ما هو الوطن

رمضان عبد الرحمن في الثلاثاء ٠١ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

ما هو الوطن

ما هو الوطن؟!.. هل هو الشعب؟!.. أم الأرض التي يعيش فوقها الشعب؟!.. وهل ما يقال من المسؤولين نحن نعمل من أجل الوطن يقصدوا بذلك الشعب أم الأرض؟!.. إن الأرض لن تجوع ولن تمرض ولن تتعرى، وإن الشعب الذي يعيش على الأرض هو الذي يمرض ويجوع ويتعرى، ويحس بالحرمان وهو يرى عالم الخيال من حوله في ظل عالم التكنولوجيا في هذا العصر، وكلام المسؤولين لا ينقطع عن محذوفي الدخل، وغيرهم من أشخاص لا يملكون حيلة، فلماذا يقولون هذا الكلام ويشغلون أنفسهم طالما أنهم لا ينفذ شيئاً مما يتحدثون عنه في كل يوم عن المواطن وخاصة الفقراء في مصر، وهم ما شاء الله أعلى نسبة في العالم في مصر من عدم الضمير يا مسؤولين، أنظروا بعين الاعتبار إلى فقراء مصر واحذروا إن الدنيا لا تغني عن الآخرة، وسوف نحاسب على كل شيء ونقف أمام الله جميعاً، وأعتقد أن الإنسان الضعيف الإيمان هو الذي يحتمي في المال أو السلطة، متجاهل أمر الله أنه في أي لحظة سوف يغادر الدنيا وينتهي أجله حيث لا ينفعه مال ولا سلطة بعد ذلك، ويندم في يوم لا ينفع فيه الندم، يقول المولى عز وجل:
((يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)) سورة التوبة آية 35.

وإن الإنسان القوي الإيمان هو الذي يعطي بدون أجر أي إنسان يحتاج للمساعدة، ثم ينتظر أجر ما عمله من أعمال صالحة يوم القيامة من الله، هو الذي سوف يجزي كل إنسان عمل صالحاً، يقول تعالى:
((وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ
أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ))
سورة البقرة آية 265.

فلا ينغر أي إنسان بالجاه أو السلطة أو المال في الدنيا، ويعلم أنه سوف يحاسب على كل صغيرة أو كبيرة يوم الحساب، الذي ستجد فيه كل نفس ما عملت من خير محضراً، وأيضاً ما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمد بعيد، ثم يقول المولى عز وجل عن الذين ظلموا أنفسهم في الحياة الدنيا، يقول تعالى:
((وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ))
سورة الأحقاف آية 20.

وجئتم إلى يوم الحساب محملين بالأعمال غير الصالحة وبموجب الأعمال الغير صالحة سوف تكون سبب في هلاك أصحابها، وهذه الدنيا وما فيها من مغريات لن تدوم لأحد، وقد حذرنا الله أن لا نؤثر الدنيا على الآخرة، يقول تعالى:
((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) سورة المائدة آية 36.

وهذا يعني أن المال ليس له أهمية ولا وجود في الآخرة، فكان من الممكن لكل إنسان أتاه الله المال في الدنيا أن ينفقه في سبيل الله، فلا تخزنوا الأموال ولا تظلموا أنفسكم من أجل المال فيكون الحكم عليكم من الله، يقول تعالى:
((وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ{1} الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ{2} يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ{3} كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ{4} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ{5} نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ{6} الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ{7} إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ{8} فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ{9})) سورة الهمزة.

ونلاحظ من هذه الآيات العظيمة أنها تخاطب كل إنسان يخزن المال، يكون جزاءه جهنم، ولم تقل الآية على فئة معينة من البشر فاحذر يا مسلم تخزين الأموال، وأنفقه في سبيل الله قبل أن يأتي وعد الله وتقول يا ليتني قدمت لحياتي، أو تقول ربي لو أخرتني أن أتصدق، فلا تنتظر يا مسلم وانفق أموالك في الدنيا قبل أن تتحول نقمة في الآخرة، ثم أن الله يقول:
((...... وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ))
سورة البقرة آية 219.

أي الزيادة عن حاجة الإنسان يجب أن تنفق في سبيل الله، هذا على من يؤمن بالله أن يفعل ذلك، ولكن إذا تحول حب الذات عند الإنسان لو ملك مال الأرض لن ينفق منه شيء، وهو بذلك يبخل على نفسه من أعمال الخير، وذهبت حياته هباءً منثورا، علماً بأن الإنسان منذ أن يدرك طبيعة الحياة من متع وخلافه إلى أن يموت وهو في كبت سواء أكان ظالماً أم مظلوماً، وكل إنسان حريص على أن يعيش في أحسن وضع، ويعلم أنه سوف يترك ما قام بجمعه طيلة حياته، ولا يبقى له في الآخرة إلا النعيم بلا حدود إن كان من الصالحين، أو جهنم إن كان من الظالمين.

رمضان عبد الرحمن علي
اجمالي القراءات 33031