم على أنفسهم وفى إنفاقهم فى الصدقات وفى سبيل الله جل وعلا ، كما قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً (67) ، ولأنهم يؤمنون بالآخرة فهم لايؤمنون بغير الله جل وعلا إلاها ولا يقتلون النفس البريئة ولا يقعون فى الزنا ،  قال عنهم جل وعلا : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ) وعقابهم إن لم يتوبوا  ـ هو الخلود فى النار ـ قال جل وعلا :  ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71)، عن دعوة الرحمن جل وعلا عباده للتوبة قال جل وعلا فى سورة الزمر : (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55) الزمر ) . زنعود الى صفات عباد الرحمن فى سورة الفرقان ، وهم لا يشهدون الزور ، كما قال جل وعلا :  ( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً (72). ولأنهم يؤمنون بالآخرة فهم كما قال جل وعلا :( وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً (73)، ولأنهم يؤمنون بالآخرة فهم كما قال جل وعلا :( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (74). وفى النهاية فلأنهم آمنوا بالآخرة وعملوا لها عملا صالحا  فى حياتهم الدنيا فجزاؤهم الجنة . قال جل وعلا :  ( أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً (76)  ).

2 ـ عباد الرحمن هؤلاء هم المقصودن بقوله جل وعلا ( عباده ) فى آية : (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ  ).

ثانيا :

1 ـ عباد الرحمن جل وعلا هم أيضا الذين أرادوا الآخرة وسعوا لها سعيها بالايمان الخالص وبالعمل الصالح.

2 ـ هنا ينقسم البشر الى قسمين : عباد الرحمن الذين يؤمنون بلقاء الله جل وعلا فى اليوم الآخر ، ويعملون الصالحات ليفلحوا يوم الحساب ، والقسم الآخر هو الذى يريد الدنيا ، وينهمك فيها منشغلا بها بلا تفكير ولا إهتمام بالآخرة .

3 ـ فى موضوع الرزق بالنسبة لمن يريد الآخرة ويعمل لها ومن يريد الدنيا فقط ويعمل لها  قال جل وعلا : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (20) انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21) الاسراء ).

مفهوم هنا أن جميع  البشر ينالون نصيبهم المقسوم لهم من الرزق وفق ما أراده الرحمن ووفق مشيئته ، فالرزق من الحتميات ، يتقلب فيه الناس صعودا وهبوطا ، هناك ميلونير يصبح مدينا وهناك فقير يصبح غنيا . وهذا يسرى على الجميع . ولو كان الرزق بيد البشر لأصبح الجميع من أصحاب البلايين وما كان هناك فقير واحد أو مفلس فى هذه الدنيا . ولأن الرزق بيد الرحمن يعطى من يشاء ( من البشر ) ما يشاء ( من الرزق ) ولأن توزيع الرزق خارج تصريف البشر فإن الفائز الحقيقى هو المؤمن بالآخرة الذى عمل لها عملها الصالح لأنه يأخذ رزقه المقدر له سلفا ثم يفوز بالخلود فى الجنة . أما  الذى لا يؤمن بالآخرة متلهفا على هذه الدنيا العاجلة فمهما كان رزقه فى الدنيا فإن مصيره الخلود فى النار . يأخذ نصيبه فى الدنيا ثم تنتظره جهنم (  مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18).

4 ـ وهناك تقسيم آخر لمن لا يؤمن بالآخرة ، أو لمن يريد الحياة الدنيا فقط  .

4 / 1 : منهم من يستغل ماله فى البغى والعصيان ، ويلقى جزاءه فى الدنيا عذابا قبل عذاب الآخرة طبقا لقوله جل وعلا : (لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34) الرعد ) (وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)  طه ) .

عذاب الدنيا تراه فى هذا الذى يكتسب المال بالظلم والعصيان ، فهو لا بد له أن يدخل فى صراع مع أمثاله ، يتنافس معهم فيصبحون خصومه ، يتآمر عليهم ويتآمرون عليه ، فى خضم هذا الصراع لا يهنأ له بال ولا يشعر بمتعة . يراه الناس فى مواكبه فينبهرون ، ولكنهم بهمومه وقلقه ومخاوفه لا يشعرون . وقد ينتهى هذا الصراع بأن ينتصر على خصم فيظهر له خصم آخر أشد قوة ، ويستمر الصراع الى أن ينتهى بموته أو بهزيمته . وفى كل الأحوال ليس له من ممتلكاته وأمواله إلا مجرد أرقام فى البنوك أو أوراق من النقود ، ولم يستفد ببلايينه سوى ما يملأ معدته من طعام وما يغطى جسده من ثياب وما يريح عليه ظهره عند النوم . لا فارق بينه وبين أى إنسان آخر . هى نفس مساحة المعدة ونفس ما يغطى الجسد ونفس المساحة التى يرقد فيها نائما . الفارق فى أن الفقير المؤمن ينام مرتاح البال مبتسما .

4 / 2 : ومنهم من يريد الحياة الدنيا ويسعى لها بالخير مع كفرانه بالآخرة ، هذا يلقى جزاءه الحسن فى الدنيا التى يؤمن بها ، وليس له فى الآخرة ـ التى يكفر بها  ــ إلا النار . ومصير أعماله الصالحة أن تضيع ثمرتها أو أن يحبطها الله جل وعلا لأنه عملها رغبة فى الدنيا وفى الشهرة فى الدنيا ، وقد أخذ جزاءه عنها فى الدنيا توفيقا وشهرة وأرباحا هائلة . قال جل وعلا : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) هود  ) . فى النهاية فهذا المال هو رزق الله جل وعلا له ، وقد أوسع الله له فى الرزق ، وكان يجب عليه أن يخلص قلبه لربه جل وعلا إيمانا به وحده إلاها لا شريك له ، وشكرا لنعمته ، وأن يخلص عمله لوجه الله جل وعلا فى العبادة والعمل الصالح . ولكنه إبتغى رضا الناس ، وكفر برب الناس . فجزاؤه ألّا يبخسه الله جل وعلا عمله الصالح الذى يبتغى به الدنيا ، بأن يجزيه عليه فى الدنيا بالعدل . وهو نفس الحال مع الذى يريد الدنيا ويعمل فيها سوءا وفجورا ، يتلقى عذابه فى الدنيا ثم يكون مع رفيقه ( الذى عمل الصالحات فى الدنيا كافرا بالآخرة ) فى الخلود فى النار .

5 ـ ( بيل جيتس ) وأمثاله ينطبق عليهم قوله جل وعلا : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) هود  )

ثالثا :

1 ـ الذى يريد العاجلة أو الدنيا تلهيه الدنيا بالتكاثر فى الأموال والأولاد والأتباع وبالتنافس مع الآخرين ، لا ينتبه إلا عند رؤيته ملائكة الموت ، عندها فقط يتذكر كيف أضاع حياته فى غرور . والله جل وعلا يحذّر المؤمنين من هذا فيقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) المنافقون  ). المتنافسون على حُطام الدنيا تلهيهم الدنيا الى أن يموتوا ، قال جل وعلا (أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوْنَ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوْنَهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ (8)التكاثر   ).

2 ـ فى المقابل هناك الذى يريد الآخرة ويعمل لها عملها الصالح وهو مؤمن ، هو يتنافس ليس فى الشّر بل فى الخير ، طبقا لقوله جل وعلا : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) البقرة) (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة  ) ويتعاون على البر والتقوى وليس على الاثم والعدوان (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) المائدة  ) .

 هذا التنافس فى الخير يحول بينهم وبين الاستكثار من الأموال . ثم إن التقوى فى قلوبهم تمنعهم من العلو فى الأرض بالصراع فى سبيل السلطة ، قال جل وعلا عن مصيرهم فى الجنة (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) القصص  ) .

بهذا يستحقون رحمة الله جل وعلا بهم فى الدنيا ، بأن يرزقهم ما يكفى ، دون أن يبسط لهم فى الرزق ، لأنه إذا بسط الله جل وعلا لهم فى الرزق لبغوا فى الأرض ، لأنهم بشر ولأن من طبيعة الانسان أنه يطغى إذا رأى نفسه إستغنى (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)  العلق ) .

الذى يختار الهدى يزيده الرحمن هدى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17) محمد ) من هذا الهدى للمهتدين أنه لا يدخلهم فى إختبار الثراء الفاحش لأنه سيضيع تقواهم . فالثراء الفاحش سيشغلهم عن طاعته وتقواه جل وعلا ، لأنهم سينفقون وقتهم فى التكاثر به وفى تنميته وفى التنافس مع أمثالهم ، بما يستدعى البغى فى الأرض.  

3 ـ هذا هو المفهوم من قوله جل وعلا : (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) الشورى   ).

4 ـ ودائما : صدق الله العظيم . 

اجمالي القراءات 12536