القواعد الايمانية لقراءة القرأن الكريم :
يلاحظ قارئ القرأن الكريم عجز قواعد اللغة العربية عند دراسة لسان القرأن الكريم العربي و هذا أمر طبيعي لأننا نحاول تحليل كلام الله جل
و علا الكامل المنزه عن الخطأ بقواعد لغة البشر التي تحمل نفس صفات من وضعوها و هي احتمالية الخطأ و الخلط و التأثيرات الأجتماعية و النفسية وووو ,هذا من ناحية القواعد اللغوية.
اضافة لهاته القواعد يجب اضافة قواعد اسميها قواعد أيمانية عند قرأة القرأن الكريم و تتعلق أساسا بصفات الله سبحانه و تعالى ,هاته الصفات لابد لنا من حفظها ووضعها دائما في الحسبان عند قرأتنا و محاولة فهمنا للقرأن الكريم و لما يريد ربنا تعليمه ايانا من خلال ايات القرأن الكريم.
سأعطي مثالا من قصة ابليس و أرجو أن نتمعن سويا .
في كتب العهد القديم يقال ان ابليس كان اسمه عززايل و معنى اسمه بالعربية "عزة الله" و تقول أيضا و هذا استقيته من كتاب المرحوم رؤوف أبو سعدة أن اصل تسميته يعود الى كونه اتهم الله جل و علا (أي قذفه بتهمة باطلة) هذا ما ذكر في هاذين المصدرين ,نعود للقرأن العظيم يقول جل و علا :
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ
لنفكر و نتدبر هنا يتهم ابليس اللعين الله تعالى بأغوائه(الاغواء لغة هو الاضلال) لكن توجد قاعدة ايمانية في الاية التالية تقول
:
مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ
لو حاولنا فهم الاية الكريمة دون الأخذ بعين الاعتبار القاعدة الايمانية المذكورة في الاية الكريمة يمكن أن يتحور فهمنا الى أن الله تعالى هو من أضل ابليس لكن في واقع الأمر ابليس هو من رفض بمحض ارادته السجود لأدم و استكبر و برر رفضه السجود بكونه (حسب ابليس) احسن من أدم لانه خلق من نار و أدم خلق من طين .
لنتابع ,يقول الله تعالى :
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ
لنتمعن أكثر حتى تتوضح لنا خطورة ابليس و شدة كفره و كرهه لبني أدم فقد أقسم في الاية و قال :فبعزتك : من لم يضع في حسبانه القاعدة الايمانية المذكورة في هذا المثال قد يظن ان ابليس قد اقسم بالله و لكنه في واقع الامر اقسم بنفسه (لقد ذكرنا في بداية البحث ان اسم عززايل معناه عزة الله في الكتب السابقة).
الان نضع فهم الايات في الحالتين :
1.دون اعتبار القاعدة الايمانية يصبح فهمنا ان الله أغوى ابليس من الاية الاولى و من أن ابليس اقسم بالله اي ظل مؤمنا حتى بعد اضلال الله له(يصبح ابليس كأنه في صورة ضحية ).
2. باعتبار القاعدة الايمانية يصبح فهمنا أن ابليس اتهم الله باضلاله و ان ابليس اقسم بنفسه و لم يقسم برب العالمين مما يؤكد شدة كفره و يبين لنا خطورة ابليس اللعين و أنه بالفعل عدو مبين فمعاذ الله أن يظلم أحدا.
لاحظ كيف انقلب فهم الايات رأسا على عقب و من النقيض الى النقيض تماما.
و خلال قرأتنا للقرأن الكريم سنجد الكثير من القواعد الايمانية التي يجب اعتمادها فهي جزء لا يتجزء من ايماننا برب العالمين و ان قرأنا اية و فهمنا منها ما يخالف احدى هاته القواعد ففهمنا بكل بساطة خاطئ.
لنعطي مثالا اخر : يقول رب العالمين :
مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا
عند قراتك لسورة الفيل ستجد في كتب التفاسير القديمة ان المعني في القصة هو ابرهه الحبشي في السنة التي ولد فيها سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم فأن سلمنا بان كتب التفاسير القديمة اصابت فمن هو الرسول الذي ارسل لابرهه الحبشي قبل تعذيبه ؟حيث ان سيدنا محمد لم يبعث بعد و سيدنا عيسى بن مريم توفي منذ 5 قرون و نصف ؟ لاحظت اخي أن القاعدة الايمانية منعتنا من الوقوع في فهم خاطئ. فأصحاب الفيل في واقع الامر هو اسم قوم لوط.
توجد الكثير من القواعد الايمانية في القرأن الكريم نفهمها سواء من اسماء الله الحسنى او نجدها جاهزة مثل المثالين السابقين المذكورين في الأيتين الكريمتين .
و الله تعالى اعلم