مساجلات مع جريدة الوفد عام 1989 : ( 3 )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٦ - يوليو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

مساجلات مع جريدة الوفد عام 1989 : ( 3 )

كتاب : نشأة  وتطور أديان المسلمين الأرضية.  ج 2 الوهابية

الباب السادس : جهادنا ضد الوهابية  

الفصل التمهيدى : مساجلات مع جريدة الوفد عام 1989 : ( 3 )

أولا :

1 ـ  جاء تعليق  د . رضا عامر : (أشرت سيادتك في هذا المقال بإيجاز شديد يدعو الي اللهفة لسماع تفاصيل أكثر  إلى العلاقات المركبة بين الإنجليز وسعد زغلول قبل وأثناء الثورة .. فلماذا يا سيدي لا تكتب مقالا (مقالات) بعنوان المسكوت عنه في تاريخ ثورة 1919 ومن ذلك السيرة الشخصية لزعمائها والعوامل التي اوصلت الناس الي أن يهتفوا الاحتلال في ظل سعد ولا الاستقلال في ظل عدلي    ).  

وكانت أجابتى : ( كنت فى مرحلة الاختيار لموضوع الماجيستير أريد عمل بحثى عن سعد زغلول قبل ثورة 19. وقرأت فى هذا ، واستغربت ان يكون شقيقه فتحى زغلول هو وكيل النيابة فى محاكمة دنشواى والذى طالب بإعدام المتهمين المصريين الفلاحين الغلابة . وكنت اقارن بين محمد فريد  ــ الذى وهب مصر حياته وثروته مدافعا عن استقلالها فى مصر وخارجها الى أن مات غريبا شريدا فقيرا فى أوربا ، وتكفّل أحد المصريين النبلاء بحضار جثته الى مصر ليدفن فى أرض مصر ــ وبين سعد زغلول الذى ظهر فجأة قائدا وطنيا ليقطع الطريق عى الوطنيين المصريين الحقيقيين من أبناء الحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى كامل ـ الذى إغتاله الانجليز بالسم فى عزّ شبابه ـ ومحمد فريد . وكيف قامت بريطانيا بصناعة زعيم على مقاسها ـ فى شخص سعد زغلول ، بنفيه ، ثم بإعادته ليتحول مجرى الثورة من المطالبة بالاستقلال والدستور الى مجرد عبادة صنم اسمه سعد زغلول . وفى صناعة هذا الصنم ( سعد زغلول  ) راج  شعار : إن الحماية  ــ أى الاستعمار البريطانى ـ على يد سعد زغلول ( المصرى ) أفضل من الاستقلال على يد عدلى يكن ( المتمصّر ) . لعبتها بريطانيا بدهاء ، وشربها المصريون ، وصار عاديا أن يخطب سعد زغلول كأنه إله متوج ..ومن يقرأ خطبه يلحظ هذا. لا أدرى لو كنت قد تخصصت فى تاريخ مصر الحديث ماذا كان يمكن أن يحدث لى .. المهم أننى عدلت عن التخصص فى تاريخ مصر الحديث لأختار طريق الشوك الذى أسير عليه حتى الآن ـ هو طريق الشوك الذى إختاره من قبلى عبد الحليم حافظ فى أغنيته المشهورة : فوق الشوك مشانى زمانى .. مع إختلاف طبيعة الشوك.)

2 ـ أسوأ ما فعله الوفد قبل حكم العسكر تحالفه مع الاخوان المسلمين عام 1950 ، وإعادة الاخوان الى العمل بعد الحظر . ثم كان من اسوأ ما فعله الوفد فى حكم العسكر إعادة تحالفه مع الاخوان المسلمين فى الانتخابات ، بسبب هذه التحالفات إنشق عن الوفد صديقى الراحل د فرج فودة . ولم تقم جريدة الوفد بما هو مفترض فيها حين إغتال الوهابيون فرج فودة لأن الوهابيين المسيطرين على جريدة الوفد إستراحوا لإغتيال فرج فودة ، بينما شجبته الاهالى والأحرار . وسنعرض لهذا فى الفصل الثانى من هذا الباب . ثم كانت جريدة الوفد ضمن الصحف التى هاجمتنى بقسوة وضراوة بسبب مشروع إصلاح التعليم المصرى وتطهيره من الوهابية ، وسنعرض لذلك فى الفصل الثالث من هذا الباب . كل هذا بسبب سيطرة الوهابيين على هذه الجريدة التى من المفترض فيها ـ كجريدة معارضة وجريدة تتغنى بحرية الرأى والفكر ـ أن تقف مع حرية الفكر ، ولكن جمال بدوى ـ الوهابى العريق ـ حولها الى بوق وهابى سعودى بثمن بخس .

3 ـ وكان جمال بدوى رئيس تحرير جريدة الوفد يوازن بين خدمته للعسكر ( نظام مبارك ) وخدمته للوهابية . ويستفيد منهما معا . وتمتع بالظهور فى تليفزيون مبارك مقدما لبرنامج ، وكرّمه مبارك فى مناسبات . وحين إختلّ هذا التوازن ومال جمال بدوى مع الوهابية أكثر ، وكتب ما إعتبره مبارك تطاولا من خادمه عليه ، فقد إنتقم منه مبارك بأن سلّط عليه بعض الفتوات من المخابرات ، أعطوه علقة مؤلمة فى الشارع أمام أعين الناس . ودخل بسببها المستشفى . وأرسل اليه مبارك بتمنياته بالشفاء .. ساخرا . هذا تاريخ حقيقى وليس خيالا روائيا .

4 ـ . ومن العجب أن جمال بدوى مع كراهيته لى فقد كان لا يتورع عن سرقة كتاباتى التاريخية . كتبت مقالا عن الصراع بين السيف والقلم وكيف ينتصر السيف مؤقتا ولكن ينتصر القلم فى النهاية ، وقصصت حكاية الفارس المحارب ( بهاء الدين قراقوش ) الذى بنى قلعة القاهرة لسيده صلاح الدين الأيوبى لحمايتها من غزو محتمل من الصليبيين . الخطأ الذى وقع فيه الأمير قراقوش هو خصومته للكاتب القبطى ابن ممّاتى . ومع مزايا  قراقوش وسطوته فقد إنتصر عليه الكاتب ابن ممّاتى بكتابه الساخر ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) وألذى ملأه نوادر صنعها بالطريقة المصرية ، وراج كتابه ، وأصبح به قراقوش نموذجا شعبيا للحمق والبلاهة والطغيان ، ونسى الجميع مزايا الأمير بهاء الدين قراقوش ونبله وخدمته لسيده صلاح الدين الأيوبى وإخلاصا لإبنه السلطان العزيز عثمان ابن صلاح الدين الأيوبى . قام جمال بدوى بنقل الوقائع التاريخية التى ذكرتها ووضعها فى قالب صحفى ، فى مقال نشره فى الوفد بعد مقالى فى الأحرار بمدة طويلة ، دون أن يشير الى المصدر ، وحظى بالتهليل والتطبيل .

5 ـ وقد كتبت فى الأخبار مقالين عن شركات توظيف الأموال ، أؤكد فيهما أن التعامل مع البنوك ليس حراما ، وأن فوائد البنوك حلال لأنها بالتراضى ، وأن الربا المحرم هو ربا الصدقة الذى يكون قرضا للفقير المحتاج الجائع بالربا وبالفائدة ـ ومن حقه أن يأخذ الصدقة وليس القرض بالربا ، وثارت معركة بينى وبينى الوهابيين فى الأزهر ، والتفاصيل فى مقال ( معركة الربا ) المنشور هنا . عندها أخذت جريدة الوفد جانب الأزهر والوهابية . ولم تكن شريفة فى الخصومة كالمعتاد. سلّطت على ّ  كاتبا يحمل شهادة متوسطة ، ولكن شهادته الكبرى فى لحيته وفى إنتمائه الوهابى ، وأفسحت له صفحات فى الهجوم التحريضى ضدى ، حتى كنت أخشى على حياتى من تأثيرها على الناس . وتعاون معها خصومى فى الأزهر . وربما كان هذا الكاتب المجهول مجرد ستار إتخذه جمال بدوى ينتقم به منى حين رددت عليه من قبل .

7 ـ فى حملة صحفية قامت بها ضدى جريدة الوفد ، إتسمت بالتحريض وإستمرت أسابيع شعرت بالخوف على حياتى ، فكتبت هذا المقال . وأنشره هنا :

أخيرا : المقال :         

                                 بسم الله الرحمن الرحيم 

                            القرآن لا يزال هو الحل

                   دعوة إلى صحيفة الوفد : " وإذا قلتم فاعدلوا "

من أدب القرآن أن يقول المسلم الحق وبالعدل حتى لوكان الحق فى صالح عدوه , يقول تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " المائدة :8 , ومن تقاليد الصحافة التى تحترم عقل القارىء أنها إذا عرضت لتحقيق صحفى لخصومة بين طرفين فإنها تستعرض رأى الخصمين معاً ثم تترك للقارىء أن يخرج بالحكم الذى يرتضيه .

ومن أسف فان صحيفة الوفد لم تتأدب بأدب القرآن ولم تلتزم بالتقاليد الصحفية فى تناولها لقضيتى التى أخذت فيها جانب الخصومة ضدى من طرف واحد لمجرد أن أحد الصحفيين فيها لا يوافقنى فى الرأى . وقد كنت اتوقع أن تغلق الوفد ملف الخصومة الذى بدأته ضدى إلا انهم طوروا أسلوب الهجوم على شخصى بالرجوع إلى ملف التحقيقات التى أجرتها معى إدارة الأزهر حين حاكمتنى على اجتهادى الفكرى . وحرصا من الوفد على تشويه شخصى وأفكارى فانها نقلت آراء خصومى ولم تكتب دفاعى ولا آرائى إلا بالبتر والتشوية .

ومن عجب أن خصومتى مع ادارة جامعة الأزهر1985ـ 1987 أسفرت عن ايقاع الظلم بى الذى تراوح مابين الوقف عن العمل وضياع مستحقاتى المالية طرف الجامعة إلى الفصل والتشهير والسجن , ومع ذلك فإن صحيفة الوفد ـ التى تدَّعى الدفاع عن حرية الفكر ومناصرة المظلومين ـ وقفت مع الجانى وضد الضحية . ويزيد فى غرابة الأمر أن الضحية المفصول ليس مرتشيا ولا مفسدا وإنما كاتب مسالم ينادى بالرجوع إلى كتاب الله لإنقاذ الوطن . ومن حق القارىء أن يتساءل عن هذا الموقف لصحيفة الوفد وكيف يناقض الشعارات البراقة عن الليبرالية والحرية , وهل تعبر هذه الصحيفة عن التوجهات الحقيقية لحزب الوفد الجديد" العلمانى "؟ وهل يتمشى ذلك الموقف مع الميراث "التاريخي" للوفد فى الليبرالية وحرية الفكر ؟ أسئلة كثيرة ينبغى ان تجيب عنها صحيفة الوفد لقرائها بدلاً من التشدق بعبارات طنانه لا تتلاءم مع حملتهم الصحفية ضدى .

وحتى تتضح الحقيقة كاملة فإننى أضع النقاط التالية رداً على ما نشرته الوفد فى  23/6 بشأنى تحت عنوان " قصة فصل أستاذ الأزهر الذى أنكر السـُّنة  " : ــ

1 ـ إن عملى كان يحتم على ـ وفقا لقانون الأزهر ـ أن اجتهد فى العمل " على إظهار حقيقة الإسلام "وبعث الحضارة الإسلامية " وتزويد العالم الإسلامى بالمختصين وأصحاب الرأى " فليس ذنبى أن اجتهدت بينما قعد الآخرون . وليس معقولا أن يعاقبنى القاعدون على اجتهادى ..

2 ـ  وقد كان القرآن هو الأساس الذى اعتمدت عليه فى اجتهادى فهو الكتاب الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وليس ذنبى أن هناك فجوة بين ما يؤكده القرآن وبين ما يتعارف عليه المسلمون , ولمثل ذلك ينبغى الإجتهاد لإظهار حقيقة الإسلام وبعث الحضارة الإسلامية كما ينص عليه قانون الأزهر نفسه .

3 ـ وليس صحيحاً ما يتهموننى به من مخالفة الإجماع أو أننى جئت بجديد يخالف ما أجمع عليه المسلمون فى تاريخهم، فالقضايا التى تصدَّرْتُ لدراستها دار حولها الجدل , وتعترف مقررات الأزهر فى علم " التوحيد " باختلاف الفرق الإسلامية فى موضوعات الشفاعة والعصمة وخلود المسلم العاصى فى النار . ويكفى مراجعة كتب التراث لنعرف إلى اى حد بلغ الخلاف بين الفرق الإسلامية فى هذه القضايا , وعلى سبيل المثال " مقالات الإسلاميين للأشعرى " الفصل فى الملل والنحل لابن حزم " و " الملل والنحل للشهرستانى " و " الفرق بين الفرق للبغدادى " .. الخ .

إن كل ما فعلته أننى اعتمدت أساساً على كتاب الله فى التأريخ لأنبياء الله , وهل هناك من هو أعلم من الله بأنبيائه   " وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا  ــ  وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً " النساء ــ 87 , 122 . ومن القرآن جئت بالأراء التى وَصَفـَتـْهَا الوفد بأنها أفكار محرفة .. !!

4 ـ فالقرآن ـ ولست انا ـ هو الذى يؤكد أن الأنبياء بشر يجوز عليهم الخطأ والنسيان وان عصمتهم هى باتباع الوحى " قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ " سبأ : 50  " مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا " النساء :79 ..

والقرآن ـ ولست أنا ــ هو الذى يؤكد أن الأنبياء سيحاسبون يوم القيامة كباقى البشر "فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ " الأعراف : 6 " وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ " الزخرف :44  " وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ـ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ " الزمر 69 , 70  ــ والقرآن هو الذى ينفى شفاعة النبى " لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ " آل عمران : 128 , " أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ " الزمر : 19

والقرآن هو الذى ينفى عن النبى علم الغيب وعلامات الساعة ويأمره بان يعلن أنه ليس متميزاً عن الأنبياء السابقين " قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ " الأحقاف :9 , " يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ " الأعراف 187 .

لقد استشهدت فى كتبى فى موضوع الشفاعة بنحو( 140 ) آية قرآنية وبمثلها تقريباً فى موضوع العصمة وخلود المسلم العاصى غير التائب فى النار , وبنحو خمسين آية فى موضوع التفاضل بين الأنبياء . ولكنهم يعتبرون الإستشهاد بالقرآن فكراً محرفأً. وليست بينى وبينهم اى خصومة شخصية ، فالخصومة الحقيقية هى تمسكى بالحق القرآنى الذى يخالف ما توارثة الناس من تأليه للبشر .

5 ـ واعترفت الوفد بان الجامعة أوقفتنى عن العمل بسبب اصدارى خمسة كتب جديدة سنة 1985 وانهم أحالونى للتحقيق . وإجراء الوقف عن العمل لا يكون إلا ضد الموظف الذى يخافون منه التأثير على سير التحقيق ولا ينطبق ذلك على وضعى مما كان يعد تطرفا فى اضطهادى واساءة فى تفسير القانون لإنزال مزيد الأذى بى , وذلك ما كان .

6ـ وتفترى الوفد بأننى قدمت استقالتى للجامعة لأهرب من عقوبة مجلس التأديب ,وذلك كلام يستهين بعقل القارىء لأبعد مدى . فالعقوبات التى يوقعها مجلس التأديب تتراوح ما بين لفت النظر إلى العزل من العمل . وقد بادرت بتقديم استقالتى فكيف أقدمها خوفاً من ذلك المجلس الذى كان يملك توقيع عقوبة الفصل فى حقى ولكنه خاف من إصدارها ضدى . إن المستندات معى تثبت أننى قدمت مذكرة لمجلس التأديب فيها تفنيد لكل الإتهامات فى 1/8/1985م ولم يستطع المجلس الرد عليها . وطبقا للقانون فإن الإتهام ضدى يسقط بعد مرور عام إذا لم يصدر المجلس قراراً بالإدانة أو البراءة , ومرّ العام دون أن يستطع المجلس إصدار قراره فى الإتهام المقدم ضدى , ثم أعيد نفس الإتهام فى السنة التالية فوضح لى تآمرهم ضدى وهى أن أظل موقوفا عن العمل مُحالا إلى مجلس التأديب دون إصدار قرار بالإدانة أو البراءة ، وفى نفس الوقت يواصلون فيه بالترهيب والترغيب فى اثنائى عن ارائى لأكفيهم عناء التحرج . وكان طبيعيا أن أرفض الإستمرار فى هذه اللعبة فقدمت لهم استقالتى وفوجئوا بها ورفضوها , ثم فى نهاية الأمر أصدروا قرارهم بالعزل فى 14/3/1987م لمن قدّم لهم إستقالته المسببة والموثقة . أصدروا قرار العزل بعد أن حشدوا كل انصارهم ليضعونى فى السجن بتهمة ملفقة بعد ذلك بشهور ..

7ـ وتفترى الوفد أننى سافرت لأمريكا لحضور مؤتمر فى أغسطس 1986 حيث قدمت بحثا أهاجم فيه الأزهر مما جعل الجامعة تصدر قرارا بفصلى .وذلك استخفاف بعقل القارىء لا مثيل له . فهل يستطيع موظف مغضوب عليه أن يسافر بدون موافقة جهة العمل ؟ وخصوصا إذا أصدرت جهة العمل قرارها بمنعه من السفر وهو ما تذكره الوفد نفسها فى المقال ؟ فى 9/يناير/1988. أى أن الجامعة فصلتنى فى 14/3/1987 ودخلت السجن فى 21/11/1987 وخرجت منه بلا كفالة ولا ضمان مطلق السراح خالى الوفاض بعد 32 يوما , فقررت البحث عن لقمة عيش بعد عشر سنوات من الإضطهاد والإفلاس بسبب كلمة حق , فكان سفرى لأول مرة فى حياتى فى 9/ يناير/1988 .

8 ـ  وفى 30/  6/  1989وتحت عنوان " الأستاذ المفصول من الأزهر يواصل نشر فكره الدينى المحرف بين المسلمين " واصَـلـَت الوفد مسلسل الإفتراء ضدى بعد أن نشرت الأخبار فى 29//6 مقالا عنوانه " أيهما الحلال والحرام : البنوك أم شركات توظيف الأموال " وقد استشهدت فى المقال بسبع وعشرين آية قرآنية .أى كان معظم المقال من القرآن ومع ذلك فإن الوفد تصف الإستشهاد بالقرآن بانه فكر محرف .. ثم تنقل على عادتها بعض آرائى مبتورة دون أن تذكر أدلتى من القرآن . وينتهى المقال بأكذوبة أخرى يستخف بها الوفد بعقل القارىء , تقول "سافر دـ أحمد صبحى منصور إلى أمريكا لبث أفكاره المسمومة هناك وليتحالف مع رشاد خليفة الذى ادعى النبوة ثم عاد إلى مصر بعد ان طرده المسلمون هناك ورفضوا معتقداته الخاطئة ".!!  الذى حدث أننى وقفت ضد الباطل فى أمريكا بمثل مافعلت فى مصر, ورفضت الترغيب والتهديد هنا وهناك. ومثلى لا يبيع للناس إسلاما مغشوشا ولا يحول الدين للإرتزاق .ولكن النكته فى ادعاء الوفد انهم جعلوا اتـْبَـاع رشاد خليفة ـ الذي يؤمنون بانه نبى يأتيه الوحى ـ هم المسلمين الذين رفضوا معتقداتى الخاطئة . فهل معنى ذلك ان الوفد توافق أولئك " المسلمين "على اعتبار رشاد خليفة نبيا صاحب وحى ؟ وهل توافقه على افتراءاته ضد الإسلام التى واجهتـُه وحاربتـُه من أجلها وأنا وحيد غريب هناك ؟

9 ـ لم تتورع صحيفة الوفد عن التلفيق والاستخفاف بعقل القارىء فى سبيل أن تشوه صورة مفكر مسالم لا يطمع فى أكثر من أن تتاح له حرية الكتابة مثل سائر الاتجاهات فى هذا البلد ..

بل لم تتورع الوفد عن محاولة تحريض السلطات ضدى , بل انها تحاول عن قصد تحريض الشباب المتطرف ضدى بنشر مقالات الهجوم السادية فى يوم الجمعة بالتحديد لتتيح الفرصة لبعضهم أن يتخذ من هذه المقالات مادة لتحريض الجمهور فى صلاة الجمعة ضد " منكر السنة الذى والذى .. " الأمر الذى يشكل خطورة محققة على حياتى . ولم يبق إلا أن ترسل الوفد كتيبة مسلحة للقضاء علىّ .. وكل ذلك لأننى لا اتفق فى الرأى مع صحفى يسيطر على جريدة الوفد .

ولنا ان نتساءل ببراءة : ماذا يمكن أن يحدث لى إذا اختلفت مع القيادة التاريخية للوفد وليس مع بعض الصحفيين بها ؟

ثم لنا أن نتساءل بحُسن نيّة : إذا كان الوفد يفعل ذلك وهو فى المعارضة لا يملك إلا جريدة وبعض الأقلام فماذا سيحدث لو جاء إلى السلطة حاكما ؟

أعوذ بالله .....!!

د. أحمد صبحى منصور 

اجمالي القراءات 5636