اليوم افتتح السيسي قاعدة محمد نجيب العسكرية في الصحراء الغربية، في حفل ضخم تكلف الملايين واهتمام إعلامي مصري وخليجي وزيارة من التحالف الرباعي المحاصر لقطر وهم ( السعودية والبحرين والإمارات) ولعلها رسالة إلى قطر وحلفائها أو تعزيز الجبهة المعنوية الداخلية خصوصا بعد خسارتها منذ أيام بتوقيع تفاهمات أمريكية وفرنسية مع قطر لمحاربة الإرهاب.
المغزى الرئيسي من القاعدة والاهتمام بها هو الرد على قطر تحديدا وبأسلوب أقرب لعمل الشئون المعنوية بالقوات المسلحة وقت الحروب، فعبدالناصر وفي إطار تعزيز جبهته الداخلية أنزل الجيش في الشوارع بعرض عسكري ضخم فيه أحدث الأسلحة التشيكية في الستينات، لكن وبعدها بشهور حدثت نكسة 67..وهذا يعني أن العرض لا يعني جهوزية عسكرية أو قوة بالمعنى المعروف، بل رسالة إعلامية ومعنوية ليس أكثر..
المستهدف من هذه الحملة هم المصريون تحديدا واستغلال جهلهم لعدم إدراكهم ما يلي:
1- أن القاعدة في أرض مصرية وهي لا تعني سوى تقوية الجيش محليا خصوصا في الجبهة الغربية ضد التهديدات القادمة من ليبيا، لكن هذه المنطقة تحديدا فيها المنطقتين (الغربية والشمالية) وفيها عدة فرق وألوية.. يعني عمليا هي لا تضيف شئ للجبهة سوى بعض التوسع الأفقي.
الانتباه لموقع القاعدة مهم لأن الإعلام المصري يسرح بخيال الناس ويوهم أن الجيش المصري قارب على قوة أمريكا وروسيا والصين..!
2- أن كل السلاح المعروض في القاعدة (تقليدي وقديم) لا يوجد سلاح متطور أو الإعلان عن إنجاز عسكري متقدم..بل ربما تكون دبابات المنطقة الغربية هي التي شوهدت في العرض، بما يعني عدم وجود قوة حقيقية أكثر مما هو موجود..
3- قوة الجيوش (نظريا) تقاس بعدد أفرادها وما تمتلكه من آليات وقوة نارية، لكن (عمليا) هذا شئ مختلف..فقوة الجيوش العملية تقوم على (الجندي) بوصفه العنصر الرئيسي في المعركة ومعيار النصر الأوحد والهزيمة، وهذا يعني أن مسألة عرض الذخائر والآليات لإثبات قوة الجيوش هي طريقة نظرية إعلامية ليست تنفيذية..يعني على المصريين عدم السروح بخيالهم كثيرا..هذا العرض له هدف سياسي وليس عسكري.
4- القوى النووية الستة في العالم والصاروخية تنظر لمثل هذه العروض باستخفاف وترى أصحابها مجرد (إعلاميين) وليسوا سياسيين أو عسكريين، فالحرب عن بعد هي ثمة الجيوش الحديثة، ومصر للأسف لم تدخل بعد ضمن فئة الجيوش الحديثة التي يمكنها الرد عن بعد أو امتلاك سلاح ردع يخيف الخصوم..
5- قوة الدول وجيوشها من الاقتصاد أولا وأخيرا، فإذا لم يوجد اقتصاد قوي فالجيش مهدد بالخطر، يستثنى ذلك لو امتلكت الدولة سلاح ردع وقتها يكون الاقتصاد أمر ثانوي كنموذج باكستان وكوريا الشمالية مثلا، وفي المحصلة أقوى جيوش العالم هي أقوى اقتصاديات العالم ، ومصر لا تملك قوة صاروخية واقتصادها منهار، أي أن الحديث عن قوة عسكرية لها الآن درب من الدجل والخداع وتنويم الناس كما حدث قبل نكسة 67
6- أثناء مشاهدة المصريين للعرض كانت داعش تحصد أرواح الجنود المصريين في سيناء، وهو يعني أن القاعدة لا تحاكي المعركة وطبيعة الخصم جيدا وتصر على التعامل مع الأمن القومي بمفاهيم الأربعينيات.
بكل الأحوال: العرض هدفه سياسي بحت ، وقطر تحديدا بعدما فشل التحالف الرباعي في إنجاز أي شئ معها، فخشي التحالف حدوث انقسام أو شعور بالهزيمة فكان هذا العرض لتقوية الجبهة المعنوية.
كان رأيي منذ البداية أن حصار قطر سيأتي بنتيجة عكسية وأن دول الحصار ستضطر لعلاج تلك الهزيمة بعدة أخطاء تتراكم ككرة الثلج، وهذا العرض قد يؤثر إيجابيا في الجبهة المعنوية الداخلية المصرية، لكن تأثيره سلبي دوليا بعد اطلاع الشعوب على حجم وقوة مصر الحقيقية، فكل ما تم عرضه ورآه الملايين في الشاشات يضيع بكبسة زر صاروخية أو تفجير بسلاح غير تقليدي، أو يتم تفادي كل ذلك بأسلوب حرب العصابات..
بح صوتنا أن تقوية جيش مصر لن تكون بأسلحة تقليدية بل بمنظومة طيران جيل خامس وصواريخ بالستية أو جوالة وأنظمة دفاع جوية حديثة، وفوق كل ذلك جهاز معلومات قوي لديه شعبية وقبول في الشارع
مصر لن تكون قوية بتلك العروض الساذجة، بل بسلاح معلومات في سيناء ينجح في لجم رؤوس الإرهاب، وفي تصدي فكري وثقافي لقوى الظلام التي ما زالت تعبث في رؤوس المصريين، وما قطر إلا أداه دعم للإرهاب تعمل بالتوازي مع حلفاء مصر، يعني السعودية والإمارات بشهادة أمريكا مؤخرا هي من الدول الداعمة للإرهاب، وتحالف مصر معهم يعرض أمنها للخطر، فمثل هذه الدول نشأت على التقاليد البدوية وقيم السيطرة والهيمنة، فإذا ما أرادت مصر الخروج من هذا التحالف الفاشل سينتقمون بطريقتهم، والشعب المصري لا يتحمل أي انتقام الآن خصوصا لو جاء من الأًصدقاء