الحج وأزمة الثقافة

سامح عسكر في السبت ٠٢ - سبتمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الحج بدل ما يكون وسيلة للتعارف والسلام أصبح وسيلة للنفاق والتربح

انحطاط علمي وأخلاقي واجتماعي لم يسبق له مثيل ، للدرجة التي أصبحت فيها صور المنافقين والدجالين من الشيوخ هي المتصدرة لمشهد الحج، رغم أن شعائر الحج تحدث بشكل جماعي (دون إمام) أي لا حاجة للمسلمين لشيخ يفتيهم، لكن الشيوخ أصروا حتى على الوجود والخطابة في الناس بمذاهبهم في هذا التوقيت

استثمار موسم الحج للدعاية والظهور ظاهرة قديمة ترافق دوما أي صراع إسلامي، تأثر الحج بصراع الأمويين والزبيريين ثم مع الشيعة ثم مع العباسيين، وتأثر به العثمانيين مع المماليك والصفويين، ثم تأثر بحروب الوهابيين ..وأخيرا تأثر الحج بصراع السنة والشيعة..

أصبح موسم الحج فرصة للدعاية السياسية وتجديد البيعة لملك السعودية والدعاء له من فوق المنبر باعتباره (خليفة المسلمين) المفترض، إسقاط ديني (وقح) على شخصية سياسية يُراد لها أن تكون مقدسة، والمشكل أن بعض العلمانيين حتى لا يروا خطورة الأمر وأن المسلمين يسيرون للخلف نحو القرون الوسطى بسرعة الصاروخ

إن خلط شعائر الحج بالسياسة واستثمارها لمنافع خاصة هو أخطر على الدين من الإلحاد والداعشية، فهذا الموسم خلق خصيصا للتعارف والتواصل والسلام لا تفريق فيه بين الأمم، وأن المسلمين أولى بتلك الوحدة من غيرهم بوصفهم أكثر أمم العالم صراعا وحروب.

لا أفهم..كلما تحدثنا عن نقد السعودية واستثمارها (القذر) لشعائر الحج يقول بعض العلمانيين أين أنت من إيران؟!..مفارقة غريبة أن يتحد السلفيون والعلمانيون لأول مرة في التاريخ على هدف واحد وهو ضرورة التخلص من نظام خامنئي، والسكوت على نظام بني سعود الذين أصّلوا تلك الكراهية بين الناس، فيما لو عرضنا هذه الرؤية على علمانيين أوروبا لبصموا لنا بالعشرة أن (أصل) الخلاف والشقاق والحروب في الشرق الأوسط هو التطرف الديني السني الذي يقطن في السعودية تحديدا وتتوزع مراكزه بين الرياض وجدة وحائل وبريدة وتبوك..إلخ..ويقوم عليه جيش كامل من الدعاة والأغنياء لنشر الوهابية بين المسلمين.

العلماني يفترض أنه داعية للسلام وللوحدة، أي يرى في شعيرة الحج فرصة لتحقيق هذا الهدف، لا أن يستخف بها ويتهمها بكل نقيصة فقط لمجرد أنها خالفت معتقده في الوجود، الإلحاد هنا أصبح منطق هدم لا فرصة للتفكير والبناء، أما السلفي فلا رجاء به وعليه..لقد نزع الله من قلبه وعقله الوعي ، وسيرتكب الخطايا باسم الدين والعرق واللغة ، العلماني يتحرك من أصل العدالة الذي حمله على التصدي لسلطة رجال الدين في المجتمع، لا أن يعزز هذه السلطة بدعوى المذهبية الشائعة التي طالت حتى أوساط المثقفين.

أخيرا: فرق بين الأمة والسلطة، والحج للأمة وليس لأي نوع من السلطات، وأؤمن أن انحطاط المسلمين ليس فقط بانتشار الظلم والجهل وتسلط المتطرفين ، بل حدث لقصور المثقفين أيضا، الذين فقدوا أولا: القدرة على التمييز بين التقدمية والرجعية، وثانيا: فقدوا التمييز بين الأمة والسلطة فظنوا أن كل خطاب ديني أو فلسفي موجه سلطويا..واستسلموا لطغيان الساسة ولأعراف مجتمعاتهم، وتمكن منهم الجهل والغُبن حتى حملهم ذلك على استعداء الجميع
اجمالي القراءات 8290