في مجتمع غابت عنه العدالة، تزوج رجل بإمرأة، وأنجب منها ولد وبنتين، كان لديه تجارة كبيرة، ظلت تكبر مع كِبَر أبناءه، اللذين نشأوا على الترف، ولم يعرفوا معنى الحاجة يوماً، حتى أحب الولد فتاة، كانت طبيبة حديثة التخرج، تطمح لأن تكون جراحة كبيرة، وبعد أن واجه الولد أبويه برغبته في الزواج منها، رفضا تلبية طلبه، بحجة سوء أصل أهل الفتاة لفقرهم، وأن درايتها بعالم الطب لا تشفع لها، وإقتنع الولد بكلام أبويه، حتى جرح الفتاة جرحاً غائراً، بعد أن ألقى عليها أسوأ عبارات المعايرة، والتكبر، والتعالي.
ومرت السنوات، وتزوج الولد من أخرى غنية، وأنجب منها، وكبر الأب مقاماً، حتى أصبح عضواً بالبرلمان، وبدأت الأحاديث عن نواياً لتوليه منصب كبير بالبلاد، فإذا بـ زائر يحاول لقاء الولد، بعد أن عصي عليه لقاء الأب، حتى إلتقي به، فإذا به رجل كبير، كان رفيقاً لأبيه وقت أن كان فقيراً، ويعلم الإبن أن أباه لم يولد غنياً، وليس ذو حسب ونسب.
ويطلب الزائر من الإبن مبلغاً طائلاً من المال، وإلا فإنه سيفضح أصل الأب الذي كان عمله قواداً، وهنا يصعق الإبن من هول المفاجأة، فيقدم له الزائر أدلته، ويطلب منه مواجهة أباه بحقيقته، ويعطيه مهلة محددة، فإما المال وإما نشر الحقيقة.
ويواجه الإبن أباه، ويعترف الأب لإبنه بأنه كان في يوم ما قواداً، فيصعق الولد، ويسقط بعد أن أصيب بأزمة قلبية، ليطرح على الفراش، في إنتظار عملية جراحية، ويجد أن من ستشق صدره الطبيبة التي وعدها يوماً بالزواج، فيظن أنها ستقتله، حتى غاب عن الوعي.
يشفى الولد من مرضه، وبعد الإفاقة يتساءل، لماذا لم تتخلص منه الطبيبة، كرد فعل على ما صنعه معها قديماً، حتى تأتي الطبيبة لإجراء كشف عليه، فيسألها لماذا لم تؤذيه، فترد عليه بأنه لا شرع، ولا أخلاق، ولا ضمير، ولا عقل يسمح لها بأن تؤذيه، فيعلم الولد أن أصل الطبيبة طيب، ويتأكد أن أصله هو خسيس، لمجرد أن إعتقد أن الطبيبة ستقتله.
ويذهب الأب ليساوم الزائر الذي يعلم أصله، وأعطاه ما شاء من المال، ويخرج الإبن من المشفى، ويجتمع بأمه وأختيه، ويواجههم بحقيقة أباهُ القواد، فيصدم الخبر البنتين، وتَصدِم الأم إبنها، فقد كانت شريكة الأب في أعماله القذرة.
تأخذ الولد وأختيه، حالة هي خليط من : ذهول تارة، وغياب العقل تارة، وحيرة تارة اخرى، فتذهب الأختين لتلقي العلاج النفسي، ويظل عقل الولد شارداً حائراً ماذا سيفعل بعدما سقطت أمامه كل المثل الجميلة التي تربى عليها، فالأب والأمن اللذان كانا في يوم ما قدوة حسنة، إذ بهما اصحاب تاريخ كله عار، كل هذا وموعد إقتراب تولي الأب للمنصب الكبير يقترب، فيذهب الإبن للأب القواد، يسأله أن يتنحى عما هو مقبل عليه، فيُعَنِفهُ القواد، ويهدده بتقييد حريته، إن لم يعُد إلى رشده مرة اخرى.
ويخرج الإبن تاركاً أباه، طالباً عقد مؤتمر صحفي، فيظن الأب أن الإبن سيدعمه فيما هو مقبل عليه، إلا أن الولد يحذر الشعب من حكم القوادين، فيحتار الصحفيين، من كلام الإبن، ويسألوه : وهل كل معارضي أباك قوادين، فيرد الإبن لا اعلم عنهم شيئاً ! فيسأله الصحفيون، وكيف علمت بسوء حكم القوادين، فيرد الإبن : أنا إبن القواد.
شادي طلعت