النقطة العاشرة وروابط النقاط التسع

فوزى فراج في الإثنين ٣٠ - أبريل - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

النقطة العاشرة وروابط النقاط التسع

النقطة الأولى:


لو اراد الله سبحانه وتعالى ان لا تكون هناك لغة على وجه الأرض سوى اللغه العربيه لفعل ذلك – غير انه لم يفعل ـ , ولو اراد ان لا يختلف اثنان على فهم او شرح او تفسير آيه واحدة او كلمة واحدة من القرآن لفعل ذلك ـ غير انه لم يفعل ـ , لو كان هناك تفسيرا واحدا للقرآن , لكان من الأولى بالرسول (ص) ان يفسره ـ غير انه لم يفسره ـ , ولو انه فعل ذلك, اذن لكان لدينا الآن بدلا من تلك الأحاديث التى فرقت الامه والمسلمين وجعلتهم شيعا, لكان لدينا كتابا محكما فى تفسير القرآن على لسان الرسول, سورة سورة, وآيه آيه, وكلمة بكلمه ولما صعب جمعه على احد , ولما اختلف عليه احد. بل لكان كل مسلم قد احتفظ به جنبا لجنب مع كتاب الله الحكيم, لكن الله سبحانه وتعالى وضع كتابه بهذا الشكل, وبإرادته سبحانه وتعالى ايضا لم يفسره الرسول, وقضى امره ان يختلف المسلمين , وان يتفرقوا شيعا وفرقا كل بما لديهم فرحون. فهل هناك سببا معقولا لذلك؟؟؟؟


لو كان الكتاب والرسالة لايختلف عليها اثنان ولا يختلف على فهمها وتفسيرها وشرحها ومن ثم العمل بها اثنان, أفكان حال المسلمين عامة والعرب خاصة خيرا مما هو عليه الآن, افكان حال العالم بإحمعه خيرا مما هو عليه الآن!!! هل يجرؤ احد ان يجيب على هذين السؤالين وأن يدعم اجاباته بأدلة لاتقبل المناقشة!!! , لماذا لم يرسله كتابا لايختلف فى فهمه اثنان, ولماذا لم يقم رسول الله بشرح اياته حتى لا يحدث ما حدث من تفرق الامه الى شيع وجماعات تتقاتل ما بين انفسها وتقاتل الآخرين ظلما وجهلا بل وعدوانا فى بعض الأحيان.


النقطة الثانية:


اذا كان الاسلام كما نعتقد ونؤمن أنه دينا ((عالميا)) كما قال الله عز وجل (وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن اكثر الناس لا يعلمون ) وكما قال (قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا) , وليس دينا محليا قاصرا على منطقة واحده ذات خلفية واحده, وتاريخ واحد ولغه واحده, فكيف بالمنطق ــ ولنكن جادين مع انفسنا ولو مرة واحدة ــ اذن يمكن ان نتوقع ان يفهم كل هؤلاء الناس فى شتى بقاع العالم الدين والعقيدة الاسلاميه بنفس المفهوم الذى نعتقد اننا ( اى العرب المتحدثون باللغة العربية) نفهمه وهم لايتحدثون العربيه, بل ان فى وقتنا الحالى, نجد ان اعداد المسلمين الذين لايتحدثون العربيه اكثر من خمسة اضعاف من يتحدثون العربيه, اى ان لكل مسلم من اصل عربى ولسان عربى هناك خمسه او اكثر اخرون من المسلمين الذين لايتحدثون العربيه ولا يفهمون العربيه, بل انهم فى صلاتهم يرددون الكلمات العربيه بطريقه اليه دون ان يعرفوا معنى لها, مثلهم فى ذلك مثل الكثير من المسيحيين الكاثوليك الذين يستمعون الى قساوستهم وهم يتلون صلاواتهم باللغه اللاتينيه بينما هم لايفقهون منها كلمة واحدة. ثم ان كان الاسلام فعلا دينا عالميا ارسله الله عز وجل الى العالم كافة, فكيف ندعو الى الاسلام فى المجتمعات الأوربيه او الأسيويه او الأمريكيه وهم بالطبع لايعرفون من العربية حرفا واحدا؟ وأنا شخصيا خبير بالكثيرين من الامريكيين المسلمين الذين تحولوا الى الاسلام ومقدرتهم على فهم او تحدث او مباشرة شعائرهم الاسلاميه دون المام حتى ببدائيات اللغه العربيه. هل هؤلاء رغم انهم على دين الاسلام بإختيارهم المطلق وليس بالوراثه كشأن الأغلبية العظمى من المسلمين, قد قضى عليهم ان لايتعرفوا على حقائق الدين ( التى نعتقد نحن المتحدثين بالعربية اننا نفقهها تماما) وقد قضى عليهم بالجهل بها, ومع الجهل لايمكن ان يتلافى الانسان الخطأ, ومن ثم لا تؤهلهم امكانياتهم ان يكونوا من السابقون السابقون , فقط ولسبب واحد ,لأنهم لم يولودا فى منطقة الشرق الأوسط ولا يتحدثون العربيه او يفهمونها !!!!.


النقطة الثالثة:


لا يمر يوما خاصة فى عصر الانترنيت, الا وأجد هناك على الانترنيت واحدا او اكثر ممن تطوعوا من تلقاء انفسهم وبدون ان يطلب منهم احدا, ان يفسروا القرآن ( على طريقتهم) , وكأن القرآن لم يفسره احدا من قبل, وكأنهم قد اكتشفوا ما لم يكتشفه احدا من كنوز مدفونة بين طيات الكتاب وفى اغواره البعيده, وبالطبع يتبع كل منهم منهجا خاصا به, والعامل المشترك الأعلى فى كل تفسيراتهم هو اعتقادهم بأنهم على علم ودراية بخفايا اللغة العربيه واسرارها التى لايعلمها سواهم, ويعتقد كل منهم ويؤمن ان منهجه هو المنهج الصحيح الوحيد والأوحد, ومن الطبيعى ان كان ذلك هو اعتقاده فكل منهج اخر يختلف عنه لابد ان يكون على خطأ. ومن هذا المنطلق فهل يعرف كل مسلم كم تفسيرا هناك للقرآن خلال الأربعة عشر قرنا الماضيه , ولماذا هم اكثر من تفسيرواحد بينما المنطق يقول ان تفسيرا واحدا كان لابد ان يكون كافيا, وهل يعرف اي تفسير منهم يجب عليه ان يختار ولماذا يجب ان يختار ذلك التفسير بعينه وليس تفسيرا أخر, وما هو الدليل على انه قد احسن الأختيار, وهل يعرف كل مسلم مقياس الفارق بين تفسير واخر؟؟؟؟ أرجو ان تسمحوا لى بعرض ما لدى( أنا) فقط من كتب التفسير والعقيدة وعلوم القرآن ..... الخ , فقط كى تتضح الصوره لما ذكرت فى السطور السابقه وفى هذه النقطة بالذات:


كتب تفسير القرآن:

 
القرطبى , الطبرى , البغوى , الثعالبى , النسفى, البيضاوى, ابن عباس , الجلالين , ابن كثير, الألوسى, السيوطى, يوسف على , محمد بكتال, المودودى. اى هناك اربعة عشر كتابا , اى اربعة عشر تفسيرا مختلفا كل عن الآخر , وهذا ما هو لدى أنا فقط, وبالتأكيد هناك الكثير والكثير مما ليس لدى ,وربما اضعاف اضعافه لم اذكره بل ومن المؤكد اننى لا اعرفه.

ومن كتب ما يسمى علوم القرآن, لدى منهم:


الأتقان فى علوم القرآن للسيوطى, هداية الرحمن لعبد الوهاب دبي ( وهو عن علم التجويد), تناسق الدرر فى تناسب السور للسيوطى, اسباب النزول للنيسابورى, ثم اسباب النزول للسيوطى, وكأن اسباب النزول التى اتى بها احدهم لم تقنع الأخر فكتب كتابا اخر عنها.

 
اما كتب العقيده فلدى منها :


جوهرة التوحيد للباجورى, قواعد العقائد للإمام الغزالى, الإبانه لأبى الحسن الأشعرى, الفصل فى الملل لإبن حزم, مقالات الاسلاميين للأشعرى, الملل والنحل للشهرستانى , العقيده للطحاوى, العقيدة الواسطيه لإبن تيمية, عقيده السلف والخلف لإبن خليفه, الجواب الصحيح لإبن تيمية, اظهار الحق لرحمة الله الهندى, هداية الحيارى لإبن القيم, العواصم من القواصم للقاضى أبو بكر العربى, الإعتصام لإبن عبد البر.

 
اما كتب امهات الفقه:


فلدى منها ثمانية وعشرون كتابا مختلفا فى المذاهب الأربعه, وعشرة اخرى فى الفقه العام, كما انى متأكد ان هناك عددا كبيرا فى فقه الشيعة وليس لدى منها شيئا.


لم اتعرض لعدد أخر لدى وهو كثير من الكتب الأخرى. ولابد ان اذكر وانوه هنا بشدة ـ حتى لايعتقد احدا انى عالم علامه وفاهم فهامة فى امور الدين, فتبدأ الأسئله التى لن استطيع ان اجب عليها ـ اننى فى الواقع لم اقرأ كتابا واحدا من تلك الكتب قراءة كامله او حتى نصف كاملة, فقد تصفحت بعضهم اما معظمهم فلم المسه بعد.


ثم بعد ذلك اتساءل ولعلك تتساءل معى, كيف ان الرسول قد جاء بكتاب واحد هو القرآن , ثم ننتهى بعشرات بل بمئات الكتب من بعد ذلك, وكلها كتب لتسهيل فهم ذلك الكتاب وشرحه, بينما يقول الله عز وجل , ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر. كيف يقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه الحكيم انه كتاب شامل كامل فصلت آياته يهدى للتى هى اقوم, ثم نجد انفسنا فى مواجهة عشرات بل مئات الكتب الأخرى التى تفسره وتشرحه وتسهله , ونجد انفسنا بعد كل هذا او بالرغم من كل هذا, امام اعداد لا تحصى ممن يتطوعون ـ اردنا ام لم نرد ـ بشرحه لنا وتفسيره وتعليمنا خباياه وما لانعرفه ولا ندركه , وكل يوم يمر نرى ونسمع ونقرأ عجبا منهم. وكلما ازدادت التفسيرات كلما ازدادت علامات الاستفهام , وكلما ازددنا هرشا فى رؤوسنا, وكلما احسسنا اننا ربما بحاجة الى كتاب جديد اشمل واعم واسهل فهما ليعالج علامات الاستقهام الجديده. لا تنسى ان كل ذلك وكل ما نوهت اليه يرتكز ارتكازا كاملا حول محور واحد , الا وهو على اللغة العربيه وعلى إتقانها وعلى معرفتها وعلى اجادتها اجادة تامه , وذلك بالطبع من وجهة نظر المفسرين الكرام !!!!

النقطة الرابعة:


ان الآيات فى القرآن التى لاتحتاج الى تأويل او تفسيرولا يختلف علي تفسيرها اثنان , اضعاف اضعاف اضعاف ما يختلف عليها المفسرون, ولو ان المسلمين اتبعوها او اتبعوا حتى أقل القليل منها لما كان حالهم الأن ماهو عليه, غير انهم تركوا ما هو واضح كل الوضوح, وانشغلوا فى اشياء جانبيه لا تغنى ولا تثمر من جوع , والامثله على ذلك لاتحصى فنحن نراها يوميا فى المناقشات والجدل ليس بين غير المسلمن والمسلمين , بل للأسف بين المسلمين انفسهم.


ان اكثر ما يدور على هذا الموقع وعلى الكثير من المواقع الأخرى التى تعتبر مواقع دينه اسلاميه او عربيه, هو محاولة تفسير آيات القرآن بعشرات الطرق, وكل واحد بطريقته, وكل على ما يعتقد انه خير طريق للتفسير, والبعض يثور ويمور ان اختلف معه احد او جادله احد فى ماقال, والبعض لايمكن اثناؤه عن منهجه فى التفسير, والكل بلا استثناء لايرى سوى منهجه وطريقته وتفسيره وشرحه واسلوبه ولم ارى حتى الأن واحدا من المتصدين والمتطوعين لهذه العمليه الشاقه قد غير من رأيه او تراجع عن شيئ واحد قد قاله, ورغم ان الكل يقول ويردد اننا بشر واننا قد نخطئ او نصيب لكنى لم ارى واحدا يتراجع ليثبت انه يعنى مايقول من انه بشر وانه قد يخطئ وقد يصيب, بمعنى اصح, ان الغالبية العظمى يتصرفون وكأنهم معصومون من الخطأ ان صح هذا التعبير, والا فكيف لم أرى واحدا يقول , معذرة لقد اخطأت فى هذا التفسير او فى ذلك التفسير سماح سوف اقبل الرأى الأخر وسوف اغير من منهجى وطريقتى من الآن فصاعدا .

 
النقطة الخامسة:


قال سبحانه وتعالى (ان هذا القران يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا كبيرا) وهى آية من الآيات التى لاتحتاج الى المفسرين المتطوعين للتفسير , هذا ماقاله الله عن القرأن او فى وصف القرآن, وبالطبع الحديث هنا ليس عن الكتاب او المصحف الذى يقتنيه كل مسلم, ولكن الحديث عن ما هو مكتوب فى الكتاب, الحديث عن كلمات الله التى ارسلها لنا لتكون هداية للطريق القويم. وعندما اقرأ انا على وجه المثال ( الله لا اله الا هو الحى القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) , تدور رأسى بافكار وصور كرد فعل مباشر لقراءة هذه الكلمات, ولكن هل يكون لتلك الكلمات نفس التأثير عندما تقرأها انت وهل تدور فى رأسك نفس الأفكار؟ او عندما يقرأها احد اخر من مئات الملايين من المسلمين, من الطبييعى ان تكون الاحابه بلا, فإن كانت تلك الآيه او غيرها, تؤثر على بطريقه مختلفة فى كل مرة اقرأها طبقا لعوامل كثيره ومتغيره, فمما لا شك فيه ان تأثيرها سوف يختلف بين مئات الملايين من المسلمين واحدا عن الأخر, فأن كان التأثير سيترجم الى خشوع او ايمان او احساس بالقوة او الضعف او عشرات بل مئات من المشاعر والاحاسيس الأخرى, فمما لا شك فيه او جدال ان افتراض الاختلاف يرجع الى اختلافنا كل عن الأخر, فليس هناك اثنان على وجه البسيطه متطابقان فى هذا المجال حتى ولو كانا توأما, اختلافنا عن بعضنا واقع وحقيقة كما تختلف بصمات الأصابع, تبعا للعلم والذكاء والمقدره على الاستيعاب , كما هو تبعا للنشأه والتقاليد المحيطه .....الخ. وبالرغم من ان الكلمات المقروءة واحدة لم تتغير, الا ان رد الفعل لايتشابه ,اذن فإن ليس لكل فعل نفس رد الفعل لكنه يختلف من انسان الى الأخر بل يختلف فى نفس الانسان طبقا لعوامل كثيرة.


النقطة السادسة:

يقول سبحانه وتعالى ( ان الله يأمر بالعدل والإحسان ...الأيه) ان الله العادل يأمرنا بالعدل فيما بيننا, ومفهومنا البشرى للعدل قد يكون قاصرا او محدودا. فالعدل بيننا هو ببساطه ان يأخذ كل ذى حق حقه, ولذلك نتطلع الى القضاء العادل عندما نتعرض لمشكلة او عندما يختلف اثنان او اكثر على الإتفاق قيما بينهم حول احقية كل منهم فى شيئ ما, وهذا هو مفهومى للعدل دون تعقيدات اللغه واصل الكلمه ومصدرها وجذرها وتركيبها وفحواها وهل هى كلمة عربيه او أعجمية وما معنى حروفها او منطقها او مدها وجرها .....الخ . غير ان الانسان لايستطيع احيانا إلا ان يتساءل عندما ينظر من حوله فيرى التفاوت بين الناس فى كل شيئ, وهو التفاوت الذى لادخل لأى منهم فيه, فمنهم القوى ومنهم الضعيف , والغنى والفقير, ومنهم العاقل والأحمق, ومنهم المعافى والمريض ومنهم من اعطاه الله من المواهب ومنهم من لاموهبة لديه... وهكذا, فكيف نفهم ان هذه عداله من الله عز وجل, كيف لرجل ولد مشلولا مثلا لايستطيع ان يحرك ساقيه ان نقارنه بأحد ابطال الماراثون , وهل سيقول لنفسه عندما لايستطيع ان يصل الى كوب ماء فى نفس الغرفه بينما يرى على شاشة التليفزيون احد ابطال العدو وهو يسابق الريح عدوا, هل سيقول , هذه هى عداله السماء, ان خلقت انا هكذا وخلق ذلك الأخر هكذا, ام انه سوف يتساءل عن تلك العداله.

النقطة السابعة:

 
لايمر يوم او تمر ساعة على اى منا دون ان نختار شيئا ما من بين اشياء اخرى, وفى عملية الاختيار فنحن قد نحتكم الى شهيتنا ان كان الاختيار متعلقا بالطعام, او نحتكم الى مشاعرنا ان الأختيار عن فيلم او قطعة موسيقى او مكان .......الخ او نحتكم الى قلوبنا ان كانت المسأله مسألة عاطفيه تتعلق بالزواج مثلا, او نحتكم الى عقولنا ان كانت المسأله ماديه او قانونيه ...الخ, اى اننا نحتكم الى جهات ومراكز مختلفه فى كياننا او فى انفسنا او ما شاء لك ان تسميه.


ماذا لو كان عليك ان تصدر حكما او خيارا بين شخصين لا تعرف عنهما شيئا مطلقا, فهل تحكم بالمظهر, اى من منهما يبدو لك خيرا من الأخر فى مظهرة او فى صحته او فى قوته او فى ثرائه , او فى اخلاقه ......والقائمه هنا لا تنتهى. وقد تسألنى ماذا تعنى ( ان احكم ) , ولنقل انك ستحكم لأحدهم بأن يطلق سراحه والأخر بأن يلقى به فى السجن مدى الحياة مثلا, ستسأل ما هى الجريمه, ولنقل ان جريمة قتل ارتكبت ولا نعرف على وجه التحديد مرتكبها منهما, الا ان احدهم بلا منازع هو الذى ارتكبها. هل تعتمد على عاطفتك فى الحكم بالنظر الى كلاهما وان تحاول ان ترى من منهما يبدو لك انسانا مسالما ومن يبدو من ملامحه مثلا انه شريرا, هل تحتكم الى عقلك, فى تحديد مرتكب الجريمه. هل تنظر الى جميع الحيثيات والأدله والشهود ان كان هناك شهودا, ثم ماذا تفعل ان لم يكن ماقراته وسمعته يدين احدهم بشكل قاطع ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


النقطة الثامنة:


تتعالى الاصوات الأن مطالبة بتفسير جديد للقرآن, تتطالب بوضع نموذج واحد لمعانى القرآن وكلمات القرآن, واشياء كثيرة من هذا القبيل. وبالطبع يستطيع الانسان ان يفهم لماذا, فبعد اربعة عشر قرنا وبعد العشرات بل المئات من الكتب والمجلدات من مئات المجتهدين , نجد ان حال الاسلام والمسلمين لم يتحسن كثيرا, بل يتفرق وينقسم الى عدد اكبر مما كان عليه, اى انه كلما ازدادت التفسيرات والشروح والإجتهادات, ازداد الانقسام. فهل حقا يمكن ان نجد نموذحا واحدا لشرح او لتفسير القرآن, وإن افترضنا اننا اتفقنا على ذلك النموذح, فمن الذى سوف يقوم بهذا العمل, وإن اتفقنا على ذلك الشخص وانه اكفأ من يقوم به, فهل سيجتمع بعد ذلك عليه المسلمون فى كافة انحاء العالم ام انه سوف يضيف فرقة جديدة الى الفرق الأخرى, ومن الذى يضمن ان هذه الفرقه الجديده سوف لن تتفرق بعد حقب او بعد قرن الى فرق اخرى , الا نتعلم شيئا من التاريخ؟ الا نتعلم كيف كان الاسلام فى عهد الرسول, وكيف اصبح بعده


النقطة التاسعة:

 
هناك من الاشياء ما نراها ونعتقد اننا برؤيتنا لها قد فهمناها , غير اننا قد نكون ابعد ما نكون عن الحقيقة, مثال على ذلك, لنفترض ان كارثه قد وقعت مما دعى الى ان يتبرع الناس الى ضحاياها بما يقدرون عليه , ومر رجلان قد يختلفا او لا يختلفا كثيرا فى مظهرهما, فأعطى اولهما جنيها واحدا متبرعا به, ثم اعطى الأخر الف جنيها متبرعا بها لذلك الهدف النبيل, من الطبيعى ان يحكم الأغلبية على الثانى بأنه اكثر كرما ونبلا وايمانا بالهدف من اولهما, فكيف نقارن من اعطى الفا بمن اعطى واحدا. غير ان الحقيقة التى قد لاندركها فى حكمنا المتسرع, ان الاول قد يكون اكثر ايمانا واكثر نبلا واكثر كرما من الثانى, فقد اعطى الأول نصف كل ما يملك فى تلك اللحظه, اما الثانى, فيملك اكثر من الكثير وما اعطاه هو ما يعادل ما بدفعه لتنظيف وتلميع سيارته. مثال اخر, قال الله عز وجل, (انما يخشى الله من عباده العلماء), فهل معنى ذلك ان عباد الله الذين هم من غير العلماء لايخشونه, وان خشيته قاصرة على العلماء, حاشا لله, بالطبع لا, ولكن الله بقوله هذا انما يوضح ان هؤلاء الذين حباهم بعلمه يخشونه اكثر ممن لم يعطهم العلم, وكلما كان العلم الذى وهبهم اياه اكثر كلما كانت خشيتهم له اكبر, اى ان المسأله نسبية فى كلا المثالين, ومن ثم يمكن ان نخلص الى انه ربما لو استطعنا ان نقيس بمقياس ما كمية الايمان والخشوع والخوف من الله من فرد الى الأخر, فربما وجدنا احدهم ممن يخشى الله اقل من الأخر , غير انه ممن يرضى الله عنه اكثر من الأخر عملا بمدأ النسبية السابق, وقد يفسر ذلك لنا ما خفى علينا من قدراتنا المحدودة فى تقييم العدالة الألهية فى كثير من المواقف, لأننا نحكم بمنطق سطحى بشرى بسيط ومحدود, والله يحكم بمنطق الهى اخر وطريقة اخرى اكثر تعقيدا على عقولنا المحدوده, اى ان هناك اكثر من عامل لابد ان يؤخذ فى الإعتبار, والمثال البسيط جدا على ذلك أيضا هو , لو كان هناك عاملان فقط فى تقييم او فى الحكم على موقف ما, ولنشبه ذلك بعمليه جدول الضرب, ان كان الرقم 24 مثلا من عاملان حاصل ضربهما يساوى الرقم 24, اذن فإنه يساوى 4 فى 6 , كما انه يساوى 2 فى 12 او يسوى 3 فى 8 او 1 فى 24 .. .......الخ, فإذا افترضنا اننا لا نرى سوى العامل الأول فى منطقنا البشرى , ولا نرى او نعرف شيئا عن العامل الثانى, فمن الطبيعى ان يكون حكمنا على الأشياء الظاهرة لنا حكما ناقصا او غير كاملا او مخطئا. وبفرض ان هناك ربما اكثر من عاملان, فالصورة تتضح اكثر عن مدى محدودية عقولنا واحكامنا البشريه فى اشياء لاتحصى ولا تعد من امور الله سبحانه وتعالى.


النقطة العاشرة:

 
عندما كان ابنى فى التاسعة من عمره, اى منذ حوالى عشرون عاما, احضر الى لوحة مرسومة بدقه وملونة بطريقة رائعة وطلب منى ان اضعها فى اطار كى يعلقها فى غرفته, واللوحة كانت مقاس 10 فى 14 بوصه, لحصان جميل فى وسط الزرع, وقال انه رسمها بنفسه, بالطبع فكرت بسرعة اما انه يكذب على واما اننى قد وهبنى الله ابنا موهوبا لدرجة غير عادية, ولما لم الاحظ عليه تلك الموهبة بأى شكل من قبل, فقد بدأت أفكر فى كيف سوف ابدأ فى تلقينه درسا عن الكذب, وقبل ان افتح فمى قالت ابنتى وكانت فى الخامسه وقتها, انها هى الأخرى تريدنى ان اضع لوحتها عندما تنتهى منها بمساعدة امها فى اطار كى تعلقها فى غرفتها. ولم ينقذنى من تلك الورطه سوى زوجتى التى قالت انه قد رسمها بنفسه وانها تساعد ابنتنا فى رسم لوحتها والتى سوف تنتهى قريبا. ولم ادرى من اين أبدأ, فقلت رسمها بنفسه!! فقالت نعم وقد اتبع التعليمات المرفقه بالضبط. اى تعليمات تتحدثين عنها, فشرحت لى ما خفى على, ان اللوحة تأتى ومعها تعليمات بطريقة الرسم, واللوحة تحتوى على نقاط كثيرة, مرقمه, وبِإتباع الأرشادات وتوصيل النقاط تبعا لذك, تظهر الصورة, ثم بإتباع التعليمات للتلوين , تلون الصورة تماما كما رسمها الفنان الأصلى.و تمت الصورة النهائية بربط النقاط بطريقة سليمه. ولازالتا الصورتين معلقتين على الحائط.

مع وافر تحياتى وتمنياتى الطيبة.

اجمالي القراءات 16009