إبليس فى القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد
أصل إبليس :
إبليس فرد من الجن وهو ليس أبوهم لكون والدهم هو :
الجان وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر :
" والجان خلقناه من قبل من نار السموم "
وإبليس من الجن لقوله تعالى بسورة الكهف :
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن "
تسمية إبليس عند الجن :
سمى الجن المسلمون إبليس بسفيه أى مجنون الجن حيث قالوا فى سورة الجن :
"وأنه كان سفيهنا يقول على الله شططا "
الملائكة والجن وإبليس :
المشهور عند عامة الناس كون إبليس من الجن وليس من الملائكة ولكنه انضم لهم بسبب شدة عبادته لله
وأما المشهور عند الجمهور الفقهى هو ما قاله القرطبي في تفسير سورة " البقرة " :
" كونه من الملائكة هو قول الجمهور : ابن عباس وابن مسعود وابن جريج وبن المسيب وقتادة وغيرهم ، وهو اختيار الشيخ أبي الحسن ورجحه الطبري وهو ظاهر قوله : ( إلا إبليس ) . اهـ.
والحقيقة القرآنية هى :
أن الملائكة هم فصيل من الجن اصطفاه الله للقيام بمهام معينة وكان إبليس واحد منهم
الدليل الأول :
الله أثبته من الملائكة فى العديد من الآيات منها قوله تعالى بسورة البقرة :
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين "
وقوله تعالى بسورة الأعراف
"ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين"
قوله تعالى بسورةالإسراء:
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا"
قوله تعالى بسورة الكهف
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه"
قوله تعالى بسورة طه:
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس أبى"
فالأمر فى كل الآيات للملائكة ومن ثم لابد أن يكون إبليس منهم ولما كان الله قد ذكر أنه من الجن فى إحدى تلك الآيات فقد وجب أن تكون الملائكة من الجن لأن الله لم يشر فى المصحف أى إشارة لحكاية خلقهم من نور فلو كانوا نوعا مختلفا لذكر مادة خلقهم خاصة أن مصدر النور هو النار فهما واحد
الدليل الثانى
قوله تعالى بسورة الصافات :
"وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا "
فالكفار اخترعوا حكم هو أن الجنة بنات الله وهذا هو النسب الذى فسره الله أنهم جعلوا الملائكة بنات الله بقوله بسورة النحل :
"ويجعلون لله البنات "
وقوله بسورة الصافات :
"وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا"
قدرة إبليس:
شاع بين الناس أن إبليس له قدرات كبيرة أهمها أنه من يوسوس فى صدور الناس والحقيقة القرآنية هى :
أن إبليس انتهى أمره بمجرد عصيانه حيث طرد من رحمة الله ومن يطرد يدخل النار على الفور وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين قال انظرنى إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين"
لاحظ جملة "إنك من الصاغرين "
فالصغار هو العذاب كما فى قوله تعالى بسورة الأنعام :
" سيصيب الذين أجرموا عند الله صغار وعذاب شديد "
وقال بسورة الأعراف:
"قال فاخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين"
لاحظ جملة "مذءوما مدحورا " وجملة "لأملأن جهنم " فهما تدلان على دخوله جهنم على الفور
وقال بسورة الحجر:
"قال يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين"
لاحظ جملة "فإنك رجيم " تلاحظ العذاب الفورى فالرجم هو عذاب كما فى قوله تعالى بسورة الملك :
"وجعلناها رجوما للشياطين"
ولاحظ جملة " وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين"ترى العذاب مفروض عليه حتى يوم القيامة فاللعنة هى غضب الله وغضب الله هو العذاب
وقال بسورة ص
"قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتى إلى يوم الدين"
فهنا جملة عليك لعنتى إلى يوم الدين تعنى لك عذابى حتى يوم القيامة
والملاحظ أن إنظار الله له حتى يوم القيامة لا يعنى سوى تركه على قيد الحياة بلا موت حتى يوم القيامة فى النار فالإنظار ليس مذكورا فيه الوسوسة ولا غيرها وفى هذا قال بسورة ص:
"قال رب فأنظرنى إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم"
والملاحظ هو أن القوم يستدلون بكلام الكافر الأول على صحة ما يعتقدون من قدرته على الغواية وهى الوسوسة وهو قوله الذى حكاه الله عنه فى قوله بسورة ص :
"قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك المخلصين قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين"
وهو استدلال غريب فالقوم يصدقون الكاذب رئيس الكفرة أول المتمردين على طاعة الله مع أن الجن قالوا فى سورة الجن :
"وأنه كان سفيهنا يقول على الله شططا وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا "
فالقسم بالله هو قسم كاذب وفجور
كما أن قوله تعالى بسورة الناس
"قل أعوذ برب الناس ملك الناس من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس "
دليل صريح على أن إبليس نفسه كان الوسواس الخناس يوسوس له باعتباره واحد من الجنة ومن ثم فالوسواس الخناس لا يمكن أن يكون إبليس
كما أن قوله تعالى بسورة الأنعام
"وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا"
دليل على كون إبليس واحد من الشياطين وليس شيطانا وحيدا وكذلك الأقوال المماثلة
إبليس والأبوين:
المشهور بين الناس كون إبليس من وسوس لآدم (ص) وزوجه فى الجنة وأخرجهما من الجنة وهو كلام يخالف الحقيقة القرآنية فلم يذكر الله فى المصحف فى كل السور التى وردت فيها القصة اسم إبليس ولو لمرة واحدة فكل المواضع ذكر فيها الشيطان لأن إبليس دخل النار بعد عصيانه أمر السجود كما فى قوله تعالى بسورة الحجر :
"قال هذا صراط على مستقيم إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم"
فالملاحظ هنا أن جهنم موعد لمن اتبع إبليس من الغاوين وليست موعد له لأنه سبق أن دخلها قبلهم
ومن ثم لم يكن هناك مجال لدخوله الجنة التى سكنها الأبوين وتلك المواضع هى :
قوله تعالى بسورة البقرة
"فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين"
قوله تعالى بسورة الأعراف
"فوسوس لهما الشيطان ليبدى ما ورى عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إنى لكما من الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سواءتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما أن الشيطان لكما عدو مبين
قوله تعالى بسورة الأعراف
"يا بنى آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سواءتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون"
قوله تعالى بسورة طه :
"فوسوس إليه الشيطان قال يا أدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى"
إذا الشيطان المراد به ليس إبليس فى القصة وإنما أريد به هوى النفس فهوى نفس الأبوين هو من أخرجهما من الجنة
والروايات التى تتحدث عن إبليس والحية هى ضرب من الخيال والكفر فهى روايات تبين أن الله تعالى غافل عما يجرى فى جنته مع أنه لا يغيب عن علمه شىء كما قال بسورة البقرة :
"وما ربك بغافل عما يعملون"
كما أنها اتهام صريح لملائكة الجنة بالغفلة حيث سمحوا لمرجوم مطرود من رحمة الله بدخول الجنة وهو كلام لا يمكن حدوثه
هل إبليس فى كل واحد من الناس ؟
ما زالت العقيدة الشائعة بين الناس هى أن إبليس موجود فى كل واحد من الناس وكأن الله تعالى خلق لكل إنسان إبليس خاص به وبالقطع الرجل فى النار منذ طرده من معية الله ولا يمكن أن يتواجد فى كل واحد لأن هذا يحتاج لانقسامه لمليارات المليارات المليارات .......من الناس سواء بشر أو جن
الحقيقة هى أن كل واحد له شيطانه وهو هوى نفسه وقد سمى الله الشيطان بأسماء عديدة منها :
الشهوات كما فى قوله تعالى بسورة مريم
""فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات"
وهو الظن وهو هوى النفس لقوله بسورة النجم:
"إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس "
وهو الهوى بقوله تعالى بسورة القصص
"فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله"
وهو الظن فى قوله تعالى بسورة الأنعام
"إن يتبعون إلا الظن"
معنى إتباع إبليس:
أقر الله تعالى بأن الناس سوف يتبعون إبليس كما قوله تعالى بسورة الأعراف:
"قال فاخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين"
وقال تعالى بسورة الحجر :
"قال هذا صراط على مستقيم إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم"
الإتباع هنا يعنى تقليد فعل إبليس لأن إبليس ليس موجودا فى كل مخلوق من الناس من بداية البشر حتى نهايتهم حتى يسمعوا كلامه لكونه مخلوق واحد لا يمكن أن ينقسم أو يتواجد فى كل هؤلاء وأولئك ويوسوس لبعضهم وهم ألوف الألوف ... فى نفس الوقت بوسوسات مختلفة سرقة وقتل وزنى ....
سلطان إبليس :
نفى الله وجود سلطان لإبليس على العباد إلا من اتبعه وهذا معناه أن ظنه وهو حديثه عن ضلال البشر قد صدق فيهم وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر
"قال هذا صراط على مستقيم إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين"
فالسلطان لا يعنى أنه من يتحكم فيهم ولكن معناه أن كلمته عن ضلال الناس قد صدقت حيث اتبعه أى قلده الناس فى فعله وهو عصيان أمر الله وفى هذا قال تعالى بسورة سبأ:
"ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين"
معنى كلام إبليس عن إغواء الناس:
تكلم إبليس وأقسم على إغواء وهو احتناك الناس وهو ما قصده الله علينا فى العديد من السور مثل:
قوله تعالى بسورة الأعراف:
"قال رب بما أغويتنى لأزينن لهم فى الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين"
قوله تعالى بسورة الإسراء:
"قال أرأيتك هذا الذى كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا"
قوله تعالى بسورة ص:
"قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك المخلصين قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين"
والسؤال
هل نصدق كلام أول العصاة الكفار الكاذبين ؟
قطعا كلامه كذب فكيف وهو فى جهنم سيغوى من هم خارجها وهو طيلة الوقت فى آلام لا تنتهى ؟
قد يعترض معترض فيقول لماذا قال الله له بسورة الإسراء:
"واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم فى الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا" فسمح له باستخدام أدوات الغواية ؟
والجواب :
الآية فى الشيطان بمعنى هوى النفس بدليل أن إبليس لم يذكر فيها وذكر فيها الشيطان
أن الآية بينت أن كل الأدوات هى الوعد بالغرور والمراد الكلام وهو الوسوسة وهو ما صدقه الشيطان فى الآخرة وهو كذوب بقوله بسورة إبراهيم :
""وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى"
وقد يقول القائل معترضا ولكن الآية فى سياق قصة عصيان إبليس
والجواب
أن الآيات فى المصحف قد تتجاور فى السورة وبعضها لا علاقة لها ببعض بل إن فى بعض الآيات يتجاور فيها موضوعان انقطع سياق أحدهم كما فى آية البقرة:
"فى الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء لأعنتكم إن الله عزيز حكيم"
فجملة فى الدنيا والآخرة فى أول الآية لا علاقة لها بما بعدها فهى جزء من جملة محذوفة وقد تكون موضعها بعد كلمة المصلح فجملة يسألونك جملة اعتراضية كما يقولون ومن ثم لا يمكن الاحتجاج بكونها خاصة بإبليس
عرش إبليس :
أكذوبة أخرى من الأكاذيب فالرجل الجهنمى المقيم فى جهنم منذ عصيانه ليس له عرش وما نسب للنبى(ص) من وجود عرش لإبليس هو كذب حيث تتناقض الروايات فمرة على الماء ومرة على البحر والماء غير البحر فالماء قد يكون بحر أو نهر أو عين أو بئر والبحر لا يكون إلا بحرا
كما أن الروايات اختلفت فى فتنة إبليس الأعظم فمرة جعلتها غير محددة وهى رواية
7285 - حَدَّثَنِى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « يَبْعَثُ الشَّيْطَانُ سَرَايَاهُ فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ فَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً ».رواه مسلم فى صحيحه
ومرة جعل الفتنة العظمة التفريق بين الزوج وزوجته فى رواية :
14751- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِىءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا َيَقُولُ َا صَنَعْتَ شَيْئا - قَالَ - وَيَجِىءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ - قَالَ - فَيُدْنِيهِ مِنْهُ أَوْ قَالَ فَيَلْتَزِمُهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ ». قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَرَّةً « فَيُدْنِيهِ مِنْهُ ». {3/315} تحفة 2318 معتلى 1504رواه أحمد فى مسنده
وفى رواية أنه القاتل وهى رواية كتاب مكائد الشيطان
-قال القرشي : وأخبرني احمد بن جميل المروزي نا ابن المبارك نا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى قال :
: إذا إصبح إبليس بث جنوده في الأرض فيقول : من أضل مسلما ألبسته التاج فيقول له القائل : لم أزل بفلان حتى طلق امرأته قال : يوشك أن يتزوج ويقول آخر : لم أزل بفلان حتى عق قال : يوشك أن يبر ويقول آخر : لم أزل بفلان حتى زنى قال : أنت ويقول آخر : لم أزل بفلان حتى شرب الخمر قال : أنت قال : ويقول آخر لم أزل بفلان حتى قتل فيقول : أنت أنت"
إبليس وعزازيل :
فى بعض العقائد أن إبليس كان اسمه عزازيل وهو كلام ليس فيه نص من وحى الله ولكنه نقل عن بعض الكتابيين
رنات إبليس:
روى القوم فى كتاب مكائد الشيطان لابن مفلح المقدسى:
"33 -قال ابن أبي الدنيا حدثنا إبراهيم بن راشد حدثنا داود بن مهران حدثنا يعقوب القمي عن جعفر عن سعيد بن جبير قال :
: لما لعن الله تعالى إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة فجزع فرن رنة فكل رنة إلى يوم القيامة منها
قال سعيد : ولما رأى النبي صلى الله عليه و سلم قائما يصلي بمكة رن رنة أخرى
قال سعيد ولما افتتح النبي صلى الله عليه و سلم مكة رن رنة أخرى اجتمعت إليه ذريته فقال : ايأسوا أن تردوا أمة محمد إلى الشرك ولكن افتنوهم في دينهم وأفشوا بينهم النوح والشعر"
رواية كاذبة لا تمت للنبى(ص) بصلة ولا حتى تنسب للذين آمنوا به
ذرية إبليس :
روى القوم فى كتاب مكائد الشيطان :
"35 -قال عبد الله بن محمد بن عبيد : حدثنا بشر بن الوليد الكندي حدثنا محمد بن طلحة عن زبيد عن مجاهد قال :
: لإبليس خمسة من ولده قد جعل كل واحد منهم على شيء من أمره ثم سماهم فذكر : ثبر والأعور ومسوط وداسم وزلنبور فأما ثبر فهو صاحب المصيبات الذي يأمر بالثبور وشق الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية وأما الأعور فهو صاحب الزنا الذي يأمر به ويزنيه وأما مسوط هو صاحب الكذب الذي يسمع فيلقى الرجل فيخبره بالخبر فيذهب الرجل إلى القوم فيقول لهم : قد رأيت رجلا أعرف وجهه وما أدري ما اسمه حدثني بكذا وكذا وأما داسم فهو الذي يدخل مع الرجل إلى أهله يريه العيب فيهم ويغضبه عليهم وأما زلنبور فهو صاحب السوق الذي يركز رايته في السوق"
رواية أخرى كاذبة وهى تتعارض مع اعتقاد الناس أن الملائكة لا تتزوج ولا تنجب وإن كان ليس من المستبعد وجود أولاد للرجل قبل دخوله النار
وأما الذرية بمعنى الشيعة أى الأتباع فهم موجودون وبعض الناس يعبده
بيان أخطاء كتاب إبليس للعقاد:
هناك كتاب لعباس محمود العقاد تناول فيه شخصية إبليس فى الأديان والمذاهب العالمية وقد وردت به العديد من الأخطاء فيما يخص إبليس فى القرآن نتناولها هنا :
قال :
"فقد كانت معرفة الشيطان فاتحة التمييز بين الخير والشر ولم يكن بين الخير والشر من تمييز قبل أن يعرف الشيطان بصفاته وأعماله وضروب قدرته وخفايا مقاصده ونياته كان ظلام لا تمييز فيه بين طيب وخبيث ولا بين حسن وقبيح فلما ميز الإنسان النور عرف الظلام ولما استطاع إدراك الصباح استطاع أن يعارضه بالليل وبالمساء ص3
الخطأ أن الخير والشر لم يكن معروفا قبل وجود الشيطان وهو كلام يتنافى مع أن الله جعل الخير معروفا وهو الإسلام لكل الخلق حيث فرض عليهم الطاعة وأولهم السماء والأرض حيث قال بسورة فصلت :
"ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها ولرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا آتينا طائعين "
وفى إسلام الكل قال تعالى بسورة آل عمران :
"وله أسلم من فى السموات والأرض طوعا وكرها "
وإذا كان الله خلق الجان وهو أبو الجن قبل آدم(ص) فهذا معناه وجود ناس فرضت عليهم الشريعة وفيها الخير والشر لأن الله جعل الناس جنة وناس أى بشر فقال بسورة الناس:
"الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس "
وفى خلقه قبل البشر قال بسورة الحجر :
"والجان خلقناه من قبل من نار السموم "
والسؤال هل ظلت الجن دون شريعة للخير والشر حتى خلق آدم(ص)؟
بالقطع لا وإلا فعلى أى أساس حرم الله إبليس من رحمته وطرده من جنته وهو لم يصدر حكما أى قانونا ؟
لابد أن يكون عند الجن الملائكى قانون أى حكم يقول :
من عصانى فى أمرى حرم من رحمتى للأبد
وهذا القانون عادل لأن الله أعطاهم نعمه وكشف لهم آياته بحيث لا يكون عند أحد منهم أى شك
لو لم يكن هناك قانون بهذا المعنى فى شريعة الجن الملائكى فهذا معناه أن الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا ظالم لأنه طرد الرجل فى تلك الحال التى لا وجود لها دون وجود شريعة وهو ما يتنافى مع قوله تعالى
"وما أنا بظلام للعبيد "
قال :
"كانت الدنيا أهلا لكل عمل يصدر منها ولم يكن بين أعمالها الحسان وأعمالها القباح من فارق إلا أن هذا يسر وهذا يسوء وإلا أن هذا يؤمن وهذا يخاف أما أن هذا جائز وهذا غير جائز فى ميزان الأخلاق فلم يكن له مدلول فى الكلام ولم يكن له من باب أولى مدلول فى الذهن والوجدان ص3
الخطأ أنه لم يكن بين أعمال الدنيا الحسان وأعمالها القباح قبل وجود عصيان إبليس من فارق إلا أن هذا يسر وهذا يسوء وإلا أن هذا يؤمن وهذا يخاف وبالقطع هذا كلام بلا نص أو حتى دليل استنتاجى فلو كان الأمر صحيحا فلماذا عوقب إبليس بالطرد الأبدى من رحمة الله ؟
لقد عوقب بناء على قانون من الله قانون أخلاقى يبين الشر والخير وإلا كان الله فى تلك الحال ظالم سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا وهو أمر يتعارض مع القانون الإلهى " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا "
والخطأ نفى وجود معنى فى الكلام للشر والخير قبل عصيان إبليس وهو ما يناقض معرفة الملائكة للشر ممثلا فى الفساد وسفك الدم اعتراضا منهم على خلق آدم (ص) وهو قوله تعالى بسورة البقرة :
"أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء "
وقال :
"فتاريخ الإنسان فى أخلاقه الحية لا ينفصل من تاريخ الشيطان وأوله هذا التمييز بين الخير والشر ولكنه الأول فى طريق طويل لم يبلغ نهاية مطافه ص4
الخطأ أن تاريخ الإنسان فى أخلاقه الحية لا ينفصل من تاريخ الشيطان والحق أن التاريخين لو صحت تلك التسمية انفصل مدة بقاء الأبوين فى الجنة وهى مدة يعلمها الله قد تكون طويلة وقد تكون قصيرة والمهم أنهما ظلا بعيدا عن تاريخ الشيطان حتى حدثت لهم وسوسة الأكل من ثمار الشجرة
وقال :
"وإنما فضل آدم عليهم لأنه عرضة للخير والشر ولأنه مطالب بالخيرات وهو ممتحن بالشرور فضل على الملائكة الذين لا يصنعون الشر لأنهم بمنجاة من غوايته وفضل على الجان الذين لا يختارون بين نقيضين ومن تلك الآونة عرفت وظيفة الشيطان فى هذا العالم وعرفت معها فضيلة الإنسان ص5
الخطأ أن سبب تفضيل آدم على الملائكة كونه عرضة للخير والشر ولأنه مطالب بالخيرات وهو ممتحن بالشرور وهو أمر يخالف المصحف فسبب التفضيل هو أمر الله
والخطأ أن الملائكة ليست عرضة للخير والشر وهو كلام يناقض عرض الله السجود لآدم (ص) عليهم فلو كانوا غير مخيرين بين الخير والشر ما عرض عليهم الأمر والدليل أيضا أنهم اعترضوا على خلق آدم(ص)بقولهم "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء "
بل أنهم مدحوا أنفسهم أمام الله بكونهم يسبحونه ويقدسونه فقالوا:
"ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك "
وهى مقولة تعنى منهم على الله بعبادته
بل حكى الله أنهم اختصموا والخصام لا يأتى إلا من وجود خير وشر وهو قوله تعالى بسورة ص :
"ما كان لى من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون "
ونجد الفهم الخاطىء لقوله تعالى بسورة الطلاق
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ"
فالآية تتحدث ليس عن الملائكة فى الدنيا وإنما فى الآخرة وهى تتكلم عن خزنة النار وليس عن كل الملائكة ومع هذا يستشهد بها كل من كتب فى المسألة عن كون الملائكة لا تعصى الله وهو استشهاد باطل لكونها تتحدث عن الآخرة ولكونها فى فصيل واحد من الملائكة
وقال:
"فمهما نتخيل من مخلوق قابل لأن يعرف بعد جهل ويدرك بعد قصور فليس غير الإنسان مصداق لذلك المخلوق ليست الملائكة ولا الجان فى صورتها الحية مخلوقات نامية فى معرفتها عالمة ما تعلمه بعد جهله متقدمة من الطفولة إلى الرشد إلى غاية المدى المقدور لكل مخلوق ص5
الخطأ كون الإنسان وحده من يعرف بعد جهل ويدرك بعد قصور ليست الملائكة ولا الجان
وهذا ما يخالف أن الملائكة عرفت بعد جهل فضل آدم (ص) وهو قولهم عن جهلهم بسورة البقرة :
" لا علم لنا إلا ما علمتنا "
والدليل أن الله طلب من آدم(ص) أن يعلمهم بالأسماء وهو قوله تعالى بنفس السورة :
" يا آدم أنبئهم بأسماءهم"
زد على هذا أن معلم الرسل (ص) واحد من الملائكة وهو جبريل (ص) فكيف يكون الرجل جاهلا لا تزداد معرفته وهو كل مرة ينزل بالشرائع لتوصيلها للرسل ؟
وقال :
"وإنما القداسة والفخار أن تكون نورا ونارا وأنت تراب وأن تسبح وتقدس وأنت قادر على الفساد والعدوان "ص6
الخطأ كون القداسة والفخار أن تكون نورا ونارا وأنت تراب فهو كلام متناقض فلا يمكن أن يكون الإنسان نارا لكونه مخلوق من التراب وكون النار خلق منها آخرون
وقال :
"ولأول وهلة يسمع الصفات الملكية أو صفات الملائكة فيفهم أنها الطيبة والطهارة والحب والسلامة ويقابلها فى الوقت نفسه بالحنين إليها لسلامتها ووداعتها والعطف عليها لخفاء الشر عليها واحتجاب أساليب الكيد والخداع عنها "ص8
الخطأ أن الشر خفى عن الملائكة وهم لا يعرفون أساليب الكيد والخداعوهو كلام يناقض علمهم بالشر كما قالوا قبل خلق آدم(ص) فى سورة البقرة :
"أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء "
كما يناقض أن بعض منهم يقوم بكتابة ذنوب الخلق وهم القعود عن اليمين والشمال كما قال تعالى بسورة ق
"إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد "
وقال :
"قبل شيوع صورة الشيطان كانت بديهة الإنسان تملأ العالم بأشتات تحصى من الأرواح والأطياف وكانت من هذه الأرواح والأطياف ما يخفى ولا يظهر لأحد ومنها يخفى على أناس ويظهر لآخرين بالرقى والعزائم ومنها ما يتلبس أحيانا الأجسام ويظهر لكل من لقيه فى مأواه "ص11
الخطأ وجود صورة للشيطان لدى الناس وهو كلام يناقض الواقع ونصوص كتب الأديان فى العالم فيوجد صور كثيرة للشيطان سواء كانت صورا خلقية جسمية أو صورا نفسية
والخطأ ظهور الأرواح والأطياف بالرقى والعزائم للبعض وهو كلام لا دليل عليه من نص أو واقع وكل من ظن أنه رأى شيئا إما مخدوع وإما مخمور فعالم الناس مفصول عن العوالم الخفية وهو كلام يناقض كلامه عن كون الأمر مجرد خداع فى قوله :
" ولا يزال خادعا مخدوعا فى جوهر السحر كله وهو الإيمان بفعل الطلاسم وقوة الأرواح ص22
والخطأ وجود حالة التلبس وهو ما يعنى دخول مخلوق فى مخلوق من نوع أخر وهو كلام جنونى لا يثبت عن طريق المادة ممثلة فى الجسم ولا حتى عن طريق النصوص سوى نصوص الديانات الكافرة المخرفة التى تعتقد بذلك كالنصرانية وحالة التلبس هى ما يسمونه فى علم النفس ازدواج الشخصية أو تعدد الشخصيات حيث يتخيل الإنسان أنه شىء أخر ويقوم بأعمال غريبة عن شخصيته العادية
وقال :
"ويدل على اصالة الإيمان بالأرواح فى بديهة الإنسان أنها وجدت فى كل سلالة بشرية من السلالات التى نشأت فى القارات المتقاربة فتعلم بعضها من بعض فى مسائل الدنيا والدين أو من السلالات التى وجدت فى الأمريكتين منعزلة منذ أدهار لا تعرف لها بداءة فهى لم تتعلم تلك العقائد من غيرها ولم ترجع بها إلى مصدر معروف فى العالم القديم "ص12
الخطأ أن السلالات التى وجدت فى الأمريكتين لم تتعلم تلك العقائد من غيرها ولم ترجع بها إلى مصدر معروف فى العالم القديم وهو كلام غير صحيح تماما فالعقائد تنتقل عبر الأجيال غالبا وفى أحيان يصل بعض البشر لعقائد مشابهة لعقائد قديمة دون أن يكون قد قرأ عنها أو سمع بها
وقال :
"ويسبق إلى الظن أن السحر والكهانة كلها خداع فى خداع من تلفيق السحرة والكهان ولكنه ظن خاطىء غير معقول لأن السحرة والكهان على اتصافهم بالذكاء والدهاء قد نشأوا بين أقوام توارثوا العقائد واحتفظوا بكثير من العادات التى توهموا أنها كانت نافعة لمن قبلهم وأنها تنفعهم اليوم إذا أحاطوا بعلمها وحذقوا تجاربها وربما لام الساحر نفسه إذا قصر فى بلوغ ما يطلبونه منه واجتهد فى علاج ذلك القصور بتكرار التجربة أو سؤال الأقدمين الذين سبقوه فى الصناعة وهو بطبيعة عمله لا يستغنى عن الخداع والتلبيس فى معاملة قومه ولكنه لم يكن قط خادعا فى كل شىء ولا يزال خادعا مخدوعا فى جوهر السحر كله وهو الإيمان بفعل الطلاسم وقوة الأرواح ص22
الخطا وصف الكهنة والسحرة بكونهم اذكياء وهى صفة لا يصح إطلاقها على غير المسلمين فما يقومون بها غباء والوصف الصحيح هو مخادعين مكارين
وقال :
"فهنا أرواح من الجان الخفى لها عمل غير صلاح النفس الإنسانية وفسادها ولها قدرة خاضعة لسلطان الإله ومن يصطفيه من عباده وينسب إليها كل مجهود عظيم تقصر عنه طاقة الإنسان وليست قدرتها هذه لأنها تعلمت ما لم يتعلمه الإنسان ولا لأنها ذات عقول أكبر من عقله وألح منه للفهم ولتفكير ولكنها قدرة تأتيها من عالم الأسرار الذى تعيش فيه فهى تسخر القوى الطبيعية لأنها تعيش بين اسرارها وتحسب منها او فى حكمها وإذا فطنت للمعنى الدقيق الذى لم يفطن له ا،سان فإنما تأتى فطنتها كذلك من ص34
الخطأ أن بعض الجان له علاقة بفساد نفس الناس وصلاحها وهو كلام يتنافى مع كون النفس وهى إرادة الإنسان هى التى تهتدى او تضل كما قال تعالى بسورة الإسراء :
" من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها "
كما قال بسورة الكهف :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
وقال:
"ولسنا على يقين من انقطاع الصلة بين الكلمة اليونانية والكلمة العربية ولكننا على يقين أن شخصية إبليس لا تتوقف على الدلالة التى تستفيدها مادة الإبلاس أى فقد الرجاء فإن ضياع الأمل ألزم صفات إبليس على ألسنة العامة والخاصة ص39 بأمل إبليس فى الجنة مرادفا لمعنى الأمل الضائع وقد فرق هذا المعنى بين كلمة إبليس وكلمة الشيطان فى ملامح الشخصية فهذا قد ضيع الحق وهذا قد ضيع الرجاء وكذلك قد فرقت بينهما شروح الفقهاء وفرقت بينهما الدلالة الملموحة بين الشيطنة والإبلاس ص40
الخطأ أن دلالات الكلام فى اللغات تبين ما غاب عن بعضها وهو كلام لا دليل عليه هنا فاسم إبليس واسم الشيطان قد يتفقان فى موضع كما فى قصة السجود لآدم (ص) وقد يختلفان فيراد بالشيطان شياطين الجن والإنس كما قال تعالى بسورة الأنعام
"وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا"
وقال:
" رأينا من أصحاب هذه النزعة من ينافرون بنى آدم اعتزازا بعنصر الشيطان وكذلك كان بشار بن برد حين قال :
إبليس أشرف من أبيكم آدم فتبينوا يا معشر الأشرار
النار عنصره وآدم طينة والطين لا يسمو سمو النار ص72
وقال:
"قبل أن ننتقل إلى عقائد أهل الكتاب فى قوة الشر العالمية نتريث هنا لحظة لتلخيص المرحلة الطويلة لتى عبرها الإنسان فى هذا الطريق من خطواته الأولى حيث لا تمييز بين خير وشر ولا بين إله وشيطان إلى غايته القصوى فى حضارات الأمم القديمة حيث ظهرت ديانة التوراة وهى أول الأديان الكتابية فى التاريخ "ص83
وقال
إن الأديان الكتابية لم تتعاقب عبثا ولم تأت المقدمات فيها بغير نتائجها "ص127
الخطأ أن أول الأديان الكتابية فى التاريخ ديانة التوراة وهو كلام يتنافى تماما مع القرآن فما من نبى ابتداء من آدم(ص) إلا وأنزل عليه كتاب مكتوب وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكمبين الناس فيما اختلفوا فيه"
كما أن كل الكتب التى أنزلها الله لها دين واحد هم الإسلام وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران :
"إن الدين عند الله الإسلام"
وقال:
"فالأقدمون قد آمنوا بخلق الله للأكوان ولكنهم لم يبرزوا صفة الخلق كما أبرزوا صفة السيادة ولعلهم كانوا منساقين فى ذلك مع عقائد الفطريين الأسبقين الذين كانوا يؤمنون بأرواح لم ينسبوا إليها خلق شىء من الأشياء فضلا عن خلق الكون الذى يحتوى جميع الأشياء ثم تدرج الناس من عبادة الروح المتسلط إلى عبادة الإله المتسلط فجعلوا صفة الخلق تابعة لصفة السيادة والسلطان ص86
الخطأ كون الأقدمين قد آمنوا بخلق الله للأكوان وهو كلام يتنافى مع وجود منكرى الخلق كما حكى الله عنهم حيث قال بسورة الطور:
" أم خلقوا من غير شىء"
كما يتنافى مع إنكار فرعون وجود الله فى قوله تعالى بسورة غافر
" ما علمت لكم من إله غيرى "
وقال :
"ولا يصدق عليها اسم الإسرائيلية لأن الإسرائيلية تنسب إلى إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق وكان إبراهيم الخليل جدهم أجمعين يلقب بالعبرى فى بعض كتب العهد القديم فإطلاق اسم العبرية على العقائد التى دانت بها العشائر التى نشأ فيها إبراهيم أصدق من كل اسم أخر فى الإحاطة بديانة القوم من أوائل تاريخها وفى جميع أطوارها المعلومة إلى أن عرفت أخيرا باسم ديانة التوراة ص87
الخطأ هنا هو إطلاق الرجل اسم العبرية على دين إبراهيم (ًص)والمثير فى كتب العقاد التى تتحدث عن الأديان أنه يتكلم وكأنه يصدق العهدين أكثر مما يصدق القرآن فالرجل هنا تغافل أو نسى والله اعلم أن إبراهيم (ص) سمى نفسه وولده(ص) مسلم فقال بسورة البقرة :
"واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك "
ومع أن المصحف لم يتناول على الإطلاق مسألة العبرية مع أنه تناول مسألة العبور حيث غرق فرعون وجنده فإن الرجل اعتبر العهد القديم ولم يعتبر المصحف
وقال :
" ولم ترتفع قط بإداركها للتنزيه الإلهى إلى الأفق الذى ارتفع إليه أخر الأديان الكتابية وهو الإسلام ص88
هذه المقولة تبين أن العقاد يؤمن بنظرية خاطئة هى نظرية تطور الأديان من البدائية وهى نظرية غربية اخترعها علماء الاجتماع ومقارنة الأديان ومع ان العقاد تناول تلك النظرية فى كتاب أخر له عن عقائد المفكرين فى القرن العشرين تناولا مخالفا نوعا ما لتلك العبارة فإن الرجل يرسخ فى الأذهان مقولة خاطئة وهو وجود أديان كتابية لا وجود لها فلا دين كتابى أى من عند الله إلا دين واحد عبر العصور وهو الإسلام
كما أن الرجل يخالف المصحف فى كون أبو البشر كان يعلم كل الأسماء ومن ثم لم يكن يخفى عليه التنزيه الإلهى وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
"وعلم آدم الأسماء كلها "
وقال :
"لأنهم كانوا يتوقعون من الإله أعمالا كأعمال الشيطان وكان العمل الواحد عندهم بنسب تارة إلى الشيطان وتارة على الإله كما حدث فى قصة إحصاء الشعب على عهد داود ص89
الخطأ هو غرابة مقولة نسبة العمل للشيطان والإله معا وهى مقولة نزل بها الوحى فكل الأعمال سواء كان عملها الشيطان أو غيره من الخلق تنسب له ولله فى نفس الوقت كما قال تعالى بسورة المدثر :
"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"
وقال :
"فالملك الذى يعرف السحر لا يخدع به أحدا ولا يعلم من يريد أن يتعلم إلا أن يطلعه على حقيقته وليس الخداع ولا الاضرار بالعلم من طبيعة الملك بل من طبيعة الشيطان ص125
الخطأ هو اعتبار هاروت(ص) وماروت(ص) من الملائكة وهو كلام ينافى كون الملائكة لا تعيش فى الأرض وإنما تنزلها لأداء أعمال سريعة لا تأخذ سوى دقائق أو ساعات كتبليغ الوحى وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء :
"قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا "
وقال:
"القول الذى أخذ به الفيلسوف الرازى فى تفسيره حيث يقول لما ثبت أن إبليس كان من الجن وجب ألا يكون من الملائكة لقوله تعالى "ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بلا كانوا يعبدون الجن ط وهذه الآية صريحة فى الفرق بين الجن والملائكة "ص129
الخطأ كون إبليس من الجن وليس من الملائكة وهو قول يضرب عرض الحائط بآيات المصحف التى طلبت من الملائكة السجود لآدم (ص)
والحق هو كون الرجل من الجن لأن الملائكة هى فصيل من الجن اختارهم الله كرسل لأداء مهام معينة كلفهم بها