مقدمة تعريفية بكاتبه المقال :
سناء العاجي، صحفية مغربية عملت ولا تزال تعمل في العديد من المنابر والمواقع الإخبارية في المغرب وخارجه باللغتين العربية والفرنسية. حاصلة على الجائزة الثالثة للتحقيق الصحافي من المنظمة الهولندية "Press Now". ساهمت في كتاب مشترك تحت عنوان "التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي"، ونشرت لها رواية " مجنونة يوسف" سنة 2003 عن دار "أركانة" للنشر (مراكش) .
و الآن إلى المقال :
البنوك البديلة... أو ما هو متعارف عليه في منطقتنا بالبنوك الإسلامية... في المغرب، وللمرة الأولى، أطلقت هذه المؤسسات أنشطتها الاقتصادية. أولا، فنحن حين نتحدث عن البنك الإسلامي، وكأننا ضمنيا نعتبر باقي البنوك كافرةً أو ذات ديانة أخرى. في حين أن البنك هو مؤسسة اقتصادية "يفترض" أن لا دين لها.
القضية لا تتوقف هنا.. لأنه، وبعد استعمال الدين في السياسة، أصبحنا نستعمله في الاقتصاد لكي نحقق مزيدا من الأرباح. وبين بنك اختار شعارا له "الطريق المستقيم" وآخر "ليطمئن قلبي"، تبدأ دغدغة مشاعر المواطنين الدينية... لتحقيق الربح.
المشكل أنك حين تحاول أن تتعمق في المنتجات المقترحة، ستكتشف أنها هي نفسُها التي تقدمها البنوك "الكافرة". فمنتوج "إجارة" هو نفسه منتوج الليزينك أو ما يسمى "الكراء مع تعهد بالشراء"، ومنتوج "مشاركة" هو نفسه "الرأسمال الاستثماري" و"المرابحة" لا يتعدى كونه قرضا بفوائد مستترة. أي أن المنتجات التي تقدمها هذه البنوك هي نفسها التي تقدمها البنوك "الكافرة"... وحدها المسميات تتغير... وبأسعار أعلى في أحيان كثيرة.
لكننا هكذا... نحتاج لغطاء ديني لممارساتنا المختلفة. تماما كصيغة زواج المسيار وزواج الشنطة وزواج البويْ فراند وغيرها... هي أساليب اخترعها بعض رجال الدين لشرعنة علاقات جنسية مرفوضة دينيا ومجتمعيا. فالزواج هو مؤسسة لها أهدافها النبيلة، التي لا تقتصر على العلاقة الجنسية. لكننا، حين نحورها عن أهدافها الحقيقية ونحدد لها مقابلا ماديا ومدة زمنية، تصبح تجارة جنسية تتدثر بغطاء الدين.
كذلك هي الأبناك الإسلامية... معاملات اقتصادية هدفها الأول والأخير، الربح المادي والاقتصادي... لكن التيار الديني السائد يغلف كل شيء بالحلال والحرام.. ليبيع أكثر. فأصبحتَ تجد طلاء الأظافر الحلال والبيرة الحلال والجنس الحلال... والآن القرضَ البنكي الحلال. وغدا لا نعرف ماذا سيخترعون لنا...
التدين حق من حقوق المواطنين... علينا أن نكفله للجميع... لكنه حين يتحول لسلعة مربحة في أسواق السياسة والاقتصاد، علينا أن نحترس... لأننا وحدنا ندفع الثمن... لكي يربحُ منظرو التسويق الديني.