قرأت مقال الأستاذ رضا البطاوى بعنوان طب الفقراء وقرأت تعليق الدكتور عثمان وبهذه المناسبة يسرنى أن أسوق اليكم واحدة من النوادر المعدودة التى كان والدى عليه رحمة الله يملكها والتى كان يرويها لنا كلما جلسنا فى جلسة أسرية .. كان يحكيها بنفس الحماس كأنها أول مرة يفاجئ بها مسامعنا وفى آخرها ينطلق فى ضحكة صادقة بريئة حتي يكاد أن يستلقى على قفاه من الضحك كما يقولون . وكنا بالطبع نشارك فى هذه الحالة السعيدة رغم أننا استمعنا اليها غير مرة ربما فرحة من أجل سعادته .. ربما مجاملة أو قل خوفا ..
الحدوته تجرى أحداثها فى احدى قرى الريف المصرى حيث يمثل شيخ الجامع المرجعية الرئيسية ليس فقط فى الأمور الدينية ولكن فى المسائل الاجتماعية ومن بين مهامه الرئيسية هى علاج المرضى عن طريق الاستشارات الشفوية .. وكيف لا .. أليس هو رجل الدين بتاع ربنا .. وأليس المرض والشفاء من عند الله ؟؟
وشيخ حدوتة الوالد كان يستمع الى شكوى المريض ثم لا يلبث أن يسدى النصيحة والعلاج واحد فى جميع الحالات وهو (خد شربه) وللتوضيح أقول شربة الملح وتسمى الملح الانجليزى كانت عبارة عن أكياس تباع لدى محلات البقالة تحتوى على ملح سلفات الماغنسيوم والصوديوم وهى مواد مهيجة للأمعاء فتحدث اسهالا شديدا وكانت تستخدم قديما فى طرد ديدان الأسكارس قبل العلاجات الحديثة. سيدنا الشيخ كان يصف هذه الشربة العجيبة لأى شكوى أو مرض .. عندى امساك .. عندى صداع .. ألم الظهر والركب .. وجع بطن ونهجان .. الوصفة دائما واحدة .. خد شربه .. والغريب أن معظم الحالات كانت تستفيد من هذا العلاج .. ما يسميه الطب Placebo effect
وفى يوم من ذات الأيام كان الجو حارا وكان الشيخ مجهدا بعد أن صلى بالناس صلاة العصر ويكاد أن يغلبه النعاس تقدم منه أحد المصلين وقال له يا مولانا الحمار بتاعى ضاع .. فما كان من الشيخ الا ان قال له مباشرة وبدون تفكير خد شربه ..فتعجب الرجل وأبدى استغرابه الا أن الشيخ لم يغير كلامه وكرر العبارة بقولك خد شربه .. وبدون تردد نفذ الفلاح النصيحة وتعاطى الشربة ثم استأنف التجوال فى طرقات القرية باحثا عن الحمار المفقود .. بدأت أمعاؤه فى الحركة وتولدت لديه رغبة ملحة فى قضاء الحاجة فلجأ الى احدى الخرابات لانجاز المهمة فاذا به يجد الحمار التائه وعاد به الى المنزل سعيدا راضيا. وفى اليوم التالى وبعد صلاة العصر سأله الشيخ هل وجدت الحمار يا فلان فأجابه بكل حماس .. بركاتك يا مولانا .. والله من أول مجلس